نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت

نظرة في الإعلان الدستوري

26/03/2025 - لمى قنوت

رياح الشام

25/03/2025 - مصطفى الفقي

في الردّة الأسدية الإيرانية

22/03/2025 - عبد الجبار عكيدي


فورين بوليسي : سوريا الجديدة تُدار مثل سورياالقديمة




الانتقال الحالي للحكم في سوريا حالة فريدة من نوعها في تاريخ الشرق الأوسط. والسلطات الانتقالية بقيادة أحمد الشرع تحاول جاهدة تجنب الأخطاء المرتكبة في دول أخرى خلال العقود الماضية وقد أحرزت تقدما ملحوظا في سعيها لإرساء بيئة سياسية مستقرة.


احمد الشرع ..تركيز السلطات بيد الرئاسة يذكر بالنظام البائد
احمد الشرع ..تركيز السلطات بيد الرئاسة يذكر بالنظام البائد

 
  الشرع ووزرائه مصممون على عدم تكرار أخطاء دول أخرى من خلال تجنب التجربتين العراقية واللبنانية في مسعى لحقيق الاستقرار بأسرع وقت ممكن خلافا لما حدث في ليبيا واليمن والسودان.

  القيادة الجديدة في سوريا ومع كل محاولاتها لبناء نظام جديد لا تزال غير قادرة على التخلي عن النظام القديم الذي يرتكز على حكم رئاسي مركزي وتركيز شديد للسلطة وهو النظام الذي فقد مصداقيته.

  هذا النهج (التركيز الشديد للسلطة) إلى جانب التهديدات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي تواجه السوريين بعد أكثر من عقد من الحرب قد يؤدي إلى فشل عملية الانتقال برمتها.

  الخطوات المنجزة في فترة قصيرة هو أمر مثير للإعجاب.ولكن العديد من هذه الخطوات تتجه نحو تركيز السلطة بشكل مفرط في يد الرئاسة وهو اتجاه ذو سجل كارثي في سوريا والمنطقة الأوسع.

  النتيجة أن مستقبل الانتقال السياسي في سوريا ومستقبل البلاد عموما أصبح مرتبطا بشكل وثيق بقدرة شخص واحد على الحكم بفعالية وبالتزامه بحسن النية.

  عدم قدرة السلطات الانتقالية على التفكير بشكل إبداعي في نماذج حكم جديدة. مثلهم مثل أسلافهم أو نظرائهم في دول الجوار فإن مقاربتهم للحكم تقوم إما على تعديل النظام القديم بشكل طفيف أو القيام بعكس ما كان معمولا به سابقا.

  العجز عن تطوير بدائل لهذا النهج القائم على "الكل أو لا شيء" يعني أن سوريا ، بعد حرب دامت 14 عاما على ديكتاتورية رئاسية مفرطة قد تبنت في نهاية المطاف النظام نفسه مع بعض التغييرات الشكلية.

  لا ينبغي للسلطات الانتقالية في سوريا أن تسعى لإحياء نموذج فاشل وفاقد للمصداقية بناء على فكرة أن كل ما يحتاجه للعمل بشكل صحيح هو زعيم أكثر اعتدالا.

  لا توجد نماذج جاهزة يمكن لسوريا نسخها ببساطة، ولكن العديد من الدول الأخرى، خصوصا في أميركا اللاتينية وأفريقيا، جربت نماذج حكم جديدة تعكس تعقيد مجتمعاتها. ينبغي أن تلهم التغييرات الدستورية المبتكرة في البرازيل وكينيا وجنوب أفريقيا ودول أخرى، السوريين لما يمكن تحقيقه.

  كيف يمكن لسوريا أن تطور نموذج حكم يناسب سياقها الخاص؟

لكي تنجح العملية الدستورية في سوريا، لا بد من إشراك فئات جديدة. على وجه الخصوص، تحتاج البلاد إلى استدعاء جيل جديد من المفاوضين والمحامين الدستوريين القادرين على تجاوز النماذج التقليدية للحكم وهو ما فشلت جميع العمليات الدستورية العربية حتى الآن في تحقيقه.

  يجب على السلطات الانتقالية أن تسعى - ويجب أن تسعى - إلى اجتذاب سياسيين ومهنيين سوريين شباب لا يتقيدون بالقيود بما في ذلك الأطر القانونية والتعليمية التي فرضها نظام البعث أو التقاليد الدستورية العربية.

  ينبغي للشرع أن يشكل فريقا دستوريا قادرا على تصميم نظام حكم يستند إلى الاحتياجات الحقيقية ويتعلم من تجارب الدول الأخرى.

  نظرا للطبيعة الديناميكية للانتقال في سوريا، سيكون من الخطأ اعتماد نهج "الانفجار الكبير" أي الإبقاء على النظام القائم إلى حين إتمام مؤتمر دستوري أو عملية مماثلة لإنتاج نص نهائي بعد سنوات عديدة.

  ينبغي تشجيع واضعي الدستور على تطوير اتفاقيات جزئية يمكن اختبارها عمليا، وإذا نجحت، يتم تحسينها والبناء عليها (أي يقصد الباحث التطوير التدريجي للإعلان الدستوري الحالي قبل تبني دستور دفعة واحدة في المستقبل القريب)

  قد تكون القيادة الجديدة في سوريا تحقق تقدما مثيرا للإعجاب في دفع عملية الانتقال قدما لكنها ما تزال تواجه تحديات غير مسبوقة يمكن أن تُفشل هذه العملية في أي لحظة. إذا كانت القيادة تأمل في النجاح على المدى الطويل، فعليها أن تكون أكثر جرأة في جهودها لمعالجة هذه التحديات. وإلا، فإن سوريا تخاطر بالعودة إلى نفس أنماط عدم الاستقرار والصراع التي عانت منها المنطقة لعقود.
-------

زيد العلي زميل زائر في جامعة برينستون ومؤلف كتاب "الدستورية العربية: الثورة القادمة"
مجلة فورين بوليسي الاميركية
ترجمة رأفت الرفاعي
 

زيد العلي
الاحد 20 أبريل 2025