وقبل اسبوع وفي مساء يوم الجمعة الماضي استشاط في زعرنته وهو المحروس بجيش من المسلحين في الإعتداء العلني -في ساحة بلدة مرمريتا – الأمر الذي استفز الأهالي ، وحدث الإصطدام ، وتم تبادل إطلاق النار ، وتدخل شبيحة بشر اليازجي في عملية التصدي له .. وكانت الحصيلة موت إثنين من مرافقة المراهق حيدرة شاليش إضافة إلى عديد الجرحى .. وتم اعتقال حيدرة والمتبقي من مرافقيه وتسليمهم للشرطة .. ومن ثم تم تدخل مكتب بشار الأسد وأمر بإطلاق سراحهم ، مع وعد من بشار بمتابعة الموضوع ..!!
ولا ندري بأي إتجاه ستكون هذه المتابعة … !!! … ؟؟؟
وطبعا بلع أهلي مرمريتا الطعم ، وبلعه معهم أهالي الوادي ككل .. !! وكأن الأمر عابر وعرضي ، ولم ينتبه العقلاء – على ما يبدو – إلى خطورته وتداعياته اللاحقة . . والتي سنستعرض بعضها :
1- دُفع العجل حيدرة شاليش – من قبل أصحاب الأمر والتخطيط والدارسين للإحتمالات المستقبلية – إلى الإستشاطة في التشبيح والإعتداء على الحرمات وامتهان كرامة الأهالي وبالتالي دفعهم لردة فعل كبيرة ..
2- الإيحاء لبشر اليازجي وشبيحته بالتصدي العنيف له ، وقتل بعض عناصره ، ومن ثم تدخل النظام وبشخص بشار الأسد للتهدئة والوعد بمتابعة الموضوع ، دون أن يلتزم بشكل أو لون المتابعة ..!!
وهذا يعني :
أ – تلميع بشر اليازجي وإظهاره بموقع المدافع عن المسيحيين وصون كرامتهم … !! ومن ثم استغلال ذلك لاحقا لمصلحة النظام ..
ب – تدخل النظام قبل الإنتخابات الرئاسية ومحاولة إيحائه بأن حمايته للمسيحيين مستمرة ، وبالتالي لا أمل لهم سوى باستمرار بشار الأسد ..
ج – استمرار تهديدات حيدرة شاليش بالإنتقام ولكن بعد الإنتخابات الرئاسية .. وهذا التهديد مقصود من قبل الذين يوجهون شاليش – لاسيما وأن بعض شبيحة القرى العلوية المجاورة تدفقت على مرمريتا في محاولة للتصعيد ، ولكنّ (حكمة ) النظام طوقت الموضوع … وغاية النظام من ذلك لا تخطئها العين البصيرة …
د – لقد زرعت هذه الحادثة – المفتعلة – بذور الفتنة والتي لا شك في أنها ستنبت تحت أعين أولي الأمر في النظام ، والتي سيعمل على سقايتها حين يحتاج ، أو تركها برية كسيف مسلط في المراحل اللاحقة ..
ه – لن يقدم النظام على رد فعل محدد قبل أن تتوضح آفاق الحل في سوريا .. فإذا تم تقسيم سوريا فإن الوادي سيكو جزءا من الدويلة العلوية المحتملة .. وفي هذه الحالة سيكون وادي النصارى أقلية مسيحية واضحة المعالم ، وبالتالي ستشكل عبئا سياسيا كبيرا على نهجه ونهج القيادة الإيرانية التي تخطط وتقود المشروع بتفاصيله الدقيقة ، والتي ستعمل على ضرب التواجد المسيحي الصرف في منطقة جغرافية محددة ، وبالتالي لا بد من التمهيد لإحداث تغييرات ديموغرافية في المنطقة .. وفي نفس السياق نجد التفسير لرفض النظام رجوع أهالي الحصن بما فيه المؤيدون له ، ولن يسمح برجوعهم قبل أن تتوضح آفاق الحل في سوريا ..
و – تهديدات أزلام النظام وشبيحته من الطائفة العلوية لم تتوقف منذ بداية الثورة لأهالي الوادي والجهر العلني وبوقاحة منقطعة النظير بأن المنطقة لهم وليست للمسيحيين وبالتالي ضرورة رحيلهم الطوعي من قراهم ، أو ترحيلهم القسري وبالقوة ، وهذا يتماهى مع ضرورات المشروع الإيراني .. وكلنا يذكر الخطاب الشهير لحسن نصر الله الذي اعتبر فيه – وبلهجة التهديد – أن الأراضي التي يتواجد فيها المسيحيون في لبان هي أراضي مسلمة – ويقصد شيعية – احتلها البيزنطيون .. !! وينسى هذا الحاقد التابع أن الوجود المسيحي في المنطقة قبل الوجود الإسلامي بقرون عديدة .. ولكن خطابه لم يكن اعتباطيا فالمخطط الإيراني واضح المعالم جلي الغايات .. وبكل تأكيد لن يكون الوجود العلوي بأفضل مصيرا من الآخرين ، اللهم إلا إذا تشيعوا وانخرطوا في حزب ولاية الفقيه كما فعل حزب الله ..
إلا أن الملفت والغريب أن العين البصيرة والعقل الواعي في وادي النصارى غائب أو مغيب ، فهم لا يقرأون جيدا اللوحة المستقبلية ، ولا يربطون المؤشرات الحالية بها .. فهل عقلاء الوادي مغلوبين على أمرهم إلى هذه الدرجة .. ؟ .! وهل اشبيحة بالتوازي مع القوميين السوريين يقمعون الوادي برمته إلى هذه الدرجة أيضا … ؟ .. !!!
والحقيقة أن ما يجري في الوادي مؤشر لمستقبل الوجود المسيحي في سوريا – لاسيما في المناطق التي يسيطر عليها النظام – والتي تدخل في معادلة مخططه التابع للتصور الإيراني لسوريا ولبنان والمنطقة .. فالخطر الداهم هو من النظام ومؤيديه من الطائفة العلوية .. بينما لا وجود لخطر سني على الوجود المسيحي ، وما طروحات بعض التنظيمات السنية المتطرفة والإرهابية سوى تناغم مفضوح ومتماهي وبتبعية تنظيمية للنظام وحزب ولاية الفقيه .. وإذا أحذنا بعين الإعتبار أنها لا تتمتع بحاضنة شعبية وبالتالي لا دور مستقبلي لها في القرار السوري ولا خوف حقيقي أو مؤثر منها …
إذا الخطر الحقيقي على الوجود المسيحي هو من المخطط الشيعي وحزب ولاية الفقيه وتبعية النظام له .. وهذا لا يعني بطبيعة الحال أنه مخطط الطائفة العلوية ، بل النظام هو الذي يحاول تجيير اطائفة وتوريطها في مخططه الهادف للحفاظ على السلطة في كيان مستقل إذا لم يستطع الحفاظ على عموم سوريا .
-------------------
كنا شركاء