واشارت "رويترز" إلى أن المملكة العربية السعودية، المعروفة بثقلها الكبير في الخليج، ربما تدعو الاسد الى القمة العربية في الرياض في مايو/أيار المقبل.
وبعيدًا عن محيطه العربي، زار الأسد أيضا حلفاءه في موسكو، ورحب بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقائد "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس" الإيراني إسماعيل قاآني، ليس مرة واحدة، بل مرتين
وبعيدًا عن محيطه العربي، زار الأسد أيضا حلفاءه في موسكو، ورحب بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقائد "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس" الإيراني إسماعيل قاآني، ليس مرة واحدة، بل مرتين
كما أن حدود الأردن الشمالية المغلقة قيدت حركة عبور البضائع ( الترانزيت) المربحة من بلاد الشام إلى الخليج العربي. بالإضافة إلى أن الأردن ومصر معا، قدمتا أيضا مشروعا لنقل الغاز الطبيعي المصري والإسرائيلي، والكهرباء المولدة في الأردن عبر سوريا إلى لبنان، التي انهار فيها قطاع الطاقة بشكل أساسي.
وفي مقابل ذلك، سيحصل الأسد على 8 في المئة دفعة عينية من الغاز والكهرباء، اللذين يعانيان بدورهما من شح شديد، بسبب ما ألحقته الحرب من أضرار في البنية التحتية، بالإضافة إلى العقوبات التي قيدت الحصول على قطع الغيار اللازمة. لكن كلتا المقاربتين لم تسفرا عن شيء. فسرعان ما غرقت حدود الأردن الشمالية في التهريب غير المشروع للكبتاغون والأسلحة، مما أدى إلى عدة عمليات اعتراض بارزة في الأردن. بينما عُلّق مشروع الغاز والكهرباء لأن السياسيين اللبنانيين فشلوا في الاتفاق على الإصلاحات الضرورية للحصول على تمويل من البنك الدولي.
وبدا تواصل أبوظبي مع الأسد مفاجئاً، لكنه مستمد مما يريده الأسد حقاً- المال مع قليل من الالتزامات الواجب الوفاء بها. لقد سعت الإمارات طيلة الحرب منافسة قطر، وكذلك وحليفتها في سوريا، أي تركيا، التي تسيطر على مساحة معتبرة في شمال غربي سوريا. كما حاولت أبوظبي إعادة فتح سفارتها في دمشق عام 2018، اعتقاداً منها أن التواصل مع الأسد سيجعل وضع تركيا في سوريا بالغ الصعوبة. غير أن أبوظبي، مع انحسار التوتر بينها وبين كل من قطر وتركيا، باتت تركز على الحد من النفوذ الإيراني- الميليشيات والأسلحة- في سوريا.
تدرك أن الأسد بحاجة ماسة إلى المال، الذي لا يمكن أن تقدمه له سوى دول عربية غنية، لإعادة بناء سوريا. وكما يقضي المنطق، يمكن استخدام القليل من الاعتراف وشيء من الدولار لإعادة الإعمار، يمكن استخدامهما كجزرة لتغيير منطق بشار على طاولة المفاوضات مع المعارضة، وربما تقليص اعتماده على إيران، وهو الأهم، لصالح الدول العربية- التي بات العديد منها متحالفا مع إسرائيل كجزء من "اتفاقيات إبراهام".
بشار بحاجة ماسة إلى المال، الذي لا يمكن أن تقدمه له سوى دول عربية غنية ، لإعادة بناء سوريا. وكما يقضي المنطق، يمكن استخدام القليل من الاعتراف وشيء من الدولار لإعادة الإعمار، يمكن استخدامهما كجزرة لتغيير منطق بشار على طاولة المفاوضات مع المعارضة، وربما تقليص اعتماده على إيران، وهو الأهم، لصالح الدول العربية- التي بات العديد منها متحالفا مع إسرائيل كجزء من اتفاقيات إبراهيم.
وبالطبع، ما يكبح كلا المجهودين هو العقوبات الأميركية والأوروبية والعربية المفروضة على سوريا. وقد يؤدي الارتباط العربي مع الأسد إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي عُلّقت عضويتها منذ عام 2011، كرد على ما فعله الأسد بالانتفاضة- وقد تؤدي هذه العودة، إلى رفع العقوبات العربية عن سوريا، وهي عقوبات تعيق التجارة وغيرها من القضايا.
ولكن من الناحية العملية، يستحيل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية دون تغيير جوهري في سلوك الأسد. وإذا كانت العقوبات الأميركية على سوريا تعود إلى عام 1979، فإن النصيب الأكبر من هذه العقوبات سببه رد فعل نظام الأسد تجاه الانتفاضة، وقانون "قيصر"، الذي سمي على اسم ذلك المصور الشجاع لدى النظام، الذي قام بتهريب المئات من صور الدولة السورية للضحايا، بعد أن تعرضوا للتعذيب في معسكرات (غولاغ) الأسد، هذا القانون بعقوباته الأشد قوة، يمنع مباشرة تمويل أنشطة إعادة الإعمار في سوريا. والأهم من ذلك، أن هذه العقوبات لها آثار ثانوية، بمعنى أنها تنطبق على أي شخص تلمس يده هذه الأنشطة.
يتضح من شلال الزيارات، التي قام بها مسؤولون عرب ومسؤولون إقليميون آخرون إلى دمشق، أنهم يرون فرصة لتعليق الجزرة أمام ناظري الأسد، ويعود سبب ذلك إلى إصدار الترخيص العام لمدة 180 يومًا، أو الإعفاء المؤقت من العقوبات، الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية يوم 9 فبراير الماضي تحت عنوان "السماح بالمعاملات المتعلقة بجهود إغاثة ضحايا الزلازل في سوريا". ولماذا لا يفعلون ذلك؟ فقد قال المسؤولون الأميركيون صراحة، إن الترخيص صدر استجابة لطلبات "الحكومات الإقليمية" التي لا تريد أن تتعرض للعقوبات. كما سمحت واشنطن بتنفيذ معاملات الإغاثة لضحايا الزلزال، التي لم تُحدد، مباشرة مع "الحكومة السورية"- المعروفة أيضا بنظام الأسد.
ولكن من الناحية العملية، يستحيل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية دون تغيير جوهري في سلوك الأسد. وإذا كانت العقوبات الأميركية على سوريا تعود إلى عام 1979، فإن النصيب الأكبر من هذه العقوبات سببه رد فعل نظام الأسد تجاه الانتفاضة، وقانون "قيصر"، الذي سمي على اسم ذلك المصور الشجاع لدى النظام، الذي قام بتهريب المئات من صور الدولة السورية للضحايا، بعد أن تعرضوا للتعذيب في معسكرات (غولاغ) الأسد، هذا القانون بعقوباته الأشد قوة، يمنع مباشرة تمويل أنشطة إعادة الإعمار في سوريا. والأهم من ذلك، أن هذه العقوبات لها آثار ثانوية، بمعنى أنها تنطبق على أي شخص تلمس يده هذه الأنشطة.
يتضح من شلال الزيارات، التي قام بها مسؤولون عرب ومسؤولون إقليميون آخرون إلى دمشق، أنهم يرون فرصة لتعليق الجزرة أمام ناظري الأسد، ويعود سبب ذلك إلى إصدار الترخيص العام لمدة 180 يومًا، أو الإعفاء المؤقت من العقوبات، الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية يوم 9 فبراير الماضي تحت عنوان "السماح بالمعاملات المتعلقة بجهود إغاثة ضحايا الزلازل في سوريا". ولماذا لا يفعلون ذلك؟ فقد قال المسؤولون الأميركيون صراحة، إن الترخيص صدر استجابة لطلبات "الحكومات الإقليمية" التي لا تريد أن تتعرض للعقوبات. كما سمحت واشنطن بتنفيذ معاملات الإغاثة لضحايا الزلزال، التي لم تُحدد، مباشرة مع "الحكومة السورية"- المعروفة أيضا بنظام الأسد.
قد يؤدي الارتباط العربي مع الأسد إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي عُلّقت عضويتها منذ عام 2011، كرد على ما فعله الأسد بالانتفاضة- وقد تؤدي هذه العودة، إلى رفع العقوبات العربية عن سوريا، وهي عقوبات تعيق التجارة وغيرها من القضايا.
لكن هذا لا يعني أن سياسة الولايات المتحدة الخاصة بسوريا قد تغيرت، أو أن العقوبات على وشك رفعها، من أجل إعادة الإعمار. لا فرصة لحدوث ذلك. فالترخيص العام ينتهي في أغسطس/آب المقبل، وبينما يحل "غروب" مفعول "قانون قيصر" عام 2024، فمن المؤكد تقريباً أنه سيمدد، كما يتضح من تصويت على قرار الكونغرس يوم 27 فبراير الماضي، الذي يدين "جهود نظام الأسد لاستغلال الكارثة في التهرب من الضغط والمساءلة الدوليين".
وحتى لو انتهى "قانون قيصر"، فستبقى طبقات متعددة من العقوبات على صادرات النفط السوري والتصنيفات؛ بغض النظر عن الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض. وهناك عقوبات جديدة على الطريق، حيث يقضي قانون تفويض الدفاع القومي لعام 2023 بأن تضع إدارة بايدن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتفكيك وتعطيل إنتاج نظام الأسد للمخدرات والإتجار بها.
الطريقة الوحيدة لتخفيف العقوبات الأميركية على سوريا- ناهيك عن رفعها- هي أن يغيّر الأسد سلوكه بشكل جذري. وتتفهم واشنطن أن دولا عربية تريد من الأسد أن يوقف تدفق الكبتاغون من سوريا جنوباً إلى الأردن ثم إلى الخليج والدول العربية، حيث يقول مسؤولون عنه إنه "يدمن جيلاً".
لكن واشنطن كانت واضحة في أن على الأسد أن يهيئ الظروف لعودة السوريين إلى ديارهم دون خوف من التجنيد أو الاحتجاز أو الاختفاء. وعلى الأسد أن يمضي قدمًا في عملية قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك التحرك في موضوع اللجنة الدستورية، دون الاقتصار عليها وحدها.
وحتى لو انتهى "قانون قيصر"، فستبقى طبقات متعددة من العقوبات على صادرات النفط السوري والتصنيفات؛ بغض النظر عن الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض. وهناك عقوبات جديدة على الطريق، حيث يقضي قانون تفويض الدفاع القومي لعام 2023 بأن تضع إدارة بايدن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتفكيك وتعطيل إنتاج نظام الأسد للمخدرات والإتجار بها.
الطريقة الوحيدة لتخفيف العقوبات الأميركية على سوريا- ناهيك عن رفعها- هي أن يغيّر الأسد سلوكه بشكل جذري. وتتفهم واشنطن أن دولا عربية تريد من الأسد أن يوقف تدفق الكبتاغون من سوريا جنوباً إلى الأردن ثم إلى الخليج والدول العربية، حيث يقول مسؤولون عنه إنه "يدمن جيلاً".
لكن واشنطن كانت واضحة في أن على الأسد أن يهيئ الظروف لعودة السوريين إلى ديارهم دون خوف من التجنيد أو الاحتجاز أو الاختفاء. وعلى الأسد أن يمضي قدمًا في عملية قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك التحرك في موضوع اللجنة الدستورية، دون الاقتصار عليها وحدها.
الطريقة الوحيدة لتخفيف العقوبات الأميركية على سوريا- ناهيك عن رفعها- هي أن يغيّر الأسد سلوكه بشكل جذري. وتتفهم واشنطن أن دول الخليج تريد من بشار أن يوقف تدفق الكبتاغون من سوريا جنوباً إلى الأردن ثم إلى الخليج، حيث يقول المسؤولون عنه إنه "يدمن جيلاً".
أما إذا لم يكن هناك تقدم، فإن الدول العربية، التي تطبّع علاقاتها مع الأسد، وتنخرط في إعادة الإعمار، ستتعرض بالتأكيد لعقوبات من وزارة الخزانة. وما لم تحدث تغييرات كبيرة في الطريقة التي يحكم بها الأسد البلد ويدير شؤونه، بما في ذلك تساهله مع الميليشيات والأصول الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية ومنشآت إنتاج الكبتاغون، فستكون هذه محاولة أخرى لإلقاء أموال عربية جيدة وراء سيئ، لتعويض خسائرهم المستمرة مقابل نفوذ إيران في بلاد الشام.
--------
مجلة المجلة
--------
مجلة المجلة