وأشار التقرير إلى أنَّ النظام السوري لم يقم بتسجيل مئات الآلاف من القتلى الذين سقطوا منذ آذار/مارس 2011 في سجلات الوفيات الرسمية، حيث استغل النظام إصدار شهادات الوفاة كوسيلة للسيطرة، ولم تُتح لأهالي الضحايا -سواء الذين قتلهم النظام أو الأطراف الأخرى- فرصة الحصول على شهادات وفاة. وأضاف التقرير أنَّ الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على تلك الشهادات خوفاً من ربط ذويهم المعتقلين بالنظام، خاصة في حالات القتل تحت التعذيب، أو تسجيل الضحية كـ “إرهابي” إذا كان مطلوباً للأجهزة الأمنية.
أشار التقرير إلى أنَّ من بين 71 مدنياً الذين تم توثيق مقتلهم في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، قتل النظام السوري 11 مدنياً، بينهم 5 أطفال و1 سيدة. بينما قتلت فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني مدنيين اثنين، وقتلت قوات سوريا الديمقراطية 11 مدنياً بينهم 2 طفل. وسجل التقرير مقتل 47 مدنياً، بينهم 13 طفلاً و5 سيدات، على يد جهات أخرى.
أوضح التقرير أنَّ محافظة درعا سجلت أعلى نسبة من الضحايا، حيث بلغت 34 % من إجمالي حصيلة الضحايا، قُتل منهم 22 شخصاً على يد جهات أخرى. تلتها محافظة الحسكة بنسبة 17 %، حيث تم توثيق مقتل 12 شخصاً.
كما وثَّق التقرير مقتل 3 أشخاص تحت التعذيب في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، جميعهم على يد أطراف النزاع والقوى السيطرة. كما تم توثيق مقتل واحد من الكوادر الطبية على يد جهات أخرى. وسجل التقرير وقوع 3 مجازر في تشرين الثاني/نوفمبر على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة.
أفاد التقرير بأنَّ الهجمات الجوية التي شنّتها طائرات إسرائيلية ثابتة الجناح على مناطق مدنية في لبنان أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين، من بينهم ما لا يقل عن 111 لاجئاً سورياً، بينهم 39 طفلاً و20 سيدة، وذلك في الفترة الممتدة من 23 أيلول/سبتمبر 2024، وحتى كانون الأول/ديسمبر 2024.
استنتاجات:
وأشار التقرير إلى أنَّ الأدلة التي تم جمعها تُظهر أنَّ بعض هذه الهجمات استهدفت المدنيين والأعيان المدنية مباشرة، حيث تسببت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مما يثير أسباباً معقولة للاعتقاد بأنَّ هذه الهجمات قد تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي.
كما أكَّد التقرير أنَّ استخدام التفجيرات عن بعد لاستهداف مناطق سكنية مكتظة يُظهر نية إجرامية لإيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وخرقاً واضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، وخاصة المواد (27، 31، 32).
ولفت التقرير إلى أنَّ قوات النظام السوري وحلفاءه، بما في ذلك القوات الروسية، وكذلك قوات التحالف الدولي، لم يصدروا أي تحذير مسبق للمدنيين قبل تنفيذ هجماتهم، كما يشترط القانون الدولي الإنساني، مما يعكس استهتاراً تاماً بحياة المدنيين في سوريا منذ بداية النزاع.
وأضاف التقرير أنَّ حجم الانتهاكات المتكررة، والقوة المفرطة المستخدمة، وطبيعة القصف العشوائي، كلها تشير إلى أنَّ هذه الهجمات تتم بتوجيهات عليا وضمن سياسة ممنهجة تتبعها الدولة.
كما أشار التقرير إلى أنَّ جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني قد خرقوا قرار مجلس الأمن رقم 2139، من خلال شنِّ هجمات تعتبر انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، حيث تسببت هذه الهجمات خسائر في الأرواح وإلحاق إصابات بين المدنيين.
التوصيات:
دعا التقرير مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات إضافية بناءً على القرار رقم 2254، وشدد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
كما طالب التقرير وكالات الأمم المتحدة المختصة بتكثيف جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً، مع متابعة تعهدات الدول بتقديم التبرعات اللازمة.
أوصى التقرير بتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خصوصاً بعد استنفاد الحلول السياسية عبر الاتفاقات السابقة وبيانات وقف الأعمال العدائية، مؤكداً ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لتفعيل مبدأ حماية المدنيين.
كما شدد على أهمية إعداد خرائط توضح مواقع الألغام والذخائر العنقودية في سوريا، لتسهيل عملية إزالتها وحماية المدنيين من أخطارها.
دعا التقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) إلى فتح تحقيقات موسَّعة في الحالات الواردة في هذا التقرير وما سبقه، وأكَّد استعداد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان للتعاون وتقديم الأدلة المطلوبة. كما شدد على ضرورة التركيز في التقارير القادمة على قضية الألغام والذخائر العنقودية.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن القصف العشوائي، واستهداف المناطق السكنية، والمستشفيات، والمدارس، والأسواق. كما طالب بوقف عمليات التعذيب التي أدت إلى وفاة آلاف المواطنين داخل مراكز الاحتجاز.
ودعا التقرير جميع أطراف النزاع إلى تقديم خرائط تفصيلية عن المواقع التي زُرعت فيها الألغام، خصوصاً في المناطق المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية.
واختتم التقرير بتوصيات إضافية تهدف إلى تحقيق العدالة وحماية المدنيين في سوريا.