نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


طير الحمام …من المحبة والسلام إلى صناعة دور العزاء




مقدمة..تعتبر جميع الأديان في كل أنحاء العالم طير الحمام رمزاً للحرية والسلام، لما يمثله من مظهر جميل وألفة ومحبة وإخلاص، ففي ديننا الإسلامي الحنيف كان للحمامة شأنٌ عظيم فهي التي حَمت رسول الإنسانية، محمد صلى الله عليه وسلم، عندما توارى مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في غار ثور بينما كانت قُريش بأكملها تبحث عنهما ليُطفئوا شعلة الحق والنور، وفي العصر الحديث وتحديداً عام 1949 تم اختيار حمامة “الرسام بيكاسو” الشهير لتكون مع غصن الزيتون أيقونة السلام في العالم، ولكن في مناطقنا المحررة أصبح الأمر مختلفاً تماماً بل ومعاكساً لما أسلفت ذكره فقد ارتبط اسم الحمام برائحة الدم ومجالس العزاء.


ما حدث يوم أمس في مدينة بزاعة ليس هو المرة الأولى التي يتسبب بها الخلاف على ملكية طير حمام إلى حدوث مشاجرة يلجأ أطرافها إلى إطلاق الرصاص الحي من السلاح المتوفر لديهم بكثرة ، ما سبّب ايقاع ضحايا وجرحى من المدنيين وغالباً ما يكون الضحية هو أحد طرفي النزاع، كما حصل في العشرين من إبريل من العام الجاري عندما قتل شخص وأصيب آخر في مخيم باب السلامة بسبب الصراع على طير حمام وتحول الخلاف إلى اقتتال عشائري كاد أن يزهق المزيد من الأرواح ، و أيضاً في العاشر من يونيو العام الماضي عندما أقدم شخص على قتل آخر في مخيم باب السلامة لذات السبب ، ليتحول الخلاف على طير الحمام إلى مجلس عزاء تفوح منه رائحة الحزن ويكسوه السواد والألم، وهذا المشهد بات مكرراً إلى حدٍ كبير في القرى والمخيمات المنتشرة شمالي محافظة حلب في السنوات الأخيرة دون إيجاد حلول جذرية من المسؤولين لإيقاف نزيف الدم الذي يسببه النزاع على طير الحمام فغالباً ما تنتهي مشاجرات الطيور بشخص في المقبرة وآخر في السجن.
إن ظاهرة حدوث المشاجرات نتيجة الخلاف على ملكية طير هي حالة عامة منتشرة في معظم أنحاء العالم، حتى الدول المتقدمة يحدث فيها مشاجرات ولكن تلك المشاجرات تكون محدودة ولا يستخدم فيها السلاح الناري، بسبب انصياع المواطنين إلى قوانين بلدانهم فهم لا ينجرون إلى استخدام السلاح وقتل خصومهم لهكذا سبب، بينما في المناطق المحررة لا تكاد تنتهي مشاجرة إلا بقتيل أو أكثر، ولا يكاد عام يمضي دون سقوط ضحايا وجرحى والسبب في ذلك يلتقي مع معظم مشاكل المحرر وهو عدم ضبط السلاح في مكانه المخصص إضافة إلى التهاون في تطبيق القانون الحازم، فالمشكلة ليست بطيور الحمام وتربيتها وإنما بوجود السلاح وانعدام ثقافة استخدامه من قبل مالكيه.
للوقوف على الدوافع التي تؤدي إلى هذه الحوادث المؤسفة تواصلت مع عدد من مربيي طيور الحمام وسألتهم عن الأسباب التي تشكل شرارة اندلاع المشاجرة، لتأتي معظم إجاباتهم متطابقة وهي أن أحد مربيي الطيور لا يعترف للأخر بوجود طيره المحتجز لديه بعد إطلاقه من صاحبه، وأكدوا أن هذا كفيل لحدوث مشاجرة تنتهي بالقتل وعند سؤالهم إن كان لثمن الطير وقيمته المادية دور في اندلاع المشاجرة ، دحضوا الأسباب المادية وأصروا على الأسباب النفسية القائمة على المناكفة والتحدي والخصام المسبق، فيما عزا بعض المربيين أن السبب يعود إلى تربية الحمام على سطوح المنازل وخروج المربي إلى سطح منزله بشكل متكرر وازعاج جيرانه بالصفير والتصفيق والصراخ إضافة لما يشكله ذلك من خرق لخصوصيات الجيران التي تطل منازلهم على سطح المربي.
إن الدوافع التي ذكرها مربيو الطيور لارتكاب الجريمة غير مقنعة والمسبّبات مازالت تفتقد لحلقة أو أكثر ، فالأسباب التي ذكروها تتنافى مع الفطرة البشرية السليمة للإنسان القائمة على نبذ العنف وحب الخير، ولا بد من البحث أكثر لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك، فلا يوجد إنسان طبيعي يقتل آخر لسبب يراه الكثيرون ساذج.
عند إجراء مقاربة تحليلية سريعة لمعرفة الدوافع لارتكاب جريمة قتل من أجل الخلاف على طير ضمن الظروف الواقعية في مناطقنا، نستطيع أن نعزو الدوافع إلى ثلاثة أسباب وهي :
١- المخدرات هي العنصر الذي يمهد الطريق لارتكاب جريمة قتل فهي وحدها تستطيع أن تغيّب عقل وتفكير وإدراك القاتل وتجعله غير قادر على التفكير القويم، وجريمة القتل يمكن أن يرتكبها المتعاطي لمجرد حدوث انفعال بسيط.
٢- يمكن أن تكون جرائم القتل التي تحدث نتيجة الخلاف على طيور الحمام مخططة مسبقاً بشكل تتيح للقاتل استثمار الخلاف على الطيور إعلامياً وقضائياً فيما يكون السبب الحقيقي شيء آخر لا يريد القاتل تناقله على الألسن أو ذكره أو التحقيق فيه ضمن القضاء ومعرفة معطياته.
٣- انتشار السلاح بشكل عشوائي بين المدنيين وحتى العسكريين في أماكن سكنهم وسهولة اتخاذ القرار الكارثي باستخدامه.
الحلول والمقترحات :
١- إصدار قرارات من المجالس المحلية بمنع تربية طيور الحمام داخل المخيمات، ووضع آلية لتنفيذ القرار بالتعاون مع قوات الشرطة، لأن المشاجرات المسلحة التي تحدث في المخيمات يكون لها تأثيرات مضاعفة عن الأماكن الأخرى، لأن الرصاص الطائش قادر على اختراق عدة خيام بسهولة وإصابة من بداخلها.
٢- تنفيذ قرارات قيادة الجيش بمنع حمل السلاح واستخدامه إلا من خلال مهمة تمنح من القائد ومنع إدخال الأسلحة إلى المخيمات وعند الضرورة يتم ايداعها لدى نقطة الحراسة الموجودة على باب المخيم.
٣- تكثيف الاجراءات التوعوية الميدانية والإعلامية لجميع شرائح المجتمع ضد المخدرات وتثقيف السكان بآثار تعاطيها القاتلة على المجتمع وإلقاء محاضرات طبية ودينية وقانونية عن المخاطر والأضرار التي تسببها المخدرات للفرد والمجتمع.
٤- تطبيق القوانين بحزم وعدم التهاون في تنفيذ توصيات القضاء بخصوص مرتكبي الجرائم، بالتوازي مع تكثيف إلقاء المحاضرات على المقاتلين في وحداتهم لتثقيفهم بالأسباب الحقيقية لحملهم للسلاح وفق نظرية ” مقاتل لا قاتل”.
-----------
سوريا الامل

الرائد محمد علوان
الاربعاء 7 يونيو 2023