وبحسب خطة عمل الأمم المتحدة التي أطلقها في 9 أيلول لمعالجة أزمة المياه، فإن وصول 5.5 مليون سوري إلى إمدادات المياه الحيوية، ولا سيما في منطقة حوض نهر الفرات، معرضة للخطر بسبب مستويات المياه التي بدأت في التناقص منذ بداية العام.
وخلص تقرير أممي صادر في أيلول، إلى أن عوامل أبرزها قلة المياه المتدفقة إلى النهر من منبعه، وعدم انتظام الأمطار، وارتفاع درجات حرارة لأعلى من معدلاتها، ساهمت جميعاً بخلق ظروف أشبه بالجفاف في المنطقة.
فيما يؤكد بعض الخبراء أن خطورة الوضع في سوريا تُعزى إلى حد كبير إلى تأثير تغير المناخ في المنطقة.
ستيفن جوريليك هو زميل في معهد وودز للبيئة بجامعة ستانفورد ومدير مبادرة المياه العذبة العالمية، التي تهدف إلى زيادة إمدادات المياه في البلدان المهددة بتغير المناخ، قال إن نتائج عمله في الأردن قد تستخدم لتقييم ندرة المياه في دول الشرق الأوسط الأخرى، مثل سوريا، مشيراً إلى أن الجفاف يحدث بانتظام في المنطقة وفي سوريا، بمناخها الطبيعي شبه الجاف، لكن مشكلة المياه تفاقمت بسبب الأزمة البيئية الحالية.
وأضاف جوريليك : "بالنظر إلى تغير المناخ، فإن معظم مناطق الشرق الأوسط معرضة بشدة لتأثيرات الجفاف، والتي ستصبح أكثر تواتراً في أجزاء من المنطقة وستستمر لفترة أطول وستكون أكثر حِدّة".
أضرار بأنظمة المياه والصرف الصحي
بالإضافة إلى العوامل المناخية التي عجلت بأزمة المياه، فقد تضاءل وصول المدنيين إلى المياه بسبب أنظمة إمدادات المياه.وفقًا لخطة عمل الأمم المتحدة، فإن الإغلاق المتكرر و"القدرة التشغيلية المنخفضة" لمحطة مياه علوك في شمال شرق سوريا قد هدد وصول حوالي 500 ألف شخص بشكل مباشر إلى المياه في مدينة الحسكة والمنطقة المحيطة بها. حدثت مشاكل مماثلة مع محطة مياه الخفسة، التي تزوّد حلب من الضفة الغربية لنهر الفرات، ومحطة ضخ عين البيضاء المجاورة، التي تزوّد نحو 184 ألف شخص بالمياه.
تعتبر محطات معالجة المياه والصرف الصحي ضرورية أيضاً للحفاظ على إمدادات المياه المأمونة، لكن رولا أمين، كبيرة مستشاري الاتصالات والمتحدثة باسم المكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قالت إن وكالتها تقدِّر أن نحو 50٪ من تلك المحطات خارج الخدمة.
يختلف الوضع الحالي بشكل جذري عن عام 2011. في ذلك الوقت، كان أكثر من 90٪ من السكان يحصلون على المياه الصالحة للشرب، وفقًا لأمين.
4 أضرار مباشرة قد تقود للهجرة
أدت أزمة المياه إلى مشاكل أكبر لسوريا، وفضلاً عن الحاجة لمياه الشرب، ألحقت ندرة المياه أضراراً بالمحاصيل وسبل العيش الزراعية، وقلّصت فرص الحصول على الغذاء، ورفعت بشكل كبير أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية. تشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفقاً لخطة عمل الأمم المتحدة، وهو رقم، إلى جانب معدلات سوء التغذية، سيرتفع مع الجفاف.ويمكن للحاجة إلى الماء والغذاء والإمدادات الأساسية أن تدفع الأشخاص النازحين بالفعل إلى الهجرة مرة أخرى.وقالت أمين " لا بد أن الأزمة ستزداد سوءاً، ونتوقع أنها ستؤدي إلى النزوح وإضعاف قدرة الناس على الاستمرار في معيشتهم".
تشكل أزمة المياه عقبة أخرى أمام السوريين للتغلب عليها بينما يواصلون العمل نحو الإحساس بعودة الحياة إلى طبيعتها بعد عقود من الصراع.
قالت أمين: "إنها تلك الحلقة المُفرَغة الشريرة التي تسيطر على البلاد ومحاولة الناس ليس فقط في البقاء على قيد الحياة [ولكن] لمحاولة إعادة بناء حياتهم، والحفاظ على مستوى معيشي يحفظ كرامتهم" .
تهدف خطة الأمم المتحدة الحالية لمعالجة أزمة المياه إلى ضمان حصول 3.4 مليون شخص على المياه الصالحة للشرب من خلال إعادة تأهيل محطات وإمدادات المياه وتحسين معالجة المياه، وفقاً لتقريرها الصادر في 9 أيلول.
وأكدت أمين وجود حاجة إلى حلول مستدامة وطويلة الأجل لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسوريا. وهو ما ينبغي أن يبدأ بزيادة نطاق العمليات الإنسانية داخل البلاد. ولاسيما أن السوريين باتوا يواجهون الآن مستوًى إضافياً من الضغط وعدم اليقين.
وقالت أمين: "لا بد من الاستثمار في المشاريع التي من شأنها أن تساعد في التخفيف من تأثير أزمة المياه هذه، وهذا لا يحدث في غضون شهر أو ثلاثة أشهر".
وأضافت: "أعتقد أن الناس يشعرون بالضيق.. من الصعب العثور على وظيفة، ومن الصعب وضع الطعام على الطاولة، ومن الصعب إعادة بناء منزلك.. و الخيارات قليلة جداً أمامهم للبحث فرصة، يعيشون على أمل أن تتحسن الأمور".