وكان محمد بن سلمان أعلن عن فكرة المدينة، عام 2017، مبشرا بأنها ستحمل أفكارا معمارية وتقنية شديدة الابتكار.
وقالت أنيل شيرلاين، من معهد كوينسي في واشنطن: "لم نشهد بعد الدرجة نفسها من المراقبة الجسدية (في السعودية) كما رأينا في الصين، لكن الصين تعمل مع السعوديين ودول الخليج الأخرى لبدء فعل ذلك".
ووجد تقرير صادر عن معهد واشنطن للأبحاث أن الصين قدمت بالفعل تقنية مراقبة لإنشاء ما يسمى بـ "المدن الآمنة" (التي تعتمد على بيانات المستخدمين) وذلك في مصر وصربيا.
وقالت جيلي بوليلاني، زميلة جامعة هارفارد التي ترصد طموحات الصين العالمية، لبيزنس إنسادير، إن شي يسعى إلى "إضفاء الشرعية على رؤيته للفضاء السيبراني، الذي تقوده الدولة والجمهور الخاضع للمراقبة".
ويبدو أن محمد بن سلمان حريص على تكرار تلك المشاريع على نطاق أوسع، وفق "إنسادير". ويقول مخططو المدن إن المدن الذكية الحالية تستخدم حوالي 10 في المئة من بيانات المستخدمين، أما "نيوم" فتسعى لاستخدام 90 في المئة من هذه البيانات، وفق مخططي المدينة.
وقال جيمس شيريس، الباحث في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن، إن ولي العهد لديه طموحات لتوفير جميع الخدمات في المدينة، من جمع النفايات إلى الصحة إلى تنظيم أوقات القطارات، استنادا إلى بيانات مثل الهواتف الذكية وتكنولوجيا المراقبة.
وأضاف: "تم تصميم نيوم لتخطي تلك (المدن الذكية الأخرى)، لتبدأ من الألف إلى الياء بطريقة مصممة بالكامل لجمع البيانات واستخدام تلك البيانات لخدمة المدينة".
لكن بعض الأصوات تحذر من أن الرؤية المستقبلية لنيوم تخفي مشروعا "أكثر قتامة" يكرس الاستبداد، من ناحية استخدامها كأداة للمراقبة من قبل الدولة.
وقال جيمس شيريس، الباحث في تشاتام هاوس، إن أحد أشكال هذه التكنولوجيا هو كاميرات المراقبة المرتبطة بتقنية التعرف على الوجه التي يمكن استخدامها لتتبع تحركات الشخص في الماضي وفي الوقت الحقيقي، وهو ما يمثل "خطرا حقيقيا على خصوصية الناس".
وتوفر التكنولوجيا الصينية القدرة على ربط لقطات كاميرات المراقبة بمجموعات بيانات أخرى عن الشخص، مثل المعلومات البيومترية.
ومصدر قلق محتمل آخر هو التكنولوجيا السحابية، وتحديدا الشركات التي تخزن كميات هائلة من بيانات الكمبيوتر. وقد وقعت شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" بالفعل عقودا مع نيوم بهذا الشأن.
وقال شيريس إن هناك أسئلة ضخمة بشأن مدى حماية الخصوصية التي ستوفرها الشركة للمستخدمين في المدينة.
ولم ترد "هواوي" على الفور على استفسارات للموقع بشأن دورها في نيوم، وكذلك لم يرد متحدث باسم نيوم على طلب للتعليق بشأن مخاوف المراقبة.
الجدير بالذكر أن السعودية تحكرت لتعزيز قوانين خصوصية البيانات.ومن أحدث القوانين التي وضعتها المملكة في هذا الشأن قانون حماية البيانات الشخصية ولائحته التنفيذية التي تضع "الأساس القانوني لحماية حقوقك فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية من قبل جميع الكيانات في المملكة، وكذلك جميع الكيانات خارج المملكة التي تعالج البيانات الشخصية المتعلقة بالأفراد المقيمين في المملكة باستخدام أي وسيلة، بما في ذلك معالجة البيانات الشخصية عبر الإنترنت".
لكن منظمات حقوقية، مثل هيومن رايتس ووتش، حذرت من أن القوانين ضعيفة للغاية، بحسب ما جاء في التقرير