نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


ماجدا سابو ....كتابة أقدار النساء في معمعة التاريخ الهنغاريّ




كانت ماجدا سابو واحدة من أهم الكُتّاب المؤثرين المعاصرين في الأدب الهنغاري حتى وفاتها عام 2007. أشهر رواياتها وأكثرها حفاوةً هي، بلا شك، «الباب ». وتُعد «Abigél» أو «Abigail» في ترجمتها الإنجليزية، رواية كلاسيكية، على نطاق واسع، في وطنها الأم هنغاريا.

وإثباتاً لبراعتها الأدبية، تتضمن أبرز أعمالها الأخرى روايات خيالية مثل «شارع كاتالين» -والتي أدرجناها على قائمة القراءة الخاصة بنا لإمضاء فترة الحجر الصحي أثناء الكوفيد 19- أو «قصيدة إيزا»، إلى جانب الشعر مثل «الحَمَل»، أول أعمالها المنشورة، بالإضافة إلى المسرحيات مثل «الملك بيلا»، كتبت ماجدا سابو كتباً عديدة للأطفال على مدار مسيرتها المهنية المثمرة.


 

تنشئة بروتستانتية ومثقفة

ولدت ماجدا سابو في ديبريسين "روما الكالفينية" في هنغاريا عام 1917، من أصول برجوازية بروتستانتية.

تلقت تعليمها من أبيها، رجل متعدد اللغات وعلى درجة عالية من العلم -تحدثت معه باللاتينية، الفرنسية، الألمانية والإنجليزية- الأمر الذي كان له بالغ الأثر على كتابتها، لكنه ساهم أيضاً بتحويلها إلى عنصر مثير الشك في أعين النظام الشيوعي الذي سينشأ قريباً في هنغاريا: من وجهة نظر الجهاز الشيوعي، أصبحت كتبها رمزاً للثقافة البرجوازية العالمية المكبوتة.

درست اللغة الهنغارية واللاتينية في جامعة ديبريسين وتخرجت فيها عام 1940. ومنذ ذلك الحين، أصحبت سابو مدرِّسة، بدايةً في مسقط رأسها ومن ثمَّ في مدرسة بروتستانية داخلية في Hódmezővásárhely، خلال إحدى أحلك الأوقات في التاريخ الهنغاري الحديث. وقد عملت لفترة وجيزة، منذ عام 1945حتى 1959، في وزارة الدين والتعليم، خلال الأيام الأولى للنظام الشيوعي.

فقط في عام 1949، اتخذت حياتها منعطفاً مختلفاً، وأصبحت مرتبطة بشكل وثيق بمصير بلادها. مُنحت جائزة بومغارتن بعد نشر مجموعتها الشعرية  «العودة إلى الإنسان»، والتي سحبت منها في ذات اليوم.

ومن حينها فصاعداً، عُدَّت ماجدا سابو في مقدمة خصوم النظام، وطُردت من عملها في الوزارة، في حين حُظرت أعمال زوجها الشاعر تيبوز زوبوتكا.

ماجدا سابو وعصر الـ «نيو مون»

شكّل هذا التهميش الذي استمر حتى عام 1959 مصير سابو الأدبي. انضمت إلى  "اوجهولد" وهي مجموعة من المؤلفين الهنغاريين، يمكن ترجمة اسمها إلى" القمر الجديد" والتي جمعت بعض من أبرز الكُتاب والفنانين الهنغاريين في تلك الفترة، من بينهم: الشاعر أغنيس نيمس ناجي، إحدى الشخصيات المؤسسة للحركة، الناقد بالاش لانليل، إلى جانب الشعراء يانوس بیلينسكي، وساندرو ویوريس... وغيرهم آخرين.

حاولت السلطات الهنغارية، على الدوام، التقرب منهم مُحاوِلةً إقناعهم بالكتابة من أجل النظام. وكان قد اكتسب أعضاء «نيو مون» السمعة السيئة لرفضهم الامتثال للقانون الأدبي الشيوعي. اعترفت سابو بنفسها بأنها كانت تتظاهر بفقدانها كل الإلهام لتتجنب الكتابة من أجل النظام.

وقد كان من المعلوم بأن كتاب «نيو مون» قطعوا وعداً لبعضهم البعض حسبما ذكرت ماجدا سابو: لقد تعهدوا بألا ينجبوا أطفالاً لكي لا تجد السلطات أية وسيلة لممارسة الضغط عليهم من خلال تهديدهم بعائلاتهم؛ كما هي الطريقة الأكثر شيوعاً للترهيب. تجربتها مع هذه المجموعة من الكتاب المنشقين، وخطر السعي للعلاقات الاجتماعية، فضلاً عن حساسية موقفهم المحفوف بالمخاطر، هذا كله قد شغل حيزاً أساسياً في العديد من رواياتها.

غالباً ما تتمحور أعمالها حول العلاقات المصاغة بشكل فريد، والمشتركة إلى حدٍّ ما، سواءً بين أفراد العائلة، الأصدقاء، أو العشاق. تحكي رواية «الباب» قصة العلاقة بين كاتبة شابة مثقفة، وخادمتها التي تملك قدراً هائلاً من القوة، وموطن ضعفها الوحيد هو تعلقها بتلك القوة.

تؤكد ماجدا سابو في «شارع كاتالين» على وحدة وهشاشة الروح البشرية في خضم الحب، وتكتب: "في حياة كل فرد، لا يوجد سوى شخص واحد، يمكن الصراخ باسمه حين تأتي لحظة الموت".

السمكة الذهبية

في أواخر الخمسينات، الفترة التي تميزت بمرحلة "إلغاء الستالينية" وتحرير حكومة يانوس كادار، سُمح لأعضاء «نيو مون» بإعادة نشر أعمالهم. نُظّمَت "سياسية كادار الثقافية" والتي كان شعارها "من ليسوا ضدنا، فهم معنا"، بالإضافة إلى فكرة الثلاثية T أو TTT: (Tiltott, Türt, Támogatott)، أي (حظر، تسامح،دعم).

في عام 1958، نشرت جدارية ماجدا سابو، وأُلحقت بكتابها «الظبي» عام 1959. شكلت هذه المنشورات البداية لعودة اندماج أعضاء «نيو مون» في المشهد الأدبي الهنغاري، إلى جانب بداية المسار الشخصي لماجدا سابو نحو التقدير والشهرة الفردية.

دخلت أعمالها العالم الغربي بفضل الكاتب الألماني والحاصل على جائزة نوبل، هيرمان هيسه : بعد قراءته ترجمة محظورة لأحد أعمالها، اتصل بناشره، على الفور، ليخبره بأنه "قد اصطاد السمكة الذهبية".

وفي النهاية أصبحت ماجدا سابو واحدة من أكثر الكتاب الهنغاريين المترجَمين والحاصلين على جوائز في جيلها. وقد ترجمت أعمالها إلى ما يزيد عن ثلاثين لغة. تتراوح الجوائز التي حصلت عليها من جائزة كوسث  واحدة من أعرق الجوائز في هنغاريا، إلى جائزة فيمينا الفرنسية عن روايتها «الباب».

لكن ما هو جوهر كتابة ماجدا سابو، خاصة في رواياتها؟

هناك جانبان، على وجه الخصوص، يلفتان الانتباه عند قراءة كتبها: شغف سابو بشخصيات أنثوية رائعة، ومتعددة الوجوه، بالإضافة إلى روابطها القوية بالتاريخ سواء من منظور شخصي أو وطني.

منذ أولى رواياتها، أغرقت ماجدا سابو قصصها بشخصيات أنثوية، هذا ما تناقض بشكل حاد مع نقص التمثيل الأنثوي في الروايات الهنغارية أثناء ذلك الوقت.

ليست فقط شخصياتها الرئيسة، عادة، من النساء: إيزستر في «الظبي»، آيرن، بلانكا، وهينريت في «شارع كاتالين»، إميرنس والراوية في «الباب»، جينا في «إيبجيل»، بل تدور رواياتها بحزم حول الشخصيات الأنثوية التي، في معظمها، تشترك بميزة أخرى: ارتباطهن الصميمي بالتاريخ، يعكس حياة ماجدا سابو الخاصة.
---------
تكوين


كافكاديسك - ترجمة رغد حسن
الجمعة 24 مارس 2023