إحدى الحجج التي أسمعها دائما ”أنه لا يمكن السماح للحرب بالانتشار”، وهذا الأمر صحيح، لكن لن يتوقف انتشار الحرب إلا بخسارة روسيا إذا كان بالإمكان القيام بذلك عسكريا. فالرئيس بوتين – إذا استطاع – سيزحف على مولدافيا ومن ثم يتابع حروبه من هناك، والطريقة الوحيدة لكبح جماحه هي في الدعم الكامل لأوكرانيا.
البعض يقدم الحجة التالية: “كل الحروب تنتهي بالمفاوضات، يجب أن نحافظ على العلاقة مع بوتين”، وهذا الطرح ببساطة ليس صحيحا، فالكثير من الحروب انتهت بالاستسلام (الحرب العالمية الثانية، الحرب في العراق)، أو بوقف إطلاق النار (الحرب الكورية، حرب اليابان مع الاتحاد السوفيتي) أو بالثورة (روسيا في الحرب العالمية الأولى).
يجب معاملة بوتين على أنه مجرم حرب عالمي مثل هتلر أو صدام حسين، وكلاهما لم يتم التفاوض معه.
يعتبر الكثيرون خط التماس في 23 فبراير 2022 على أنه حدود شرعية، وهذا خطأ فادح. فقد حافظت روسيا على حرب محدودة منذ العام 2014، ولم يتحقق السلام، بل كانت تلك الفترة نقطة انطلاق لحربه العدوانية الجديدة في العام 2022، ولا يمكن قبول المكاسب الروسية على أنها أمر واقع ناتج عن هذه الحرب.
كما لا يمكن قبول الحجة القائلة بأن القرم روسية في جوهرها، فقد احتلتها كاثرين الثانية عام 1783، وعادت الى أوكرانيا زمن الاتحاد السوفياتي عام 1954، وانتقل العديد من الروس إلى القرم نتيجة لعمليات التطهير العرقي السوفيتي الذي لا يجب التغاضي عنه، ويمتلك تتار القرم والإمبراطورية العثمانية مطالب فيها.
بدءا من عام 1997، ولمدة 20 عاما، استأجرت روسيا القاعدة البحرية في سيفاستوبول من أوكرانيا. ذاك العام كان ذروة الصداقة بين روسيا وأوكرانيا، ولكن تبين فيما بعد أنه كان خطأ فادحا بالنسبة لأمن أوكرانيا، فقد احتلت روسيا شبه جزيرة القرم في فبراير ومارس 2014، وسهّل عقد الإيجار هذا الاحتلال. من الناحية القانونية، كانت سيفاستوبول جزءا من الأراضي الأوكرانية، وفي ديسمبر 1991 صوّت سكان سيفاستوبول والقرم بحرية للانتماء إلى أوكرانيا.
التخلي عن بعض الأراضي الأوكرانية لروسيا لتهدئة بوتين لن يفيد، فهو يريد أوكرانيا بأكملها، وأي تنازل لبوتين سيؤدي إلى هجوم روسي جديد، يجب هزيمة روسيا.
اقتراح البعض أن شبه جزيرة القرم أو دونباس يمكن أن تصبح “صراعا مجمّدا” لإرضاء بوتين هو اقتراح عبثي، فالصراعات المجمدة في ترانسنيستريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ليست مرغوبة، أفضل نتيجة لهذه الحرب هي حل جميع “النزاعات المجمدة” في روسيا عن طريق انسحاب القوات الروسية.
لا يستطيع بوتين المهزوم أن يفعل الكثير، ومن غير المرجح أن يستخدم الأسلحة النووية، لأن ذلك سيعني أنه سيموت هو وجنرالاته، فلنذكر أن هتلر لم يستخدم أذرعه الكيميائية العديدة أبدا، بدلا من ذلك، انتحر.
وفيما يريد البعض بقاء بوتين في السلطة كمصدر للاستقرار، فإن بوتين أثبت أنه مصدر لعدم الاستقرار الدولي والحكم الفاسد في روسيا. لا يمكن دعم مثل هذا النظام، كيف يمكن لأي شخص أن يؤيد قمع بوتين المخيف للروس؟ مصيره الوحيد يجب أن يكون السجن.
وكما يجادل السياسي المعارض الروسي المنفي، ليونيد غوزمان، فإن النتيجة المثالية هي هزيمة روسيا وعليها الاستسلام، كما فعلت ألمانيا في عام 1945.
كانت مشكلة انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 أنه كان سلميا للغاية، لم يشعر الروس بالهزيمة ولم يفهموا سبب انهيار الاتحاد السوفيتي، لذلك تطور المزاج الروسي المعادي، كما حدث في فايمار بألمانيا في فترة ما بين الحربين العالميتين.
ما يجب أن يحدث لروسيا هو استسلامها، اندحار حقيقي لقواتها، حتى يفهم معظم الروس أنه يجب عليهم إعادة التفكير بقيادتهم، وإدانة بوتين. لا يمكن السماح ببقاء مجرم حرب عدواني مثل بوتين في مكانه، وكما صرح الرئيس بايدن بحق في خطابه في آذار / مارس في وارسو: “لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السلطة”.
يتوجب على الغرب أن يمنح أوكرانيا كل الأسلحة القوية التي تحتاجها (دبابات قتال حديثة، وصواريخ دقيقة بعيدة المدى، وطائرات مقاتلة حديثة) في أقرب وقت ممكن لأنه كلما طالت الحرب، كانت المعاناة أطول عمرا.
------
مقال رأي بقلم أندرز آسلاند
نقله إلى العربية بسام أبوطوق
.