موقع المخيم:
يقع المخيم في منطقة المثلث على الحدود السورية-الأردنية-العراقية، في الجهة الجنوبية الشرقية من سورية، ضمن الطرف السوري من المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح بين الأردن وسورية.
ويبعد المخيم عن معبر التنف الحدودي مع العراق قرابة 12 كم باتجاه الجنوب، كما يبعد مسافة 25 كم عن قاعدة التنف العسكرية التابعة للتحالف الدولي، وهو واقع ضمن منطقة الـ 55 كم التي تتوسطها قاعدة التنف، والتي حددتها قوات التحالف الدولي على أنها منطقة خاضعة لحمايتها، ويُحظر على قوات النظام وحلفائه دخولها عبر تفاهمات مؤقتة مع روسيا،
يمتد المخيم على طول 7 كيلومترات، وسط “صحراء الحماد” القاحلة، والتي لا ينبت فيها حتى النبات الصحراوي ولا تعيش فيها الحيوانات الصحراوية، ويندر فيها وجود الماء، وتخضع لظروف مناخية قاسية، كالعواصف الرملية المتكررة والحرارة المرتفعة صيفاً والبرد القارس شتاءً
أنشئ المخيم منتصف عام 2012 ليكون نقطة عبور لدخول النازحين إلى الأردن، ثم تحول إلى مخيم بشكل رسمي أواخر 2014
سكان المخيم:
ينحدر معظم قاطنيه من أرياف الرقة ودير الزور وحمص، حيث نزح إليه آلاف الأسر من حمص وريفها والرقة ودير الزور واتسع في إحدى الفترات ليصل عدد قاطنيه إلى 70 ألف نسمة جلهم من الأطفال والنساء، لينخفض عدد سكان المخيم في عام 2018 ليصل لنحو 45 ألف نازح، ثم ليتضاءل عدد قاطنيه تدريجياً لاضطرار كثير من قاطنيه لمغادرته بسبب الحصار الخانق ولوجوده في منطقة صحراوية قاحلة، ولقد تعرض الأطفال فيه لكثير من حالات الموت بسبب انعدام الغذاء والدواء والبرد الشديد أيام الشتاء، ويصل عددهم اليوم إلى نحو 10500 نازح حسب ينس لارك، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي ،ويعيش معظم هؤلاء النازحين ضمن خيام بُليت نتيجة العوامل الجوية القاسية، بالإضافة إلى وجود عدد محدود من البيوت الطينية التي قام أصحابها ببنائها على نفقتهم الشخصية.
و حسب ينس لارك، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (فإن أكثر من 20 ألفا و700 فرد غادروا المخيم منذ تشرين الأول 2019، حيث تم تسكين 20 ألفا و353 فردا منهم في الملاجئ الجماعية بمدينة حمص)
حصار المخيم:
دخل المخيم في حزيران/ يونيو 2018 في ظروف حصار جزئي، مع إعلان الأردن إغلاق المنفذ مع المخيم على إثر الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش على موقع عسكري أردني، ما أودى بحياة سبعة جنود أردنيين وجرح 13 آخرين.
وخضع المخيم لحالة حصار خانق في تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه بعد إغلاق النظامِ السوري جميع المنافذ التي تؤدي إلى المخيم، لا سيما الحاجز العسكري الذي يقع في منطقة المثلث، والذي يُعرف باسم حاجز طريق الضمير، ويبعد نحو 70 كم عن المخيم، استمر الأمر على هذا النحو حصار شبه كامل مع انعدام الاستجابة الإنسانية، الأمر الذي جعل الكثيرين من سكانه يغادرونه باتجاه مناطق النظام ثم ليخضع المخيم لحصار تام من كل الجهات، بعد إغلاق المنفذ الواصل إلى الأردن بضغط روسي، وإغلاق طريق الضمير من قبل قوات نظام الأسد والشرطة الروسية، فضلاً عن إغلاق جميع المنافذ لإجبار النازحين على الخروج إلى مناطق سيطرة النظام. بينما تمتنع القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة التنف التي تبعد 16 كيلو متراً فقط من تقديم المساعدة بحجة أن تقديمها لمرة يعني تقديمه باستمرار وحفاظاً على تفاهماتها مع الجانب الروسي.
وقد طالب أعضاء الكونغرس الأميركي خلال الشهر الماضي إدارة بايدن (بمعالجة الأزمة الإنسانية التي تعصف بمخيم الركبان منذ ثماني سنوات، ذلك المخيم التعيس غير الرسمي الذي أقيم للنازحين شرقي البادية السورية، على بعد بضعة كيلومترات من قاعدة التنف العسكرية التي تترأسها الولايات المتحدة. إذ منذ عام 2015، أحجم كل من الأردن والنظام السوري وروسيا والولايات المتحدة عن نسب مسؤولية هذا المخيم له، ما أدى إلى عدم اتخاذ أي إجراء حياله طوال فترة طويلة من الزمن، على الرغم من الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها ذلك المخيم.)
الأوضاع الإنسانية في المخيم
- وضع المياه
يعتمد سكان المخيم يعتمدون في تأمين مياه الشرب على الجانب الأردني الذي كان يزودهم بشكل دوري بالمياه ذات الطبيعة الكلسية التي يتم تصفيتها داخل الأراضي الأردنية، ثم تنقل عبر صهاريج إلى المخيم، إلا أن هذه العملية لم تكن منتظمة، مما دفع سكان المخيم إلى القيام بتجميع مياه الأمطار، إضافة إلى الاعتماد على مياه بئر (الدكاكة) القريب، رغم أن مياهه مالحة وغير صالحة للشرب.
وقد خفف الأردن خلال اليومين الماضيين كمية المياه القادمة إلى مخيم الركبان، إلى أقل من الربع، حيث إن منظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن تمويل شركة المياه المسؤولة عن نقل المياه من الأردن إلى مخيم الركبان، خفّضت تمويلها وأدى ذلك لنقص في كمية المياه الواردة إلى المخيم مع عدم وجود أي بديل لدى السلطات الأردنية لإيصال المياه للمخيم. لتزداد معانة الأهالي مع اشتداد الحر ودخول فصل الصيف.
- الوضع الاغاثي
قال ينس لارك، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (إن قوافل المساعدات الإنسانية لم تصل إلى المنطقة منذ أيلول 2019 (فلم تصل أي مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة إلى المخيم منذ نحو 3 سنوات ،وانعدام تام للمواد الأساسية داخل المخيم، فلا وجود للطحين والبرغل والأرز وزيت القلي، بعد منع دخولها من مناطق النظام. وانقطاع حليب الأطفال بالكامل مما يهدد حياة مئات الرضع داخل المخيم. وتوقف فرن الخبز الوحيد في المخيم عن العمل وانقطاع الغاز المنزلي بالكامل عن المخيم. وقال أحد سكان المخيم (لا يوجد طحين في الأفران بسبب الحصار الذي يفرضه نظام الأسد منذ 10 أيام، وأنهم يصنعون الخبز من النخالة التي تستخدم كعلف للحيوانات، وهو ما يتسبب في حدوث آلام في المعدة وأمراض للأطفال)
- الوضع الاقتصادي
لا يتواجد أي نشاط تجاري أو إغاثي في المخيم، باستثناء بضع محلات تجارية صغيرة، وفرص العمل فيه شبه معدومة. كما أن سكان المخيم لا يتلقون أي دعمٍ مادي من أي منظمة على غرار بقية المخيمات داخل سورية وخارجها، مما فاقم من سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وتعيش معظم العائلات تحت خط الفقر، ويعتمد الكثير من السكان على التسول والبحث في النفايات من أجل الحصول على الطعام، بينما يعتمد آخرون على ما يصلهم من أموال ومساعدات محدودة من أقاربهم وأبنائهم خارج المخيم.
- الوضع الطبي
أدى الحصار إلى منع دخول المساعدات الطبية إلى المخيم، بما منع المراكز الطبية الصغيرة التي أقامها متطوعون من الحصول على المستلزمات الرئيسية البسيطة لعملها، وجعل العناية الطبية تصل إلى مستوى معدوم وانتشرت على إثر ذلك الأمراض كالتهاب الكبد الوبائي والأمراض الجلدية والإسهال وحالات الإصابة بالرمل والحصيات في الكلى، ولدغ القوارض والعقارب والجرذان بشكل كبير بين سكانه وخاصة الأطفال مما زاد من نسبة الوفيات بشكل ملحوظ ، فالوحدة الصحية الوحيدة في المخيم لا يوجد بها أي أطباء، والفريق الطبي الذي يعمل بها مكون من طاقم تمريض فقط
- الوضع التنظيمي
أعلن في 16/6/2016 عن تشكيل “مجلس عشائر تدمر والبادية السورية” داخل المخيم. ويتكون المجلس من خمسة عشر عضواً. ثم أعلن في مطلع 2017 عن تشكيل مجلس محلي خاص بالمخيم يديره 27 شخصاً من وجهاء العشائر، من أجل تنظيم الأمور المدنية وخاصة فيما يتعلق بتوزيع الإغاثة ومتابعة شؤون التعليم وضبط الأمن
- الوضع التعليمي
لا توجد حالياً أي مدارس نظامية داخل المخيم، بما يجعل جميع الأطفال خارج العملية التعليمية منذ عدة سنوات. ويُحاول بعض سكان المخيم التعويض عن ذلك بنشاطات تطوعية تعليمية عبر تحويلهم لبعض الخيام أو الغرف الطينية لصفوف متواضعة للتعليم، إلا أن هذه المبادرات فردية وغير مدعومة وغير منتظمة، ولا تستوعب إلا أعداداً يسيرة جداً من الأطفال الذين يشكلون نصف سكان المخيم.
إن الأسلوب المتبع لدى قوات النظام وتطبيق مفهوم الجوع أو الاستسلام يصنف ضمن جرائم الحرب ضد المدنيين القاطنين في مخيم الركبان والسعي لحصول مجاعات ضمن المخيم لإجبار النازحين المتواجدين ضمنه للعودة إلى مناطق سيطرة النظام. وبالفعل فقد اضطر عدد من النازحين في المخيم من العودة إلى مناطقهم بسبب الحصار الشديد وموجات الجوع والبرد وتردي الحالة الصحية ووفاة العديد من الأطفال تبعاً لذلك فكان مصير بعضهم الاعتقال والاختفاء في سجون النظام، ومات بعض هؤلاء تحت التعذيب في سجون النظام.
وكنا في اللجنة السورية لحقوق الإنسان قد وجهنا مناشدات عدة لفك الحصار عن المخيم، وإيصال مساعدات عاجلة للأهالي هناك. لذا فإننا نجدد مناشدتنا ونطالب المجتمع الدولي بممارسة ضغوط حقيقية على قوات النظام وروسيا لفك الحصار عن المخيم ،و نطالب السلطات الأردنية بفتح الحدود الأردنية من طرف مخيم الركبان لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المخيم ، كما نطالب جميع المنظمات والهيئات الانسانية والدولية وفي مقدمتهم الأمم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة اليونيسف التدخل الفوري لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود وخاصة أن المؤن والمواد الغذائية نفدت بشكل كامل، ونطالب بمحاسبة جميع المتورطين في حصار مخيم الركبان لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.