نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


هل كان رئيس وزراء بريطانياالسابق ويلسون جاسوساً سوفيتياً؟




في أحدث أجزاء مسلسل التاج، ذا كراون، تصل إلى مسامع الملكة شائعات بأن رئيس وزرائها هارولد ويلسون، يعمل سراً لصالح الاتحاد السوفييتي. ثم يطمئنها المسؤولون بأنه ليس كذلك، ولكن هل صدقت فعلاً المخابرات البريطانية ذلك؟


كان ويلسون صبياً في مدرسة خاصة في بلدة هادرسفيلد، في مقاطعة يوركشاير، في شمال غربي إنجلترا. درس في جامعة أوكسفورد، وكان عضواً في حزب العمال وأصبح رئيساً للوزراء من عام 1964 إلى عام 1970، ثم شغل المنصب نفسه مرة أخرى من عام 1974 إلى عام 1976. وصل إلى السلطة ووعد بقطع علاقته مع المؤسسة القديمة التي لم يرُق لها الأمر، ولكن هل كانت هناك شكوك بأنه قد يكون عميلاً ؟. القضية معقدة، لكن ويلسون كان متأكداً بأن هناك مجموعة من المسؤولين اليمينيين الذين لديهم قناعة راسخة بأن هناك خلية مؤيدة لموسكو في مقر رئيس الوزراء. وكان رده على ذلك هو أنهم يخططون لإبعاده عن المنصب، وأنهم عملوا مع المخابرات الأمريكية وجنوب أفريقيا لتشويه صورته وحجبوا عنه معلومات عن مؤامرة داخلية للإطاحة به. بعد أسابيع قليلة من استقالته من منصبه عام 1976 دعا ويلسون صحفيين من بي بي سي إلى منزله وأخبرهما بأن الديمقراطية في بريطانيا في خطر وأنه يجب عليهما القيام بتحقيقات صحفية في هذا الشأن كما عرض عليهما مساعدته. وقال: "أتخيل نفسي عنكبوتاً ضخماً في زاوية الغرفة، وأحياناً أتحدث أثناء نومي". وتابع: "عليكما الإنصات لي". "إذا تقابلنا صدفة في يوم ما، قد أطلب منكما السير في طريق معروف وسط لندن وركل رجل أعمى، وقد يخبركما هذا الرجل الأعمى شيئاً ما". ربما كان ويلسون يأمل أن تصبح هذه القصة مادة لأكثر الكتب مبيعات. كان العالم قد ذهل من فضيحة "ووترغيت" في الولايات المتحدة ( قصة اقتحام مقر اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في واشنطن والتسترعلى ذلك من قبل البيت الأبيض، والتي أدت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون). تلقى مراسلو صحيفة واشنطن بوست الذين كشفوا عن الفضيحة معلومات من شخص غامض، أطلقوا عليه اسم ديب ثروت (أي صاحب الحنجرة العميقة) ويبدو أنه كان من داخل الدائرة المطلعة على المؤامرة. وربما كان ويلسون يأمل بأن يلعب دور صاحب "الحنجرة العميقة". إذاً، اعتقد ويلسون بأن المخابرات البريطانية كانت تعتبره جاسوساً شيوعياً. "لكنني تساءلت إن كانوا حقاً يرون ذلك" عندما ظهرت قصة "العنكبوت الضخم". يقول دان لوماس، الذي يقوم بتدريس مادة حول "المؤامرات" ضد ويلسون في جامعة سالفورد البريطانية إن الرأي العام كان يرى أن ويلسون يعاني من البارانويا ( رهاب الاضطهاد). ولكن في ثمانينيات القرن الماضي، نشر ضابط ساخط سابق في المخابرات البريطانية يدعى بيتر رايت كتاباً بعنوان Spycatcher أي "صياد الجواسيس"، ادعى فيه أنه كان عضواً في فريق من المخابرات خطط لإجبار ويلسون على تقديم استقالته لأنهم كانوا على يقين بأنه كان جاسوساً شيوعياً. بالكاد كان لديهم أي دليل على عمالة ويلسون للسوفييت. ففي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، قام ويلسون بعشرات الرحلات إلى دول الكتلة الشرقية كوزير للتجارة أولاً، وثم كمعارض، فمستشاراً في شركة الأخشاب لاحقاً. وبات رايت مقتنعاً بأن ويلسون قد بات ضحية إبتزاز أو تم تجنيده كجاسوس خلال إحدى زياراته تلك. "لقد سافر عدة مرات إلى هناك" حسب ما قال الجاسوس السابق لبرنامج بانوراما الذي عرضته قناة بي بي سي عام 1988. وكان ويلسون مقربا من عدد من رجال الأعمال الذين لهم صلات بمواطني أوروبا الشرقية، مثل شركة جوزيف كاغان لصناعة المعاطف المطرية، وقطب الإعلام روبرت ماكسويل، الذي اعتبرت علاقاته موضع شبهة لدى بعض مسؤولي الأمن في بريطانيا. وفي أوائل ستينيات القرن الماضي، أخبر منشق سوفييتي يدعى أناتولي غوليتسين المحققين أن هارولد ويلسون جاسوس سوفييتي وأن هيو غايتسكيل سلف ويلسون في زعامة حزب العمال، قد اغتيل لإفساح الطريق أمامه إلى المنصب. ونفى مدير أم أي 5 هذه الإدعاءات، لكن رايت ورئيس قسم محاربة التجسس في وكالة المخابرات المركزية ( CIA) جيمس جيسس أنغليتون أكدا عمالة ويلسون للسوفييت. لكن اتضح بعد انشقاق مسؤول الأرشيف في المخابرات السوفييتية كي جي بي فاسيلي ميتروكين في عام 1992، أن ويلسون كان على قائمة السياسيين الذين خططت المخابرات السوفييتية لتجنيدهم، لكن رايت لم يكن يعرف ذلك في السبعينيات بل كان يخمن ذلك. وأوضح ميتروكين أن الخطة بقيت حبراً على ورق. بعد كل هذا، ربما لم يكن ويلسون يعاني من رهاب البارانويا؟ وهنا تتعقد الأمور. وتقول المخابرات البريطانية وغيرها من الجهات إن رايت لم يكن مصدراً موثوقاً. في صفحتها المخصصة للادعاءات حول ويلسون على موقعها الالكتروني، تصف المخابرات البريطانية مزاعم رايت حول التآمر ضد ويلسون من قبل المخابرات بأن "لا مصداقية لها". وفي كتابه " Spycatcher " ادعى رايت أن 30 من ضباط المخابرات كانوا جزءا من المؤامرة. وعند استجوابه في برنامج بانوراما خفض عددهم إلى ثمانية أو تسعة، واعترف بأن ضابطاً واحداً آخر كان على قناعة بوجود مؤامرة للإطاحة بويلسون. وقال إن هذا الجزء من الكتاب "لا يعتد به". ومن ناحية أخرى، اعترف رئيس المخابرات عند استدعائه من قبل ويلسون إلى مقر إقامته في 10 داونينغ ستريت عام 1975، بأنه كانت هناك "مجموعة صغيرة من العناصر الساخطة" في الجهار يؤمنون بوجود خلية شيوعية داخل مقر الحكومة وفقاً لسيرة ويلسون التي كتبها المؤرخ بن بيملوت. وأكد لويلسون أن هذه المجموعة كانت تحت السيطرة. ويبدو أن ذلك لم يبدد الشكوك التي كانت تراود ويلسون. وبصراحة، لم يكن هو الشخص الوحيد الذي لم يشعر بالارتياح. فقد وصف الكاتب فرانسيس ويين، تلك الفترة بأنها "العصر الذهبي لرهاب البارانويا في بريطانيا". راجت أخبار كثيرة عن حياكة مؤامرات وبعضها كانت حقيقية. في عام 1968، شارك سيسيل كينغ، مالك صحيفة "ديلي ميرور" في اجتماع لممثلي مؤسسة الحكم دعا خلاله كينغ إلى استبدال الحكومة المنتخبة بأخرى بقيادة ابن عم الملكة، اللورد ماونتباتن. لكن ماونتباتن الذي كان حاضراً رفض ذلك، ولم تنجح المؤامرة. وفي أوائل السبعينيات بدأ عدد من الشخصيات العسكرية اليمينية السابقة، الغاضبة من عنف النقابات العمالية، في إنشاء مجموعات "الدفاع المدني"، والتي كان يخشى من أن تتحول إلى جيوش خاصة في واقع الأمر. وفي فيلم وثائقي لبي بي سي عام 2006 تحدث مسؤولون سابقون في الجيش والأمن دون حرج عن دعوتهم للقيام بإنقلاب عسكري. وقالت البارونة فالكينر، مساعدة ويلسون الأكثر ثقة، إنها ورئيس الوزراء كانا يعتقدان أن تدريبات الجيش عام 1974 في مطار هيثرو كانت في الواقع إما استعراضاً للقوة أو تدريبات على القيام بإنقلاب. اعتقد ويلسون أيضاً أن MI5 كان ينشر أكاذيب ضده في وسائل الإعلام، وهو إدعاء قال رايت إنه كان صحيحاً. هل كان هناك أي تحقيق على الإطلاق؟ نعم، جرى تحقيقان. فقد خلص تحقيق في عام 1987، إلى أن مزاعم تآمر الأمن على ويلسون كانت غير صحيحة. ومع ذلك، خلص تحقيق قام به اللورد هانت في عام 1996 إلى أن "عدداً قليلاً جداً من المتذمرين في MI5" قد نشر "قصصاً تضر بسمعته". وأكد كريستوفر أندرو الذي دوّن التاريخ الرسمي لجهاز المخابرات البريطانية في كتاب له عام 2009 أن الجهاز فتح ملفاً خاصاً بويلسون عام 1947 تحت الاسم الرمزي "وورثينغتون"، بعد أن مدحه موظف مدني شيوعي. وخلص أندرو إلى أنه لم تكن هناك مؤامرة من قبل المخابرات، ووصف ويلسون بأنه يعاني من رهاب البارانويا. لكنه ذكر في مقدمة الكتاب إن فصلا مهماً تم حذفه وقيل لاحقا إن ذلك جاء بطلب من الحكومة بذريعة صون المصلحة العامة حيث جاء فيه أن اجهزة تنصت كانت مزروعة في مقر الحكومة خلال الفترة ما بين 1963 الى 1977. وتذكر العديد من المصادر أن ويلسون أكد لها خلال فترة حكمه الأخيرة في داونينغ ستريت أن أجهزة تنصت مزروعة داخل المبنى. لا يزال هناك الكثير من الجوانب الغامضة، ولا يزال المؤرخين يتجادلون حولها. في كتابه (The Wilson Plot ) أي "مؤامرة ويلسون" الصادر عام 1988 يؤكد ديفيد لي يشرح فصول المؤامرة ضد ويلسون. كان بيملوت (كاتب سيرة ويلسون) يعتقد أن هناك أمر مريب على أقل تقدير، وهو اعتقاد شاركه المؤرخ دومينيك ساندبروك أيضاً. ويظن لوماس أن الحقيقة تكمن في مكان وسط بين هذا وذاك، ففي حين أن المؤامرة داخل جهاز MI5 قد تكون مقتصرة على "بيتر رايت وزميله" لكن كان هناك توجه يميني على نطاق واسع في سبعينيات القرن الماضي يسعى لإسقاط ويلسون. "إذا كنت ممن يؤمنون بوجود مؤامرة ضد ويلسون، فهناك الكثير من الأدلة تؤكد ذلك، أما إذا كنت من أنصار الرأي المعاكس الذي يرى أن هذا مجرد أوهام، فلم يحدث شيئ من هذا القبيل، وهناك أدلة تؤكد ذلك أيضاً" كما يقول لوماس.

بي بي سي عربي
الاثنين 16 ديسمبر 2019