نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الجرح الاوربي ...عميق

04/03/2025 - سوسن الأبطح

في دمشق نسيتُ الفوتوغراف

04/03/2025 - غطفان غنوم

هذا التصعيد الإسرائيلي على سورية

04/03/2025 - عبدالجبار عكيدي

الدين للجميع والوَطن للشعب

04/03/2025 - مضر رياض الدبس

الطائفة المظلومة في سوريا

02/03/2025 - ميشيل كيلو

لا تنخدعوا بأوهام تجربة نيلسون مانديلا

22/02/2025 - د.محيي الدين اللاذقاني

ماكس فيبر وسوريا الجديدة

22/02/2025 - غسان زكريا

حُباً بالسوريين.. وأملاً بسوريا

17/02/2025 - هوشيار زيباري


إعادة بناء سورية من الثورة إلى التجديد




كتب أحمد داود أوغلو مقالا طويلبا عن سوريا لكنه مهم للغاية ويضع خارطة طريق للأولويات التي على الادارة الجديدة أخذها بعين الاعتبار ، وهي تبني مؤسسا الدولة السورية في عهدها الجديد


احمد داوود اوغلو
احمد داوود اوغلو


مضى شهران على سقوط نظام بشّار الأسد الذي اشتُهر بجرائمه ضد الإنسانية. وبعد المعاناة والتضحيات الهائلة، حان الوقت للانتقال من المرحلة الاحتفالية للثورة السورية إلى مرحلة إعادة البناء الاستراتيجي، أي بناء سورية الجديدة منارة للسلام والاستقرار في المنطقة. وفي حين أن الثورات بطبيعتها تمثل تحدّياً، فإن الاختبار الحقيقي يكمن في معالجة قضايا ما بعد الثورة وبناء نظام عادل ومستقرّ لشعب دفع ثمناً باهظاً من أجل الحرية.

وبصفتي صديقاً ومؤيداً لسورية منذ زمن طويل، حيث تابعت من كثبٍ تطوّراتها عقوداً، فإنني أقدّم رؤيتي وتوصياتي للإدارة الجديدة بقيادة السيد أحمد الشرع، وكذلك للقادة الإقليميين والدوليين، إذ إن نجاح سورية في الانتقال من حالة الثورة إلى تشكيل إطار سياسي مستقرّ لن يؤمّن مستقبلها فحسب، بل سيجلب الاستقرار للمنطقة بأسرها. وعلى العكس من ذلك، قد يؤدّي الفشل في القيام بذلك إلى الفوضى والتدخل الأجنبي والحروب بالوكالة وصعود الإرهاب.

وتتطلب إعادة بناء سورية إلى تناول سبع ركائز أساسية لبناء نظام وطني جديد. الانسجام الثقافي والسياسي: المواءمة بين المواطنة والهوية الوطنية. إعادة التأهيل الاجتماعي: معالجة الصدمة العامة والأضرار وإعادة إدماج اللاجئين. الأسس الجيوسياسية: الموازنة بين الجغرافيا والأمن والاستقرار الوطني. التنمية الاقتصادية: معالجة الإنتاج والتوظيف والحد من الفقر. الشرعية الدستورية: ضمان الحرية والأمن والعدالة. التماسك المؤسّسي: بناء القوة الهيكلية والتنظيمية. التكامل العالمي والإقليمي: تعزيز العلاقات والفعالية الدولية.

يمثل كل عنصر من هذه العناصر تحدّياً واضحاً لإعادة بناء سورية دولة قومية. في الواقع، تواجه اليوم كل دول الشرق الأوسط تقريباً تحدّيات مماثلة بصفتها منطقة مجزّأة بسبب خريطة "سايكس بيكو" التي رسمتها القوى الاستعمارية البريطانية والفرنسية عام 1916، والتي تمزّقت أكثر بسبب إنشاء إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، وانقسمت خلال الحرب الباردة، واهتزّت بسبب الربيع العربي.

الانسجام الثقافي والسياسي: المواءمة بين المواطنة والهوية الوطنية
يتمثل أحد التحدّيات الرئيسية في بناء مجتمع متماسك وشامل في الفترة الانتقالية في المواءمة بين الهويات الثقافية والسياسية المتنوعة تحت إطار موحّد للمواطنة. وتتطلّب هذه العملية الاعتراف بالطبيعة التعدّدية للمجتمع واحترامها مع تعزيز الشعور المشترك بالانتماء والهوية الجماعية المتجذرة في الحقوق والمسؤوليات المتساوية.

ولتحقيق ذلك، من الضروري إنشاء آلياتٍ تحمي التنوّع الثقافي والتعدّدية السياسية مع تعزيز الحوار والمصالحة بين مختلف الطوائف. وينبغي أن تؤكّد السياسات مبادئ المساواة وعدم التمييز والشمولية، بما يضمن عدم شعور أي مجموعةٍ بالتهميش أو الإقصاء من الهوية الوطنية. ويجب أن تشمل عملية المواءمة أيضاً إصلاح الأطر القانونية والمؤسّسية لتعكس قيم المواطنة بدلاً من التقسيمات الطائفية أو العرقية. ويمكن أن يلعب التعليم والإعلام ومبادرات المجتمع المدني دوراً محورياً في غرس ثقافة الوحدة والاحترام المتبادل، وإرساء أسس لمستقبلٍ مستقرٍّ وديمقراطي.

من الضروري إنشاء آلياتٍ تحمي التنوّع الثقافي والتعدّدية السياسية مع تعزيز الحوار والمصالحة بين مختلف الطوائف

هناك حقيقة تاريخية واضحة يجب أن يعترف بها كل من يحاول إقامة نظام سياسي في المنطقة أو الحفاظ عليه: إن منطقة الشرق الأوسط هي إحدى المناطق التي ينعكس فيها التنوع الثقافي للبشرية بشكل عميق على مسرح التاريخ. ولا يمكن للدول غير القادرة على المواءمة بين الهويات الثقافية والسياسية أن تحافظ على وجودها مهما كانت قوتها العسكرية. فانهيار كل من نظام البعث/ صدام في العراق، ونظام البعث/ الأسد في سورية نابعٌ، في المقام الأول، من اعتمادهما على التضامن الطائفي داخل الأيديولوجيا البعثية، الأمر الذي أعاق تطوير حسّ المواطنة المشتركة.

القضية الأكثر إلحاحاً وأساسية في سورية اليوم هي الشروع الفوري في عملية مصالحة وطنية شاملة، تهدف إلى تعزيز الشعور المشترك بالهوية. ولا يمكن تضميد الجراح التي سبّبتها ديكتاتورية نظام "البعث" الذي كان يمثل أقلية في نظام البعث الدكتاتوري، ومعالجة الآثار السلبية للتحوّلات الديمغرافية الناجمة عن النزوح الداخلي والخارجي خلال الحرب الأهلية، وتمكين السكّان من العودة إلى مناطقهم، إلا من خلال جهد مصالحة وطنية شاملة.

ويجب استخلاص الدروس المستفادة من النماذج السياسية الإثنية الطائفية التي شهدها لبنان والعراق، ولا سيما من الانقسامات الإثنية السياسية وعواقبها في عراق ما بعد صدّام حسين. ومع ذلك، يجب ألّا يكون البديل عن ديكتاتورية الأقليات هيمنة الأغلبية أو الهياكل السياسية القائمة على الفصل العرقي أو الطائفي.

القضية الأكثر إلحاحاً وأساسية في سورية اليوم الشروع الفوري في عملية مصالحة وطنية شاملة، تهدف إلى تعزيز الشعور المشترك بالهوية

ومن شأن تشكيل مجلس مصالحة وطنية واسع وشامل وتشاركي، قادر على تمثيل جميع الطوائف العرقية والطائفية والدينية في سورية (مثل العرب والأكراد والتركمان والسنة والعلويين والدروز والمسيحيين) أن يقلل من الاضطرابات الاجتماعية المحتملة، ويضمن السلم المجتمعي. وخلال هذه العملية، يجب عدم إقصاء السوريين العلويين أو إخضاعهم لإجراءات انتقامية بسبب الجرائم التي ارتكبها النظام السابق. إن مبادرات مثل جمع قادة من مختلف الجماعات الدينية لجهود المصالحة المحلية، كما حدث في اللاذقية في الأيام الأولى للإدارة الجديدة، لها أهمية حاسمة في تجاوز هذه الفترة الحساسة.

علاوة على ذلك، من شأن مشاركة الطائفة الدرزية في السويداء التي دعمت الثورة، وممثلي المسيحيين في جميع أنحاء سورية في جهود المصالحة الوطنية أن يعزّز الثقة الاجتماعية. كما أن من شأن دمج الأكراد والتركمان في شمال سورية في النظام وضمان الدمج الكامل للمناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الإدارة الجديدة باعتبارها مكونات متكاملة أن يتصدى لمحاولات تقسيم سورية.

إعادة التأهيل الاجتماعي: معالجة الصدمة العامة والأضرار وإعادة إدماج اللاجئين
من أكثر العناصر أهمية وإلحاحاً في العملية الانتقالية ضمان العودة إلى ظروف معيشية طبيعية تلبي الاحتياجات الأساسية للسكان الذين عانوا صدمات نفسية واجتماعية عميقة خلال أكثر من نصف قرن من حكم الأسد و13 عاماً من الحرب الأهلية. ويجب إيلاء اهتمام خاص لإعادة تأهيل النساء الأرامل اللواتي فقدن أحباءهن والأطفال اليتامى والسجناء الذين أمضوا سنوات في المعتقلات، فضلاً عن إعادة توطين اللاجئين الذين أُجبروا على ترك منازلهم. ولهذه الغاية، ينبغي إنشاء "مؤسّسة إعادة التأهيل البشري وإعادة التوطين". ويمكن تمويل هذه المؤسّسة من خلال التعويضات التي يتم جمعها من ثروات أفراد النظام، بما فيهم عائلتا الأسد ومخلوف، اللتان تتحمّلان مسؤولية إلحاق هذه المشاق بالشعب السوري.

سيكون تيسير عودة اللاجئين السريعة مع تمتعهم بحقوق المواطنة الكاملة عاملاً رئيسياً في بناء الثقة في الإدارة الجديدة في الفترة الانتقالية

وفي هذا السياق، سيكون تيسير عودة اللاجئين السريعة مع تمتعهم بحقوق المواطنة الكاملة عاملاً رئيسياً في بناء الثقة في الإدارة الجديدة في الفترة الانتقالية. كما ينبغي إعلان بطلان جميع القرارات التي اتّخذها النظام السابق، والتي انتهكت الحقوق القانونية الشخصية وحقوق الملكية للّاجئين الذين أجبروا على مغادرة بلدهم أو مدنهم، مع تمكين اللاجئين من العودة إلى مساكنهم الأصلية وتقديم الدعم الخاص عند الضرورة لضمان إعادة إدماجهم، بما في ذلك إعادة توظيفهم في وظائفهم السابقة.

المكون الجغرافي للنظام الوطني: الأسس الجيوسياسية والأمن
عندما أقوم بتحليل استراتيجية دولة ما، غالباً ما أضع نفسي مكان صانع سياسات تلك الدولة، وأتساءل: "ما الذي أوصي به إذا كنت سأقوم بصياغة عمق استراتيجي لهذا البلد"؟. من خلال هذا المنظور، تشكّل السمات الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية والجغرافية الثقافية لسورية هيكلية استراتيجية أقرب إلى عمود فقري وجناحين.

العمود الفقري لهذا الإطار هو المحور الشمالي- الجنوبي، الذي يمثله ممرّ حلب- حماة- حمص-دمشق- درعا. وتشكل المنطقة الساحلية الشامية الجناح الأول الذي يربط سورية بشرق المتوسّط، بينما تشكّل المنطقة الواقعة شرق الفرات جناح بلاد ما بين النهرين. وتحظى السيطرة على العمود الفقري بين الشمال والجنوب بأهمية بالغة، لأنها تؤثّر بشكل مباشر على الحكم في سورية. وقد كان سقوط إدلب وحلب إيذاناً بتآكل هذا العمود الفقري الاستراتيجي، الأمر الذي ساهم، في نهاية المطاف، في انهيار نظام الأسد.

ومع ذلك، إذا بقي جناحا بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين منفصلين سياسيّاً واقتصاديّاً وثقافيّاً عن العمود الفقري، فإن سورية تخاطر بفقدان منفذها البحري إلى الغرب، وتعريض وحدة أراضيها في الشرق للخطر. يجب مقاومة الجهود الرامية إلى تفتيت سورية، على غرار استراتيجية "فرّق تسد" التي نفذتها القوى الاستعمارية الفرنسية على شكل مناطق حكم ذاتي، سنّية وعلوية ودرزية، بالنظر إلى عودة الأطماع الاستعمارية الجديدة بشكل مختلف، ولا سيما التي تتمحور حول أمن إسرائيل.

تشكّل السمات الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية والجغرافية الثقافية لسورية هيكلية استراتيجية أقرب إلى عمود فقري وجناحين

هذا الإطار الجيوسياسي حاسم لأمن سورية الداخلي وعلاقاتها في المنطقة. وعندما يندمج هذا الإطار في نظام سياسي متماسك، يمكن أن يحوّل سورية إلى قوة إقليمية كبرى. ورغم ذاك، إذا أسيء التعامل معه، يمكن أن تصبح سورية مصدراً للصراع الداخلي والتوترات الإقليمية.

وتتمثل الأولوية الفورية في توحيد العمود الفقري والأجنحة تحت هيكل أمني واحد داخل الجيش الوطني السوري، من خلال دمج جميع الفصائل من خلال برامج فعّالة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج. ويجب أولاً تنظيم مجموعات المعارضة من مختلف المدن إلى جانب العسكريين الموالين لها في قوة منسقة، ثم إضفاء الطابع الرسمي عليها في نهاية المطاف ضمن تسلسل هرمي عسكري. وهذه الخطوة ضرورية لبناء الثقة العامة وحماية وحدة سورية وسلامة أراضيها. علاوة على ذلك، من الضروري أن تقطع قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة علاقاتها مع المنظمات الإرهابية، وتندمج في هذا الإطار الأمني المركزي، فالتحدّي المتمثل في توحيد جهاز أمني وطني في بيئة ما بعد الصراع، حيث تهيمن الفصائل المليشياوية موثق بوضوح في تجربتي لبنان والعراق.

وبعيداً عن الأمن الداخلي، هذه البنية الجيوسياسية محورية في علاقات سورية الإقليمية، فالعمود الفقري الشمالي- الجنوبي يربط سورية بأوروبا والبحر الأسود عبر تركيا، ويمتد أيضاً إلى شبه الجزيرة العربية والخليج عبر الأردن. وفي الوقت نفسه، تشترك مع تركيا والعراق في عمق بلاد ما بين النهرين، وتشترك مع تركيا ولبنان وفلسطين والأردن في عمق شرق المتوسط - المشرق العربي عبر تركيا ولبنان وفلسطين والأردن ثم مصر.

في عام 2010 قبل اندلاع الحرب الداخلية، كان هدفنا الأساسي في تركيا إطلاق مبادرات مثل الحوض الاقتصادي لبلاد الشام (تركيا- سورية- لبنان- الأردن) واتحاد بلاد ما بين النهرين (تركيا- سورية- العراق). كانت هذه المشاريع تهدف إلى استعادة الأحواض الطبيعية التي عطّلتها اتفاقية سايكس بيكو، وإعادة بناء علاقات اقتصادية وثقافية سلمية عبر المناطق التي قسمتها القوى الاستعمارية بشكل مصطنع.

التنمية الاقتصادية: معالجة قضايا الإنتاج والتوظيف والحد من الفقر
في ظل الظروف الاقتصادية المتردّية التي تمرّ بها سورية، يطالب الشعب السوري بإلحاح بالحصول على الضروريات الأساسية، مثل المأوى والغذاء، من الإدارة الجديدة. ومع ذلك، وبعيداً عن جهود الإغاثة الفورية، يحتاج الاقتصاد إلى استراتيجية إصلاح طويلة الأجل للتعافي. يجب أن تركز المرحلة الأولى من إعادة التأهيل الاقتصادي على: إطلاق التعبئة الاقتصادية لمكافحة الانهيار والفقر من عهد "البعث". استعادة الأصول التي نهبتها عائلتا الأسد ومخلوف. التقدّم بطلب إلى الأمم المتحدة والدول المعنية لرفع الحظر المفروض على سورية. تشجيع المستثمرين السوريين في الخارج على العودة وإيجاد فرص استثمارية. إنشاء صندوق بمساهمات دولية، خاصة من البنك الإسلامي للتنمية، لإعادة بناء البنية التحتية المنهارة في البلاد. إعطاء الأولوية لإحياء الزراعة والصناعة وإنتاج الطاقة.

من شأن إطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية طارئة وواضحة أن تولّد دعماً شعبياً، وتضع الأساس للسلم الاجتماعي. وترتبط التنمية المستدامة للاقتصاد السوري على المدى الطويل ارتباطاً مباشراً بالخصائص الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية المذكورة سابقاً، فالعناصر الرئيسية التي توفر لسورية مزايا تنافسية نسبية، ويمكن أن تضخ الحيوية في اقتصادها، ترتبط ارتباطاً جوهرياً بموقعها الاستراتيجي والجغرافي الاقتصادي . موقع سورية الاستراتيجي مزايا كبيرة للنمو الاقتصادي المستدام. ويمكن للعناصر الرئيسية التالية أن تنعش الاقتصاد:

- الممرّ اللوجستي الاقتصادي: تقع سورية على طول الممر اللوجستي الأمثل الذي يربط شبه الجزيرة العربية والخليج بالبحر الأبيض المتوسط عبر الطرق البرّية، وعبر تركيا، إلى أوروبا. ومن خلال تحديث بنيتها التحتية للطرق السريعة والسكك الحديدية، ستسمح بالوصول إلى أوروبا من الخليج عن طريق عبور أربعة حدود وطنية فقط. وحقيقة أن معظم هذا الممرّ يتكون من أراضٍ مستوية، ما يقلل من تكاليف النقل ويوفر ميزة كبيرة.

- الإمكانات الزراعية: تقع سورية في منطقة الهلال الخصيب، وتتمتّع بفرصة إجراء إصلاحات زراعية متقدّمة، مع التركيز على إنتاج الأغذية العضوية، وهو ما يدعم أيضاً توفير فرص عمل للّاجئين العائدين.

من شأن إطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية طارئة وواضحة أن تولّد دعماً شعبياً، وتضع الأساس للسلم الاجتماعي

- النمو الصناعي: يمكن للمناطق الصناعية الصغيرة والمتوسّطة الحجم على طول الممرّات الرئيسية في سورية أن تعزّز فرص العمل في المناطق الحضرية.

- السياحة: يوفر تاريخ سورية الغني وتراثها الثقافي الثريّ، والذي يضم مدناً، مثل دمشق وتدمر وحلب، إمكانات كبيرة للسياحة الدينية والثقافية، وهي مصدر دخل قيّم.

ولا يتطلب تحقيق هذه الإمكانات إصلاحات اقتصادية فحسب، بل يتطلب أيضاً إصلاحاً شاملاً لأنظمة الأمن والتعليم والرعاية الصحية.

الشرعية الدستورية: ضمان الحرية والأمن والعدالة
يؤسّس الفكر الإسلامي التقليدي شرعية النظام السياسي على حماية الحياة والفكر والعقيدة والنسب والملكية، وهي مبادئ سبقت حقوق الإنسان الحديثة، ولا تزال تدعّم القانون الدولي اليوم. وتتمثل المهمّة الأساسية للحكومة الانتقالية في ضمان هذه الحقوق.

ويكمن في صميم الشرعية السياسية التوازن بين الحرية والأمن، فالدولة تحقق الشرعية عندما تحقق أقصى قدر من الأمن، من دون تقييد الحرّيات الفردية وتضمن الحرية من دون المساس بالأمن. تؤدّي التضحية بالحرية من أجل الأمن إلى الاستبداد، في حين أن إعطاء الأولوية للحرية على الأمن يمكن أن يؤدّي إلى الفوضى. ومن ثم، تتوقف شرعية الدولة على الحفاظ على هذا التوازن الدقيق.

تنبع النزاعات والحروب الأهلية في الشرق الأوسط، إلى حد كبير، من الفشل في إقامة نظام دستوري يضمن الحرية والأمن في آن. وقد ترك هذا الفراغ المنطقة محاصرة بين الديكتاتوريات القمعية وفوضى الإرهاب. ولقد أدى تركيز بشار الأسد، في سورية، على أمن الدولة إلى القضاء على الحرّيات، ما أدّى، في نهاية المطاف، إلى إشعال الحرب الداخلية، وتمكين الجماعات الإرهابية من تأجيج مزيدٍ من الفوضى. ويجسّد تدمير بنية الدولة السورية والمجتمعات المتنوعة في سورية هذه الحلقة المفرغة من الديكتاتورية والعنف. وعلى الإدارة الجديدة كسر هذه الحلقة. ويكمن المفتاح في تبني رؤية لتعددية ثقافية تدمج حقوق الإنسان الأساسية بالتراث الثقافي المتنوع في المنطقة.

الدولة تحقق الشرعية عندما تحقق أقصى قدر من الأمن، من دون تقييد الحرّيات الفردية وتضمن الحرية من دون المساس بالأمن

وبعد أن مضى شهران على إظهار الحماس الثوري، يجب أن يتحوّل الاهتمام الآن إلى عملية انتقالية استراتيجية. مما يوجب على الحكومة الجديدة، المتوقع تشكيلها في الشهر المقبل (مارس/ آذار)، أن تركز على استعادة النظام العام وإرساء الأمن وضمان قيام نظام دستوري. وكما أوصى أحمد الشرع، قد يكون من الضروري وضع جدول زمني للانتخابات مدّته أربع سنوات، ولكن يجب أن تركز هذه الفترة أيضاً على تفعيل النظام العام المدني، وإعادة تفعيل النظام القضائي، وتعزيز المصالحة الوطنية، وصياغة دستور جديد.

وقد يؤدّي تأخير استعادة النظام العام، ولو يوماً، إلى توترات داخلية، وربما يمهد الطريق لنظام ديكتاتوري آخر. يجب ألا ننسى الدروس المستفادة من انقلابات الستينيات التي أدّت إلى صعود حافظ الأسد. ولتنفيذ النظام العام المدني، يجب أن تتحوّل قوات المعارضة إلى هياكل نظامية للشرطة والجيش. كما يجب إعادة تفعيل الحكومة المركزية بطابع مدني، ويجب أن تتولّى اللجان المحلية زمام المبادرة في الحكم. وستكون هذه الجهود مدعومة ببيروقراطية غير ملوثة محورية لنجاح العملية الانتقالية.

يجب أن تضمن العملية القضائية محاكماتٍ عادلة للمسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، وتجنّب الانتقام أو العقاب الجماعي، فالقمع الذي يبقى من دون عقاب، يؤدّي إلى زعزعة ثقة الشعب، بينما ستؤدي الممارسات الظالمة، مثل القتل خارج نطاق القضاء إلى تفتيت الشعب.

يجب أن تضمن العملية القضائية محاكماتٍ عادلة للمسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية

في سياق المصالحة الوطنية وصياغة الدستور، إنشاء "هيئة استشارية" مؤلفة من قادة الرأي الذين رفعوا أصواتهم ضد القمع البعثي، وشاركوا في تنظيم المعارضة، وساهموا في الثورة السورية، ويمتلكون القدرة على تمثيل مختلف الفئات المجتمعية، سيساهم، بشكل كبير، في سير العملية بسلاسة وحل الأزمات المحتملة. وفي إطار هذه الهيئة الاستشارية، ينبغي تشكيل لجنة تضم خبراء في القانون الدستوري وممثلين عن الفئات الاجتماعية، للبدء بعملية صياغة دستورية تشاركية. ويجب أن تستند هذه العملية إلى مبادئ "وحدة الأراضي السورية" و"حقوق الإنسان الأساسية" و"التمثيل العادل".

إجراء عملية دستورية شاملة وهادئة أمر ضروري لاستقرار سورية على المدى الطويل وإقامة نظام وطني دائم.

التماسك المؤسّسي: بناء القوة الهيكلية والتنظيمية

من الضروري ضمان الأداء الفعال والإصلاح الشامل في نهاية المطاف لمؤسّسات الدولة، ولا سيما الوزارات والهيئات القضائية والمؤسسات الاقتصادية مثل البنك المركزي، وإصلاحها بشكل شامل. إعادة التنظيم المهني للبيروقراطية التي ظلت تحت سيطرة دكتاتورية الأقلية 40 عاماً تقريباً (1971-2011) وشهدت على مدى السنوات الـ13 الماضية انهياراً تامّاً في العلاقات بين الإدارة المركزية وامتداداتها المحلية، تحظى بأولوية قصوى لاستعادة النظام العام.

ولتحقيق ذلك: يجب الاحتفاظ بالموظفين البيروقراطيين من الرتب المتوسطة والدنيا الذين لم يتورطوا في أي أنشطة إجرامية. يجب تيسير عودة الموظفين المؤهلين الذين فرّوا من البلاد خلال الحرب الأهلية هرباً من قمع الأسد إلى مناصبهم. يجب تعيين المهنيين المتعلمين تعليماً عالياً من ذوي الخبرة الدولية الكبيرة في مناصب قيادية متخصّصة. وينبغي إنشاء "لجنة للإصلاح المؤسّسي" تتألف من إداريين ذوي خبرة، للإشراف على جميع هذه العمليات، بما في ذلك تحديد الموظفين المناسبين وتعيينهم.

يجب الاحتفاظ بالموظفين البيروقراطيين من الرتب المتوسطة والدنيا الذين لم يتورطوا في أي أنشطة إجرامية

هذه التدابير أساسية لضمان الحوكمة الفعالة والتماسك المؤسسي في عملية الانتقال إلى سورية الجديدة.

التكامل العالمي والإقليمي: تعزيز علاقات سورية الدولية

في ظل حكم عائلة الأسد، الذي امتد أكثر من نصف قرن، عانت سورية علاقات متوترة مع جيرانها، مثل العراق وتركيا ولبنان والأردن ومصر، بينما بقيت سورية أيضاً حبيسة تحالفات حقبة الحرب الباردة. يجب التغلب على هذا التاريخ من العزلة، بينما تشرع سورية في وضع إطار جديد للسياسة الخارجية.

يوفّر موقع سورية الجيوسياسي إمكانات كبيرة لتصبح لاعباً محورياً في الدبلوماسية الإقليمية. ولتجنب النزعات الانعزالية التي غالباً ما تعقب الثورات، على الإدارة الجديدة أن تعطي الأولوية لتنمية شبكة علاقات دولية متوائمة استراتيجياً.

في البداية، يجب على الإدارة الجديدة اتخاذ عدة خطوات رئيسية: ضمان الاستمرارية في التمثيل الدبلوماسي من خلال الحفاظ على الدبلوماسيين المخلصين. استخدام القنوات الدبلوماسية للإشارة إلى التزام سورية بالسلام والاستقرار، على الصعيدين الداخلي والإقليمي. الشروع بالتواصل العاجل مع دول المنطقة والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لكسب الاعتراف وتعيين الممثلين. تشجيع الدول التي لديها سفارات مغلقة في دمشق على إعادة فتحها من خلال تقديم ضمانات أمنية. تبنّي موقف حازم ضد تصرّفات إسرائيل، خاصة تعاملها مع غزة، مع الدعوة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من منطقة القنيطرة المحتلة، والسعي إلى الحصول على دعم الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية.

يوفّر موقع سورية الجيوسياسي إمكانات كبيرة لتصبح لاعباً محورياً في الدبلوماسية الإقليمية

على المدى الطويل، قد تؤسّس سورية نموذجاً جديدًا للسياسة الخارجية، يقوم على عدة مبادئ توجيهية: إقامة علاقات متينة ومحترمة مع دول الجوار، وضمان الاحترام المتبادل لسلامة الأراضي. الثبات في دعم القضية الفلسطينية إلى حين إقامة دولة مستقلة. رفض التطبيع مع إسرائيل حتى انسحابها من الأراضي السورية المحتلة، ولا سيما مرتفعات الجولان، وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة. تجنّب التورط في الخصومات الإقليمية والحروب بالوكالة. المساهمة في إنشاء إطار إقليمي للسلام والاستقرار في المنطقة. بناء علاقات متوازنة وبناءة مع القوى العالمية. المشاركة بفعالية في المنظمات الدولية، مع التركيز على الأمم المتحدة، لتعزيز مكانة سورية العالمية.

وبتبني هذا النهج، يمكن لسورية أن تنتقل من العزلة إلى دور استباقي في الدبلوماسية الإقليمية والعالمية، والعمل على تحقيق السلام والاستقرار.

ملاحظات ختامية
باختصار، نشهد ولادة سورية جديدة وسط عملية تتشابك فيها تحدّيات وفرص كبيرة. وبصفتي أكاديمياً ورجل دولة إقليمية، شهد نجاحات بارزة ومآسي عميقة في العلاقات الدولية، أدعو بجدّية إلى بذل الجهود لضمان عدم ذكر منطقتنا بالحروب والصراعات والمجازر، بل بالسلام والنظام والاستقرار والتنمية.

أتوجه أولاً إلى إخواني وأخواتي وأصدقائي في الإدارة المؤقتة، وأخص بالذكر أحمد الشرع الذي قاد الثورة السورية، ويتحمل الآن مسؤولية الحكم. لقد منّ الله عليكم بنصرٍ عظيم، بعد أن تحمّلتم معاناة هائلة. ولكن هذا النصر لا يخصّكم وحدكم، بل يخصّ مئات آلاف من الشهداء الذين قدّموا أرواحهم بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية في المدن السورية، وعلى أيدي التعذيب في السجون.

مسؤوليتكم ثقيلة، لكنها نبيلة. قاوموا إغراء الانعزال في القصور الفاخرة. بدلاً من ذلك، ابقوا بين الناس الذين هم أصحاب هذه الثورة الحقيقيون. تجنّبوا الصراعات الداخلية، ولا تحصُروا أنفسكم في تحالفات ضيقة. ومن هذا المنطلق، عزّزوا ثقافة التعاون التي تشمل جميع أبناء الشعب السوري. لا تسندوا القيادة إلى مجرّد المقرّبين منكم، بل إلى أهل الكفاءة. دعوا الاقتداء بموقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أثناء فتح مكة يرشدكم في نهجكم. ركّزوا على إعادة البناء، وليس السعي إلى الانتقام، وأعطوا الأولوية لإنشاء سورية جديدة جامعة.

ثانياً، أدعو جميع دول المنطقة وقادتها، وأنا أعرف كثيرين منهم، إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوري خلال هذه العملية الصعبة. دعونا نؤكّد أن "سورية ملك للسوريين"، ونمنع توريط سورية في حروب جديدة بالوكالة ومنافسات جديدة. ولا نقيم مناطق نفوذ من خلال التحيّزات العرقية والطائفية.

أقترح تنظيم "قمة لجيران سورية" في دمشق، تُصدر إعلاناً قوياً لدعم وحدة أراضي سورية والسلام الداخلي والتنمية الاقتصادية وعودة اللاجئين. على إيران التي دعمت نظام الأسد، أن تتجنّب تفاقم الفوضى في سورية. مصلحتها في ضمان أن ترسي الإدارة الجديدة استقراراً يشمل جميع المكوّنات، ويتصدّى لأطماع إسرائيل التوسّعية. انزلاق سورية مرّة أخرى إلى الصراع لن يفيد سوى إسرائيل، وليس إيران. على دول المنطقة أن تعطي الأولوية لمساعدة سورية على النهوض قوة استراتيجية، وليس ساحة معركة للفصائل المتناحرة.

للمجتمع الدولي، ولا سيما الأمم المتحدة، دور أساسي في ضمان سلاسة العملية الانتقالية في سورية

ثالثاً، المهمّة الأكثر إلحاحاً عند القوى العالمية، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، تأمين قرار من مجلس الأمن يضمن وحدة أراضي سورية، ويرفع الحظر المفروض على سورية، ويدعم العملية الانتقالية. الخطأ الأكبر الذي يمكن أن يرتكبه القادة الغربيون، ولا سيما ترامب، هو النظر إلى سورية من منظور أمن إسرائيل. غذّت هذه المقاربة الاستعمارية الجديدة، التي تربط مصير المنطقة بأمن إسرائيل، المشاعر المعادية لأميركا والغرب في المنطقة. أي محاولات من إسرائيل لضم الضفة الغربية أو إيجاد ظروف في جنوب سورية كتلك في لبنان، حيث تعمل إسرائيل بحرية، لن تؤدّي إلا إلى تصعيد التوتر. ولا يمكن للمنطقة أن تتسامح مع مثل هذه المشاريع التي تتمحور حول إسرائيل.

على إدارة ترامب أن تتخذ خطوات فورية لضمان الاستقرار الإقليمي، من خلال تأمين انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية التي تحتلها، ودعم حل جميع الجماعات والمليشيات الإرهابية في سورية. وأمّا في ما يخص روسيا، فنأيها بنفسها عن الإدارة الجديدة بسبب علاقاتها السابقة مع الأسد سيكون خطأ فادحاً. انخراط روسيا، سواء بشكل مباشر أو من خلال تركيا، مع الإدارة الجديدة سيكون حاسماً لمصالحها الخاصة والاستقرار الإقليمي. وستكون أهم مساهمة لروسيا في السلام الداخلي في سورية هي حثّ الأسد الذي تستضيفه، على الامتناع عن التصريحات والأفعال التي يمكن أن تضر بهذه العملية الانتقالية الحاسمة.

وللمجتمع الدولي، ولا سيما الأمم المتحدة، دور أساسي في ضمان سلاسة العملية الانتقالية في سورية. الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس الذي شهد معاناة سورية بصفته مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين (2005 - 2015)، في موقع فريد من نوعه للمساهمة بشكل إيجابي في مستقبل سورية. ويمكن أن يوفر ضميره الإنساني العميق وخبرته الواسعة دعماً لا يقدّر بثمن في المرحلة الانتقالية المقبلة. عند انتخابه أميناً عاماً للأمم المتحدة في عام 2016، قلت له عبر الهاتف: "إن صديقي الذي عملت معه في مخيمات اللاجئين، وعاين معاناة الشعب السوري، وهو الآن الأمين العام للأمم المتحدة يعطيني الأمل في مستقبل سورية". واليوم يحتاج الشعب السوري إلى دعمه ودعم الأمم المتحدة أكثر من أي وقت مضى. وأنا واثق بأن جهود السيد غوتيريس ستكون مفيدة في دعم سورية نحو الاستقرار.

وأخيراً، وكما ذكرت في مقال نُشر أخيراً باللغة التركية، لبلدنا مسؤولية تاريخية وإنسانية في هذه العملية. على تركيا أن تدعم بقوة تعافي سورية وتساهم في استقرار البلاد وسلامها وأمنها. العلاقات بين تركيا وسورية أكثر أهمية بكثير من مجرّد علاقة جوار، فهي قائمة على الثقة والاحترام المتبادلين. سيعود بناء علاقة مبنية على هذه القيم بالنفع على كلا البلدين، خاصة عند النظر إلى الشتات السوري في تركيا، الذين يعودون بعد تحمّلهم المشاق، بحسن نية وروابط مع تركيا.

لقد حان الوقت لنموذج جديد للجوار، قائم على الفكر والاستراتيجية والأطر المؤسّسية، وليس على العواطف العابرة أو الخطابات الرنانة. لدى هذا النموذج من الاحترام المتبادل القدرة على تغيير مصير المنطقة التي تأثرت منذ فترة طويلة بالحدود المصطنعة التي أنشأتها القوى الاستعمارية. على تركيا أن تتصرّف بخطة استراتيجية واضحة وتقف إلى جانب سورية وتيسر مستقبلاً سلميّاً ومزدهراً.

في هذه الفترة الحاسمة، على المسؤولين الأتراك تأكيد أن: "هذه الثورة ملك للشعب السوري، وسورية ملك للسوريين. ونحن تركيا الدولة شاركنا الشعب السوري في معاناته وقدّمنا بيوتنا وقلوبنا. هدفنا الوحيد، في ما يتعلق بمستقبل سورية، أن يعيش هذا البلد الشقيق في سلام ووئام وازدهار. لم نسعَ يوماً إلى الهيمنة السياسية، أو تحقيق مكاسب اقتصادية من مستقبل سورية، ولن نفعل ذلك أبداً. لن نسمح لأي قوة، بما في ذلك إسرائيل، باستغلال معاناة سورية لمصالحها الاستراتيجية الخاصة. وستكون العلاقات التركية السورية نموذجاً مثالياً للسلام والازدهار في منطقتنا. وندعو جميع الدول الصديقة إلى دعم استقرار سورية وإعادة إعمارها".

وختاماً، الطريق أمام سورية مليء بالمسؤوليات الهائلة، ولكنه أيضاً مليء بالفرص التي لا حدود لها، فبدعم من القوى الإقليمية والعالمية، بالإضافة إلى الإرادة الثابتة للشعب السوري، يمكن لسورية أن تتغلب على المصاعب التي تواجهها وتخرُج أقوى مما هي عليه وتعزّز السلام والاستقرار والازدهار لشعبها والمنطقة. الطريق إلى سورية الجديدة مليء بالتحدّيات، لكنه يستحق العناء.

أحمد داود أوغلو
السبت 8 مارس 2025