منذ 2014 اختارت أوكرانيا التوجه نحو اوروبا وبدأت تتعاون مع الاتحاد الأوروبي والناتو، وأصبح ذلك مصدر قلق كبير لروسيا كون أوكرانيا هي الرئة التي تتنفس منها روسيا نحو أوروبا – كما قال بريجينسكي مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبق. وبدأت موسكو تطرح بقوة موضوع الامن القومي الروسي وواجهت تحديا خطيرا وهو محاولة عزلها سياسيا واقتصاديا وخاصة في إيقاف بيع النفط والغاز الروسي الى أوروبا وكذلك حرمان روسيا من نظام المعاملات المالية- سويفت.
وليس غريبا ان نسمع فيلسوفا روسيا قوميا متعصبا مثل ألكسندر دوغين وهو يتباكى على انهيار الإمبراطورية الروسية المتمثلة بالاتحاد السوفيتي ويعتبر ذلك أعظم جريمة في التاريخ، ومثله كرر الرئيس بوتين مرارا ان انهيار الاتحاد السوفيتي أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين.
وبعد فترة التسعينيات التي اتسمت بالفوضى والتضخم المالي المرعب وضعف روسيا لدرجة كادت ان تتقسم الى أجزاء في عهد يلتسين، جاء بوتين ليفرض قبضته الأمنية على البلاد وجعل الدولة مركزية وبدأ نظاما شموليا بامتياز يشبه في بعض جوانبه شمولية العهد السوفيتي.
وفي أوكرانيا ولدت منظمة يقودها يفغيني بريغوجين باسم شركة امنية خاصة تسمى فاغنر قاتلت عام 2014 في الدونباس ضد أوكرانيا. وأصبح لدى بريغوجين شركات إعلامية واقتصادية وتجارية وتطورت بسرعة لتتسع نشاطاتها خارج روسيا في سوريا بداية ثم في ليبيا وافريقيا الوسطى والسودان وحتى وصلت الى أمريكا اللاتينية.
وهنا نلاحظ بأن القيادة الروسية على ما يبدو بدأت باتباع طريقة جديدة في العمل خارج حدود روسيا، نظرا لصعوبة التدخل العسكري المباشر بقوات برية في مختلف الدول. فبدأت ترسل مرتزقة فاغنر بشكل غير رسمي وبدون ان تعترف بهم ولكنهم في الحقيقة يعملون تحت اشراف مباشر من أعلى مراكز القيادة الروسية لأن الرئيس بوتين ذكر في تعزيته بوفاة بريغوجين بأنه “حقق نتائج ملموسة لنفسه وللقضية المشتركة”. ومن المعروف ان فاغنر كانت تحمي المصالح الجيوسياسية والعسكرية الروسية وتعاونت مع شركات حكومية وأخرى تابعة لرجال اعمال (اوليغاركية) مقربين من الكريملين ويتبادلون المنافع المشتركة كما حدث في سوريا وافريقيا، حيث النفط والغاز والمعادن الثمينة كالألماز والذهب.
ولكن بريغوجين، بعد الانتصارات العسكرية في أوكرانيا بفضل الكفاءة القتالية العالية لمرتزقته، أصبحت له شعبية واسعة في الشارع الروسي وبين النخب الروسية، وأصبح ينتقد علنا قيادة وزارة الدفاع ووصل به الامر الى انتقاد الرئيس بوتين وقال في يونيو/حزيران الماضي بأن رئيسا جديدا سياتي في روسيا، وبدأت فاغنر تمردا عسكريا يوم 24 يونيو/ حزيران لكنه فشل ويبدو ان الموالين لبريغوجين لم يدعموه كما توقع. واعتبر بوتين في حينها التمرد خيانة ويجب معاقبة الخونة. وبالرغم من ان بوتين عفا عن بريغوجين بعد وساطة الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو إلا أنه يعرف عن بوتين بانه لا يسامح ولا يغفر لمن يخونه او يغدر به.
ويجدر الذكر بأن شركة فاغنر هي شركة مرتزقة ارتكبت جرائم كبيرة في دول عدة مثل سوريا وافريقيا، ويعمل مقاتلوها من اجل المال، وليس لديهم أي قيم وطنية او إنسانية.
والسؤال الأهم ما هو مصير مرتزقة فاغنر؟ ويبدو انها ستستمر في عملها وأداء مهماتها في أوكرانيا وخارج روسيا، خاصة على ضوء المقاطعة الغربية الواسعة لروسيا وتركيز روسيا السياسي الخارجي نحو اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية. وبالفعل تحدثت المصادر الدولية المختلفة عن دور فاغنر في دعم الانقلابات العسكرية في 4 دول افريقية ودعم حركات انفصالية ومتمردة مثل قوات الدعم السريع في السودان واللواء حفتر في ليبيا وبشار الاسد في سوريا وفي مناطق أخرى.
1- تأسيس شركة فاغنر ونشاطها وأهدافها
- الأداة الأبرز التي تدعم نفوذ بريغوجين السياسي حاليا هي شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة الناشطة منذ 2013. ونشرت صحيفة “فونتانكا” في سان بطرسبورغ عام 2015، أول تقرير الأول حول أنشطة هذه المجموعة لتصبح “فاغنر” منذ ذلك الحين موضوعا لتحقيقات صحفية متعددة.
- يحيط الغموض بتفاصيل تأسيس “فاغنر” لكن مصادر عديدة مرتبطة بوزارة الدفاع والمجموعة نفسها كشفت لوسائل إعلام روسية وغربية أن هذه المبادرة كانت تبحثها هيئة الأركان العامة منذ العام 2009 تقريبا. وحظيت خطة تشكيل مجموعة عسكريين متقاعدين قادرة على تحقيق مهمات سرية في الخارج بدعم رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي في حينه، نيكولاي ماكاروف.
- في عام 2010 نظم على هامش منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي عرض خاص لمسؤولين من هيئة الأركان العامة قدمه مؤسس أول شركة عسكرية خاصة في العالم، آبين بارلو، الذي قدم مقترحات بشأن تشكيل مجموعة عسكرية من هذا النوع مع أخذ “خصائص روسيا” بعين الاعتبار.
- أصرت قيادة وزارة الدفاع على أن هذه المجموعة يجب أن تكون خاصة وغير رسمية وغير مرتبطة بالحكومة، للتستر على عمليات مثل التي جرت في اعتقال 3 شخصيات امنية روسية في قطر عام 2004 بسبب قتلهم لأحد الزعماء الانفصاليين الشيشان وهو سليم خان يندرباييف.
- لكن تطبيق هذه الخطة بدأ فقط عام 2012 بدعم الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة، جنرال الجيش فاليري غيراسيموف، الذي يتولى هذا المنصب حاليا. وتم اختيار بريغوجين مسؤولا عن تشكيل المجموعة لسببين: أولا لأنه كان يعتبر شخصية ناشطة قادرة على تحقيق أهدافه، وثانيا لأنه كان مقربا من الرئيس بوتين وحظي بثقته.
- على مدار السنوات الأخيرة كان بريغوجين ينفي بإصرار وجود أي صلة له بهذه المؤسسة بل يرفض حقيقة وجودها، وبادر بعدة عمليات قضائية ضد صحفيين اتهمهم بنشر الأكاذيب حوله وتشويه صورته ردا على تحقيقاتهم الصحفية، لكنه ظهر في 25 سبتمبر 2022 وهو يحمل أوسمة البطل لكل من روسيا وجمهوريتي دونيتسك ولوغاسنك الشعبيتين. وفي اليوم التالي اعترف بريغوجين لأول مرة، من خلال بيان نشره المكتب الإعلامي لمجموعة “كونكورد”، بأنه مؤسس وممول شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة.
- لطالما نفى كبار المسؤولين مثل وزير الخارجية سيرغي لافروف، أو المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أي علاقة للدولة بشركة “فاغنر”، علما ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد تمرد بريغوجين أعلن صراحة ان الدولة قدمت لفاغنر حوالي 2 مليار دولار.
2- تعريف بشخصية بريغوجين ونشاطاته الاقتصادية والعسكرية والإعلامية (طباخ بوتين):
- على الرغم من مكانته الراهنة في النخبة الروسية كان بريغوجين شخصا صعد من قاع السلم الاجتماعي إذ لم تكن لعائلته أي صلات تذكر مع دوائر النفوذ في الاتحاد السوفييتي.
- ولد بريغوجين يوم 1 يونيو 1961 في مدينة لينينغراد (سان بطرسبورغ حاليا) وتخرج من مدرسة رياضية عام 1977. والتحق بريغوجين بعد ذلك بمعهد لينينغراد للكيمياء والصيدلة الذي لم يكمل الدراسة فيه، حسب اعترافاته في إحدى المقابلات الصحفية. وبدل التركيز على الدراسة بدأ بريغوجين الانخراط في الأنشطة الإجرامية ما أدى إلى اعتقاله مرتين حيث قضى في السجن بشكل عام 9 سنوات (من 1979 إلى 1981 بتهمة “السرقة” ومن 1981 إلى 1989 بتهم “السرقة” و”السطو المسلح” و”الاحتيال” و”توريط شخص قاصر في النشاط الإجرامي”).
- بعد إطلاق سراحه عام 1989 أطلق بريغوجين مجموعة كبيرة من مشاريع العمل في مجال المطاعم ومحلات الأغذية في سان بطرسبورغ بدءا من فتحه عام 1990 شبكة لبيع مأكولات “الهوت دوغ”. وفي عام 1998 فتح بريغوجين مطعما فاخرا عائما في المدينة أطلق عليه اسم “New Island” ليصبح مكانا اعتاد زيارته أعضاء في النخبة المالية والسياسية. وبات هذا المطعم “مفتاحا للنجاح” بالنسبة إلى بريغوجين إذ زاره عام 2001 بوتين لإقامة مأدبة عشاء في إطار اللقاء مع الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك. ولاحقا أجرى بوتين في نفس المطعم لقاءه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، عام 2002، كما احتفل الرئيس الروسي بعيد ميلاده في المكان ذاته عام 2003.
- منذ ذلك الحين أقام بريغوجين علاقات وثيقة مع بوتين وبات منظما أساسيا لحفلات الرئيس إذ كان، حسب تقارير عديدة، يضع شخصيا قوائم الطعام للمناسبات الرسمية وحتى يقدم بنفسه الأطعمة للرئيس بوتين وضيوفه رفيعي المستوى في الفعاليات، ولهذا السبب أطلق عليه لقب “طباخ بوتين”.
- بفضل اتصالاته الشخصية في الكرملين فاز بريغوجين بالعديد من المناقصات الحكومية والصفقات الخاصة في مجال تقديم خدمات التغذية في المؤسسات العامة والمدارس والثكنات العسكرية إضافة إلى مشاريع كبيرة في قطاع البناء والمرافق خاصة في منشآت وزارة الدفاع.
- حسب تحقيقات صحفية متعددة تستند إلى معطيات رسمية للمؤسسات الحكومية حصلت شركات بريغوجين بحلول عام 2019 على حجوزات من السلطات الروسية بقيمة تتجاوز 260 مليار روبل (4.2 مليار دولار).
- تدخل مشاريع بريغوجين ضمن مجموعة “كونكورد” التي أسسها عام 1995 ويملكها هو بالكامل.
- خلال السنوات الماضية اعتمد نفوذ بريغوجين لدرجة كبيرة على علاقته الشخصية مع الرئيس بوتين، لكن بعد العام 2014 بات بحوزة رجل الأعمال سلاح قوي آخر وهو شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة التي تمثل بالحقيقة جيشا غير نظامي.
3- إمبراطورية بريغوجين الإعلامية
- بالتزامن مع شركة فاغنر العسكرية عمل بريغوجين على تأسيس إمبراطورية إعلامية تعرف بترويجها لسياسات الكرملين وانتقاد الحركات المعارضة خاصة في منصات التواصل الاجتماعي.
- تشمل هذه المجموعة “وكالة أبحاث الإنترنت” التي تم تأسيسها عام 2013 ويربطها العديد من الوثائق المسربة وإفادات الموظفين السابقين بشركات بريغوجين، رغم أن الأخير لم يكن يعترف بأنه يملك هذه المؤسسة الإعلامية أو وسائل الإعلام الأخرى التي تنسب إلى مجموعته.
- تختص هذه الوكالة المتمركزة في سان بطرسبورغ والمعروفة كذلك باسم “مصنع الذباب” بنشر تدوينات وتعليقات داعمة للسلطة ومناهضة للمعارضة في وسائل التواصل الاجتماعي.
- وفي العام 2018 اتهمت السلطات الأمريكية بريغوجين و”وكالة أبحاث الإنترنت” بالتدخل في العملية الانتخابية لصالح الرئيس السابق، الجمهوري دونالد ترامب، عبر نشر معلومات مضللة في الإنترنت، وتم فرض عقوبات على رجل الأعمال الروسي والوكالة. وعام 2021 أدرج مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي بريغوجين في قائمة المجرمين الأكثر طلبا وخصصت مكافأة بمبلغ 250 ألف دولار مقابل معلومات ستساعد في القبض عليه.
- كما أكدت تحقيقات صحفية ووثائق مسربة كثيرة أن بريغوجين يقف وراء أنشطة “الوكالة الفدرالية للأنباء” العاملة منذ 2014. وتوسعت هذه الوكالة لاحقا إلى مجموعة تعرف باسم “مصنع الإعلام” وتشمل 16 موقعا إخباريا مختصا في الترويج للسياسة الخارجية للحكومة الروسية وتشويه صورة منتقدي الكرملين. وبلغ عدد متابعي هذه المواقع عام 2017 نحو 36 مليون شخص على أساس شهري حسب معطيات موقع “Liveinternet” الإحصائي.
4- الخدمات السرية والعلنية التي تقدمها شركات بريغوجين:
يعرض بريغوجين خدمات أمنية وعسكرية وصناعية عسكرية لتحقيق اهداف اقتصادية:
- تقديم استشارات تتعلق بالأمور الدفاعية الأمنية مثل رسم استراتيجيات دفاعية
- تقييم التهديدات وتحديد الأدوات المناسبة لمجابهتها
- تدريب الكوادر المحلية على القتال ووضع استراتيجيات الدفاع الجوي
- دراسة المواقع الدفاعية في الدولة ووضع استراتيجيات لتهيئة تلك المواقع
- تحديد الموارد المطلوبة واللازمة لتحديد هذه المواقع الدفاعية
- توفير العناصر القتالية عند الحاجة والطلب.
- المساعدة في وضع منظومة صناعية لتجميع قدرات تسليح عالية التقنية
- تقديم الاستشارات في اعداد وتجهيز المستودعات
- وضع استراتيجية تأمين الذخائر من خلال تصنيع الكميات اللازمة
- توفير الأخصائيين والنخبة الهندسية لأغراض التصنيع العسكري.
5- أعمال بريغوجين خارج روسيا
- يعتبر بعض الخبراء أن ارتفاع نفوذ شخصيات مثل بريغوجين- رجل السوابق الجنائية، ويقوم الآن بدور كبير في تحديد سياسات الدولة الروسية ويمتلك عمليا جيشا خاصا مواليا له، أن ذلك مؤشر خطير يؤثر على مستقبل الاستقرار في روسيا، وخاصة في حال حدوث انقسام حقيقي للنخبة الحاكمة وبدء نزاع على السلطة في البلاد.
- تشير المعطيات المتوفرة إلى أن القيادة الروسية حاولت من خلال إنشاء مجموعة “فاغنر” تشكيل أداة عسكرية مختصة في تنفيذ عمليات غير رسمية من وراء الكواليس في مصلحة روسيا، لكن مع تنامي قوتها وارتفاع نفوذ بريغوجين باتت هذه المؤسسة في بعض الأحيان خارج سيطرة الحكومة الروسية وتتسبب أعمالها أحياناً بتدهور علاقات روسيا مع شركائها الإقليميين وتؤدي الى مزيد من المشاكل في الساحة الدولية.
- وقال مارك غيلوتي، الخبير في الخدمات السرية الروسية ومؤلف كتاب عن بريغوجين أنه “كانت لديه قدرات نادرة للحصول على ولاء مقاتليه وعقد صفقات مع النخبة الحاكمة”، وأنه “لم يكن ليصل إلى هذه المرتبة بدون رعاية فلاديمير بوتين، ولكنه كان يحقق الكثير وكان بطريقه فاعلا كرجل أعمال وبخاصة في الأماكن التي كانت تعمل فيها فاغنر”.
- وظل نجاح بريغوجين مرتبطا برعاية بوتين له، أولا عبر عقود توفير وجبات الطعام لوزارة الدفاع، إلى جانب علاقات قوية مع المخابرات العسكرية الروسية والكرملين حيث فتحت المجال أمام حصول المرتزقة على التدريب والأسلحة والمهام في سوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا. وقال معهد دراسات الحرب في واشنطن إن الجيش الروسي بدأ في الآونة الأخيرة بإنشاء جماعات مرتزقة لاستبدال فاغنر في أفريقيا.
- وهناك تسريبات إعلامية بان هناك محاولات لاستبدال فاغنر بمجموعة عسكرية خاصة تابعة لإشراف وزارة الدفاع، لكن مهارة بريغوجين في عقد الصفقات والعلاقات مع النخب المحلية، وامكانية مجموعة كونكورد التابعة لبريغوجين تنظيم حملات دعائية على منصات التواصل الاجتماعي وتصويرهم كحكام شرعيين يقاتلون القاعدة وتنظيم الدولة، إلى جانب توفير “مستشارين” للمساعدة في الانتخابات.
وتوفر شركة بريغوجين، رزمة كاملة من الخدمات، من تهريب وغسل أموال وتوزيع مكافآت للمستبدين، و لكنها أصبحت بدون عناصرها الرئيسية، مثل العميد أندريه تروشيف، الذي قيل إنه المدير التنفيذي لفاغنر وانشق ليصبح في ريداو هناك تسريبات بان تروشيف سيصبح القائد الجديد لشركة فاغنر خلفا لبريغوجين.
6- الحرب في أوكرانيا وصراع بريغوجين مع النخب العسكرية والاقتصادية الروسية
أتاحت ظروف الحرب في اوكرانيا فرصة لبريغوجين أن يعمل بمزيد من الحرية في الساحة السياسية ليتمكن من تعزيز دوره بفضل أهمية “فاغنر” العسكرية ومجموعته الإعلامية. ودخل رجل الأعمال في منافسة مفتوحة مع وزارة الدفاع الروسية التي وجه اليها انتقادات قوية في الأسابيع الأخيرة.
- وعرف بريغوجين بمواقفه الجريئة حيث قال بأن الحرب في أوكرانيا لم يقررها هو بل القائد العام للجيش اي الرئيس بوتين ودعا الى إيقاف العملية العسكرية.
- نشرت صحيفة “واشنطن بوست” في أكتوبر الماضي تقريرين نقلاً عن معلومات من الاستخبارات الأمريكية كشفا عن حديث بين بريغوجين وبوتين أشار خلاله رجل الأعمال بشكل مباشر إلى إخفاقات الجيش وانتقد بشدة وزارة الدفاع بسبب اعتمادها الكبير على “فاغنر” دون تقديم مساعدات مادية ضرورية لمقاتليها. واعتبرت الصحيفة أن هناك خلافات شخصية متزايدة بين بريغوجين ووزير الدفاع سيرغي شويغو. ولفت التقرير إلى أن النفوذ المتصاعد لشخصيات مثل بريغوجين وقاديروف يثير انزعاجا كبيرا لدى بعض كبار مسؤولي الأمن والدفاع والساسة الروس.
7- لماذا فشل تمرد بريغوجين في 24 يونيو/حزيران 2023
- كان تمرد بريغوجين تمرداً مفتوحاً ضد بوتين، مع أن أول رد فعل علني للرئيس الروسي كان التحذير الشديد اللهجة، حين أعلن دون ذكر اسم بريغوجين، قائلا: إن أولئك الذين أعدوا التمرد “خانوا روسيا”. وفي معجم بوتين، عقوبة الخيانة هو الحكم بالإعدام!
- ترك التمرد ردود أفعال متناقضة في المجتمع الروسي، وانتظر الكثيرون الأسوأ ولا يزال البعض متخوف من المستقبل في ظل زعزعة الاستقرار في البلاد التي تخوض معركة على الجبهات الخارجية.
- برز اسم رجل الأعمال يفغيني بريغوجين، على السطح بشكل متزايد عند تغطية الأوضاع السياسية داخل روسيا أو تطورات الأحداث في النزاع الروسي الأوكراني.
- خلال السنوات الماضية اعتمد نفوذ بريغوجين لدرجة كبيرة على علاقته الشخصية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكن بعد العام 2014 بات بحوزة رجل الأعمال سلاح قوي آخر وهو شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة التي تمثل بالحقيقة جيشا غير نظامي.
- قاد الرئيس البيلاروسي وساطة بموافقة الرئيس بوتين، بين الكرملين وقائد التمرد، يفغيني بريغوجين، وبموجب اتفاق، تم انتقال قائد فاغنر إلى بيلاروسيا واسقطت عنه تهمة الخيانة وتم وقف ملاحقته قانونيا من قبل موسكو وارجعت اليه أمواله المصادرة. لكن وكالة تاس الروسية أوردت خبرا بأن “القضية الجنائية ضد بريغوجين لم تتوقف والتحقيق مستمر”. وهذا يعني ان مصير بريغوجين الشخصي لم يحسم بعد. وتساءل المراقبون هل سيعود بريغوجين الى الجبهة الأوكرانية وهذا مستبعد بعدما قام به من تمرد. أم سيغادر بيلاروسيا الى دولة اجنبية في افريقيا مثلا، أم سيتم التخلص منه بطريقة ما.
- هز تمرد فاغنر المجتمع الروسي لمدة 24 ساعة، ولكنه انتهى مساء 24 يونيو باتفاق ينص على مغادرة بريغوجين إلى بيلاروس، وخير الرئيس بوتين مقاتلي فاغنر بين الانضمام إلى بريغوجين في بيلاروسيا أو الالتحاق بالجيش الروسي النظامي أو ترك فاغنر والعودة إلى الحياة المدنية.
8- مقتل بريغوجين بعد تحطم طائرته الخاصة في 23 أغسطس/آب
بريغوجين قبل تحطم الطائرة:
- لعب مقاتلو فاغنر دورا حاسما في الانتصارات التي حققها الجيش الروسي في الجبهة الأوكرانية وخاصة في مدينة باخموت (ارتيومفسك)، واكتسبوا شعبية واسعة بين الروس المتحمسين للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
- أعترف الرئيس بوتين أعلن في يونيو الماضي أن الدولة قدمت 2 مليار دولار لشركة فاغنر كأسلحة وغيرها
- تمرد بريغوجين في 24 يونيو كان حدثا لافتا جدا لأنه كان موجه ضد قياد ة الجيش الروسي وتعرض بريغوجين بالفيديو حتى الى شخص الرئيس بوتين وقال إن رئيسا جديدا قادم لروسيا. واعتبر الرئيس بوتين تمرد بريغوجين خيانة وطعنة في الظهر من قبل قادة فاغنر ويجب محاسبتهم.
- بالرغم من اعفاء بريغوجين من التهم الموجهة اليه وارجاع أمواله له، أصبح يتنقل بين موسكو وسان بطرسبورغ، حيث حضر في الكريملين في أواخر شهر يونيو الماضي مع قادة فاغنر، وظهرت له صور مع قادة أفارقة في سان بطرسبورغ على هامش قمة روسيا- افريقيا في 27-28 يوليو الماضي. وبعدها لم يظهر في أي فيديو الا منذ أيام في افريقيا، حيث قال جئنا الى هنا لمنح الحرية لافريقيا.
- يجدر الذكر أن الجنرال سوروفيكين المعروف بصاحب نظرية الأرض المحروقة، والذي عينه الرئيس قائدا للعملية العسكرية في أوكرانيا ومعروف عنه علاقاته القوية مع بريغوجين، وقد أعرب عن تعاطفه مع تمرد بريغوجين. لذلك وضع في الإقامة الجبرية منذ شهرين حتى تمت اقالته من يومين ولا يعرف مصيره حاليا.
- منذ ان انتهى تمرد الـ24 ساعة الذي نفذه في روسيا، لم يتواصل بريغوجين مع العالم سوى عبر رسائل صوتية بثت على “تيليغرام”، وذلك خلافاً لما اعتاد أن يفعل عندما كان في أوكرانيا حين كانت وسيلته المفضلة في التواصل الإعلامي هي تسجيلات الفيديو.، حيث قال “نحن نعمل! درجة الحرارة +50، مثلما نحبها تماماً. مجموعة فاغنر تنفذ مهمة استطلاعية، وهذا يعزز عظمة روسيا في جميع القارات ويضمن مزيداً من الحرية لأفريقيا”.
- احيط موضوع مقتل بريغوجين بضبابية كبيرة من وسائل الاعلام الروسية ومن الجهات الرسمية وهذا يثير تساؤلات عديدة واهمها من وراء الحادث.
- أكدت هيئة الطيران الروسية، تواجد بريغوجين، والرجل الثاني في مجموعة “فاغنر” دميتري أوتكين، على متن الطائرة وفتحت الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل الجوي تحقيقا في تحطم الطائرة، فيما فتحت لجنة التحقيقات الروسية من جانبها، تحقيقا جنائيا في الحادث.
- لم تؤكد مجموعة فاغنر رسميا حتى الان مقتل بريغوجين لكنها أعلنت بانه تم العثور على هاتفه بجانب الجثث. وقد تصدر قيادة فاغنر بيانا رسميا حول الحادث.
- من الواضح ان الطائرة تحطمت في الجو وسقطت على الأرض وهي تتناثر الى أجزاء. ويمكن أن يكون السبب: إما خلل تقني في الطائرة، أو مخالفة الطيار لقواعد الطيران، أو تفجير الطائرة من داخلها في الجو قبل سقوطها. أو صاروخ ارض جو أصابها بشكل مقصود او عن طريق الخطأ، كما نشر موقع تليغرام تابع لجماعة فاغنر بأن الطائرة تم اسقاطها بوسائط الدفاع الجوي، ولم يتم تأكيد هذا الخبر، ولكن تناقلته وسائل الاعلام الغربية بشكل واسع. أما موقع ريبار العسكري الروسي اكد بأن المعاينة الأولى لحطام طائرة بريغوجين لا تشير إلى وجود آثار لاستهدافها.
مقتل بريغوجين قائد مجموعة فاغنر
- بالإعلان عن مقتل زعيم مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين يوم 23 أغسطس/آب 2023، نتيجة تحطم طائرته الخاصة ينضم اسمه إلى قائمة روس كانوا مقربين من دائرة الرئيس، فلاديمير بوتين، وقتلوا بطريقة غريبة مند بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.
- في مساء يوم الأربعاء 23 أغسطس 2023م، تحطمت على بعد 160 كيلومتر شمال موسكو، طائرة خاصة من نوع امبراير مسجلة باسم يفغيني بريغوجين- مؤسس وصاحب شركة فاغنر العسكرية. وكان على متن الطائرة المتجهة من موسكو الى سان بطرسبورغ 10 اشخاص بينهم 3 طاقم الطائرة، و7 من قادة فاغنر بينهم يفغيني بريغوجين والقائد العسكري الفعلي لفاغنر وهو الجنرال دميتري اوتكين.
- وقد تضاربت الانباء في البداية حول وجود بريغوجين بين القتلى إلا أن المصادر الرسمية لهيئة الطيران المدني أفادت مباشرة بأن اسم بريغوجين موجود ضمن الأشخاص الموجودين في الطائرة. ولكن المراقبين تساءلوا كثيرا هل ركب بريغوجين الطائرة فعلا ام ادخل اسمه في قائمة الركاب من اجل التمويه، حيث كانت هناك طائرة أخرى خاصة تعود ملكيتها للسيد بريغوجين تطير بالقرب من موسكو وهبطت في أحد مطاراتها.
- وبعد ساعات من تأكيد تحطم الطائرة والعثور على 10 جثث تأكد مقتل بريغوجين واوتكين، وأكدت ذلك وسائل الاعلام الرسمية الروسية مثل قناة RT التي أعلنت بأنه تم العثور على أحد أجزاء الطائرة التي تحطمت في مقاطعة تفير شمال موسكو، وكان على متنها مؤسس مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين، وذلك على بعد نحو كيلومترين من مكان التحطم. كما أكدت ذلك أيضا قناة روسيا 24 الإخبارية الحكومية.
ردود فعل حول مقتل بريغوجين:
- الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بتعزية أسر ضحايا حادث مقتل بريغوجين نتيجة تحطم طائرته:
- أكد بوتين بأن بريغوجين كان رجلا ذا مصير صعب ولكنه كان موهوبا
- وأن “فاغنر” ساهمت بشكل فعال في مكافحة النازية بأوكرانيا ولن ننسى هذا أبدا
- وقال إن لجنة التحقيق بدأت تحقيقها في حادث تحطم الطائرة، وسنكمله حتى النهاية
- وأعلن بوتين: عرفت بريغوجين منذ فترة طويلة جدا، منذ بداية التسعينيات، لقد ارتكب أخطاء، ولكنه حقق نتائج ملموسة لنفسه وللقضية المشتركة.
- وأن بريغوجين كان رجل أعمال موهوبا ولم يعمل فقط في بلدنا، بل عمل خارج حدود بلدنا، وفي إفريقيا بشكل خاص وحقق نتائج.
- الناطق باسم الكرملين: الادعاءات الغربية بشأن احتمال وقوف الكرملين وراء مقتل بريغوجين كذبة مطلقة، وحول مستقبل “فاغنر”: هذا الهيكل غير موجود بحكم القانون هناك مجموعة ولا يمكني قول أي شيء عن مستقبلها
- لافروف حول تحطم طائرة بريغوجين: التحقيقات مستمرة وأدعو للتركيز على الحقائق وليس تقارير الإعلام الغربي
- الرئيس الأمريكي جو بايدن: اتهم بوتين في مقتل بريغوجين وقال لا اعرف بالضبط ولكن لا يمكن ان يتم هكذا حادث بغير علم بوتين
مسؤولون أمريكيون:
- وقوع انفجار داخل طائرة بريغوجين هو الفرضية الرئيسية وقد يكون ناجما عن قنبلة
- نفت الولايات المتحدة أي علاقة لها على الإطلاق بتحطم طائرة بريغوجين
- لم يكن مفاجئا سقوط طائرة قائد فاغنر لان تمرد بريغوجين عرضه للخطر
- مقتل بريغوجين سيكون له تداعيات في مناطق وجود فاغنر في العالم
- المتحدث باسم البنتاغون: نؤكد مقتل بريغوجين في تحطم طائرته ولكن لا توجد أي فرضية مرجحة بشأن سبب التحطم
- سنستمر في مراقبة قوات فاغنر عن كثب ولا أحد يستهين بقدراتها القتالية
- لم يعد لفاغنر دور كبير في ساحة المعركة بأوكرانيا وسنرصد التداعيات على عملها في إفريقيا
- وزارة الدفاع البريطانية: نهاية بريغوجين سيكون لها بالتأكيد تأثير عميق على استقرار مجموعة فاغنر
- الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف يعلق على وفاة بريغوجين:
- قدّم بريغوجين مساهمة كبيرة في العملية العسكرية الخاصة، وهذا الفضل لا يمكن أن ينتزعه أحد منه. وفاته خسارة كبيرة للدولة بأكملها. أتقدّم بالتعازي الصادقة لعائلة وأصدقاء يفغيني فيكتوروفيتش”.
- وأضاف قاديروف: في الآونة الأخيرة إمّا أنه (أي بريغوجين) لم ير أو لم يرغب في رؤية الصورة الكاملة لما يحدث في البلاد. لقد طلبت منه أن يتخلى عن الطموحات الشخصية في سبيل أمور ذات أهمية وطنية قصوى. وأن كل شيء آخر يمكن أن يتقرر في وقت لاحق، ولكنه كان كذلك، بشخصيته الحديدية ورغبته في تحقيق هدفه هنا وحالا”.
- خبير روسي يعتبر ان بريغوجين بطلا قوميا وان الروس يحبونه بصدق والدليل هو ان الاف الروس يضعون الورود في العديد من المدن الروسية في أماكن خصصت لذكرى بريغوجين واوتكين.
- رئيس مركز استشارات سياسية يفغيني مينتشينكو: الانطباع الأول هو ان أجهزة الامن الروسية تعمل بشكل جيد والثاني هو المتنافسون يتقاتلون في روسيا والثالث الانتقام من قبل أعداء بريغوجين مثلا الاوكران ويعتقد ان أسباب الحادث ومقتل بريغوجين لن تعرف ابدا.
- مدير معهد الدراسات السياسية سيرغي ماركوف: يعتقد ان الاحتمال الأقوى هو ان المخابرات الأوكرانية هي المسؤولة عن مقتل بريغوجين ويستبعد مسؤولية وزارة الدفاع الروسية عن الحادث
- دميتري سيفريوكوف- مدون في تيليغرام: يمكن ان نفكر بمسؤولية أجهزة الاستخبارات العالمية المختلفة الامريكية والانجليزية لزرع الفوضى واليأس في نفوس الروس، ولكن لا يمكن اغفال الوضع السياسي الدقيق في روسيا. وهذا الحادث لن يضيف استقرارا ولا تضامنا مجتمعيا، علما ان الموت قد يوحد الناس ويدفعهم للتقارب
- الإعلامي الروسي كيريل شوليكا: كان بريغوجين من أكثر الناس الذين لديهم أعداء وكان يعرف ان هذا سينتهي يوما ما، ولكنه كان يحب الظهور الإعلامي.
خبراء حول مقتل بريغوجين وقادة فاغنر:
- يرى خبراء روس موالون للسلطات الروسية بأن المخابرات الاوكرانية وراء الحادث، وربطوا بينها وبين بمناسبة عيد استقلال اوكرانيا يوم 24 أغسطس/آب 2023. وكون يوم 24 فبراير/شباط 2022يوم بدء العملية العسكرية ولان تمرد بريغوجين حدث في مثل ذلك اليوم أي في 24 يونيو/حزيران 2023. وقال السياسي والمحلل سيرغي ماركوف بأن أوكرانيا ستفرح كثيراً بمقتل بريغوجين. واللافت ان الكثير من المحللين السياسيين والعسكريين المختصين بالشأن الروسي والأوكراني تحدثوا عن احتمال حدوث شيء كبير في يوم 24 أغسطس بعد مرور شهرين بالضبط على تمرد بريغوجين
- الى الان لم يصدر موقف رسمي من الكريملين او أي جهة رسمية عسكرية او امنية حول أسباب الحادث.
- يبدو أن بريغوجين بالغ في قدراته مستغلا علاقاته القوية مع الكريملين ولتأسيسه منظمة عسكرية قوية خدمت الدولة الروسية منذ 2014 في أوكرانيا وفي افريقيا والشرق الأوسط.
- يعتبر مقتل بريغوجين مكسبا للجانب الاوكراني كون مقاتلي فاغنر قاتلوا في الجبهة الأوكرانية بحرفية عالية.
- اكتسب بريغوجين شعبية كبيرة بين الروس المتحمسين للحرب في أوكرانيا، ولذلك فإن مقتله هو ومساعده الأيمن الجنرال اوتكين، ومن الممكن ان تكون تبعات لهذا الحادث.
- يرى خبراء روس بأن مقتل بريغوجين لا يصب في مصلحة القيادة الروسية لأن مقتله سيعطيه أهمية معنوية أكبر من بقائه على قيد الحياة ومتابعة نشاطه في افريقيا البعيدة عن روسيا. ومع ذلك لا يمكن استثناء معاقبة بريغوجين على تمرده وخيانته للقيادة الروسية.
9- ما هو مصير مجموعة فاغنر بعد رحيل بريغوجين ومساعده العسكري اوتكين
- سُئل يفغيني بريغوجين، مؤسس وقائد شركة “فاغنر” العسكرية الروسية الخاصة في مايو 2023، عما إذا كان خائفاً من الموت؟ أجاب الرجل ذو القلب القوي والذي أسس إمبراطورية من المؤسسات الشرعية وغير الشرعية في العالم على الفور: “ليس عليك أن تنظر إلى الوراء عندما تموت، فكلنا نموت في وقت ما”.
- وهكذا وبعد مضي يوم كامل على مصرع بريغوجين ورفاقه، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تعازيه لأسر ضحايا حادث تحطم الطائرة التي كان على متنها مؤسس مجموعة فاغنر في مقاطعة تفير الروسية.
سيناريوهات مصير فاغنر بعد بريغوجين!
- السيناريو الأول وهو الأقوى: هو انبثاق قيادة جديدة لهذه الميليشيات من بين صفوف القيادات الوسطى، تتولى قيادتها وإكمال مسيرتها، بتمويل علني من الدولة الروسية ومن عشرات الشركات التجارية التي تركها بريغوجين في روسيا وفي عدد من دول أفريقيا وسوريا وغيرها، وهذا السيناريو محتمل جدا لأن روسيا في حالة حرب مستمرة مع أوكرانيا والغرب وهي بحاجة لهذه القوة العسكرية المؤازرة، التي يمتلك عناصرها خبرات قتالية كبيرة اكتسبوها ميدانيا، كما أن موسكو بحاجة لقوات فاغنر وانتشارها الواسع في أفريقيا لدعم منافستها هناك للقوى الغربية وخاصة فرنسا.
- السيناريو الثاني: انضم عناصر فاغنر الذين ما زالوا على الأراضي الروسية الى الجيش الروسي وفق المخطط الذي لم يوافق عليه بريغوجين وأركانه قبيل تمردهم في يونيو الماضي، أما عناصر فاغنر المنتشرين على أراضي بيلاروسيا فقد يكونوا انضموا الى الجيش البيلاروسي، ليكونوا كقوة دعم وصدم في مواجهة أي غزو للأراضي البيلاروسية من قبل قوات المعارضة التي يجري تدريبها في الدول المجاورة، لا سيما في بولندا ودول البلطيق، وتقديم دعم لوجستي من قبل الحكومة الروسية للعناصر المنتشرين في أفريقيا
- السيناريو الثالث وهو الاضعف: حلّ شركة فاغنر قانونيا وتصفية ممتلكاتها وأسلحتها، وإرسال عناصرها إلى منازلهم أو تركهم لمصيرهم، وهذا أخطر السيناريوهات المفترضة، لأن هؤلاء تمرسوا في القتال والأعمال الحربية، ولم يعد من السهولة بمكان إعادتهم إلى الحياة المدنية، لذلك قد يتحولون إلى مصدر اضطرابات وقلائل، على غرار ما حصل مع المقاتلين العرب الذين عادوا من افغانستان بعد انتهاء الجهاد هناك، ليقضوا مضاجع حكام الدول التي انطلقوا منها والعالم بأسره.
- يتوقع المراقبون بأنه من المحتمل أن نشهد في الاوقات القادمة مفاجآت غير متوقعة حول حادث مقتل بريغوجين.