“العرب يسمّونني الكاهنة، أي الساحرة، يعرفون أنني أكلّمكم وأنكم تستمعون إليّ، يندهشون لرؤية امرأةٍ تحكمكم، لأن النساء كنّ يُبَعن في أسواق الجواري. بالنسبة لهم، أجمل فتاة ليست إلّا سلعة، ليس لها الحقّ في أن تتكلّم أو يستمع إليها أحد. المرأة الحرّة تخيفهم، وأنا في نظرهم هي الشيطان”.
… كانت هذه كلماتٌ للكاتب الجزائري كاتب ياسين، على لسان الملكة ديهيا. وردت في روايته “نجمة” الصّادرة سنة 1956.
خضعت شخصية ديهيا للكثير من التّجاذبات الأيديُولوجِية، حيثُ شيطَنها العربُ وصوّروها على أنّها ساحِرة تستخدمُ الجنّ في حرُوبها؛ وأنّها حاربت الإسلام والمسلمين. كما قام بعضُ الأمازيغ بأدلجة هذه الشّخصية وأسطرتها، فضلاً عن المُبالغات الجمّة التي طوّقُوا بها هذا “الرّمز” الأمازيغي والإنساني المشترك.
رأت ديهيا، أو تيهيا أو ديا، النّور في عام 585م. في الوقتِ الذي وُلِدت فيه، لم تكن هناك حدود في شمال أفريقيا، بل كانت المنطقة عبارة عن حفنة من القبائل، كصنهاجة وزناتة ومصمودة، يجمعُها قاسم مشترك هو الأمازيغية. “قبائلُ لم تعرف هدوءً ولا استقراراً إلّا في فتراتٍ قليلة. لذلك، امتدّ تحرّكها المستمرّ حتى دخول العرب إلى شمال إفريقيا، ولذلك أيضاً كانت قبائل محاربةً بطبعها”، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة TRT عربي عن ديهيا.
تضاربت الآراء بخصوص ديانتها، فثمّة من اعتبرها يهودية، وهناك من قال إنها وثنية، بذريعة أنّ الديانة اليهودية، وقتئذٍ، كانت محصورة بين التجار اليهود في المدن الرومانية، ونظرا أيضا للطوق والحصار الذي فرض على تحركات ومعابد اليهود.
خَلَفَتْ الملك “كُسَيلة” في حكم الأمازيغ بشمال أفريقيا سنة 680م، أي عندما كانت تبلغُ من العمر 95 ربيعاً. وظلّت عاصمتها طيلة فترة حُكمها، هي مدينة خنشلة في جبال الأوراس، بالجزائر حالياً.
ورد في رِوايات المؤرّخين أنّ القبائل الأمَازيغية أجمعت على تولية “ديهيا” أمرها، غداة أن خطفت الموتُ ملكهم “كسيلة”. إذ التّقاليد الأمازيغية القديمة، كانت تقتضي أن يقوم مجلس القبائل بالتصويت عند وفاة الحاكم لاختيار حاكم جديد.
مكّنتها حنكتُها، قوتها، كارزميتها وكذلك شَجاعتُها، من توحيد القبائل الأمازيغية تحت ظلّها لمواجهة الرّومان ومن بعدهم العرب المسلمين.
حسب بعض المراجع التاريخية، قادَت الملكة ديهيا عدّة حملاتِ ومعارك ضدّ الرّومان والعرب والبيزنطيين، بغيةَ استعادة الأراضي الأمازيغية التي استولوا عليها في أواخر القرن السادس ميلادي.
المثير أنّ حُكمُ ديهيا تزامنَ مع حكم الخَليفة عبد الملك ابن مروان، الذي أراد استئناف خطّة الفتو حات الاسلامية والغزوات العربية لتطويع المزيد من الشّعوب غير المسلمة.
حين سَمعتْ ديهيا بخبر تقدّم جيش حسان نحوها، سارعت إلى تحرير مدينة خنشلة من الاحتلال الروماني، وطردت منها الروم، ثم هدمت حصونها لكي لا يحتمي بها جيش حسّان.
في سنة 693م، واجهت ديهيا جيش ابن النعمان في معركة بجاية، واستطاعت أن تهزمه، مجبرةً إياه على الخروج من تونس وطرابلس، ليستقر في برقة الليبية منتظراً المَدَد من الخليفة الأموي.
مع ذلك، لم تسعَ الملكة ديهيا إلى تخريب أرض المسلمين، ولم تلمس القيروان بسوء ولم تقتل المسلمين المتواجدين بها ولا قامت بالتنكيل بهم ثأراً وانتقاما من ما “يكِيدهُ” العربُ لأرضها!
بعدها، سيطرت ديهيا على شمال أفريقيا زهاء خمس سنوات، وهناك روايات تشير إلى كون مملكتها، تشكّل، اليوم، جزءاً من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا.
تميّزت بحسّ إنساني وسلُوك حضاري تمثّل، وفق المُؤرخين، في إفراجها عن جميع الأسرى، الذين بلغ عددهم الثّمانين أسيراً، دون تعذيبهم. بيد أنّها قرّرت الاحتفاظَ بأسير عربي واحد، فكان خالد بن يزيد القيسي، الذي تبنته وأقام عندها وعاش مع أبنائها الآخرين، والذي تتهمه بعض الرّويات بأنّه هو الذي كان يزوّد الأمويين بمعلومات استخباراتية عن الكاهنة.
تمكنت ديهيا من إفشال “الفتح” الإسلامي، بالأحرى تأجيله؛ إذ بعد خمس سنواتٍ تأكّدت أن الزحف العربي قادم من جديد، وأدركت حينئذٍ، أنه ليس بمقدورِها صدّه كما السّابق، فلجأت لسياسة “الأرض المحروقة”.
كانت “الأرض المحروقة”، استراتيجيةً لتخريب جميع المُدن والضِّياع، لأنها كانت تؤمنُ أن “الفُتوحات” لها غاية “استنزاف” ثروات شمال أفريقيا و”السّطو” على خيراتها.
أمرت ديهيا بقطع الأشجار وهدم الحصون وحرق المحاصيل من طرابلس إلى طنجة، الأمر الذي أثَار حفيظة الأفارقة، الذين بدأوا يعتقدون أن الملكة قد جُنَّت، فانفضّوا من حولها، وهاجر كثيرون للأندلس.
أسفرت هذهِ السّياسة أيضا على تشرذم الأمازيغ، ما أدّى، بالتّبعة، إلى إضعاف ديهيا، وبالتالي إلى انهزامها في المعركة الثانية ضدّ حسّان بن النّعمان.
علّقت على ذلك الباحثة نضار الأندلسي، قائلةً: “إذا ما كان في وُسعنا أن نصِف مسار الكاهنة الحَربي في صراعها مع الفاتحين، فإننا نقول إنها ملكة وفي الوقت نفسه تخطط للمعارك وتنفذ استراتيجيتها وتتولى القيادة العسكرية. ويبدو أنها دافعت حتى النفس الأخير عن وطنها بالحديد والنار، وفرضت حُكمها بالقوة جعلتها تتمتع بهيبة، وانتهى بها الحال إلى إحراق كل الموارد الطبيعية التي كانت مطمع العرب، لكن قَتلها شكَّل هزيمة منكرة لأتباعها، فقُتل من قُتل وهرب من هرب”.
قُتلت ديهيا بمعركة “بئر الكاهنة”، سنة 82 هـ الموافقة لـ 701م، بعد أن خاضت المعركة ضد الجيوش الإسلامية بشجاعة ، رافضةً دعوات الهرب والاختباء خلفَ التّضاريس الوعرة.
… لقد تمّ قطعُ رأسها وأُرسل إلى بغداد بالمشرق. وكان هذا الإسراف في التمثيل بجثتها، رغبةً في الانتقام من صوت امرأة قالت لا وجَرّعت “الفاتحين” مرارة الهزيمة، كما أنه إشارة قوية لشتى أشكال المقاومة التي يمكن أن تطفو إلى السّطح في المستقبل!
“الحروبُ التي خاضتها النّساء عبر التاريخ لم تكن من أجل الاستعمار، بل من أجل المقاومة، وديهيا لم تخض الحرب من أجل الحرب، بل من أجل الدفاع عن أرضِها”، يقول أحمد عصيد في وثائقيّ عن الكاهنة.
مُضيفاً، أنّ الملكة ديهيا ترمُز أيضاً للحب والحنان، وقصتها ملهمة ومؤثّرة جداً وغنيّة دراميا…”وصورتها هي صورة المرأة في المجتمع الأمازيغي القديم.”
عرفانا لما قدّمته هذه المرأة للتاريخ والنّضال والموت من أجل الأرض والوطن، قامت جمعية أوراس الكاهنة بتنصيب تمثال طوله 1.80 سنتمتر لبطلتهم القومية وسط بلدية بغاي بالجزائر، سنة 2003.
وفي المغرب، فقد زيّنتْ، بدء من الأسبوع الأول من مارس 2021، جداريةٌ ضخمة للملكة الأمازيغية “ديهيا”، شوارع آيت ورير.
------------
مرايانا
… كانت هذه كلماتٌ للكاتب الجزائري كاتب ياسين، على لسان الملكة ديهيا. وردت في روايته “نجمة” الصّادرة سنة 1956.
خضعت شخصية ديهيا للكثير من التّجاذبات الأيديُولوجِية، حيثُ شيطَنها العربُ وصوّروها على أنّها ساحِرة تستخدمُ الجنّ في حرُوبها؛ وأنّها حاربت الإسلام والمسلمين. كما قام بعضُ الأمازيغ بأدلجة هذه الشّخصية وأسطرتها، فضلاً عن المُبالغات الجمّة التي طوّقُوا بها هذا “الرّمز” الأمازيغي والإنساني المشترك.
“إن كنتم تزعمون أنكم جئتم برسالة من الله، فأعطونا إياها وارحلوا”.لا، لم تكن ديهيا ملكةً فحسب، بل، أيضاً، قائدة عسكرية خلفت الملكَ أكسيل، وحكمت الأمازيغ وشمال إفريقيا. حفرت اسم المرأة الأمازيغية بآهات السّيوف وأوردتها، غصباً عن التاريخ، في سجل النجاح والتّخليد. كما انتزعت إجماع الرّواة على أنّها… كانت من أشد النّساء بأساً عبر العُصور.
رأت ديهيا، أو تيهيا أو ديا، النّور في عام 585م. في الوقتِ الذي وُلِدت فيه، لم تكن هناك حدود في شمال أفريقيا، بل كانت المنطقة عبارة عن حفنة من القبائل، كصنهاجة وزناتة ومصمودة، يجمعُها قاسم مشترك هو الأمازيغية. “قبائلُ لم تعرف هدوءً ولا استقراراً إلّا في فتراتٍ قليلة. لذلك، امتدّ تحرّكها المستمرّ حتى دخول العرب إلى شمال إفريقيا، ولذلك أيضاً كانت قبائل محاربةً بطبعها”، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة TRT عربي عن ديهيا.
قام بعضُ الأمازيغ بأدلجة هذه الشّخصية وأسطرتهاحسب التقرير، فإنّه ليست ثمّة مصادر تاريخية تنقل صوراً دقيقة من طُفولة ديهيا، بيد أن جملةً من الباحثين في التاريخ والثقافة الأمازيغية، ذهبوا إلى أنّ كلّ ما وجد… أنّ “الكاهنة تلقّت تكويناً خاصّاً بأبنَاء الزّعماء والقَادة. تكوين عسكري وثقافي”، أهّلها لترِث حكم “جراوة” عن والدِها لاحقاً.
تضاربت الآراء بخصوص ديانتها، فثمّة من اعتبرها يهودية، وهناك من قال إنها وثنية، بذريعة أنّ الديانة اليهودية، وقتئذٍ، كانت محصورة بين التجار اليهود في المدن الرومانية، ونظرا أيضا للطوق والحصار الذي فرض على تحركات ومعابد اليهود.
خَلَفَتْ الملك “كُسَيلة” في حكم الأمازيغ بشمال أفريقيا سنة 680م، أي عندما كانت تبلغُ من العمر 95 ربيعاً. وظلّت عاصمتها طيلة فترة حُكمها، هي مدينة خنشلة في جبال الأوراس، بالجزائر حالياً.
ورد في رِوايات المؤرّخين أنّ القبائل الأمَازيغية أجمعت على تولية “ديهيا” أمرها، غداة أن خطفت الموتُ ملكهم “كسيلة”. إذ التّقاليد الأمازيغية القديمة، كانت تقتضي أن يقوم مجلس القبائل بالتصويت عند وفاة الحاكم لاختيار حاكم جديد.
كيف قُتلت ديهيا إذن؟يقول ابن خلدون في كتاب “العبر وديوان المبتدأ والخبر في أخبار العرب والعجم والبربر”: “اضطرمت إفريقية ناراً وافترق أمرُ البربر وتعدّد سلطانهم في رؤسائهم وكان أعظمهم شأناً يومئذٍ ديهيا بنت ماتيا بن تيفان ملكة جبل أوراس وقومها من جراوة ملوك البتر وزعماؤهم.”
… لقد تمّ قطعُ رأسها وأُرسل إلى بغداد بالمشرق.
مكّنتها حنكتُها، قوتها، كارزميتها وكذلك شَجاعتُها، من توحيد القبائل الأمازيغية تحت ظلّها لمواجهة الرّومان ومن بعدهم العرب المسلمين.
حسب بعض المراجع التاريخية، قادَت الملكة ديهيا عدّة حملاتِ ومعارك ضدّ الرّومان والعرب والبيزنطيين، بغيةَ استعادة الأراضي الأمازيغية التي استولوا عليها في أواخر القرن السادس ميلادي.
المثير أنّ حُكمُ ديهيا تزامنَ مع حكم الخَليفة عبد الملك ابن مروان، الذي أراد استئناف خطّة الفتو حات الاسلامية والغزوات العربية لتطويع المزيد من الشّعوب غير المسلمة.
”صورة ديهيا هي صورة المرأة في المجتمع الأمازيغي القديم.”تمّ اختيار حسان بن النعمان لقيادة “فتح” شمَال أفريقيا. بعد أن تمكّن من “غزو” مدينة القيروان و”احتلالها”، وطرد بقايا البيزنطيين من قرطاج، حاول أن ينتقِل إلى القبائل التي تخضعُ لحُكم الملكة ديهيا الملقّبة بالكاهنة!
حين سَمعتْ ديهيا بخبر تقدّم جيش حسان نحوها، سارعت إلى تحرير مدينة خنشلة من الاحتلال الروماني، وطردت منها الروم، ثم هدمت حصونها لكي لا يحتمي بها جيش حسّان.
في سنة 693م، واجهت ديهيا جيش ابن النعمان في معركة بجاية، واستطاعت أن تهزمه، مجبرةً إياه على الخروج من تونس وطرابلس، ليستقر في برقة الليبية منتظراً المَدَد من الخليفة الأموي.
مع ذلك، لم تسعَ الملكة ديهيا إلى تخريب أرض المسلمين، ولم تلمس القيروان بسوء ولم تقتل المسلمين المتواجدين بها ولا قامت بالتنكيل بهم ثأراً وانتقاما من ما “يكِيدهُ” العربُ لأرضها!
بعدها، سيطرت ديهيا على شمال أفريقيا زهاء خمس سنوات، وهناك روايات تشير إلى كون مملكتها، تشكّل، اليوم، جزءاً من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا.
تميّزت بحسّ إنساني وسلُوك حضاري تمثّل، وفق المُؤرخين، في إفراجها عن جميع الأسرى، الذين بلغ عددهم الثّمانين أسيراً، دون تعذيبهم. بيد أنّها قرّرت الاحتفاظَ بأسير عربي واحد، فكان خالد بن يزيد القيسي، الذي تبنته وأقام عندها وعاش مع أبنائها الآخرين، والذي تتهمه بعض الرّويات بأنّه هو الذي كان يزوّد الأمويين بمعلومات استخباراتية عن الكاهنة.
تمكنت ديهيا من إفشال “الفتح” الإسلامي، بالأحرى تأجيله؛ إذ بعد خمس سنواتٍ تأكّدت أن الزحف العربي قادم من جديد، وأدركت حينئذٍ، أنه ليس بمقدورِها صدّه كما السّابق، فلجأت لسياسة “الأرض المحروقة”.
كانت “الأرض المحروقة”، استراتيجيةً لتخريب جميع المُدن والضِّياع، لأنها كانت تؤمنُ أن “الفُتوحات” لها غاية “استنزاف” ثروات شمال أفريقيا و”السّطو” على خيراتها.
مكّنتها حنكتُها، قوتها، كارزميتها وكذلك شَجاعتُها، من توحيد القبائل الأمازيغية تحت ظلّهالم تكن ديهيا تقبلُ فكرة أن “الفُتُوحات” لها غَاية نشر الدّين الإسلامي في كُل الأقطار، ولذلك تُنسبُ لها مقولة: “إن كنتم تزعمون أنكم جئتم برسالة من الله، فأعطونا إياها وارحلوا”.
أمرت ديهيا بقطع الأشجار وهدم الحصون وحرق المحاصيل من طرابلس إلى طنجة، الأمر الذي أثَار حفيظة الأفارقة، الذين بدأوا يعتقدون أن الملكة قد جُنَّت، فانفضّوا من حولها، وهاجر كثيرون للأندلس.
أسفرت هذهِ السّياسة أيضا على تشرذم الأمازيغ، ما أدّى، بالتّبعة، إلى إضعاف ديهيا، وبالتالي إلى انهزامها في المعركة الثانية ضدّ حسّان بن النّعمان.
علّقت على ذلك الباحثة نضار الأندلسي، قائلةً: “إذا ما كان في وُسعنا أن نصِف مسار الكاهنة الحَربي في صراعها مع الفاتحين، فإننا نقول إنها ملكة وفي الوقت نفسه تخطط للمعارك وتنفذ استراتيجيتها وتتولى القيادة العسكرية. ويبدو أنها دافعت حتى النفس الأخير عن وطنها بالحديد والنار، وفرضت حُكمها بالقوة جعلتها تتمتع بهيبة، وانتهى بها الحال إلى إحراق كل الموارد الطبيعية التي كانت مطمع العرب، لكن قَتلها شكَّل هزيمة منكرة لأتباعها، فقُتل من قُتل وهرب من هرب”.
قُتلت ديهيا بمعركة “بئر الكاهنة”، سنة 82 هـ الموافقة لـ 701م، بعد أن خاضت المعركة ضد الجيوش الإسلامية بشجاعة ، رافضةً دعوات الهرب والاختباء خلفَ التّضاريس الوعرة.
سيطرت ديهيا على شمال أفريقيا زهاء خمس سنوات، وهناك روايات تشير إلى كون مملكتها، تشكّل، اليوم، جزءاً من الجزائر وتونس والمغرب وليبياكيف قُتلت ديهيا إذن؟
… لقد تمّ قطعُ رأسها وأُرسل إلى بغداد بالمشرق. وكان هذا الإسراف في التمثيل بجثتها، رغبةً في الانتقام من صوت امرأة قالت لا وجَرّعت “الفاتحين” مرارة الهزيمة، كما أنه إشارة قوية لشتى أشكال المقاومة التي يمكن أن تطفو إلى السّطح في المستقبل!
“الحروبُ التي خاضتها النّساء عبر التاريخ لم تكن من أجل الاستعمار، بل من أجل المقاومة، وديهيا لم تخض الحرب من أجل الحرب، بل من أجل الدفاع عن أرضِها”، يقول أحمد عصيد في وثائقيّ عن الكاهنة.
مُضيفاً، أنّ الملكة ديهيا ترمُز أيضاً للحب والحنان، وقصتها ملهمة ومؤثّرة جداً وغنيّة دراميا…”وصورتها هي صورة المرأة في المجتمع الأمازيغي القديم.”
عرفانا لما قدّمته هذه المرأة للتاريخ والنّضال والموت من أجل الأرض والوطن، قامت جمعية أوراس الكاهنة بتنصيب تمثال طوله 1.80 سنتمتر لبطلتهم القومية وسط بلدية بغاي بالجزائر، سنة 2003.
وفي المغرب، فقد زيّنتْ، بدء من الأسبوع الأول من مارس 2021، جداريةٌ ضخمة للملكة الأمازيغية “ديهيا”، شوارع آيت ورير.
------------
مرايانا