في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت الغزو، تخلص المستثمرون الأجانب من أسهم تبلغ قيمتها نحو 480 مليار دولار تايواني (16.9 مليار دولار)، بحسب أليكس هوانغ، مدير "ميجا إنترناشونال انفستمنت سيرفيسز"، وهي شركة مقرها تايبيه.
وقال هوانغ، لشبكة CNN، إن هذا التدفق للخارج هو الأكبر على الإطلاق، متجاوزًا قيمة الأسهم التايوانية التي باعها مستثمرون أجانب في عام 2021 بأكمله، والتي قدرها محللو "بنك أوف أمريكا" بنحو 15.6 مليار دولار. وأضاف أن ما حدث "أكبر من الأزمة المالية العالمية في عام 2008."
كانت تايوان تكتسب زخمًا كوجهة للاستثمار الأجنبي في السنوات الأخيرة، حيث قام الاستراتيجيون في كثير من الأحيان بجمعها مع الهند والصين وكوريا الجنوبية في مجموعة من الاقتصادات الصاعدة المعروفة باسم "TICKS".
لكن هجوم روسيا على أوكرانيا جدد المخاوف من أن الصين قد تتجرأ على المضي في عدوانها العسكري تجاه تايوان، وهي جزيرة ديمقراطية تتمتع بالحكم الذاتي لطالما ادعت القيادة الشيوعية في بكين أنها جزء من أراضيها، على الرغم من أنها لم تحكمها أبدًا.
وأشار خبراء مجموعة أوراسيا في تقرير صدر في مارس/ آذار، إلى تنامي التكهنات بأن الصين يمكن أن تتصرف، "إما لاستغلال الإلهاء الغربي أو للدفع نحو نظام عالمي جديد.. لكن هذه المقارنات تغفل الخلافات الرئيسية وتتجاهل الإشارات السياسية من بكين وتايبيه".
التدفقات المتصاعدة
رفضت كل من بكين وتايوان المقارنة، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة تمامًا. وعلى الرغم من تدفق السيولة النقدية للخارج، لم تتكبد سوق الأسهم التايوانية خسائر فادحة.
تغيرت الأسهم في بورصة تايوان للأوراق المالية بشكل طفيف بين أواخر فبراير - عندما غزت روسيا أوكرانيا - و 17 مارس، وفقًا لمزود البيانات "رفنيتيف" 
وقال هوانغ إن السبب في ذلك هو أن العديد من البنوك التايوانية المدعومة من الحكومة بدأت في موجة شراء مؤخرًا، مما ساعد في تخفيف الخسائر.
وقال إن المستثمرين المقيمين في تايوان لم يعانوا من فقدان الثقة نفسه، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الكثيرين اعتقدوا أن الموقفين مختلفان، وبسبب الإجماع على أن الولايات المتحدة ستتدخل للمساعدة في الدفاع عن الجزيرة في حالة هجوم خطير.
حتى قبل بدء غزو أوكرانيا، كان المستثمرون العالميون متوترين بسبب العديد من العوامل، مثل ارتفاع أسعار النفط والمواد الخام والزيادات المتوقعة في الأسعار في الولايات المتحدة.
صغيرة لكنها عظيمة
تشتهر تايوان بأنها قوة عالمية في صناعة أشباه الموصلات، والتي تشغل كل شيء من السيارات إلى الهواتف الذكية. الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة هي أكبر مصنّع للرقائق في العالم، وتمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي.
 تي اس ام سي  هي إحدى الشركات الأبرز في تايوان، وهي الشركة الرائدة في السوق العالمية، حيث تقدم خدماتها للاعبين مثل ابل و كوالكوم . يقول المحللون إن شركة تصنيع الرقائق ذات قيمة كبيرة للغاية، ويُنظر إليها غالبًا على أنها رائدة في سوق الأسهم التايوانية.
بين السكان المحليين، أُطلق على  " تي اس ام سي" لقب "الجبل المقدس الذي يحمي الأمن القومي". ولكن منذ أواخر فبراير، تراجعت أسهمها بأكثر من 3٪ في كل من تايبيه ونيويورك. كذلك تراجعت أسهم التكنولوجيا التايوانية.
قال فيليكس لي، محلل الأسهم في "مورنينغ ستار" إنه بسبب "قبضتها الخانقة" على عالم رقائق الكمبيوتر، "تنعكس معظم المخاوف المتعلقة بتايوان في أسهم أشباه الموصلات".
في تقرير للعملاء، قال إن المستثمرين لديهم قلق من أمرين: مخاوف من غزو صيني، والقلق بشأن توريد المواد الخام، بما في ذلك النيون.
النيون عنصر أساسي في الليزر المستخدم لإنتاج الرقائق. في الآونة الأخيرة، اضطر بعض موردي النيون في أوكرانيا إلى التوقف عن العمل بسبب الصراع، مما أثار مخاوف من أنه قد يؤدي إلى تفاقم النقص المستمر في أشباه الموصلات.
ولكن إذا حدث أي شيء لتايوان، فإن الاقتصاد العالمي على المحك أكثر من الرقائق. وأضاف هوانغ أن الجزيرة تعد أيضًا مصنعًا مهمًا للدراجات الراقية والملابس الرياضية، بما في ذلك مصانع العلامات التجارية العالمية.
مراقبة دائمة
كذلك عانت العملة التايوانية. لقد تحولت من كونها "ملاذًا إقليميًا آمنًا إلى وكيل المخاطر الجيوسياسية" في الأسابيع الأخيرة، وفقًا لـ "بنك أوف أمريكا".
كتب المحللون هناك في مذكرة للعملاء في وقت سابق من مارس/آذار الجاري: "الشكوك الجيوسياسية بشأن تايوان هي المحرك الأكبر لتدفقات المحافظ الخارجية". وقالوا إن الدولار التايواني "بدأ يتأخر بعد عام ممتاز في 2021".
لكن على الرغم من التوتر، يعتقد العديد من الخبراء أن تايوان آمنة في الوقت الحالي.
وكتب محللو مجموعة أوراسيا في تقريرهم إن "الغزو الروسي لأوكرانيا لا يزيد من احتمالات غزو الصين لتايوان على المدى القريب".
وأشاروا إلى أن "كلا من بكين والرئيسة التايوانية تساي إنغ ون قللا من أهمية العلاقة بين أوكرانيا وتايوان"، قائلين إنه "لا توجد على ما يبدو استعدادات في بكين ولا ذعر في تايبيه".
ومع ذلك، قال وزير الخارجية التايواني جوزيف وو للصحفيين هذا الشهر إن الحكومة "تراقب بعناية ما قد تفعله الصين لتايوان". كما عززت الجزيرة مؤخرًا بعض تدريباتها العسكرية.
تعهد الحزب الشيوعي الحاكم في الصين مرارًا بـ "إعادة التوحيد" مع الجزيرة - باستخدام القوة إذا لزم الأمر.