وعلى ما يبدو، لن ينال الاتفاق الجديد مع إيران الدعم المطلوب من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ ليصبح معاهدة رسمية لها صفة قانون في الولايات المتحدة. ومثلما كان الحال مع أوباما، لن يكون أمام بايدن سوى تنفيذ الاتفاق من خلال الأداة القانونية المتمثلة في إصدار أوامر تنفيذية، يستمر سريانها حتى يتمكن رئيس آخر من اتخاذ قرار بالتغيير أو الإلغاء، مثلما فعل ترمب مع الاتفاقية النووية القديمة عام 2018.
من ناحيتها، تتفهم طهران ذلك، ولم توافق على فرض قيود أطول أمداً على نشر أجهزة طرد مركزي متقدمة (تبعاً لما أفادت به تقارير صحافية، ستنتهي القيود عام 2025). وتشير تقارير صحافية كذلك إلى أن القيود المفروضة على برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم ستنتهي عام 2030. وهذا ليس بالشيء الكبير بالنسبة لواشنطن وحلفائها، لأن البرنامج النووي الإيراني قد ينمو مرة أخرى بعد عام 2025.
ومع ذلك، فإنه من وجهة نظر إدارة بايدن، من شأن عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية أن تساعد على خفض سعر البنزين في الولايات المتحدة، وتقلل من تضخم الأسعار، وتعطي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسباباً أقل لمواصلة رفع أسعار الفائدة والمخاطرة بركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، تحولت الحرب في أوكرانيا إلى حرب استنزاف طويلة، وستحتاج أوكرانيا إلى المزيد من المساعدات الأميركية مع تفاقم الخسائر العسكرية التي تُمنى بها أوكرانيا. ومع أن واشنطن ليست في حالة حرب مباشرة مع موسكو، فهي على الأقل في منافسة عسكرية خطيرة مع روسيا.
إلى جانب ذلك، شهدنا في أوائل أغسطس تدريبات عسكرية صينية كبيرة حول جزيرة تايوان. وسيتطلب الحفاظ على توازن القوى في شرق آسيا المزيد من عمليات الانتشار العسكرية الأميركية. وليس من قبيل المصادفة أن سفينتين حربيتين أميركيتين عبرتا مضيق تايوان في 28 أغسطس.
وعززت الأحداث في الأشهر الستة الماضية التحليل الأميركي بأن الصين وروسيا هما أكبر تهديد للأمن الأميركي. ومع أنه باستطاعة إدارة بايدن ضرب المنشآت النووية الإيرانية، لكن طهران، وليست واشنطن، هي التي تقرر متى ستنتهي الحرب. والمؤكد أن بدء حرب الآن مع إيران لا يتناسب مع أولويات إدارة بايدن.
في الوقت ذاته، ترغب إدارة بايدن في الإبقاء على قواتها في العراق وسوريا، وعدم منح إيران فرصة لتوسيع نفوذها في هذين البلدين.
من جانبها، أفادت خدمة «بوليتيكو» الإخبارية المطلعة في 27 أغسطس بأن البيت الأبيض نفذ بعناية الضربات الجوية ضد الميليشيات الموالية لإيران في شرق سوريا، الأسبوع الماضي، حتى لا تتسبب العملية العسكرية في تخريب المفاوضات النووية. ومن خلال الضربات، سعت إدارة بايدن لتوجيه رسالة لردع إيران وتثبيطها عن هجمات جديدة، مع الحرص في الوقت ذاته على عدم استفزازها للتصعيد.
وفي الوقت الحالي، يمكن لواشنطن أن تقبل تقاسم شرق سوريا مع الميليشيات الموالية لإيران ما دامت هذه الميليشيات لا تهاجم أميركيين.
إلى ذلك، تهدف الضربات الجوية الأميركية إلى بعث رسالة لإسرائيل. فمنذ أشهر، حثت إسرائيل إدارة بايدن على الاستعداد لخيار عسكري ضد طهران. وتزعم إسرائيل أن التلويح بالخيار العسكري سيثمر المزيد من التنازلات النووية من جانب إيران.
جدير بالذكر هنا أنه على عكس أوباما، حاول بايدن جاهداً طمأنة إسرائيل. وقال بايدن في تصريحات لشبكة تلفزيون إسرائيلية في يوليو (تموز) إنه سيستخدم القوة العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني إذا لزم الأمر. وصرح مسؤول دفاعي إسرائيلي لوسائل الإعلام، الأسبوع الماضي، بأن إسرائيل تلقت «إشارات جيدة» من فريق بايدن.
وعلى خلاف الحال مع إدارة أوباما كذلك، تتشاور إدارة بايدن مع إسرائيل بشأن المفاوضات. وناقش مستشار الأمن الوطني، جيك سوليفان، ومنسق سياسة الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، الرد الأميركي على العرض الإيراني الأخير مع مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي، إيال هولاتا، في 23 أغسطس، قبل يوم واحد من إرسال الرد الأميركي إلى إيران.
وفي 24 أغسطس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إن الأميركيين قبلوا العديد من الطلبات الإسرائيلية في المفاوضات. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه المطالب تتضمن لغة أكثر صرامة بخصوص عمليات التفتيش التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطة إيران النووية غير المعلنة، والعقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني، وتقييد الحصانة من العقوبات على الشركات الأجنبية التي تعمل في إيران.
من ناحيتها، تدرك إدارة بايدن أن إسرائيل لن تكون متحمسة للاتفاق الجديد الضعيف. ومع ذلك، يرى الأميركيون أن الإسرائيليين سيقبلون بفكرة أن الاتفاق الضعيف الآن الذي يحبط اشتعال حرب فورية مع إيران، يشكل أفضل نهج متاح. ومن دون تقليل التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، فإن مخاطر الحرب ستبقى مرتفعة. لذلك تؤكد واشنطن لإسرائيل عزمها على التعاون معها بشكل عاجل لبناء تعاون عسكري إقليمي ضد التهديدات العسكرية الإيرانية، خصوصاً تلك المتعلقة بالصواريخ الإيرانية.
* خاص بـ«الشرق الأوسط»
من ناحيتها، تتفهم طهران ذلك، ولم توافق على فرض قيود أطول أمداً على نشر أجهزة طرد مركزي متقدمة (تبعاً لما أفادت به تقارير صحافية، ستنتهي القيود عام 2025). وتشير تقارير صحافية كذلك إلى أن القيود المفروضة على برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم ستنتهي عام 2030. وهذا ليس بالشيء الكبير بالنسبة لواشنطن وحلفائها، لأن البرنامج النووي الإيراني قد ينمو مرة أخرى بعد عام 2025.
ومع ذلك، فإنه من وجهة نظر إدارة بايدن، من شأن عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية أن تساعد على خفض سعر البنزين في الولايات المتحدة، وتقلل من تضخم الأسعار، وتعطي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسباباً أقل لمواصلة رفع أسعار الفائدة والمخاطرة بركود اقتصادي في الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، تحولت الحرب في أوكرانيا إلى حرب استنزاف طويلة، وستحتاج أوكرانيا إلى المزيد من المساعدات الأميركية مع تفاقم الخسائر العسكرية التي تُمنى بها أوكرانيا. ومع أن واشنطن ليست في حالة حرب مباشرة مع موسكو، فهي على الأقل في منافسة عسكرية خطيرة مع روسيا.
إلى جانب ذلك، شهدنا في أوائل أغسطس تدريبات عسكرية صينية كبيرة حول جزيرة تايوان. وسيتطلب الحفاظ على توازن القوى في شرق آسيا المزيد من عمليات الانتشار العسكرية الأميركية. وليس من قبيل المصادفة أن سفينتين حربيتين أميركيتين عبرتا مضيق تايوان في 28 أغسطس.
وعززت الأحداث في الأشهر الستة الماضية التحليل الأميركي بأن الصين وروسيا هما أكبر تهديد للأمن الأميركي. ومع أنه باستطاعة إدارة بايدن ضرب المنشآت النووية الإيرانية، لكن طهران، وليست واشنطن، هي التي تقرر متى ستنتهي الحرب. والمؤكد أن بدء حرب الآن مع إيران لا يتناسب مع أولويات إدارة بايدن.
في الوقت ذاته، ترغب إدارة بايدن في الإبقاء على قواتها في العراق وسوريا، وعدم منح إيران فرصة لتوسيع نفوذها في هذين البلدين.
من جانبها، أفادت خدمة «بوليتيكو» الإخبارية المطلعة في 27 أغسطس بأن البيت الأبيض نفذ بعناية الضربات الجوية ضد الميليشيات الموالية لإيران في شرق سوريا، الأسبوع الماضي، حتى لا تتسبب العملية العسكرية في تخريب المفاوضات النووية. ومن خلال الضربات، سعت إدارة بايدن لتوجيه رسالة لردع إيران وتثبيطها عن هجمات جديدة، مع الحرص في الوقت ذاته على عدم استفزازها للتصعيد.
وفي الوقت الحالي، يمكن لواشنطن أن تقبل تقاسم شرق سوريا مع الميليشيات الموالية لإيران ما دامت هذه الميليشيات لا تهاجم أميركيين.
إلى ذلك، تهدف الضربات الجوية الأميركية إلى بعث رسالة لإسرائيل. فمنذ أشهر، حثت إسرائيل إدارة بايدن على الاستعداد لخيار عسكري ضد طهران. وتزعم إسرائيل أن التلويح بالخيار العسكري سيثمر المزيد من التنازلات النووية من جانب إيران.
جدير بالذكر هنا أنه على عكس أوباما، حاول بايدن جاهداً طمأنة إسرائيل. وقال بايدن في تصريحات لشبكة تلفزيون إسرائيلية في يوليو (تموز) إنه سيستخدم القوة العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني إذا لزم الأمر. وصرح مسؤول دفاعي إسرائيلي لوسائل الإعلام، الأسبوع الماضي، بأن إسرائيل تلقت «إشارات جيدة» من فريق بايدن.
وعلى خلاف الحال مع إدارة أوباما كذلك، تتشاور إدارة بايدن مع إسرائيل بشأن المفاوضات. وناقش مستشار الأمن الوطني، جيك سوليفان، ومنسق سياسة الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، الرد الأميركي على العرض الإيراني الأخير مع مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي، إيال هولاتا، في 23 أغسطس، قبل يوم واحد من إرسال الرد الأميركي إلى إيران.
وفي 24 أغسطس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إن الأميركيين قبلوا العديد من الطلبات الإسرائيلية في المفاوضات. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه المطالب تتضمن لغة أكثر صرامة بخصوص عمليات التفتيش التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطة إيران النووية غير المعلنة، والعقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني، وتقييد الحصانة من العقوبات على الشركات الأجنبية التي تعمل في إيران.
من ناحيتها، تدرك إدارة بايدن أن إسرائيل لن تكون متحمسة للاتفاق الجديد الضعيف. ومع ذلك، يرى الأميركيون أن الإسرائيليين سيقبلون بفكرة أن الاتفاق الضعيف الآن الذي يحبط اشتعال حرب فورية مع إيران، يشكل أفضل نهج متاح. ومن دون تقليل التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، فإن مخاطر الحرب ستبقى مرتفعة. لذلك تؤكد واشنطن لإسرائيل عزمها على التعاون معها بشكل عاجل لبناء تعاون عسكري إقليمي ضد التهديدات العسكرية الإيرانية، خصوصاً تلك المتعلقة بالصواريخ الإيرانية.
* خاص بـ«الشرق الأوسط»