لا توجد سجلات متاحة للجمهور تعرض أعداد الوفيات الأخيرة في تنزانيا، ولم يُفصح عن أي معلومات حول تأثير الفيروس منذ مايو/أيار من العام الماضي عندما أُبلغ عن 500 إصابة و 20 حالة وفاة.
وأصرت السلطات على أنه لا يوجد ما يدعو للقلق، واتخذت إجراءات صارمة ضد من تتهمهم بنشر "معلومات كاذبة".
وعندما اتصلنا بنائب وزير الصحة، غودوين موليل، أرسل إلينا مقابلات كان قد أجراها سابقا، والتي قال فيها إن نشر البيانات علنا قد يؤدي إلى "نتائج عكسية" لأنه قد ينشر الخوف.
وقال إنه عندما حلل المسؤولون بيانات عام 2020 "صُنف الجميع على أنهم مصابون بكوفيد 19 بسبب حالة الذعر التي سادت البلاد".
وأضاف قائلا إن البيانات يجب أن تحتفظ بها الحكومة ليقوم العلماء بتحليلها. ومُنع أطباء المستشفيات من الإشارة علنا إلى المرض .
ومع ذلك، في مستشفى مزدحم في دار السلام أكبر مدينة في تنزانيا، قال طبيب لبي بي سي إن هناك زيادة ملحوظة في دخول المرضى الذين تظهر عليهم أعراض تنفسية تتفق مع أعر اض كوفيد 19 خلال الشهرين الماضيين.
وقال لنا: "كانت هناك أيضا زيادة في عدد المرضى الذين يحتاجون إلى الأكسجين".
وأضاف قائلا: "كان الوضع مماثلا في كل مكان، في كل من المستشفيات العامة والخاصة، حتى أن بعض المرضى يشترون الأكسجين لاستخدامه في المنزل".
وتابع قائلا: "إنه لا يمكنك تشخيص كوفيد 19 لأنه غير معترف به مما يضعك في موقف حرج كطبيب، ولا نحصل على إرشادات حول كيفية علاج المرضى".
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أصدرت الجمعية الطبية التنزانية بيانا مصاغا بعناية حول "زيادة عدد المرضى الذين يعانون من صعوبات في التنفس".
لكنالدكتور شادراك موايبامبي، رئيس الجمعية، أشار إلى أن صعوبات التنفس يمكن أن تكون أعراضا لحالات أخرى مثل الربو أو أمراض القلب أو الالتهاب الرئوي وليس فقط كوفيد 19.
قال تشارلز كيتيما، من المؤتمر الأسقفي في تنزانيا، إن أكثر من 25 كاهنا لقوا حتفهم في البلاد حلال الشهرين الماضيين، وقد ظهرت عليهم أعراض مرتبطة بكوفيد 19. كما توفيت 60 راهبة بأعراض مشابهة.
وقال كيتيما :"هذا لم يحدث من قبل، إذ عادة في غضون شهرين سنخسر ربما 3 أو 4 بسبب الشيخوخة وأمراض أخرى، علينا أن نعترف بأن لدينا مشكلة .. فيروس كورونا موجود".
وكانت وفاة سيف شريف حمد نائب رئيس زنجبار بسبب كوفيد لحظة مهمة أخرى، في الشهر الماضي، إذ تعد المرة الأولى التي يٌعترف فيها علنا بإصابة سياسي كبير بالمرض.
نظرنا إلى صور الأقمار الصناعية لعدد من مواقع الدفن في دار السلام لمعرفة ما إذا كانت تلك الصور ستكشف عددا أكبر من المدافن مما هو متوقع في العادة.
ونظرنا إلى مواقع مختلفة في المدينة بما في ذلك الموقع المبين أدناه في كينوندوني.
ولم نتمكن من رؤية دليل واضح على زيادة الوفيات، لكن من المألوف أن توضع القبور فوق بعضها بعض، وهو أمر لا يمكن الحصول على صوره من الجو.
كما أن هناك تقليدا في العديد من العائلات يتمثل في دفن أحبائهم في قراهم وليس في مواقع الدفن الجماعية في المدن.
تحدثنا إلى بعض العاملين في مجال الجنازات. وقال صاحب شركة جنائزية في العاصمة دودوما لبي بي سي: "لقد كان من المؤلم حقا رؤية الناس بأعداد كبيرة يشترون التوابيت".
وقال لنا أحد صانعي التوابيت: "لقد كنت أعمل على مدار الساعة"، وقال آخر إن المواد قد نفدت وطلب مخزونا من أجزاء أخرى من البلاد.
وقال سائق حافلة صغيرة في أحد مراكز النقل الرئيسية في دودوما إن معظم أعماله في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين تضمنت اصطحاب الناس إلى الجنازات.
وتشير دراسة مسحية على الإنترنت أجرتها منظمة تغيير تنزانيا، وهي مجموعة حقوقية، إلى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات من أواخر ديسمبر /كانون الأول الماضي، وتفاقم الوضع في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين.
وقال منظمو الدراسة لبي بي سي إن كثيرا من الناس قالوا إنهم يعرفون شخصا مصابا بكورونا بناء على ما أخبرهم به الأطباء الذين قيموا الأعراض.
وتحدث زكريا إيساي، أحد أعضاء البرلمان من الحزب الحاكم عن زيادة عدد الوفيات وعمليات الدفن في دائرته الانتخابية في مدينة مبولو في شمال تنزانيا، دون الإشارة مباشرة إلى كوفيد، بالإضافة إلى نقص الأكسجين في العاصمة دودوما.
وسألنا موردي الأكسجين عما إذا كانت الإمدادات تنفد، لكن لم يرد أي منهم على استفساراتنا.
أظهرت الأبحاث التي أجراها البنك الدولي حول بلدان في مختلف انحاء العالم ارتباطات قوية بين عمليات البحث على غوغل عن أعراض كوفيد مثل "فقدان حاسة الشم" أو "فقدان التذوق" مع البيانات المنشورة عن الزيادات في الإصابات بفيروس كورونا والوفيات.
وقد درسنا هذه البيانات الخاصة بتنزانيا ووجدنا ارتفاعا ملحوظا في عمليات البحث عن هذه الأعراض في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من هذا العام. وبالطبع، لا توجد بيانات رسمية لحالات فيروس كورونا لمطابقة ذلك.
وفي بداية هذا العام، كان التنزانيون يبحثون بأعداد متزايدة للحصول على معلومات حول بعض الأعراض الرئيسية لكوفيد 19.
ولكن هذه الطريقة بها عيوب أحدها أنها مخصصة لعمليات البحث باللغة الإنجليزية فقط، وليس باللغة السواحيلية، وهي أيضا منتشرة على نطاق واسع في تنزانيا.
وتشعر منظمة الصحة العالمية بقلق بالغ إزاء الوضع، وحثت تنزانيا على البدء في تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا ومشاركة بياناتها.
ولم تنضم تنزانيا حتى الآن إلى برنامج مشاركة التلقيح الدولي كوفاكس، والذي بدأ في تقديم اللقاح إلى بلدان أخرى في إفريقيا.