نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


مدونة تفكير وسلوك خاصة بالقوى السياسية السورية






يحتاج الحقل السياسي السوري إلى مجموعة من المحدِّدات والضوابط بعد أن أُتخمنا، طوال عشر سنوات، بمنتجي الفوضى والشعارات والأوهام والصراخ والبلاهة والتفاهة والهبل والتبعية، وبعد أن سيطر قانون التشظي والتفسخ على الأداء السياسي بكليّته. نحن أحوج ما نكون إلى مدونة تفكير وسلوك تنظِّم العمل السياسي وتراقب أداء العاملين في الحقل السياسي، تلتزمها القوى والشخصيات السياسية المختلفة إن أرادت أن تكون وطنية وديمقراطية وتقدمية في آنٍ معًا.

على الرغم من أن القوى السياسية الحاضرة في المشهد السوري هي قوى صغيرة وضعيفة في معظمها، وعلى الرغم من أوزانها وأدوارها غير الفاعلة حاليًا، إلا أن بناء الدولة الوطنية وإرساء النظام الديمقراطي، في المستقبل المتوسط والبعيد، يتوقفان على نمو وفاعلية القوى السياسية في الحصيلة، وهذا يفسِّر أهمية وجود ضوابط ومعايير ناظمة للحقل السياسي.


تكتسي الضوابط والمعايير في اللحظة الراهنة، بالضرورة، صبغة أخلاقية، بحكم غياب الدولة التي تنتج القوانين، لكن هذا لا يقلِّل من أهمية الاتفاق على عدد من الضوابط والمعايير الأساسية، وهذه مقدمة مهمة لتحويل معانيها الأخلاقية إلى قوانين واضحة مع كل خطوة يمكن أن نسيرها باتجاه سورية الجديدة.

إن إنتاج مثل هذه المدوّنة والتوافق عليها والتزامها هو ما يمكن أن ينقلنا من العقل السياسي الفصائلي أو الميليشياوي إلى العقل الوطني، ومن الأيديولوجية إلى السياسة، ومن الانبهار بالإعلام والخضوع له إلى العمل الثقافي، ومن الخفة والانحطاط إلى الرصانة والعمق وإنتاج التقدم، ومن فهم السياسة على أنها لعبة في السراديب إلى فهم الاستراتيجيات والتكتيك، ومن التذاكي الغبي والفهلوية الحمقاء إلى التفكير العميق والدقيق والمتبصِّر، من الرهان على الحظ وطاولة الزهر إلى قراءة الواقع وموازين القوى ولعبة الشطرنج، ومن الرقص على الحبال والضحك على البشر واستغبائهم إلى مصارحتهم والتقدم معهم وبهم ومن أجلهم، ومن المراهنة على الآخرين وانتظارهم إلى الإيمان بأنفسنا وبقدراتنا، من الأعمال التي يفني بعضها بعضًا إلى الاشتراك والتشارك في عمل وطني ديمقراطي تقدّمي من أجل السوريين وسورية.

في ما يأتي مدونة تفكير وسلوك مقترحة، وهي خاصة بالقوى والشخصيات السياسية إن أرادت أن تكون وطنية وديمقراطية وتقدمية في آنٍ معًا:
 

أ- المشروع الوطني الديمقراطي

1- تلتزم القوى والشخصيات السياسية السورية أسسَ ومرتكزات بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، وتعمل في الحقل السياسي بوحيها، واستنادًا إليها، خاصة لجهة استلهام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وإقرار مبدأ المواطنة المتساوية، والتزام النهج الوطني الديمقراطي، ورفض وإدانة الاندراج في مشروعاتٍ سياسية أو أيديولوجية أو اقتصادية لا تتوافق مع المصلحة الوطنيّة السوريّة، ومصلحة السوريين جميعهم.

2- تلتزم القوى السياسية السورية ضمانَ حقّ المشاركة السياسية للمواطنين السوريين جميعهم، وعدم استبعاد مشاركة أي تيار سياسي، وتنبذ كل تفكير في اجتثاث أي تيار سياسي، ولا تستثني إلا أولئك الذين اندرجوا في آليات القتل والفساد، أكانوا في صفوف النظام أم في المعارضة الحالية بأطيافها كافة، السياسية والعسكرية، وتستند في ذلك إلى قضاء عادل ونزيه وشفاف حصرًا.
 

ب- الخطاب السياسي والإعلامي

1- تدين القوى السياسية التطرف بأشكاله كافة، القومية والدينية والطائفية والأيديولوجية، وترى أن التطرف هو جذر كل الممارسات الإرهابية.

2- رفض وإدانة كل تحريض يؤدي إلى نموِّ مشاعر الحقد والانتقام بين السوريّين، وكل خطابات الكراهية، أكانت على أساس ديني أو طائفي أو إثني أو أيديولوجي أو مناطقي أو جنسي.

3- رفض وإدانة الخطاب السياسي/ الإعلامي الذي يرتكز على تحشيد السوريين على أسس إثنية أو دينية أو طائفية، وإدانةُ أي بيانٍ أو تصريحٍ أو خطابٍ يرتكزُ على التحشيد والتجييش والإقصاء ضدّ أي فئة سوريّة على أساس إثني أو ديني أو ثقافي أو مناطقي أو مهني أو جنسي.

4- تلتزم القوى السياسية عزلَ أطراف الصراع التي ركبت على الانقسامات العمودية في المجتمع السوري، وتماهت مع التدخلات الإقليمية والدولية التي استثمرت في الانقسامات هذه، وفي الأطراف نفسها.
 

ج- العلاقة بين القوى السياسية

1- تدين القوى السياسية الاستبداد بأشكاله كافة، السياسية والدينية والأيديولوجية، وتقرّ التزام الديمقراطية في علاقاتها ببعضها بعضًا، ومع الشعب السوري.

2- تلتزم القوى السياسية إرساء تقاليد سياسية حديثة في التعامل في ما بينها أو في بناء تحالفاتِها السياسية أو مخاطبتها لبعضها بعضًا، واعتمادَ الحوار سبيلًا لحلِّ المشكلاتِ في ما بينها، وترفضُ لغة التخوين وخطاب الكراهية، وتلتزم الصدقيّة في تحالفاتها، بعيدًا من البراغماتية العوراء والمصالح الضيقة، الفردية والفئوية، وتلتزم مناقشة جميع المسائل السياسية الخلافيّة في ضوء الوطنيّة السوريّة الديمقراطية، لا ضدها أو بالتخارج معها.

3- كلُّ حوارٍ أو تحالفٍ سياسيٍّ بين القوى السياسية السوريّة مرحبٌ به، شريطة ألا يكونَ موجهًا ضد سوريّة، أو ضدّ إحدى الفئات الاجتماعية السوريّة، أو يخدمُ تدخلَ دولةٍ أو جهةٍ خارجية ما في الشأن السوري.
 

د- حيازة واستخدام السلاح

1- كل سلاح خارج إطار الدولة المستقبلية هو سلاح غير شرعي، وتلتزم القوى السياسية جميعها تسليمَ سلاحِها إلى الدولة السوريّة الجديدة التي هي وحدها صاحبةُ الحقِّ بحيازة السلاح واستخدامه في ضوء الدستور والقانون.

2- كل عمل مسلّح خارج إطار الدولة السورية الجديدة أو خارج مظلة سياسية وطنية توافقية في ظل غياب الدولة هو عمل إرهابي.

3- إدانةِ كلِّ قوةٍ سياسيةٍ أو عسكريةٍ تسعى لفرضِ وجودها أو مصالحها أو أيديولوجيتها أو معتقدها بقوة السلاح.
 

ه- الثروة الوطنية والديموغرافيا السورية

1- ترفض القوى السياسية أيِّ تغييرٍ ديموغرافيٍّ في أي بقعة من سوريّة، وتقرُّ بحقِّ كلِّ سوريٍّ في العودة إلى وطنه وبيته في أيٍّ وقتٍ، فكلُّ ما يُفرض بقوة السلاح مرفوضٌ ومدانٌ، وينبغي تجريمُ السلوكاتِ هذه كلِّها قانونيًا في سوريّة الجديدة.

2- تقرّ القوى السياسية بأن الثروات السوريّة في الجغرافيا السوريّة كاملة ثرواتٌ وطنيّةٌ عامة، وأن التصرفَ بها هو من حقِّ القوى المنتخبة أو القوى التي تمثِّل الحكومة الشرعية الجديدة التي تُشكّل استنادًا إلى قواعد النظام الديمقراطي حصرًا. لذلك، أيُّ محاولةٍ من أيِّ قوةٍ سياسية لفرض أمرٍ واقع في سوريّة أو تحوّلها إلى قوة أمرٍ واقعٍ تتصرف بالثروة السوريّة والأرض السوريّة كيفما تشاء، أو وضع اليد عليها أو اقتسامها أو عقد اتفاقات خارجية بشأنها، هي سلوكاتٌ مرفوضةٌ جملةً وتفصيلًا، وينبغي تجريمُها قانونيًا.
 

و- العلاقات مع القوى الخارجية

1- تلتزم القوى السياسية تأسيسَ ديناميّةٍ جديدةٍ، في سوريّة الجديدة، تجعل الارتهانَ للخارج أمرًا ممجوجًا ومدانًا، وتجريمَ كلِّ قوةٍ تستعينُ بأيِّ قوةٍ خارجية، استنادًا إلى التماثل الأيديولوجي أو القومي أو الديني، ضدّ المصالح الوطنية السورية والنظام الديمقراطي الجديد، وتجريمَ كلِّ قوةٍ سوريّةٍ تحاولُ التدخّل في صراعاتٍ غير سوريّة بإرسال أعضائها أو جنودها إلى أيِّ مكان خارج سوريّة.

2- تلتزم القوى السياسية السعي لأن تنصّ القوانين، في سوريّة الجديدة، على رفضِ أي قوةٍ سياسية تجعلُ من نفسها فرعًا تنظيميًا صريحًا لقوةٍ غير سوريّة، أو تجعلُ من نفسها مركزًا تنظيميًا صريحًا لفروع غير سوريّة.

3- تقرّ القوى السياسية بحقّ أي قوة سياسية في عقد اتفاقاتٍ سياسيةً أو ثقافية أو تدريبية في سياق تبادل الخبرات مع قوى غير سوريّة تشاركُها الرأي، لكن لا يحقُّ لأيِّ قوةٍ سياسية أن تعقدَ أيَّ اتفاقاتٍ، سرية أو علنية، مع الدول أو أي جهاتٍ خارجية تتعلق بالمصالح الوطنيّة السوريّة والممتلكات الوطنيّة؛ فهذا العمل من حقِّ القوى المنتخبة أو القوى التي تمثِّل الحكومةَ الشرعية الجديدة التي تُشكّل استنادًا إلى قواعد النظام الديمقراطي.
 

أخيرًا؛ عندما تقرّ القوى والشخصيات بالبديهيات السابقة وتلتزمها حقًا، يصبح هناك معنى لاجتماعاتها ومؤتمراتها وندواتها وحواراتها وتحالفاتها وائتلافاتها، وغير ذلك ستبقى تعمل في الفراغ، وتلتقي في الفراغ، وتناقش في الفراغ، ولا تنتج إلا الفراغ.
-------
المدن


حازم نهار
الاربعاء 9 فبراير 2022