نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


الباتريوت مقابل النفط..ولا مكان للنوايا الحسنة: هل بدأت نتائج قمة جدة بالظهور ؟





"الباترويت مقابل النفط" هذا هو العنوان الذي اتفق عليه المحللون في قراءتهم للإعلانين المتزامنين اللذين صدرا يوم الثلاثاء الماضي، عن كل من الولايات المتحدة ومنظمة (أوبك+) المصدرة للنفط، ما يعزز فكرة التحول في محددات العلاقة بين واشنطن وحلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، بعد فترة عصيبة مرت بها هذه العلاقة منذ وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الحكم قبل ثمانية عشر شهراً.
وزارة الدفاع الأمريكية في بيان لها يوم الثلاثاء، قالت: "إن وزارة الخارجية وافقت على البيع المحتمل لمنظومة الدفاع الجوي الصاروخي "ثاد" للإمارات، ومنظومة "باتريوت" للصواريخ الاعتراضية للسعودية، في صفقتين منفصلتين تصل قيمتهما إلى 5.3 مليار دولار"، وذلك بعد أسابيع فقط من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة منتصف تموز/ يوليو الماضي.


 
وقال البنتاغون: إن وزارة الخارجية الأمريكية وافقت على البيع المحتمل لنحو 300 صاروخ باليستي تكتيكي معزز التوجيه (أم آي أم-104 إي) لمنظومة الدفاع الصاروخي "باتريوت"، إضافة إلى عتاد داعم وقطع غيار مع تقديم خدمات الدعم الفني للسعودية.
كما أعلن البنتاغون أن وزارة الخارجية وافقت على صفقة محتملة أخرى لبيع 96 صاروخاً لمنظومة "ثاد" للدفاع الجوي ومعدات ذات صلة للإمارات إلى جانب قطع الغيار وتقديم خدمات الدعم الفني.
 

مقدمات وتحولات

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن بعد لقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقصر السلام في جدة، في الخامس عشر من تموز/يوليو الماضي، أنه عقد "سلسلة اجتماعات جيدة" مع القيادة السعودية، ما أسفر عن إحراز تقدم كبير على صعيد القضايا الأمنية والاقتصادية".
وقال بايدن في مؤتمر صحافي إنه "ناقش مع المسؤولين السعوديين احتياجات الرياض الدفاعية"، بينما أفاد بيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) حينها "أن بايدن أكد التزام بلاده القوي والدائم بدعم أمن السعودية والدفاع عن أراضيها وتسهيل حصولها على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية".
 
وكان قد سبق ذلك بعدة أشهر زيارة أجراها الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع والمسؤول عن الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية إلى واشنطن، حيث طلب استئناف تزويد المملكة بالمنظومة الصاروخية الدفاعية التي تعتبرها الرياض أساسية من أجل التصدي للمخاطر الأمنية التي تواجهها البلاد، ومصدرها الرئيسي اليمن، حيث دأبت جماعة الحوثي على مهاجمة السعودية والإمارات العربية المتحدة بصواريخ إيرانية بالستية، إلا أن حظر تصدير السلاح الذي كانت الإدارة الأمريكية تطبقه على الرياض وأبو ظبي، وكذلك الموقف المسبق الذي كانت تحمله هذه الإدارة ضد بعض دول المنطقة، ومن بينها تركيا أيضاً، حال دون ذلك.
 
لكن تراجع الولايات المتحدة عن هذه السياسة كان قد بدأ فور انطلاق الغزو الروسي لأوكراني، في شباط/ فبراير ٢٠٢٢، حيث انتبهت إدارة بايدن إلى أهمية إعادة ترميم العلاقات مع حلفائها التقليدين في المنطقة، وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في آذار/ مارس أن هناك قراراً لتعزيز إمدادات المملكة العربية السعودية من الصواريخ الاعتراضية"، مشيرة إلى "نقل الولايات المتحدة عدداً كبيراً من صواريخ باتريوت إلى المملكة العربية السعودية في الأسابيع الأخيرة، حيث تسعى إدارة بايدن إلى تخفيف ما كان نقطة توتر في العلاقات الأمريكية السعودية". جاء ذلك بعد أن سحبت واشنطن هذه المنظومة من قاعدة الرياض العسكرية في أيلول/سبتمبر ٢٠٢١، كما نقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن "مناقشة القرار يتماشى مع وعد الرئيس جو بايدن بأن أمريكا ستحظى بدعم أصدقائنا في المنطقة".
 

مطالب: ثلاثة مقابل ثلاثة

بين الثالث عشر والسادس عشر من تموز/يوليو ٢٠٢٢، جال الرئيس الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، قبل أن يحط في مدينة جدة حيث عقد قمةً جمعته بدول مجلس التعاون الخليجي وقادة مصر والأردن والعراق، وكان العنوان الأبرز لهذه القمة هو "عودة الشراكة بين الحلفاء لمواجهة المخاطر المشتركة".
ثلاثة مطالب أساسية حملها بايدن إلى هذه القمة: الأول زيادة إنتاج النفط لمواجهة النقص الذي تسببت به العقوبات الغربية على صادرات الطاقة الروسية. الثاني عدم توسيع دول المنطقة تعاونها مع كل من روسيا والصين، وخاصة في المجالات العسكرية. أما الثالث فالعمل على تعزيز استقرار أمن المنطقة من أجل تفرغ الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة دول الناتو، للمواجهة مع روسيا والصين.
 
بالمقابل كان لدى دول المنطقة، إذا ما استثنينا العراق الذي كان حاضراً كضيف شرف وببطاقة دحول تحفيزية، ثلاثة مطالب أيضاً:
الأول عدم توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران بأي ثمن ودون الأخذ بالاعتبار ملاحظات ومخاوف دول الخليج والمنطقة، هذه الملاحظات المتمثلة بضرورة إضافة بندي البرنامج الصاروخي الإيراني وسياسات طهران المزعزعة لأمن الشرق الأوسط. الثاني رفع الحظر الرسمي وغير الرسمي المفروض على صادرات الأسلحة إلى بعض هذه الدول وفي مقدمتها السعودية. أما الثالث فهو تحديد موقف الولايات المتحدة من مستقبل وجودها في المنطقة بما يسمح لدولها بتحديد خياراتها بناء على المواقف والضمانات الأمريكية، خاصة وأن هذه القمة كانت تتزامن تقريباً مع الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأمريكي الفضائحي من أفغانستان.
 

جني ثمار القمة

للوهلة الأولى بدا أن الأمور بين القادة لم تكن مريحة تماماً في جدة، خاصة مع التعامل غير الودي الذي أبداه ولي العهد السعودي تجاه بايدن، سواء من حيث التصرفات أو من خلال التصريحات، وهو الأمر الذي ستبقى مفاعيله حاضرة حتى مع تغير هذا التصور عن نتائج القمة لاحقاً، إذ ورغم أن النتائج العملية بدأت تظهر بعد أسبوعين، إلا أن ذلك لم يكن على حساب المملكة كما يقول المحلل السياسي بسام بربندي.
ويضيف في تعليقه لـ"أورينت نت" على إعلان الولايات المتحدة بيع السعودية صواريخ الباتريوت: في البداية يجب أن يكون واضحاً أن تزامن الإعلان الأمريكي مع إعلان الدول المصدرة للنفط زيادة الإنتاج ليس صدفة، ونحن حتماً أمام صفقة لكنها صفقة متوازنة تعلن عن نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة من العلاقات بين الرياض وواشنطن.
 
بربندي، وهو ديبلوماسي سوري سابق، مقيم في الولايات المتحدة يوضح: السعوديون اليوم تغيروا، ولم يعد هناك عطاء دون مقابل، بل ما يطبقونه حالياً هي سياسة الند للند، فكما أن أمريكا بحاجة للنفط فإن المملكة بحاجة للباتريوت، وكل طرف يجب أن يقدم للطرف الآخر ما يحتاجه.
ويتابع: نحن أمام قرار أمريكي بتزويد الرياض بمنظومة الصواريخ وليس أمام مرحلة التفكير أو أن واشنطن تدرس القرار، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الثمن المادي الذي دفعته السعودية مقابل هذه الصفقة يبدو منطقياً جداً ويتناسب وقيمة السلاح الذي تحتاجه وستحصل عليه الرياض دون مبالغة، على عكس ما كان يحدث في السابق عندما كانت دول الخليج تشتري أسلحة للتخزين وبقيمة مالية ضخمة لا تتناسب وحاجاتها، الأمر الذي يؤكد أن السعودية والدول الحليفة لها قد تغيرت ولم تعد كما كانت عليه من قبل في تعاطيها مع أمريكا.
 
أمر يؤكد عليه المحلل السياسي درويش خليفة، الذي يشدد على ضرورة الانتباه إلى التغير الذي طرأ على السعودية فيما يتعلق بعلاقاتها الدولية مؤخراً، ويقول إن المملكة لم تعد بلداً تابعاً للولايات المتحدة.
خليفة وفي مناقشته لهذه التطورات مع" أورينت نت" ذكّر بالزيارات التي أجراها ولي العهد السعودي إلى الصين، وتحالفه مع روسيا فيما يخص أوبك+ "ما سمح للرياض بتنويع تحالفاتها وجعلها قادرة على أن تقول (لا) لأمريكا وبقوة عندما طلبت منها زيادة إنتاج النفط بعد الغزو الروسي لأوكرانيا" كما يقول.
 

التصعيد ضد الصين والتلويح ضد إيران

لكن اللافت أيضاً وبقوة أن الإعلان المتزامن عن صفقة الصواريخ الأمريكية وزيادة إنتاج النفط (حتى وإن كان بكميات محدودة الآن) جاء بالتزامن أيضاً مع حدثين مهمين جداً، هما زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان والتوتر الشديد الذي أحدثته هذه الزيارة بين واشنطن والصين، فيما بدا أنه تأكيد أمريكي على المضي بالمواجهة مع التنين الأحمر رغم أن المواجهة مع الدب الروسي ما تزال مفتوحة، والثانية استئناف مفاوضات إحياء الاتفاق النووي مع إيران في العاصمة النمساوية فيينا.
نقطتان يشدد عليهما الكثير من المراقبين، ضمن ما يعتبرونه "إعادة صانع القرار الأمريكي للنظر بسياساته وتقيمه لأهمية منطقة الشرق الأوسط وحلفاء الولايات المتحدة التاريخيين فيها"، حيث ثبت أن استمرار الوجود الأمريكي الفاعل في الإقليم، وإقامة أفضل العلاقات مع هؤلاء الحلفاء، والاستجابة لمطالبهم ومخاوفهم واحتياجاتهم، أمر مهم لواشنطن من أجل كسب التحدي الذي أطلقه قادتها ضد كل من بكين وموسكو.
 
أمر يؤكد عليه درويش خليفة أيضاً، حين يقول "العودة لمفاوضات الاتفاق النووي مع إيران وتزامنها مع الإعلان عن زيادة دول أوبك+ إنتاجها من النفط، وكذلك عن صفقة الصواريخ للسعودية والإمارات، يؤكد أن هذا التزامن كان مرتباً، والضغط الأمريكي على إيران لم يقتصر فقط على التطبيقات المباشرة من خلال فرض عقوبات إضافية يوم الأربعاء ضده، بل تضمن ضغطاً غير مباشر أيضاً من خلال صفقة الصواريخ، ويمكن القول إنه  كلما انفتح الأمريكيون على دول الخليج العربي ومصر كلما عنى ذلك لإيران تضييق الخناق عليها، ومن الواضح أننا حيال جولة جديدة ومختلفة من المفاوضات في فيينا، أعتقد أن طهران ستقدم تنازلات فيها".
 
ويوم الأربعاء أعلن الموفد الأمريكي الخاص روبرت مالي، أنه في طريقه إلى فيينا لاستئناف المحادثات حول الملف النووي الإيراني، على أساس تسوية اقترحها وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
يأتي ذلك بعد أيام من تقديم بوريل، مسودة اقتراح لطهران وواشنطن في سعي للتوصل إلى تسوية تمكن من إعادة تفعيل التفاهم الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018.
وفي آذار/مارس ٢٠٢٢ بدا الطرفان الأمريكي والإيراني على مقربة جداً من التوصل إلى هذه التسوية، لكن احتجاجات بعض دول الخليج وكذلك إسرائيل، على ما تضمنته المسودة من بنود، والضغط القوي الذي مارستها هذه الدول، لعب دوراً كما يبدو في عرقلته.
وبينما لا تثق تل أبيب بجدوى الإجراءات التقنية المطبقة والمقترحة لمنع طهران من الحصول على قنبلة نووية، تطالب السعودية والإمارات والكويت ومصر والأردن، بتضمين تقييد البرنامج الصاروخي الإيراني وأنشطة الحرس الثوري في أي اتفاق.
وبينما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء، عن مصدر مطلع القول إن "إيران وافقت على تنحية مطلبها بإزالة الحرس الثوري من قوائم الإرهاب الأمريكية" قال روبرت مالي في تغريدة له على موقع تويتر: "تطلعاتنا متأنية، إلا أن الولايات المتحدة ترحب بجهود الاتحاد الأوروبي، وهي مستعدة لمحاولة التوصل إلى اتفاق بنية حسنة".
"النية الحسنة لا تكفي" هو الشعار الذي بات الجميع يرفعه بقوة كما هو واضح الآن..فلا إيران تثق بنية أمريكا "الحسنة"، ولا دول الخليج تثق بنية إيران وأمريكا "الحسنة"، ولا أحد على ما يبدو بوارد القبول بأقل من ضمانات حقيقية وخطوات عملية تلبي متطلباته. لذا فإن الحصول على الصواريخ الدفاعية وأخذ ملاحظاتها على مسودة الاتفاق
النووي الجديد بعين الاعتبار، كانت أبرز مطالب السعودية من أجل الموافقة على طلب الولايات المتحدة بزيادة إنتاج النفط، فهل بدأت قمة جدة تؤتي أكلها؟
---------
اورينت نت

عقيل حسين
الخميس 4 غشت 2022