تعتبر محاكم الميدان العسكرية أسوأ المحاكم الجزائية الاستثنائية التي أُستحدثت في سورية والأكثر وحشية منذ إنشائها قبل ما يربو على نصف قرن حيث راح ضحيتها عشرات الآلاف من السوريين منذ إنشائها عام 1968.
فقد أعفيت هذه المحكمة من التقيد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في التشريعات النافذة، كحق الدفاع والاستعانة بمحام، أو علنية المحاكمة، ولا تقبل الأحكام التي تصدرها أي طريق من طرق الطعن، ولا تنفذ أحكامها إلا بعد تصديق وزير الدفاع عليها عدا حكم الإعدام الذي يحتاج تصديق رئيس الدولة.
وقد شكلت محاكم الميدان العسكرية عام 1968 بالمرسوم التشريعي 109 واختصت بالجرائم الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية والمرتكبة في زمن الحرب والعمليات الحربية، وجرى تعديل نظامها ثلاث مرات الأول عام 1969 بموجب المرسوم التشريعي رقم /12/ الذي أعطى صراحة النيابة العامة التي تتمتع أيضاً بصلاحيات قاضي التحقيق العسكري، ميزة عدم التقيد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها بالتشريعات النافذة، ثم جرى تعديل ثانٍ على نظامها القانوني بموجب المرسوم التشريعي رقم /61/ 1970، حيث أضاف إليها اختصاص النظر بالجرائم المرتكبة أمام العدو التي يحيلها إليها وزير الدفاع، فضلاً عن اختصاصها الأصلي بالجرائم المرتكبة زمن الحرب أو خلال العمليات الحربية. ثم جرى التعديل الثالث لنظامها في 1 تموز 1980 بموجب المرسوم التشريعي رقم /32/ القاضي بتوسيع اختصاصها ليشمل الجرائم المرتكبة عند وقوع اضطرابات داخلية.
وتستذكر اللجنة السورية لحقوق الإنسان الرائد سليمان الخطيب القاضي في محكمة الميدان العسكرية الذي حكم على آلاف المعتقلين الأبرياء في سجن تدمر في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، كما تستذكر اللواء مصطفى طلاس وزير الدفاع في نظام حكم حافظ الأسد الذي كان يفتخر بالمصادقة أسبوعياً على أحكام إعدام 100-150 معتقل برئ صادرة عن المحكمة المذكورة .
اللجنة السورية لحقوق الإنسان إذ تعتبر أن إلغاء هذه المحكمة التي أنهت حياة عشرات الآلاف من السوريين ليست إلا خطوة إلتفافية أخرى من نظام بشار الأسد كما فعل عام 2012 عندما أنشأ محكمة قضايا الإرهاب والتي لا تزال مستمرة بانتهاك صريح للمحاكمات العادلة و النزيهة ، كما أن المرسوم 32 لعام 2023 أعطى المحاكم العسكرية صلاحية محاكمة المدنيين بمخالفة أبسط القواعد القانونية وحرمانهم من المثول أمام القضاء المدني قضاءهم الأصلي حسب الدستور ، كما أن المرسوم 32 لم يبين مصير آلاف السوريين المحكومين من خلال محكمة الميدان العسكرية بمحاكمات عبثية حرمتهم من أبسط قواعد التقاضي من علنية للمحاكمة أو الاستعانة بمحام أو حق الطعن بالأحكام .وتؤكد اللجنة أنه لابد من إلحاق محكمة الإرهاب بمحكمة الميدان العسكرية و إلغائها، و إطلاق سراح جميع المعتقلين و المختفين قسريا ،ومحاسبة جميع المشتركين بمحكمة الميدان العسكرية الملغاة بدءا من رئيس النظام ووزير دفاعه و جميع قضاتها و كل من أسهم بجريمة حرمان المتهمين من محاكمة عادلة ونزيهة، والتي تعتبر جريمة حرب حسب البند الرابع في المادة 8 من ميثاق روما الأساسي.