تمثلت أهمية هذه الدراسة في ضبط تواريخ الأعلام والشخصيات، وتعميق البحث في طبيعة نشأة الفرقة النُّصَيرية ومصادرها العقائدية، والمؤثرات الفكرية والعناصر الأساسية للاهوتها، وحركيات دعوتها وتبلور عقيدتها في الفضاء الشامي – العراقي. ويتمثل هدف الدراسة في محاولة استجلاء الغموض الذي رافق نشأة الفرقة وسط جملة من المؤثرات الخارجية والصراعات الفكرية المحيطة التي أسهمت في أن تتخذ الفرقة منذ البداية مسارًا تاريخًا متفردًا سمته الانعزال والتقية. وفي هذا السياق، أُشير إلى المصادر الأساسية للعقيدة النصيرية واكتمال طقوسها وأعيادها وتشريعاتها في القرن الحادي عشر الميلادي.
وبسبب حركيات الدعوة غير الملائمة، خرجت الدعوة النصيرية من موطنها الأصلي في العراق، وانتشرت في جبال سورية الشمالية الغربية. ونظرًا لجملة من الأسباب -أهمّها غياب الطموح السياسي لقادتها المؤسسين، واختيار أنصارها معاقلهم الجبلية المنعزلة في سورية، واعتماد التقية أسلوبًا في التخفي في أوساط دينية معادية، واعتمادها نمط حياةٍ فلاحيّ لا يضعها في منافسة حكام المدن والقلاع، حيث تتركز الصراعات والمطامع- فقد تمكنت الفرقة النصيرية من البقاء، لكن بثمن كبير، تمثل في تقهقرها الاجتماعي والسياسي.
لقد نطقت الفرقة النصيرية بخطاب ديني فريد تمثَّل في إعادة إنتاج عقائد الغلاة الموروثة، وشكلت جملة هذه العقائد، المتأثرة بالثقافات الفارسية واليونانية بصورة خاصة، “دين” الفرقة النصيرية، بطابعه التوحيدي والتوفيقي. فهي ليست محض طريقة صوفية، وإن احتوت بعض السمات، وثمة خلاف حول عدّها دينًا بحد ذاته، لكن الأكيد أنها صارت، بتيّارها الأصيل، كيانًا دينيًا متميزًا بطقوسه وطريقته في النظر إلى عالم الوجود، فكان أن صمدت أكثر من 1000 عام في وجه محاولات التسنين والتشييع والتنصير. جمعت هذه الدراسة بين المنهجين الوصفي التحليلي والتاريخي المقارن. ولتسهيل الأمر على القارئ في فهم النقاط الأكثر غموضًا من اللاهوت النصيري، استعنّا ببعض المخططات والأشكال
--------------------
مركز حرمون للدراسات المعاصرة
وبسبب حركيات الدعوة غير الملائمة، خرجت الدعوة النصيرية من موطنها الأصلي في العراق، وانتشرت في جبال سورية الشمالية الغربية. ونظرًا لجملة من الأسباب -أهمّها غياب الطموح السياسي لقادتها المؤسسين، واختيار أنصارها معاقلهم الجبلية المنعزلة في سورية، واعتماد التقية أسلوبًا في التخفي في أوساط دينية معادية، واعتمادها نمط حياةٍ فلاحيّ لا يضعها في منافسة حكام المدن والقلاع، حيث تتركز الصراعات والمطامع- فقد تمكنت الفرقة النصيرية من البقاء، لكن بثمن كبير، تمثل في تقهقرها الاجتماعي والسياسي.
لقد نطقت الفرقة النصيرية بخطاب ديني فريد تمثَّل في إعادة إنتاج عقائد الغلاة الموروثة، وشكلت جملة هذه العقائد، المتأثرة بالثقافات الفارسية واليونانية بصورة خاصة، “دين” الفرقة النصيرية، بطابعه التوحيدي والتوفيقي. فهي ليست محض طريقة صوفية، وإن احتوت بعض السمات، وثمة خلاف حول عدّها دينًا بحد ذاته، لكن الأكيد أنها صارت، بتيّارها الأصيل، كيانًا دينيًا متميزًا بطقوسه وطريقته في النظر إلى عالم الوجود، فكان أن صمدت أكثر من 1000 عام في وجه محاولات التسنين والتشييع والتنصير. جمعت هذه الدراسة بين المنهجين الوصفي التحليلي والتاريخي المقارن. ولتسهيل الأمر على القارئ في فهم النقاط الأكثر غموضًا من اللاهوت النصيري، استعنّا ببعض المخططات والأشكال
--------------------
مركز حرمون للدراسات المعاصرة