الادب الصيني من أشهر واعرق الاداب في العالم. قد قدم الكتاب الصينيون اعمالاً مهمة على مدى ثلاث آلاف عام وكانت روائع الادب الصيني تشمل في موضوعاتها على التاريخ والفلسفة والسياسة والعلوم، كما اهتم كتاب الصينيون بالترجمة الادب الى لغات اجنبية وظهر العديد من المترجمين الصينيين المشهورين في مجال ترجمة الادب طيلة السنوات الماضية لكن اوضاع الترجمة الادبية اصبحت مقلقة جداً مؤخراً.
وبرحيل يانغ شيان يي المترجم الصيني الشهير وخبير الادب الغربي في بكين الشهر الماضي اصبحت الترجمة الادبية في الصين تعيش ازمة حادة حيث بدأ قلق المثقفين في البحث عن خلفاً لاحتضان ومواصلة مسيرة نشر الثقافة الصينية التقليدية للعالم .
لقد اهتمت الصين بالترجمة في عقود قليلة الماضية ،فوفقا للاحصائيات فان الصين طوال تلك الفترة في تقدم مستمر في مجال الترجمة ووصلت خدمات الترجمة لجميع اللغات اكثر من 3000 مؤسسة في نهاية عام 2008،ووصلت قيمة سوق خدمة الترجمة الى 30 مليار يوان، لكن وراء هذه البيانات المشجعة يختفي النقص الحاد في الترجمة الادبية. ومن اصعب هذه القضايا هي النقص في المترجمين الادب الصيني الى لغات اجنبية.
ووفقاً للاحصائيات الصادرة عن الادارة العامة للصحافة ودارالنشرفي عام 2008 استوردت الصين مجموعة من 16969 نوع من انواع حقوق الطبع والنشر من بينها 15776نوع من الكتب في حين ان صادرات هي 2455 نوع فقط من تاليف ونشر ومنها 2440 نوع من الكتب.ويضيف وانغ تشن مدير المكتب الاعلامي بمجلس الدولة قائلا:" ان التبادلات الثقافية ونقل الثقافة الصينية الى الخارخ تعيش ازمة خطيرة وحادة في "العجز التجاري"و" العجز الثقافي " ."
لقد اصبح المترجمين المهتمين بترجمة الادب قليلون جداً بسبب صعوبة الترجمة وقلة عدد المترجمين من اللغة الصينية الى لغات اجنبية اخرى ،والحقيقة ان المؤهلين من المترجمين " صيني- انجليزي " هم فقط 100 مترجم وهذا نقص حاد في القوى العاملة.
ومن جهة اخرى، ذكر وان ياو ياو طالب في جامعة اللغات والثقافة الاجنبية قسم اللغات الاجنبية ان هناك فروق كبيرة بين دراسة اللغة الاجنبية والترجمة وانك تعمل مترجم ادبي ليس مثلما تعمل استاذ لغة اجنبية". كما ان حصة الترجمة تدرس كمادة واحدة من المواد التي يدرسها طلاب في اقسام اللغات الاجنبية فمن المستحيل ان يتخرج مترجمين مؤهلين لترجمة الادبية،ويضيف، كما ان تدريس الترجمة في الصين تهتم في ترجمة من اللغات الاجنبية الى اللغة الصينية.
منذ عام 2006،ومن اجل تخفيض في حدة النقص في المترجمين،ادخلت الصين في الكليات والمعاهد اختصاص الترجمة المهنية.حيث ان خريجي هذا الاختصاص من الطلاب لديهم خلفية مهنية في الترجمة الادبية مقارنة مع مختصين في اللغة الاجنبية فقط.ومع ذلك فقد امتنع الطلاب الخريجين اختصاص ترجمة من معهد اللغة الانجليزية جامعة الدراسات الاجنبية من ان يعملوا في مجال الترجمة الادبية.
الحقيقة ان العمود الفقري لممارسة الترجمة في الصين هو علماء الترجمة.ووفقاً للاحصائيات الغير مكتملة ان 260 طالب قدم اطروحة الدكتراه في مجال الترجمة في البر الرئيسي عام 2008 لكن من بين هذه النخبة تجد عددا قليلا من هو يمارس الترجمة.
وفي هذا الصدد،اعرب جان كون بروفيسور في قسم اللغات الاجنبية بجامعة بكين قائلا:" سوق الصين الخارجي في مجال الترجمة ضعيف جدا لا سيما في البلدان الغربية فقد تجد رفوف المكتبات مليئة بكتب تعريف رياضة تشيغونغ ( نوع من الرياضة الصينية التقليدية )لكن الكتب المترجمة التي تظهر سحر الثقافة الصينية العريقة وآدابها فعددها قليل جداً. ان المستوى المعرفي للثقافة الصينية عند الاجانب تقف عند مستوى واحد ومتساوي حيث هناك مفاهيم كثيرة خاطئة بالنسبة للثقافة الصينية .
ويضيف استاذ قو وشعور الاهباط واضحة على وجهه قائلاًَ:" ان الهدف من ترجمت " الطاوية " الى لغات عديدة هو تعريف العالم بالتقاليد والثقافة المختلفة وتعميم القيم الثقافية التي لها اثر عظيم في الثقافة الصينية. لكن مازال الكثير من الاجانب يعتقدون ان الفلسفة والفكر الطاوي كان من التراث الياباني حيث ينظرون على ان اليابان هي ممثل للثقافة الشرقية،ومن هذا المنظور فان سياسة نشر الثقافة اليابانية في العالم تستحق الدراسة والبحث فاليابان تستثمر الكثير في صادراتها الثقافية وتستعمل وسائل متطورة جداً في دار النشرمقارنة مع الانتاج الصيني الثقافي".
ومن ناحية تسويق الكتب الادبية المترجمة للغات اجنبية يقول قو:" يجب اولا ان يكون هناك فهم عميق ومقارنة بين الحضارة الصينية والاجنبية وان لاننسى ان اختلاف الحضارات ينتج اختلاف الاذواق في ما يخص قراءة الادب الاجنبي ، ومنه يجب اولامعرفة احتياجات القراء واهتماماتهم بالنسبة للثقافة الصينية، ولايجب ان يكون هدف الترجمة الادبية هو تجاري ومادي المهم اولا هو انسجام القراء بالكتب المترجمة ومن يتم التوسع تدريجيا في نشر الثقافة الصينية عبر العالم.
لقد ترجم قو البروفيسور في جامعة بكين الادب الصيني التقليدي لسنوات عديدة كما اشرف على ابحاث دكتوراه في ترجمة لـ 9 طلاب الذين التحقوا بمهنة التدريس في كليات وجامعات محلية ويرى البروفيسور المترجم الذي يكون خارج مهنة الترجمة يكون غير قادر على الترجمة واذا ترجم تكون سوى اعمال بسيطة.ويوضح ان الترجمة ليست فقط في الصين هزيلة لكن ترجمة علماء الاجانب هي كذلك ليست في المستوى المطلوب ليس لغوياً لكن لا يكفي ان يكون المترجم قادراً على فهم مغزى العام للمعنى، او ان يكون ماهراً في استشارة القواميس، بل يفهم الجوانب الدقيقة الحساسة للمعنى و ملم بالثقافة الصينية التقليدية.
كما ينبغي ان يكون الهدف الرئيسي من الترجمة الادبية هو نشر الثقافة الصينية وجوهر الثقافة التقليدية كما ان الثقافة الصينية التقليدية غنية ومتنوعة بسبب حضارة الصين العريقة التي كسبتها قيم اساسية وخاصة لاسيما القيم المعنوية والاخلاقية الذي ينعكس في العديد من المذاهب التقليدية، ولهذا فان الهدف من ترجمة الادب الصيني التقليدي ليس لتسويق المنتوج بقدرما هو تركيز على نشر جوهر الثقافة الصينية التقليدية.
ويوضح هوانغ يي نائب رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمترجمين على ان الترجمة ليس مجرد تحويل للغتين، فمثلاً ترجمة الادب الصيني القديم ونظرا لخصوصيته بالاستعمال اللغة الصينية القديمة فمن الصعب المترجم العادي ان يصل الى المعنى الحقيقي دون ان يكون ملم بالثقافة الصينية التقليدية فليس المهم ان يكون المترجم ذو كفاءة عالية في اللغة الصينية بقدر ما يجب ان يكون ملم بالثقافة الصينية التقليدية حتى يستطيع ايصال المعنى الحقيقي لرواية او القصة مما يجعل الترجمة الادبية الى اللغات الاجنبية في الصين تعيش في مازق وازمة حادة.فلايزال هناك بعض الاخطاء يرتكبها المترجمين الاجانب نظرا لاختلاف الثقافات بين الشعوب وبسبب نقص معرفتهم بالثقافة الصينية التقليدية.
ويضيف هوانغ يي:" ان النقص الحاد في المترجمين المؤهلين يعرقل نشر الثقافة الصينية في العالم، ويتطلب حل هذه المشكلة تحديد أهداف وأساليب واضحة أولا. / صحيفة الشعب اليومية أونلاين /