نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


أمريكا في الشرق الأوسط.. انسحاب أم إعادة تموضع؟






تشير قراءات سياسية عديدة إلى أن الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط لم يعد ذا فائدة مرجوة تنعكس على مصالح واشنطن بهذه المنطقة المشتعلة من العالم، وأن التواجد الأمريكي فيها يعزّز من نشوء تكتلات مذهبية تختلف فيما بينها إلا أنها تتفق في عدائها للأمريكيين. أمريكا


ولسوء الطالع، جميع هذه التحليلات تصمد أمام الواقع الذي يقول إن الولايات المتحدة من خلال إداراتها المتعاقبة، وعلى الأقل في العقدين الأخيرين لم تصنع سلاماً وتعيد الاستقرار إلى المنطقة الشرق أوسطية، بل سادت الفوضى في العراق ما بعد غزوه وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وصار هذا البلد العريق مصنعاً للقوى الجهادية العابرة للحدود ومن كلا الطائفتين.
 

علاوة على ذلك؛ لم توفر القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة الحماية لحلفائها في الخليج العربي، من التطاول الإيراني وتدخل الحرس الثوري في سوريا ولبنان واليمن وتغذية المذهبية في الدول آنفة الذكر، والتي باتت في مؤخرة اللوائح التي تخص حقوق الإنسان والتنمية والأمان، بينما تصدّرت قوائم الفقر وأعداد اللاجئين والنازحين ومبتوري الأطراف.
 

ومع ذلك، كتّاب الرأي ومراكز الدراسات والأبحاث في الولايات المتحدة، محقّون في استنتاجهم، أن الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط تكلفته كبيرة مقارنة بالفوائد والمصالح، لا سيما بعد امتلاك أمريكا للنفط الصخري (الأحفوري)، وتصديرها الفائض منه إلى الدول الأوروبية.
 

وهكذا تشير الدلائل إلى أن مصالح أمريكا في المنطقة بدأت تضيق، خصوصاً، بعد ضمان أمن إسرائيل بامتلاكها مئتي رأس نووي وغواصات الدولفين ذات الردع النووي، لأن الافتراضات التاريخية التي كان يتحدّث بها جمهور المنطقة أصبحت من الماضي، باستثناء بعض المزاودين أصحاب الشعارات.
 

الانسحاب الأمريكي من المنطقة، الذي وعد به الرئيس باراك أوباما ومن بعده دونالد ترامب، لم يعُد مجرد كلمات وتصريحات ذات أبعاد انتخابية، بل نتيجة حتمية للانسحابات التدريجية التي حدثت قبل أشهر قليلة من العراق وأفغانستان، وإغلاق قاعدة السيلية الرئيسية، بالإضافة إلى معسكرها الجنوبي، ومستودع الذخيرة والأسلحة "فالكون" في قطر.
 

ما يمكن فهمه من كل التحركات الأمريكية في المنطقة، هو "إعادة تموضع" وليس انسحاباً كاملاً، ولا سيما مع تجهيز قاعدة الأزرق الأردنية ونقل الجنود الأمريكيين مع سلاحهم من قطر باتجاه المملكة الأردنية، بعد تأدية قاعدة السيلية دورها التي أُنشئت من أجله قبل عامين من غزو العراق، وكذلك نقل بعض القواعد الصغيرة من السعودية والإمارات والكويت إلى الأردن، والتي كانت تستخدم لغرض تنفيذ عمليات داخل أفغانستان.
 

وبناءً على ما سبق، يتضح أن الجانبين، الأمريكي والأردني، يتجهان نحو تفعيل الاتفاقية الموقعة بينهما، في فبراير/ شباط الماضي، ولمدة 15 عاماً، شاملة 12 قاعدة جوية وبحرية و4 قواعد تدريبية، يحق للطرفين استخدامها بشكل مشترك. وبذلك تصبح القاعدة الصحراوية، التي تبعد مئتي كيلو متر عن الحدود العراقية، الأكبر بين القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وبمدرج يستوعب طائرات عملاقة c17 والطائرات الحربية f15 وf16وf35. عندئذ يصبح عدد الجنود الأمريكيين في القواعد الأردنية قرابة 6000 جندي، ومن المتوقع زيادة العدد قريباً.
 

الأكثر وضوحاً من خلال إعادة التموضع الأمريكي، هو الابتعاد عن الميلشيات العراقية الموالية لإيران في كل من غرب العراق وشرق سوريا، وفي الوقت نفسه البقاء على مقربة من البلدين من خلال تفعيل الأبراج الحدودية التي يقدر عددها بـ15 ثكنة صغيرة الحجم، مهمتها رصد الحدود العراقية-السورية، وتعطيل الإمدادات الإيرانية التي تمر من العراق وصولاً إلى سوريا فلبنان.
 

كل هذه التحركات الأمريكية الصامتة توحي بمحاولة إضعافها لأوراق إيران التفاوضية في المباحثات التي تجري بينهما، منذ أبريل الماضي، بالعاصمة النمساوية فيينا، وإجبار الأخيرة على توقيع اتفاق جديد مختلف عن اتفاقية عام 2015 إبان حكم أوباما.
 

من ناحية أخرى، فإن أي تحرك أمريكي يرمي إلى الابتعاد عن المنطقة، يقلق حلفاء واشنطن، بشكل خاص، المسلمون السنة من العرب والكرد، ويعيد الدول الطامحة للتوسع بالذاكرة إلى عصر الإمبراطوريات، لذلك نجد معظم الدول القومية تعيد ضبط استراتيجياتها وفق تحالفات جديدة من شأنها أن تحقق لها سبل البقاء، وهو ما لاحظناه من تقارب بعض الدول العربية مع إسرائيل.
 

لا شك أن تداعيات غياب الولايات المتحدة عن المنطقة لن يكون محموداً لدى المجتمع الدولي، لأنّ الدول المتنافسة ستخوض غمار سباق تسلح نووي، ومن الطبيعي في هذا السياق أن تكون الغلبة لصالح إسرائيل وإيران بعد أن قطعتا شوطاً في هذا المجال، واستعداد السعودية وتركيا للأمر نفسه. إلا أن العقد المنصرم رجح دور الطائرات المسيرة (درونز) في حسم بعض معارك المنطقة، كان آخرها حرب السفن في خليج عمان وباب المندب.
 

وفي ظل تلك الظروف، انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الشرق الأوسط؛ يعني استمرار الإرهاب الإيراني العابر للحدود، بل ويشجع الإرهاب المقابل للنضوج لمواجهة نظيره الأول، وينهي أي فرصة لاستعادة الثقة بالحليف الأمريكي من قبل دول المنطقة ومناطق أخرى من العالم، وبالتالي؛ تصبح علاقات الدول الحليفة مع واشنطن محددة بتاريخ انتهاء الصلاحية.
 

وفي هذه الحالة، تتجه دول الشرق الأوسط إلى بناء علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا وإيران، أي الإقرار في هيمنة محور الشر على الشرق الأوسط ومقدراته الطبيعية. مما يضطر دول الخليج بالتحرك نحو إيران بدافع اليأس، الذي يمكن أن يشكل عزلة لإسرائيل، ويمنح الحرس الثوري الإيراني التفوق بالتفكير جدياً في التوجه نحو الأردن، آخر قطع الدومينو في المنطقة الشامية. بعد ذلك تصبح المنطقة سوقاً للأسلحة النووية، ترهب العالم بأسره.
--------
ليفانت
 

 

 


درويش خليفة
الاحد 7 غشت 2022