نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن الطغيان الذي زال وسوريا التي نريد

23/12/2024 - العقيد عبد الجبار العكيدي

لا منجا ولا ملجأ لمجرم الحرب بشار أسد

18/12/2024 - عبد الناصر حوشان

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي


افريقيا التي لا نعرفها ادبيا.. السُمرة حين تكشف عن حسنها




من القواعد الذهبية التي عرفتها من خلال قراءاتي أنه كلما كانت الشعوب تعاني وتتألم، كانت أكثر قدرة على إنتاج أدب جيد يعكس تلك المآسي وينادي بالحرية والعدالة، وهذا ما نجده في الأدب الإفريقي الخصب، فقد جسد العديد من المآسي التي حدثت في بلدان القارة السوداء، سواء كان أدب الأفارقة السود الذين عانوا من الظلم والاضطهاد والتهميش والاستعمار والحروب الأهلية أم أدب إفريقيا كلها المتنوع الذي يعكس جمال بلدانها وثقافة شعوبها.


ورغم أن الأفارقة ظلوا لفترات طويلة يتحدثون عن مشاكلهم وأحلامهم بالاستقرار والحياة الكريمة، فإنهم بعد التحرر والاستقلال ما زالوا ينتجون أدبًا عظيمًا يعبر عن حياتهم ويناقش مشاكلهم المستجدة، ونجد في عصرنا الحاليّ العديد من الأدباء المتميزين على رأس كل الدول الإفريقية مثل نيجيريا وإريتريا والسودان ومصر وغيرها من الدول، هنا سنلقي نظرة على بعض الأعمال الأدبية الإفريقية والقضايا التي ناقشتها.

قبل أن أتحدث عن الأعمال الأدبية الإفريقية يجب أن أنوه أن بعض المستفرقين (المهتمين بالشؤون الإفريقية من الغرب)، اتفقوا على تقسيم الأدب الإفريقي إلى قسمين: قسم الدول الإسلامية الإفريقية وهي التي يعيش بها جزء كبير من العرب، والنصف الثاني هو إفريقيا السوداء المغمورة بعض الشيء، وهي التي أعنيها بحديثي في هذا المقال، بجانب كل ذلك كان الأفارقة السود يعتمدون على رواية حكاياتهم بالمشافهة وليس التدوين، ومن دون منهم كتبها بلغاتهم المحلية وليس عن طريق لغة واحدة تجمعهم، بالإضافة إلى عدم اهتمام حركة الترجمة بمثل هذه الأعمال

الأشياء تتداعى

يروي لنا الكاتب النيجيري الموهوب تشينوا أتشيبي في رائعته "الأشياء تتداعى" عن الحياة الإفريقية، التي استطاعت أن تلفت أنظار العالم إلى وطن إفريقي ودولة تُدعى نيجيريا، كتب أتشيبي عن الحياة الإفريقية في نيجيريا، واستطاع أن يقدم لنا عملًا فريدًا ورسمًا دقيقًا لشكل الحياة النيجيرية في الوقت نفسه، فاستطاع أن ينقل لنا حياة كاملة بين صفحات الرواية من خلال حديثه عن أدق التفاصيل في القبيلة وكيف يعيشون ومراسم دفنهم وخلافه.

الأدب الإفريقي متعة أدبية مغمورة وحديث طويل عن بلاد موجوعة يسودها الظلام، سيكون من الرائع إن قرأت عنه وفتحت عينيك على ثقافات تجهلها في القارة السمراء

تحكي الرواية عن أكونكو البطل الذي يمثل قبيلته في القرية، البطل المغوار المثالي الذي سنتتبع قصته من بدايتها إلى نهايتها، لنراه يقع في جريمة قتل، وينفى خارج البلاد لمدة سبع سنوات ويعود ليجد وطنه قد تغير، فخلال السنوات تمكن الدين المسيحي من التغلغل في القرية ولم يستطع أن يتقبل هذا التغير ويقاوم دين الآلهة حتى تأتي النهاية المأساوية المشوقة.

وبعيدًا عن القصة المشوقة نجد أن الكاتب وصف لنا الكثير عما نجهله في إفريقيا مثل التقاليد المثيرة للاستغراب، مثل لعنة الآلهة من إنجاب التوأم أو إمكانية الزوج الواحد الزواج من تسع سيدات ولا تكن واحدة منهن للأخرى أي ضغينة بل كل شيء بينهن يقع في محبة ووئام، بجانب تعاملهم مع المقتولين والمنتحرين الذي ستكتشفه بنفسك في الرواية.


الكاتبة النيجيرية تشيماماندا أديتي

نصف شمس صفراء

رواية نيجيرية أخرى تروى لنا ما حدث في نيجيريا من حرب أهلية بين ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، جمعت الكاتبة الإفريقية المميزة تشيماماندا أديتي في روايتها بين التاريخ والسياسة والحب والحياة، فروت لنا قصة ملحمية تجمع بين الحب والأسى في وجود الحرب الأهلية التي عايشتها في الحقيقة ورأت أبويها يتألمان لما فعلته الحرب بهما من فقد وموت لأقربائهم.

كانت تشيماماندا طرفًا حقيقيًا في هذه الحرب، لمستها المعاناة واستطاعت ببراعتها أن تفعل شيئًا يساعد وطنها فقامت بالكتابة عنه، ورغم أنها كانت تنتمي للقبائل الجنوبية الذين هم أساس قيام الحرب، فإنها كانت موضوعية وكتبت الرواية بوجهة نظر حيادية مما أعطاها مصداقية أكثر، هذا بالإضافة إلى أنها رسمت الشخصيات من منظورهم الداخلي وليس من وجهة نظر الحرب، فكانت أكثر واقعية في أنها أضافت المزيد الذي لا يعرفه كل الناس عن هذه الحروب، واستحقت أن يكون مؤلفها عملاً أدبيًا مميزًا عن جدارة.


الأدب الإفريقي متعة أدبية مغمورة

حالات عصابية

كتبت الكاتبة الزيمبابوية تسيتي دانجار يبمجا واحدة من أفضل 100 رواية في تاريخ الروايات الإفريقية كلها وفي مؤلفات القرن العشرين كذلك، وكعادة كل الأفارقة تنبع كتاباتهم من حياتهم ومآسيهم الحقيقية التي يكابدونها، فقد عاشت هذه الكاتبة في ألمانيا واستطاعت أن ترى الفارق الشاسع بين الفتيات الأوربيات والفتيات الأفارقة، واستطاعت أن تسرد بأناملها واحدة من الروايات المعاصرة المعبرة التي تروي معاناة الفتاة الإفريقية على الدوام من الحرمان من التعليم والزواج المبكر والتفضيل الدائم للذكر وتسخير الحياة لرعاية الأسرة.

الأدب الإفريقي متعة أدبية مغمورة وحديث طويل عن بلاد موجوعة يسودها الظلام، سيكون من الرائع إن قرأت عنه وفتحت عينيك على ثقافات تجهلها في القارة السمراء.
-----------
نون بوست


وفاء خيري
الجمعة 26 فبراير 2021