مغامرة بوتين في حربه الإرهابية في سوريا لدعم صبيه الكيماوي الفاشل عبر استخدامه لأسلحة متعددة وفتاكة وتجريب كم هائل من الأسلحة الجديدة، كما صرح بها وزير دفاعه (سيرغي شويغو)، دون خوف أو تردد ضد شعب مدني أعزل تنهمر فوق رؤوسه الأسلحة المحرمة دولياً من عنقودية إلى فراغية إلى صواريخ شديدة الانفجار وصواريخ بعيدة المدى.
إلى طيران حديث يجول سماء سوريا دون خوف أو خشية من أي صاروخ مضاد لها، يؤكد للغرب أنّ بوتين شعر بنشوة النصر في سوريا وأراد أن يعيد تجربته الرائدة في أوكرانيا محاولاً استعادة مجد الاتحاد السوفييتي الغائب، وإثباته للغرب بأنّه القيصر الذي لا يهزم، وكلمته هي العليا، مهما كانت جائرة ومحملة بالإرهاب والإجرام منقطع النظير.
كم هو مشهد اليوم شبيه بمشهد البارحة، فها نحن نرى اليوم كيف تنهال الصواريخ والقذائف العشوائية على الأماكن السكنية والمدارس والمشافي والمباني الحكومية وسط العاصمة كييف فوق رؤوس المدنيين العزل، وفي زحمة أوقات العمل وكيف يختار الإرهاب الروسي أهدافه العسكرية عبر استهدافه الأماكن المدنية مبرراً إرهابه بأنّها ردة فعل على تفجير جسر القرم؟.
متناسياً بأنّ جسر القرم هو هدف عسكري استراتيجي للمقاومة الأوكرانية، وخاصة بعد أن استغل بوتين الجسر لشهور طويلة في نقل عتاده العسكري وجنوده لغزو أوكرانيا؟ حتى إنني أستغرب عدم استهداف هذا الجسر منذ بداية الحرب على أوكرانيا، لأنّ ذلك بالتأكيد سوف يعرقل تحركات الجيش الروسي وامداداته في حربه غير العادلة على أوكرانيا!.
فهل يمكننا فعلاً تصديق الصحافة الروسية بأنّ استهداف الجسر هو عمل إرهابي؟ فالعكس واضح تماماً واستهداف هذا الجسر هو عمل حربي تكتيكي استراتيجي ودفاعي وبالمقابل ردة فعل الجيش الروسي باستهداف المدنيين في قلب العاصمة الأوكرانية هو عمل إرهابي متوحش بكل المعايير الدولية، أدانته أغلب دول العالم ووصفته بجرائم حرب يرتكبها الإرهاب الروسي بقيادة القيصر بوتين.
هل نسي العالم كيف كان الأسد يرمي براميله المتفجرة الغبية والعمياء بشكل عشوائي فوق المباني السكنية ليحقق أكبر قدر ممكن من القتل وإرهاب المدنيين العزل في الأماكن الخارجة عن سيطرته، ولم يتوانَ عن استعمال الدبابات والصواريخ والطائرات ضد شعبه الأعزل، حتى أنّه تجرأ على استخدام السلاح الكيماوي ليقتل في ساعة واحدة أكثر من ألف وأربعمئة مدني أعزل ثلثهم من الأطفال.
وعندما عجز المجتمع الدولي عن ردعه أعاد استخدام السلاح الكيماوي لمرات عديدة ضد شعبه، وعندما فشل في تحقيق أهدافه استطاع إقناع بوتين بالانخراط معه في حربه الغاشمة ضد شعبه، فلم يتوانَ عن تقديم الدعم الكامل لصبيه الصغير المدلل باستقدام جيشه المغوار، لزيادة حجم القصف العشوائي واستخدام سياسة الأرض المحروقة عبر استهداف مدن كاملة من حلب إلى الغوطة إلى حمص وحماة وإدلب.
ليحقق أكبر قدر ممكن من إرهاب الدول ضد المدنيين وقتل الأبرياء وتدمير البنية التحتية وتهجير المدنيين على مرأى من العالم أجمعه، حيث كان يرى بشكل يومي أقذر الأعمال الإجرامية وأكثرها وحشية بدون أن يحرك ساكن ضده لردعه وإيقافه، ظناً منه أنّ الحرب تجري في أماكن بعيدة لا تهمه. وهو ليس معنياً بها، فكانت أغلب حساباته خاطئة ولم يتوقع أنّ المارد الذي ظن نفسه قيصراً في سوريا سوف يتابع أعماله الإجرامية والوحشية في أوكرانيا دون رادع أو محاسبة.
ها هي المأساة السورية تعيد نفسها في أوكرانيا بحذافيرها، فنرى استهداف التجمعات السكنية قبل العسكرية، ونرى إرهاب المدنيين على كافة الجغرافيا الأوكرانية، ويصبح ذلك واضحاً وجلياً عندما بفشل بوتين في تقدمه العسكري على الأرض الجغرافية، فيتجسد ذلك في تدمير المدن والمشافي والمدارس، وفي اكتشاف المقابر الجماعية وجثث المدنيين التي تملأ الشوارع في كل منطقة ينسحب منها الجيش الروسي تحت وطأة المقاومة الأوكرانية. فهل يمكن للعالم الحر والمتحضر أن يمرر كل هذه الجرائم دون محاسبة أو عقاب؟
من غير الممكن حالياً محاكمة القيصر بوتين في الوقت الحالي، لأنّ الحرب مازالت في أوجها لكن لدى الغرب الآن فرصة جوهرية كبيرة في إرسال رسالة سياسية هامة واضحة وصريحة لردع هذا القيصر المتغطرس عبر محاكمة صبيه المدلل الذي ظن نفسه لوهلة أنّه في مأمن عن المحاسبة، ويمكن أن يفلت من العقاب وأن يتابع أعماله الإجرامية محافظاً على عرشه المتخبط بدماء السوريين فوق جماجم الأبرياء. لطالما أنّ القيصر بوتين الذي لا يقهر يحميه ويغطي على جرائمه.
لقد جمع المجتمع الدولي مئات الآلاف من الوثائق والبيانات والأدلة الجنائية الموثوقة والكافية لمحاكمة رأس الهرم، وكافة أفراد نظامه المقدرة بالمئات من الجنرالات ورؤساء الأفرع الأمنية المتورطة في أعمالهم الإجرامية ضد شعبهم الأعزل. حتى إنّ المجتمع الدولي أدانه وبشكل واضح وصريح في استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه الأعزل وهذه الجريمة لوحدها يمكن لها أن تبدد حلمه في متابعة الاستبداد وتوصله لقفص العدالة وتثبت للعالم أجمع أنّه لا مكان في هذا العالم للديكتاتوريين والمستبدين الذين يرتكبون جرائم حرب ضد شعوبهم.
وإنّ العالم الحر لن يتوانى عن ردع هؤلاء المتغطرسين لأجل إحلال السلم العالمي، وستكون رسالة قوية موجهة لبوتين بأنّ المصير نفسه ينتظرك في يوم من الأيام إذا تابعت نفس المسيرة العدوانية تجاه الشعوب الأخرى.
لا يمكن للعالم الحر أن يتقبل المجرمين ويعيد تأهيلهم ويمنحهم الحصانة ضد أعمالهم الإجرامية، فإن ذلك سيفقد توازن الكوكب الذي نعيش به وسيعرض السلم العالمي للخطر وسيشجع الكثير من الحكام الدكتاتوريين على إعادة استنساخ تجارب الآخرين مما يحرضهم على متابعة العنف والإجرام إلى أن تخرج الأمور عن السيطرة.
وتصل إلى نتائج خطيرة تفقد الأمن والاستقرار العالمي في أماكن كثيرة من هذا الكوكب، وما حصل سابقاً في سوريا يعيد نفسه في أوكرانيا اليوم، وبالتأكيد سيحصل مجدداً في أماكن أخرى حول العالم مالم يتم استدراك هذا الأمر بشكل حازم وفوري عبر محاكمة المجرمين العادلة وتجريدهم من سيطرتهم وإعادة الحقوق للشعوب المضطهدة وتحقيق الأمن والاستقرار العالمي.
------
ارام