وسبق ذلك استهداف مماثل لمطار حلب ومحيطه في 31 آب/ أغسطس تسبب بأضرار مادية لبعض أبنية المطار، واستهداف آخر لمطار دمشق الدولي في حزيران/ يونيو الماضي، ما أدى لخروج مهابط الطائرات عن الخدمة أيضًا، وتعليق الرحلات الجوية القادمة والمغادرة وتحويلها إلى مطاري حلب واللاذقية لنحو 3 أسابيع.
1. الواضح هو أن استهداف المطارين، لا يخرج عن إطار الاستراتيجية الإسرائيلية الثابتة والمتعلقة باستهداف الوجود الإيراني في سوريا، وطرق إمداد المليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان، إلا أن اللافت هذه المرة هو استهداف نقاط ارتكاز لا تستخدمها المليشيات الإيرانية فحسب، وإنما تستخدم للنقل المدني كذلك، وهو ما يعني توجيه رسائل إسرائيلية لأطراف متعددة، منها لنظام الأسد وأن تل أبيب لن تتغاضى عن التسهيلات التي يقدمها للمليشيات الإيرانية، ومنها للدول الراغبة بتطبيع العلاقات مع النظام والبدء بمناقشة ملفات إعادة الأعمار، وأن تل أبيب لازالت تعتبر سوريا مسرح حرب وحديقة خلفية لعملياتها العسكرية ضد إيران، ولن ترضى بوقف عمليات الاستهداف والبدء بمشاريع إعادة الإعمار قبل إخراج المليشيات الإيرانية من سوريا، مع الإشارة هنا إلى أن المطارات تعد أهم مرافق البنى التحتية الاستراتيجية التي من المفترض الاعتماد عليها في أي خطوة في ملف إعادة الإعمار.
2. بحسب صحيفة “بديعوت أحرنوت” الإسرائيلية فإن تل أبيب أبلغت نظام الأسد أنه ليس هو المستهدف في هجمات مطار حلب الدولي، وإنما الهدف من الهجمات هو المليشيات الإيرانية التي تستخدم المطار في النقل والإمداد، وهو ما يشير إلى أن تل أبيب تحاول عبر هذه الهجمات وقنوات الاتصال التي تملكها، دق أسفين بين نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين، من خلال اللعب على وترين؛ وتر الاستهداف من جهة، ووتر التطمينات من جهة أخرى.
3. لا شك أن التصعيد الإسرائيلي الأخير المتمثل باستهداف مطاري دمشق وحلب الدوليين، يرتبط بمتغيرين رئيسين خارج الملف السوري هما:
أ. التوتر الروسي ـ الإسرائيلي على خلفية الحرب الأوكرانية.
ب. إخفاق المفاوضات النووية بعرقلة التقدم المتسارع لإيران نحو امتلاكها السلاح النووي.
المتغيرات السابقة تزيد فرصة ارتفاع وتيرة التصعيد الإسرائيلي المدفوع أمريكيًا تجاه الوجود الإيراني في سوريا مستقبلًا، خاصة في ظل استمرار التوتر الروسي ـ الإسرائيلي، وفشل المفاوضات النووية، كما أنه من المحتمل أن نشهد تحركا بريًا في الجنوب السوري، بتنسيق دولي واسع مركزه قاعدة “التنف” الأمريكية، وذلك بهدف تغيير معادلة الصراع القائمة والتي تعد إيران الطرف الأقوى فيها، حيث تبدو مليشياتها قادرة على امتصاص الضربات الجوية المتكررة، والاستمرار بالتوغل في الجغرافية السورية على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والدينية.
داماس بوست - مركز مسارات للحوار والتنمية السياسية