ولنتوقف عند (مشروع توافقات وطنية)، حيث إن هذه الوثيقة تعبّر عن مُخرجات برنامج الحوار الوطني الذي جرى على مدى 13 شهرًا، وشارك فيه 187 شخصية سورية مُختصة، من مختلف الانتماءات والثقافات، ومن ثم عُرضَت على شريحة أوسع من المثقفين السوريين والمهتمين بالشأن العام (ص8). وينبغي التنبيه إلى أن المشاركة في النقاشات لا تعني المُوافقة على كلّ ما جاء في هذه الوثيقة، وقد قام مركز حرمون للدراسات المعاصرة بدور المُنسّق، واكتفى بدور الإدارة لهذا الجهد البحثي، ولا تعبّر هذه الوثيقة بالضرورة عن وجهة نظر مركز حرمون، ولا عن رؤية الجهات المُموّلة له. وهذه النقطة مهمّة لتجنّب الدخول في نقاشات واتهامات وشَخصَنات غير مثمرة، لا تخدم المشروع الوطني السوري المأمول من هذا الجهد الفكري-السياسي.
ومن الواضح أن غالب المشاركين والمهتمين بإدارة نقاشات حول هذه الوثيقة هم فئة (نخبوية) من المثقفين السوريين غير المُنظّمين أو غير المُشتغلين بالسياسة بالخاصة، وهم ليسوا من الفاعلين الاجتماعيين، بالمعنى الشعبي المؤثر في اتجاهات الرأي العام السوري. ومع الأسف، ما يزال الفضاء العام السوري مُهيمنًا عليه، ثقافيًّا، من قبل الخِطابات الشعبويّة الدينية والطائفية والقومية والارتهانات الانتهازية والفئوية الضيقة. وهذه الوثيقة هي محاولة للفعل في زمن القنوط، ومحاولة للتفكير بالمشكلة السورية، ومحاولة إيجاد توافقات بالاستفادة من مُنتجات علم الفلسفة السياسية والاجتماع السياسي الحديث. وإن عملية التلقّي لوثيقة التوافقات مهمّة، وغالبًا ما سوف تصطدم بنمط الاستقطاب السائد سوريًّا، الذي يُشيطن المُختلف، ويجتهد في سبيل تقزيم أي محاولة للتغيير، ويكتفي بتناول الأشخاص والنيّات والدوران في فلك نظرية المؤامرة، وأخطر ما يواجه هذا النمطَ من الجهود الفكرية الرصينة هو الإهمال وعدم التفات الفاعليين والقوى السياسية إليه، لتعارض مصالحهم مع طروحات حيوية وطنية كهذه.
هذه الوثيقة ليست المحاولة الأولى لعمل وثيقة توافقية فكرية سياسية للسوريين، فقد سبقتها كثير من المحاولات، من قبيل وثيقة العهد الوطني بالقاهرة 2012، التي جرت تحت إشراف الجامعة العربية في زمن وسياق مختلفين، ولن تكون هذه الوثيقة هي الأخيرة. ومن المُهمّ تسويق هذه الوثيقة وتعزيز النقاشات حولها، بغية تطويرها من جهة النوعية، وتعميمها شعبيًّا، والتحاور حولها وملائمتها وتعديلها، وهنا تلعب وسائل الإعلام الدور الأكبر في ذلك. والسؤال المطروح: هل يوجد حامل اجتماعي سياسي لهذا النوع من الوثائق؟ في الحقيقة، في ظلّ شبه غياب لحياة سياسية تمثلّها أحزاب وتيارات فاعلة، من الصعب الحديث عن حامل. وفي ظل غياب شخصيات سياسية سورية فاعلة ومؤثرة (باستثناء السلطة الأسدية وسلطات الأمر الواقع الأخرى)، من الصعب الحديث عن حامل. وفي ظلّ هيمنة سلطات مُستبدة قامعة للحرية لا تسمح بحرية الرأي والتعبير ضمن الجغرافيا السورية، من الصعب إدارة حوار مُثمر حول هذه الوثيقة وغيرها، يفضي إلى تبنيها من قبل قوى وشخصيات سياسية فاعلة. وفي ظل عدم الاهتمام الدولي والإقليمي بإسقاط الأسديّة والتغيير السياسي في سورية، من الصعب ترجمة وثيقة توافقات إلى نصوص ذات طبيعة دستورية أو سورية جامعة، ولو مرحليّا.
إنّ سؤال الحامل الاجتماعي-السياسي هنا مهمّ ومشروع، وربّما يُفضي إلى اليأس، ولكن إلى أي درجة؟ في هذا السياق، سوف أعرض لنقطتين: الأولى ثمة جهدٌ ينبغي القيام به بغض النظر عن ضمان النتائج، لكونه جهدًا مطلوبًا وسوف نحتاجه نحن السوريين في مرحلةٍ ما في المستقبل، بحيث تكون وثيقة التوافقات وما يشابهها من الجهود الفكرية-السياسية مُتاحةً للاطلاع عليها والاستفادة منها، من قبل صانعي القرار في لحظة معينة. والثانية تُقدِّم الوثيقة -من وجهة نظري- مقاربة رصينة ومُتفهّمة لعدد من القضايا الإشكالية في الحياة السياسية السورية، من قبيل العلمانية والمبادئ فوق الدستورية والعدالة الانتقالية وغيرها، وهذا بحد ذاته خطوة مهمّة لتخفيف الاستقطاب العاطفي، وإعادة السوريين إلى حقل التفكير السياسي العام. في الفقرات التالية من هذه المقاربة، سوف أتناول بعض القضايا الإشكالية التي طرحتها (وثيقة التوافقات) في المحاور التالية: المبادئ فوق الدستورية؛ العلمانية؛ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الوطنية؛ هوية الشعب السوري وإشكالية الإشارة إلى مصادر التشريع.
أولًا: المبادئ فوق الدستورية
تطرح الوثيقة فكرة (القواعد الدستورية المحصّنة- ص11)، أو ما يُعرف عالميًّا بالمبادئ فوق الدستورية، وتوصِّف الوثيقة هذه المبادئ بكونها (قواعد دستورية ذات أهمية خاصة في دولة بعينها، تُعطى حصانة استثنائية ضد التعديل والتغيير تفوق الحصانة التي تُعطى لباقي قواعد الدستور، بحيث يكون تعديلها أو تغيرها أو إيقافها …أمرًا بالغ الصعوبة على السلطات)، كما تبرر الوثيقة ضرورتها في الحالة السورية (ضمان الحقوق والحريات، تحصّن النظام السياسي من تسلل الاستبداد، خلق مناخ من الثقة بين السوريين.. حيث إنها تعالج الخلافات السياسية الكبرى بين الجماعات السورية، وتعالج مخاوفها وهواجسها المُختلفة). وتؤكد الوثيقة ضرورة عدم التوسّع في القواعد الدستورية المُحصّنة إلا بالمقدار اللازم والكافي لتحقيق الغرض. وتعقيبًا على موضوع المبادئ فوق الدستورية التي تطرحه الوثيقة، يمكن القول بوجاهة هذه المبادئ، وسوف أعرض للنقاط التالية ذات الصلة:
وتعقيبًا على موضوع العَلمانية الذي تطرحه الوثيقة، سوف أعرض للنقاط التالية ذات الصلة:
ولا يوجد في القرآن الكريم نصٌّ واضحٌ يقول بقتل المُرتدّ أو بأي عقوبة دنيوية لتارك الإسلام، بل إن العكس هو الصحيح، ولننظر في الآيات القرآنية التالية التي تؤكد حرية الاعتقاد، سواء أكان إيمانًا أو كفرًا: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } [البقرة256]؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس 108]؛ {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} [الكهف 29]؛ {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس99].
إن هذه المعارضة لن تكون فقط من قبل رجال الدين المسلمين السنّة أو الشيعة؛ فالطوائف المسيحية مُمثلة برجال الدين فيها، وكذلك الموحدون الدروز وغيرهم، لن يكونوا أقلّ حماسًا في رفض هاتين المادّتين، وخاصة المادة الأولى التي تشرعِن زواج المرأة من خارج الفئوية الدينية.
ولا ينبغي شرعنة وقبول المصالح الانغلاقية التي يعرضها مُمثلِّو الشّخصنَات الدينية على اختلافها، ولكن ينبغي التنبّه إلى المصاعب التي قد تواجه إقرار هذا النمط من الوثائق الدستورية مستقبلًا. ومن هنا، أقترح إجراء تعديلات على صياغة هاتين المادتين، في حال تضمينهما في أي وثيقة دستورية مأمولة، وإنشاء صيغة تسعى لتدوير الزوايا الحادة بما يجعلها أكثر قبولًا، على ألا تُعطي ذريعة للشخصنات الفئوية الدينية بما يبرر انتهاك حقوق الإنسان.
وما دمنا نتكلم عن وثيقة دستورية، فالمطلوب هو إقرار مبادى عامة، وليس أحكامًا تفصيلية، فهذا يقع خارج إطار الوثيقة الدستورية، وهو متروك لاجتهادات رجال القانون والنخب الاجتماعية-السياسية ذات المصلحة. ويمكن اقتراح الصيغتين التاليتين المُعدّلتين للمادة 16-1 والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
المادة 16- 1، للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
جاء في وثيقة التوافقات: (يعتزّ الشعب السوري بتراثه الحضاري، على تنوّعه، وبانتمائه إلى الحضارتين العربية والإسلامية، ويسعى لتوطيد علاقات صداقة وتعاون وثيقة ومستقرة ومتوازنة مع الدول العربية – ص 7)، وجاء في موضع آخر: (يجب أن لا يتضمن الدستور والقانون أي نصوص تشير إلى التمايز بين الجماعات السورية، ويجب أن تكون التشريعات وضعية. الدولة السورية الجديدة يجب أن تكون منزوعة الصفات، لأنها فضاء مُشترك لا يجوز احتكاره من قبل أي جماعة مهما كانت كبيرة، لأن في ذلك إقصاءً لجماعات أخرى- ص20). وتعقيبًا على ذلك، سأعرض للنقاط التالية:
ومن الواضح أن غالب المشاركين والمهتمين بإدارة نقاشات حول هذه الوثيقة هم فئة (نخبوية) من المثقفين السوريين غير المُنظّمين أو غير المُشتغلين بالسياسة بالخاصة، وهم ليسوا من الفاعلين الاجتماعيين، بالمعنى الشعبي المؤثر في اتجاهات الرأي العام السوري. ومع الأسف، ما يزال الفضاء العام السوري مُهيمنًا عليه، ثقافيًّا، من قبل الخِطابات الشعبويّة الدينية والطائفية والقومية والارتهانات الانتهازية والفئوية الضيقة. وهذه الوثيقة هي محاولة للفعل في زمن القنوط، ومحاولة للتفكير بالمشكلة السورية، ومحاولة إيجاد توافقات بالاستفادة من مُنتجات علم الفلسفة السياسية والاجتماع السياسي الحديث. وإن عملية التلقّي لوثيقة التوافقات مهمّة، وغالبًا ما سوف تصطدم بنمط الاستقطاب السائد سوريًّا، الذي يُشيطن المُختلف، ويجتهد في سبيل تقزيم أي محاولة للتغيير، ويكتفي بتناول الأشخاص والنيّات والدوران في فلك نظرية المؤامرة، وأخطر ما يواجه هذا النمطَ من الجهود الفكرية الرصينة هو الإهمال وعدم التفات الفاعليين والقوى السياسية إليه، لتعارض مصالحهم مع طروحات حيوية وطنية كهذه.
هذه الوثيقة ليست المحاولة الأولى لعمل وثيقة توافقية فكرية سياسية للسوريين، فقد سبقتها كثير من المحاولات، من قبيل وثيقة العهد الوطني بالقاهرة 2012، التي جرت تحت إشراف الجامعة العربية في زمن وسياق مختلفين، ولن تكون هذه الوثيقة هي الأخيرة. ومن المُهمّ تسويق هذه الوثيقة وتعزيز النقاشات حولها، بغية تطويرها من جهة النوعية، وتعميمها شعبيًّا، والتحاور حولها وملائمتها وتعديلها، وهنا تلعب وسائل الإعلام الدور الأكبر في ذلك. والسؤال المطروح: هل يوجد حامل اجتماعي سياسي لهذا النوع من الوثائق؟ في الحقيقة، في ظلّ شبه غياب لحياة سياسية تمثلّها أحزاب وتيارات فاعلة، من الصعب الحديث عن حامل. وفي ظل غياب شخصيات سياسية سورية فاعلة ومؤثرة (باستثناء السلطة الأسدية وسلطات الأمر الواقع الأخرى)، من الصعب الحديث عن حامل. وفي ظلّ هيمنة سلطات مُستبدة قامعة للحرية لا تسمح بحرية الرأي والتعبير ضمن الجغرافيا السورية، من الصعب إدارة حوار مُثمر حول هذه الوثيقة وغيرها، يفضي إلى تبنيها من قبل قوى وشخصيات سياسية فاعلة. وفي ظل عدم الاهتمام الدولي والإقليمي بإسقاط الأسديّة والتغيير السياسي في سورية، من الصعب ترجمة وثيقة توافقات إلى نصوص ذات طبيعة دستورية أو سورية جامعة، ولو مرحليّا.
إنّ سؤال الحامل الاجتماعي-السياسي هنا مهمّ ومشروع، وربّما يُفضي إلى اليأس، ولكن إلى أي درجة؟ في هذا السياق، سوف أعرض لنقطتين: الأولى ثمة جهدٌ ينبغي القيام به بغض النظر عن ضمان النتائج، لكونه جهدًا مطلوبًا وسوف نحتاجه نحن السوريين في مرحلةٍ ما في المستقبل، بحيث تكون وثيقة التوافقات وما يشابهها من الجهود الفكرية-السياسية مُتاحةً للاطلاع عليها والاستفادة منها، من قبل صانعي القرار في لحظة معينة. والثانية تُقدِّم الوثيقة -من وجهة نظري- مقاربة رصينة ومُتفهّمة لعدد من القضايا الإشكالية في الحياة السياسية السورية، من قبيل العلمانية والمبادئ فوق الدستورية والعدالة الانتقالية وغيرها، وهذا بحد ذاته خطوة مهمّة لتخفيف الاستقطاب العاطفي، وإعادة السوريين إلى حقل التفكير السياسي العام. في الفقرات التالية من هذه المقاربة، سوف أتناول بعض القضايا الإشكالية التي طرحتها (وثيقة التوافقات) في المحاور التالية: المبادئ فوق الدستورية؛ العلمانية؛ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الوطنية؛ هوية الشعب السوري وإشكالية الإشارة إلى مصادر التشريع.
أولًا: المبادئ فوق الدستورية
تطرح الوثيقة فكرة (القواعد الدستورية المحصّنة- ص11)، أو ما يُعرف عالميًّا بالمبادئ فوق الدستورية، وتوصِّف الوثيقة هذه المبادئ بكونها (قواعد دستورية ذات أهمية خاصة في دولة بعينها، تُعطى حصانة استثنائية ضد التعديل والتغيير تفوق الحصانة التي تُعطى لباقي قواعد الدستور، بحيث يكون تعديلها أو تغيرها أو إيقافها …أمرًا بالغ الصعوبة على السلطات)، كما تبرر الوثيقة ضرورتها في الحالة السورية (ضمان الحقوق والحريات، تحصّن النظام السياسي من تسلل الاستبداد، خلق مناخ من الثقة بين السوريين.. حيث إنها تعالج الخلافات السياسية الكبرى بين الجماعات السورية، وتعالج مخاوفها وهواجسها المُختلفة). وتؤكد الوثيقة ضرورة عدم التوسّع في القواعد الدستورية المُحصّنة إلا بالمقدار اللازم والكافي لتحقيق الغرض. وتعقيبًا على موضوع المبادئ فوق الدستورية التي تطرحه الوثيقة، يمكن القول بوجاهة هذه المبادئ، وسوف أعرض للنقاط التالية ذات الصلة:
- يوجد مبادئ عامة للإدارة السياسة والحكم الرشيد -عابرة للعصور والمجتمعات- وسورية ليست استثناء في تاريخ الدول. تستند هذه المبادئ إلى مشروعية حقوق الإنسان نفسِها، فكل سوري هو مشمول في جنس الإنسان، وليس العكس، والمُواطنة السورية يجب أن تستند إلى شرعية حقوق الإنسان وليس العكس. بالطبع، يوجد خصوصية معينة للسوريين، وبالطبع يوجد خصوصيات مُختلفة للفئويات السورية نفسها، ولكنها مُجرّد تعينات ظرفية للكينونة الاجتماعية -سواء أكانت فردًا أو جماعة- ولا تخرق المبدأ العام. إن مشروعية المبادئ فوق الدستورية إلى حدّ كبير هي مشروعية بدهيّة فطرية، التزامًا بأولويات الحياة والعدل والحرية، وهي أولويات يعيشها ويقبلها ويطلبها الناس عبر العصور والمجتمعات، ومن ضمنهم السوريون.
- للمُوازنة ما بين العام والخاص، يمكن التمييز بين مجموعتين من المبادئ فوق الدستورية. مجموعة المبادئ العامة التي تستند إلى شرعية حقوق الإنسان، ومثالها مبدأ المواطنة المتساوية أو حق السوري في التعليم الأساسي المجّاني. مجموعة المبادئ الخاصة التيتستند إلى التعين السوري في السياق السياسي الحاضر، ومثالها وحدة التراب السوري ضمن الحدود المُعترف بها دوليًّا، أو اقتراح: سورية دولة فيدرالية-اتحادية، أو اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية مثلًا، أو اقتراح تقييد مدة ولاية رئيس الجمهورية بدورتين انتخابيتين فقط.
- إنّ مشروعية المبادئ فوق الدستورية،سواء أكانت مُنفصلة أو مُتضمَّنة في الدستور،تأتي مناستقراء التجارب السياسية للدول الناجحة عبر العالم؛ حيث تتضمن كثيرًا من المبادئ فوق الدستورية. وثيقة الحقوق في الولايات المتحدة الأميركية التي تم إقرارها في 1791، تبدأ بجملة (لا يحق لمجلس الشيوخ سنّ قوانين تفرض اتباع دين معين، وتمنع حرية النقد حديثًا أو كتابة أو تحدُّ من حرية الصحافة، ولا يحق لمجلس الشيوخ كذا وكذا..) إلخ. الحقوق الأساسية في الدستور الألماني الاتحادي التي تشكل المواد من 1-19 تم تذييلها بجملة (لا يمكن حذف هذه الحقوق الأساسية من الدستور، ولا يجوز لأي تعديل دستوري أن يمسّ جوهرها).
- في البلدان غير المُستقرة سياسيًّا، والبلدان عالية الخطورة لحدوث انتهاكات حقوق الإنسان مُمثلة بالدكتاتورية والانقسام الفئوي الهوياتي وهيمنة تيارات شعبوية… إلخ، تكتسب المبادئ فوق الدستورية أهميّة إضافية، لتحصين المواطن من إساءة استعمال السلطة من قبل العسكر، وحمايته من دكتاتورية الأغلبية.
- المبادئ فوق الدستورية لا تأخذ الطابع التفصيلي عادة.
- الدستور والمبادئ فوق الدستورية تدخل في مجال مرجعية الاختصاص السياسي-القانوني، وليست بالضرورة مرجعية عامة الناس أو عامة السوريين، ولكنها بالطبع لا تأخذ صفة الشرعية قبل عرضها وقبولها من غالب السوريين.. وهذه الفجوة يمكن مَلؤها بالنقاشات العامة والتسويق المُناسب والتعديلات وتدقيق الصياغات.
- يمكن لبعض السوريين أو حتى أكثرية عددية منهم (في لحظة معينة) تبرير الظلم تجاه شخص أو فئوية سورية مُعينة، ولكنّ هذا لا يُشرعِن الظلم، بل يُنظر إليه كقصور مُمِكن ومُؤقت يعتري الكينونة الاجتماعية، ينبغي فهم أسبابه وتصحيحه. سأعرض أمثلة لتوضيح هذه الفكرة: افتراضًا، في لحظة سُعار قومجي أو كردّة فعل تجاه حدث سياسي عنيف مثلًا، يمكن لغالب السوريين أن يصوّتوا لصالح قانون يسمح بتجريد المُواطنين الكرد أو غيرهم من حق الجنسية السورية! كذلك يُمكن توقُّع أن يصوّتَ غالب السوريين على قانون يسمح بالتعذيب، بحجّة الحفاظ على الأمن الوطني في ظرف معيّن مثلًا! في هذه السياقات تحديدًا، تأتي أهمّية المبادئ فوق الدستورية، بكونها تتسامى على قرارات اللحظة الاجتماعية-السياسية، وما قد يعتري البشر من قصور مُمكن ومُتوقع.
- إنّ التخلي عن مُقترح المبادئ فوق الدستورية سوف يجعل الدستور السوري المأمول أضعف وأكثرَ قابلية للتعديل والتلاعب غير البريء، من قبل النافذين.
- النصوص القانونية ذات الطبيعة الفئويّة المؤدلجة، سواء أكانت دينية أو قومية أو مناطقية، لا تصلح لأن تكون بديلًا عن المبادئ فوق الدستورية، حتّى لو كانت موضع قبول غالبية السوريين. لكونها تخرقُ مبدأ المواطنة المتساوية والوطنية السورية الجامعة.
ثانيًا: العَلمانية
وتعقيبًا على موضوع العَلمانية الذي تطرحه الوثيقة، سوف أعرض للنقاط التالية ذات الصلة:
- إنّ وثيقة التوافقات الوطنية أو الخطابات المُشابهة لها تُقدِّم فهمًا مُحدّدًا للعلمانية، يتَّسم بالوضوح ويؤكد ضرورتها، ويتّسم بالتفهّم لضرورة تقديم علمانية ليّنة -غير مُعادية للدين- تناسب خصوصيات المجتمعات السورية المُتدينة في العموم.
- أي نقد لمفهوم العلمانية في الوثيقة، خارج ما قامت الوثيقة نفسها بشرحه وضبطه، يعبّر عن خطاب غير مُنصف وشعبوي مُضلل، ومنه مثلًا القول بأن العَلمانية التي تدعو لها الوثيقة هي نفسها العلمانية التي يسوِّق لها النظام الأسدي! ومنها كذلك القول بأن العلمانية التي تدعو لها الوثيقة تدعو للانسلاخ من الدين والثقافة والإرث الحضاري الإسلامي!
- إنّ مُصطلح (تجريم الطائفية) الذي تعرضه الوثيقة هو عام وغير مُخصص، وتم استهلاكه كثيرًا إعلاميًّا، ومن هنا، أقترح مصطلح تجريم العنصرية بكل أشكالها، بما يشمل التمييز على أساس الانتماء العقائدي والديني بين السوريين.
- العديد من الأحزاب السياسية في الدول ذات التجارب الديمقراطية المُتقدمة هي ذات بعد أو خلفية دينية، ومنها الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا وحزب العدالة والتنمية في تركيا وغيرها، من هنا ينبغي توضيح المقصود بـ (منع تشكيل الأحزاب على أساس ديني مذهبي)، وهنا أقترح أن يكون معيار قانون تشكيل الأحزاب هو أن لا تتعارض مبادئ الحزب مع مبدأ السيادة للشعب ومبدأ المواطنة المتساوية وباقي النصوص الدستورية الحاكمة. إنّ هذا يقتضي تقديم فهم حيوي وطني للدين يؤكد على أولويات الحياة والعدل والحرية. والمبدأ نفسه ينطبق على تشكيل الأحزاب على أساس قومي، حيث ينبغي اشتراط قبول الحزب بالمبادئ الدستورية الناظمة للمساواة بين السوريين، وقبول مبدأ (سورية دولة مُوحدة كاملة السيادة، لا يجوز التنازل عن أي جزء من أجزائها- ص7). إن وجود أحزاب ذات بعد قومي مناطقي شائع في معظم التجارب الديمقراطية الحديثة، كما في حزب الكتلة الكيبيكية في كندا، وحزب رابطة الشمال في إيطاليا، وحزب الحزب الوطني الاسكتلندي في بريطانيا.
ثالثًا: الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الوطنية
- المادة 16- 1 من الإعلان العالمي: للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
- المادة 18 من الإعلان العالمي: لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو مُعتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
ولا يوجد في القرآن الكريم نصٌّ واضحٌ يقول بقتل المُرتدّ أو بأي عقوبة دنيوية لتارك الإسلام، بل إن العكس هو الصحيح، ولننظر في الآيات القرآنية التالية التي تؤكد حرية الاعتقاد، سواء أكان إيمانًا أو كفرًا: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } [البقرة256]؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس 108]؛ {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} [الكهف 29]؛ {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس99].
إن هذه المعارضة لن تكون فقط من قبل رجال الدين المسلمين السنّة أو الشيعة؛ فالطوائف المسيحية مُمثلة برجال الدين فيها، وكذلك الموحدون الدروز وغيرهم، لن يكونوا أقلّ حماسًا في رفض هاتين المادّتين، وخاصة المادة الأولى التي تشرعِن زواج المرأة من خارج الفئوية الدينية.
ولا ينبغي شرعنة وقبول المصالح الانغلاقية التي يعرضها مُمثلِّو الشّخصنَات الدينية على اختلافها، ولكن ينبغي التنبّه إلى المصاعب التي قد تواجه إقرار هذا النمط من الوثائق الدستورية مستقبلًا. ومن هنا، أقترح إجراء تعديلات على صياغة هاتين المادتين، في حال تضمينهما في أي وثيقة دستورية مأمولة، وإنشاء صيغة تسعى لتدوير الزوايا الحادة بما يجعلها أكثر قبولًا، على ألا تُعطي ذريعة للشخصنات الفئوية الدينية بما يبرر انتهاك حقوق الإنسان.
وما دمنا نتكلم عن وثيقة دستورية، فالمطلوب هو إقرار مبادى عامة، وليس أحكامًا تفصيلية، فهذا يقع خارج إطار الوثيقة الدستورية، وهو متروك لاجتهادات رجال القانون والنخب الاجتماعية-السياسية ذات المصلحة. ويمكن اقتراح الصيغتين التاليتين المُعدّلتين للمادة 16-1 والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
المادة 16- 1، للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
- إعادة صياغة المادة 16 –1، للرجل والمرأة حقوق ووجبات متساوية، وللسوريين والسوريات الحق في الزواج وتشكيل الأسرة، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى (موروثة أو مكتسبة)، سواء أكانت ثقافية أو اجتماعية أو مناطقية أو غير ذلك.
- إعادة صياغة المادة18، يضمن الدستور حرية الاعتقاد الديني (لا إكراه في الدين) للسوريين، ويضمن حرية التفكير والتعبير عن الاعتقادات والآراء والتوجهات السياسية وغير السياسية، بما لا يتعارض مع أولويات الحياة والعدل والحرية.
- لا يوجد أي نص قرآني أو حديث نبوي (صحيح) يُشرعن أو يسوغ إكراه المرأة على الزواج، وغالب المُمارسات المُجحفة تتعلق بالعادات والتقاليد وهيمنة الثقافة الذكورية اجتماعيًا.
- كثير من الفقهاء المسلمين، خاصة في المذهب الحنفي، يُجوّزون أن تكون العصمة بيد المرأة، بناءً على اشتراط عقد الزواج أو التفويض، وأن يكون لها الحرية في تطليق نفسها. يوجد العديد من الاجتهادات الفقهية الحديثة -وفقًا للباحث الإسلامي أحمد الرمح- تجوّز ذلك، وكذلك فتوى حسن الترابي مثلًا التي لا تمانع في زواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابي (مسيحيًّا كان أو يهوديًّا)، وفي كل الأحوال، إنّ الالتزام بالنصوص والفتاوى الدينية الخاصة بالجماعة الفئوية هو حق وخيار للشخص نفسه، ولا ينبغي أن يتحوّل إلى قانون عام.
- · لا نجد تعارضًا بين المادتين (المادة 16- المادة18) والنصوص القرآنية ذات الصلة في هذا المجال. مع التذكير بكون اللا- تعارض الصريح لا يساوي التوافق الصريح.
جاء في وثيقة التوافقات: (يعتزّ الشعب السوري بتراثه الحضاري، على تنوّعه، وبانتمائه إلى الحضارتين العربية والإسلامية، ويسعى لتوطيد علاقات صداقة وتعاون وثيقة ومستقرة ومتوازنة مع الدول العربية – ص 7)، وجاء في موضع آخر: (يجب أن لا يتضمن الدستور والقانون أي نصوص تشير إلى التمايز بين الجماعات السورية، ويجب أن تكون التشريعات وضعية. الدولة السورية الجديدة يجب أن تكون منزوعة الصفات، لأنها فضاء مُشترك لا يجوز احتكاره من قبل أي جماعة مهما كانت كبيرة، لأن في ذلك إقصاءً لجماعات أخرى- ص20). وتعقيبًا على ذلك، سأعرض للنقاط التالية:
- لنميّز ما بين الحقل السياسي-القانوني، والحقل الثقافي-الحضاري. ضمن الحقل السياسي-القانوني، ينبغي أن تكون الدولة منزوعة الصفات الأخرى، باستثناء كونها دولة سورية، أي دولة لجميع السوريين دونما تمييز. بينما في الحقل الثقافي-الحضاري، الشعب السوري هو شعب متعدد الثقافات والهويات الدينية والقومية والمناطقية، كغيره من شعوب الأرض. يشكل البعد العربي-الإسلامي بُعدًا مُهمًّا في انتماء السوريين الثقافي والحضاري، إضافة إلى أبعاد أخرى، ولا سبيل إلى إنكار هذا البُعد الملموس، سواء تضمّنت الوثائق الدستورية أو السياسية ذلك، أم لا. كما ينبغي التأكيد على المقصود بالعروبة، فهي أوسع من كونها قومية وعرقًا، كما ينبغي النظر إلى الإسلام نظرة أوسع من كونه عقيدة دينية فقط يحتكرها المؤمنون.
- يمكن اقتراح تضمين وثائق دستورية سورية مستقبلية صيغًا، من قبيل (الشعب السوري ينتمي ثقافيًّا إلى الفضاء العربي الإسلامي وفضاءات مَشرقية ومتوسطية متنوعة وغنية، دون أن ينبني على التعدد والغنى الثقافي أي امتيازات سياسية وقانونية، سواء أكانت سلبية أو إيجابية).
- أقترح عدم إدخالمواد أو إشارات تعطي الدولة طابعًا دينيًا فئويًا، وبما قد يسهِّل لاحقًااستغلالمواد وإشارات من قبيل:دين رئيس الدولة، أحكام الشريعة الإسلامية، القرآن، السنّة النبوية، ونحوها.
- تطبيق صيغ وسطية اختيارية، في قضايا إشكالية وحسّاسة، من قبيل حرية اختيار الزوجين لنمط عقد الزواج، ديني أو مدني؟ وكذلك حرية اختيار الورثة لنمط توزيع الإرث.. إلخ.
- دساتير البلدان العربية كافة تتضمن فقرات، من قبيل (الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للتشريع، الدولة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، القرآن الكريم والسنّة النبوية هما المصدر الأساسي للتشريع.. إلخ). في الحقيقة، إن تضمين أي وثيقة دستورية سورية إشارات إلى الشريعة الإسلامية سوف ينبني عليه تمايزات في التعامل بين المواطنين السوريين، حيث إنّ (أحكام الشريعة الإسلامية) ذات مرجعية فئوية، وهي عمل اجتهادي بشري، بالاستناد إلى فهوم وتفسيرات مُعينة للنصوص المقدسة صيغت في عصور ما قبل نشوء الدولة الحديثة ومبدأ العقد الاجتماعي والمواطنة المتساوية.
- يمكن اقتراح تضمين الصيغة التالية: مقاصد الشريعة الإسلامية (بمقتضى أولويات الحياة والعدل والمساواة والحرية بين البشر والسوريين) هي أحد مصادر التشريع السوري. مع ملاحظة أنّ مقاصد الشريعة -كما اصطلح عليها عموم الفقهاء المسلمين- لا تتوافق مع أولويات الحياة والعدل والحرية التي هي أولويات يقبلُها عموم الناس عبر العصور. كيف ذلك؟! يبدو ذلك في إعطاء علماء أصول الفقه المسلمين الأولوية لحفظ الدين على حفظ النفس وبقية المقاصد.
- من هنا، قد يكون عدم الإشارة إلى فقرة مصادر التشريع خيارًا واردًا، أو الاكتفاء بكون الشرعة الدولية لحقوق الإنسان هي مصدر أساسي للتشريع، أو استخدام صيغة (مقاصد الشريعة الإسلامية، بمقتضى أولويات الحياة والعدل والمساواة والحرية، هي أحد مصادر التشريع السوري. من ميزات الخيار الأخير أنه يسهم في تسويق الوثيقة الدستورية شعبيًّا، ويعزز الشعور النفسي الإيجابي بالانتماء الحضاري للسوريين، ويؤكد الجانب الحيوي (العابر للمجتمعات) من الإرث الثقافي الإسلامي، من غير أن ينبني على ذلك أي قوانين تميزية بين السوريين.
- إن مقاصد الشريعة الإسلامية بمقتضى أولويات الحياة والعدل والحرية هي نفسها مقاصد أي شريعة (بغض النظر عن اسمها ومصدرها)، تلتزم بتلك الأولويات، فما يُصلح حال المسلمين هو نفسه ما يُصلح حال المسيحيين، وهو نفسه ما يصلح حال الملحدين، وهو نفسه ما يصلح حال السوريين، وهو نفسه ما يصلح حال غيرهم من الشعوب أو أيّ اجتماع بشري، فوفقًا لابن القيم الجوزية (أينما يكون العدل، فثَمّ شرع الله).