خاص موقع كارون الثقافي- حامد الكناني- بالرغم من اعتماد سياسة اخفاء الوثائق واحيانا تدميرها بضوء أخضر من قبل الحكومات البريطانية والإيرانية، وذلك تمهيدا لفبركة تاريخ إيراني جديد يساعد على صهر الشعب العربي الأحوازي وباقي الشعوب غير الفارسية في البوتقة الفارسية؛ يعثر الباحث الأحوازي احيانا على وثائق هامة تفند رواية المحتل وتؤكد دور الحاكم العربي الأحوازي على ممارسة السيادة على أرضه التأريخية وتنظيم علاقاته الخارجية وفق مصالح بلاده بعيدا عن تدخل مباشر من قبل حكام بلاد فارس. وأن تبعية عربستان إلى بلاد فارس لم تكن سوا تبعية أسمية للتاج القاجاري ولم تشكل الأحواز جزءا من الأراضي الفارسية. مثلها مثل دول الكومنولث التابعة للتاج البريطاني وهي مجموعة من الدول ذات السيادة المستقلة والتي نالت استقلالها عن المملكة المتحدة لكنها تتبع ملكة بريطانيا في أمور الدفاع فقط ومنها استراليا و كندا ونيوزلندا وغيرها. وهكذا كانت علاقة عربستان ببلاد فارس هي علاقة دفاع مشترك ولذلك منحت الدولة القاجارية لقب (نصرة الملك ويعني حليف ومناصر لبلاد فارس) للشيخ جابر بن مرداو، ومنحت الدولة القاجارية نفس اللقب لخليفته الشيخ مزعل بن جابر، ولقب (امير تومان ويعني القائد الذي تحت امرته عشرة الأف مقاتل) للشيخ خزعل بن جابر. كما لم نجد وثيقة واحدة في أرشيف الحكومات القاجارية تشير لنشاطات كانت تقوم بها وزارات بلاد فارس سوا وثائق تابعة للوزارة الخارجية الإيرانية تعود لمكتب (كارگذاری عربستان) وكانت مهمة هذا المكتب هي التنسيق مع حاكم الأحواز في الأمور الدفاعية و القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ومن خلال البحث على صفحات الانترنيت وجدت اخيرا عدة وثائق ومنها هذه الوثيقة وهي تقرير لمراسل صحيفة العراق سنة 1921 حول الاحتفال الجماهيري لأهل البصرة بعد سماعهم خبر قدوم الأمير فيصل بن الحسين قادما من ميناء جدة مرورا بالمحمرة عاصمة الأحواز أنذاك ومقر اقامة حاكمها الشيخ خزعل بن جابر، حيث تؤكد هذه الوثيقة عمق العلاقات الأخوية بين الأمراء العرب وان الأمير فيصل بعد اختياره ملكا على العراق قام بزيارة المحمرة ليقدم الشكر شخصيا لامير الأحواز الشيخ خزعل الذي كان مرشحا لاعتلاء عرش العراق لكنه تنازل لصالح الأمير فيصل بن الحسين حينها. الواضح ان الجريدة تصف الملك فيصل بالأمير وهذا يعني ان مراسم تتويج الملك لم تتم حينها، فالتقرير نشر في 28 يونيو ومراسم التتويج تمت في 23 أغسطس سنة 1921. كما يتحدث التقرير عن جمال ضفاف شط العرب وفخامة القصور المطلة على ضفتيه لاسيما قصور الشيخ خزعل. لم يبقى اليوم من تلك القصور إلا اطلال دمرت بفعل مرور الزمن والحروب. كما تلوثت البيئة في حوض شط العرب ومياهه. واما قصور الشيخ خزعل قد دمرت بفعل العنصرية الفارسية ومنها قصر الفيلية الذي دمر قبل سنوات.
نوع الوثيقة: تقرير صحفي لمراسل صحيفة العراق بغداد
موضوع الوثيقة: تقرير حول الاحتفالات في ميناء البصرة لاستقبال الملك فيصل الأول
التاريخ: الثلاثاء 28 حزيران 1921
المكان: ميناء البصرة جنوب العراق
مصدر الوثيقة،الصفحة الأولى من جريدة العراق، العدد 329، الثلاثاء 28 حزيران سنة 1921
«الاحتفالات في البصرة »
«بقدوم سمو الأمير فيصل»
«المظاهرة النهرية لقدوم سموه»
« لمندوب العراق الخاص هناك»
لما علم البصريون إن الأمير سيصل البصرة الساعة السادسة زواليه من يوم الخميس هيأوا مركب (اكبري) وبضعة زوارق بخارية بعد ان زينوها بالاعلام الحجازية العربية فركب فيها جمع غفير من شبيبة أهل البصرة واشرافها واعيانها وقد دعيت للذهاب معهم في تلك الباخرة لنستقبل الأمير من المحمرة فذهبنا إلى شط العرب ومنه ركبنا في تلك الباخره التي كانت تختال في ذلك النهر العظيم الجميل كأنها عروس من اجمل العرائس تسير في ليله زفافها.
وكان في السفينه جوق من الموسيقى الوطنيه تصدح بالانغام الأهليه ومن وقت إلى آخر نرى الشبيبة الوطنية تهتف بأسم الأمير فيصل والأمه العربية. وقد سحرني منظر شط العرب. يا الله ما اجمل هذا النهر. انه لمن اجمل الأنهار ان لم اقل اجملها. سرنا من العشار الى منتهى قصور الشيخ خزعل خان فلم تر شبرا من الشاطئين ليس فيه من الاشجار والنخيل ما يبهج منظرها النفوس. وقد اخبرني كثير من الاصدقاء البصريين بان هذه الاشجار والنخيل ممتدة من (القرنة) إلى (الفاو) بدون انقطاع . ومما رأيته في شط العرب ولم اراه في دجله والفرات هو الجانبين مستقيمان تمام الاستقامه وليس فيهما شاطئ ولا جرف هار ولا علو ولا انخفاض كأن الطبيعه قد ساوت ذينك الجانبين بمسطره من القدره. وقد عزوت سبب ذلك الى المد والجزر ووقتاهما معينان لا يتغيران فيسببا استقامة الشاطئين وقد تمتعنا بمناظر القصور الفخمة على ضفتي شط العرب وأشهرها قصر عبد الوهاب باشا القرطاس وقصر آغا جعفر وقصر النعمة وقصور النقيب و افخم القصور جميعا قصور السردار الشيخ خزعل خان فأنها افخم قصور العراق واحسنها منظرا.
لقد صادفنا باخرة سمو الأمير الساعة الرابعة تقريبا فاصطف الجميع وهتفوا ولكن الأمير وحاشيته كانوا نائمين في ذلك الوقت فلم يشعروا بنا الا بعد ان ابتعدت الباخرة عنا فلم نتمكن من الانتقال إلى الباخرة لنسلم على سموه حينئذ.
ثم رجعنا فرأينا صفوف الناس مصطفين على الشاطئين يصفقون لمركبنا اذ علموا انه يقصد اظهار السرور بقدوم سمو الأمير.
-----------------------------
عند الاقتباس او النشر يرجئ الاشارة للمصدر: موقع كارون الثقافي-حامد الكناني