نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


مجزرة مستشفى غزة.. منعطف لحرب إسرائيل على القطاع





قبل 23 عاما أنهت رصاصة حياة الطفل الفلسطيني محمد الدرة (12 عاما)، وجابت صوره شوارع العالم، فانتفضت عدة عواصم عربية وإسلامية وحتى غربية عبر مظاهرات واعتصامات منددة بـ"قتل الجيش الإسرائيلي طفلا بريئا".
وفي 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تتكرر الجريمة نفسها، ولكن بشكل أكثر ترويعا.. 500 مدني بينهم أطفال ومرضى وأطباء وممرضون قتلوا في يوم واحد، وبضربة واحدة على المستشفى المعمداني في قطاع غزة.


ـ أوروبا تتراجع خطوة إلى الوراء في دعمها الأعمى لإسرائيل، وتصاعد مرتقب للمظاهرات المنددة بمجزرة المستشفى المعمداني- ايه ايه
ـ أوروبا تتراجع خطوة إلى الوراء في دعمها الأعمى لإسرائيل، وتصاعد مرتقب للمظاهرات المنددة بمجزرة المستشفى المعمداني- ايه ايه

ـ أوروبا تتراجع خطوة إلى الوراء في دعمها الأعمى لإسرائيل، وتصاعد مرتقب للمظاهرات المنددة بمجزرة المستشفى المعمداني
ـ تصعيد مصري أردني ضد مشروع تهجير الفلسطينيين وفرملة قطار التطبيع مع السعودية والمغرب
ـ إيران تعلن "انتهاء الوقت" وتلوح بقرب انخراط "حزب الله" في الحرب  

الأطقم الطبية كانت على علم بأن المستشفى سيتم قصفه بعد التحذير الإسرائيلي بإخلائه قبل استهدافه، لكنهم أصروا على البقاء مع مرضاهم، خاصة وأن الكثير منهم يصعب نقله إلى أي مكان لأن في ذلك خطرا على حياتهم.
ربما لم يكن مسؤولو المستشفى، والنازحون الذين احتموا به، يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي يمكن أن يُقْدم على مثل هذه "الجريمة"، خاصة وأن ذلك من شأنه أن يكون له تأثير على تماسك الجبهة الغربية الداعمة لحربه على غزة.
لكن ما كان مستبعدا.. وقع، فإسرائيل تعتقد أن لديها ضوءا أمريكيا وغربيا مفتوحا لارتكاب ما تراه مناسبا لتهجير سكان غزة مرغمين أو مجبرين إلى خارج "الأرض الأخيرة".
لكن حجم جريمة المستشفى المعمداني كان فوق ما يحتمله الضمير الإنساني، ما سبب صدعا في سد التأييد الغربي المطلق لإسرائيل، من المتوقع أن يتسع للدرجة التي لا تستطيع تل أبيب تجاهله أو حتى تحمله.

ـ الضمير الأوروبي في مأزق

قبل إعلان إسرائيل الحرب "رسميا" على قطاع غزة، انتشر خطاب هستيري في عدد من الدول الغربية يرفض المساواة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في تلميح إلى حق إسرائيل في قتل المدنيين الفلسطينيين دون أن تخضع لقوانين الحرب أو لمبادئ حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة.
وتجلى ذلك في تهديد فرنسا بسجن المتظاهرين الداعمين لفلسطين سبع سنوات، وتوعد ألمانيا بطرد الأجانب الداعمين لـ"حماس" من أرضها.
إلا أن استشهاد 500 فلسطيني في قصف للمستشفى المعمداني، دفع دولا غربية إلى التراجع خطوة إلى الوراء في تأييدها المطلق للقصف الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة.
إذ أدانت كل من ألمانيا وفرنسا مقتل مئات الفلسطينيين وطالبتا بفتح تحقيق في هذه الجريمة، وانضم إليهما كل من المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي، بينما تبنت واشنطن الرواية الإسرائيلية بأن الفلسطينيين من يقفون وراء قصف المستشفى المعمداني "بالخطأ".
وهذه المواقف الغربية المتباينة تعكس رغبة أوروبية في الابتعاد قليلا عن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، بما فيها المسلمات الغربية المتعلقة بحقوق الإنسان.
لكن الزعماء الأوروبيين لم يدينوا إسرائيل صراحة، بل طالبوا بفتح تحقيق في القضية، لذلك من المستبعد أن يفضي أي تحقيق إلى إدانة الجيش الإسرائيلي ومحاسبته جنائيا على مقتل 500 فلسطيني بضربة واحدة، وهو الأمر ذاته بالنسبة إلى قضية مقتل الطفل محمد الدرة، في 30 سبتمبر/ أيلول 2000.
فتل أبيب تعلمت الدرس من استشهاد الدرة، عندما أقر الجيش الإسرائيلي بوقوف جنوده وراء مقتله، قبل أن يتراجع ويُحمّل المقاتلين الفلسطينيين المسؤولية، بعد المظاهرات والاعتصامات العارمة التي شهدتها عدة عواصم عالمية منددة بهذه الجريمة.
وتكرر الأمر عند مقتل صحفية قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، في 11 مايو/ أيار 2022، والذي رفض الجيش الإسرائيلي الاعتراف بقتلها، ورمى بالمسؤولية على مسلحين فلسطينيين، كما رفض في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "FBI" في تحقيق أطلقه الأخير في مقتلها.
وإفلات إسرائيل في كل مرة من العقاب، يدفعها إلى التمادي في ارتكاب مثل هذه الجرائم ضد المدنيين، لكن تداعيات مجزرة مستشفى غزة على تل أبيب لن تكون كما قبلها.
فالرواية الإسرائيلية غير متماسكة ويصعب تصديقها، فمرة تتهم "حماس" بقصف المستشفى بالخطأ، ومرة أخرى تتهم حركة الجهاد الإسلامي، لكنها لا تستطيع أن تنفي طلبها إخلاء المستشفى قبل قصفه، ونفس التحذير وجهته لعدة مستشفيات في القطاع.
فضلا عن أن قوة التفجير، بحسب خبراء عسكريين، لا يمكن أن تكون للصواريخ الصغيرة ومحدودة الانفجار التي تملكها الحركات الفلسطينية، بل لقنبلة أمريكية الصنع تتباين الآراء بشأنها بين من يعتقد أنها من نوع "MK 84"، بحسب الصور التي نشرها فلسطينيون من عين المكان لشظايا القنبلة، ومن يرى أنها من نوع "JDAM" أمريكية الصنع أيضا.
وبغض النظر عن نوع القنبلة فإنها بالتأكيد أمريكية الصنع، وتوجد ضمن في ترسانة الجيش الإسرائيلي، ما يدحض الرواية الإسرائيلية، بل يضع واشنطن أمام أصابع الاتهام، لسماحها لتل أبيب باستعمال أسلحة بهذا الحجم من الدمار ضد مستشفى مكتظ بالمرضى والمدنيين الذين تجمعوا للاحتماء به.

ـ تداعيات المجزرة

أولى تداعيات مجزرة مستشفى غزة، تأجيل أو إلغاء القمة الرباعية التي كانت ستجمع في العاصمة الأردنية عمان كلا من الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونظيريه الفلسطيني محمود عباس، والمصري عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني.
والإدانات الدولية الواسعة عربيا وإسلاميا وأوروبيا وآسيويا، وحتى من الهند، التي تعتبر زبونا مهما للسلاح الإسرائيلي.
بجانب المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت في عدة دول عربية وإسلامية والتي من المرتقب أن تتوسع في الأيام والأسابيع المقبلة إذا طالت الحرب أكثر، ما يشكل ضغطا على الحكومات العربية لاتخاذ مواقف وقرارات أكثر حزما لوقف ما يعتبرونه "إبادة لشعب غزة" أو محاولة لتهجيره إلى سيناء مصر أو حتى تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن.
ويتجلى ذلك في المواقف الصارمة لكل من مصر والأردن تجاه أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني إلى أراضيهما، رغم الضغوطات والإغراءات المقدمة للبلدين اللذين تربطهما اتفاقية سلام مع إسرائيل، ويعتبران حليفين رئيسيين لواشنطن في المنطقة.
حيث حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، من أن "أي محاولة لتهجير الفلسطينيين، سنراه في الأردن إعلان حرب، وسنتعامل معه".
بينما هدد السيسي، بتحريك ملايين المصريين للتظاهر في الشارع ضد تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، قائلا: "إذا استدعى الأمر أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة (التهجير) وسترون ملايين من المصريين يخرجون.. لدعم الموقف (الرسمي) في هذا الأمر".
أما المغرب الذي طبع علاقاته مع إسرائيل في 2020 ضمن ما يسمى الاتفاقية الإبراهيمية، فخرج آلاف من مواطنيه في مظاهرات منددة بالحرب الإسرائيلية على غزة ورافضة للتطبيع.
وهذا الواقع الجديد من شأنه أن يوقف قطار التطبيع مع إسرائيل، والذي كانت واشنطن تأمل أن يصل محطة السعودية، إلا أن تفجير مستشفى غزة من شأنه أن يعيد التطبيع مع تل أبيب أميالا إلى الوراء بدل أن يتقدم خطوة إلى الأمام.
الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل من الممكن أن تمتد الحرب إلى أطراف إقليمية، وهو ما تخشاه إسرائيل وتحذر منه الولايات المتحدة.
فبعد مجزرة المستشفى المعمداني، غرد وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، عبر منصة "إكس"، الأربعاء، قائلا "انتهى الوقت".
وهذه إشارة إلى أن التحذير الإيراني لإسرائيل بضرورة وقف حربها على غزة قبل دخول أطراف إقليمية الحرب "انتهى"، ما يعني أن قرار دخول "حزب الله" الحرب ضد إسرائيل تم اتخاذه بعد مجزرة مستشفى غزة.
ففي 14 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حذر الوزير الإيراني من العاصمة اللبنانية بيروت، من أن "حزب الله" أخذ جميع سيناريوهات الحرب في الحسبان. ويجب على إسرائيل وقف هجماتها على غزة "في أسرع وقت ممكن".

ـ منعطف الحرب

فمن المرتقب أن تشكل مجزرة المستشفى المعمداني منعطفا للحرب في غزة، إذ من المرتقب أن تتصاعد المظاهرات المنددة للحرب سواء في العواصم العربية والإسلامية وحتى الغربية والعالمية.
وسيشكل ذلك ضغطا أخلاقيا وإنسانيا على الحكومات الغربية الداعمة لإسرائيل لتعديل موقفها ليكون أقل تطرفا وانحيازا لتل أبيب.
كما سيفرمل عجلة التطبيع مع إسرائيل، خاصة بالنسبة للسعودية، وقد يدفع دولا مثل المغرب لتقليص أو تجميد علاقاتها مؤقتا مع تل أبيب.
أما مصر والأردن فمن المرجح أن يُصعِّدا لهجتهما تجاه مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى أراضيهما، خاصة وأن مجزرة المستشفى رسالة إسرائيلية بأنه لا مكان آمنا للفلسطينيين داخل غزة.
ومن المرتقب أن يكثف "حزب الله" وتيرة عملياته العسكرية تدريجيا ضد إسرائيل، بينما لا يستبعد أن تفتح إيران الجبهة السورية ضد تل أبيب، كمرحلة تالية.
مجزرة المستشفى من شأنها أيضا تأجيل الحرب البرية ضد غزة، خاصة إذا تصاعدت الضغوط الدولية على تل أبيب، غير أنه من المستبعد أن تلغيها بالنظر إلى حاجة إسرائيل لاستعادة هيبتها وقوة الردع لديها في المنطقة، بعد الصدمة التي تعرضت لها في 7 أكتوبر الجاري، إثر عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "كتائب القسام" الجناح المسلح لـ"حماس"، وفصائل فلسطينية أخرى.

وكالات - الاناضول
الخميس 19 أكتوبر 2023