وتحديداً بالأفلام المصرية ، الأثيرة ، التي صار إهتمامكَ بها منصبّاً على الرومانسيّ منها ، وبعكس مرحلة الطفولة ، حينما كنتَ متحمّساً لأفلام المغامرة والفتوّات ، المتعهّد بطولتها وقتذاك كلّ من رشدي أباظة وفريد شوقي . في تلك السهرة ، لم يَعُر أحدٌ وجودكَ أقلّ إكتراثٍ ، حينما شاءت " آموجنيْ " ( أيْ ، إمرأة العمّ بالكردية ) الإهتمامَ الشبق بالمشهد المثير لبدَن " السمعونيّة " ، الأكثر فتنة : كانت " آمال " قد ولجتْ حجرة الجلوس ، قادمة على ما يبدو من " بوابة الصالحية " ؛ من جولة تسوّق في محلاتها ، الأنيقة ، رفقة شقيقتكَ الكبرى ، التي كانت صديقتها الحميمة مذ فترة دراستهما ، المشتركة . عندئذٍ ألحّتْ تلك المرأة القريبة بأن ترى على جسدِ الضيفة ثوبَ السهرة ، الجديد ، الذي إشترته للتوّ .
***
ـ " ولكن ، رحماكم ، أنا بلا شلحَة ! "
هتفتْ مُعتذرة ً البنتُ الحسناء ، ذات العينين الخضراوين . بيْدَ أنها أذعنتْ على كلّ حال ، أمام لجاجة الحضور الأنثويّ . منتهضة ً بحركة عجولة ، مرتبكة نوعاً ، راحتْ " آمال " تنضّ الثياب الشتويّة ، الثقيلة ، عن الجسم الرشيق ، الرائع ، مولّية وجهها إلى الناحية الاخرى . المدارُ الفاره للردفين ، الفلكيين ، والملموم بسروال حريريّ ، ضيّق حدّ العِسْر ؛ هذا المدارُ ، حقّ له أن يشفّ عن كنوز الكون ، ما أن إنحنتْ ربّته ببطءٍ ، بضّ ، نحوَ الأريكة القريبة في غمرة من الخلع والإكتساء . صبيّتنا هذه ، المونقة الحسن ، كانت آنئذٍ في مستهلّ العشرينات من عمرها . لم تكُ ضيفة ً ، بمعنى الكلمة ، مع كونها من بلدة " السلميّة " على مشارف الصحراء ؛ وهيَ مركز الطائفة الإسماعيلية ( أو " السمعونية " كما تلفظ في محكيتنا الشامية ) . سكنى الفتاة في منزل عمّنا ، المتواتر بين مرحلتيْ دراستها في " دار المعلمات " وعملها كمدرِّسة في الشام ، كان من واردات علاقة صداقة وطيدة ، قديمة : فوالدها سبقَ أن تعرّف على العمّ الكبير خلال خدمتهما معاً في " جيش الشرق " الفرنساويّ ؛ وهوَ التعارف ، المتوثق من ثمّ بقسَم على الأخوّة ، أبديّ ، واشجَهُ تمازج دم رفيقيْ السلاح على حدّ السيف القصير ، الشركسيّ ( القامَة ) ؛ على حدّ تقليدٍ ، تليد ، كان متاثلاً عادات ذلك الزمن . نجيعُ هذيْن الأخوَيْن ، القاني ، كان عليه أن يحافظ على طراوته وحرارته مذ ذاك الحين وحتى يومنا هذا ؛ أو بالأحرى ، حتى ذلك المساء المُحتفي بالمشهد المثير ، الربانيّ ، وكذا بجَمرة إنتعاظٍ مُلتهبة تحت رماد مَظهركَ البريء ، اللا مبالي .
***
طبعي المعروف عائلياً ، المُحتبي خصلة الإعتزال بوجه خاص ، كان مبعثَ تندّر شقيقتي وصديقتها تلك ، الغريبة ، سواءً بسواء . إنما يتعيّن عليّ القول ، منذ البدء ، بأنّ منقلب حالي من طور الطفولة إلى طور المراهقة ، قد أشفِعَ بتحوّل آخر في مسلكي . فإذ كنتُ قبلاً كما لو أنني ظلّ لشجرة أخي الكبير ، العتيّ ، فها أنا ذا الآنَ بصفة المُرافق ، الدائم ، لخطى شقيقتي الكبرى . ثمة سببٌ ، وجيهٌ ، لهذه الرفقة ، مُحالٌ للجوّ المُحافظ الذي كان يحيطنا . والدنا ، المتنوّر ، كان مع ذلك شديدَ الإحترام لمشاعر أخوته ؛ هوَ من كان أصغرهم عمراً . من جملة أبناء الوجيه ، الذي كانَ في زمنه مختاراً لحيّنا ، الدمشقيّ ( وفوق ذلك ، كان جدّي لأبي ) ، بقيَ حيّاً في زمن مراهقتي ثلاثة من الذكور وأنثى واحدة . عمّتنا المُتنكرة ، بالمقابل ، لمشاعرها الأنثوية في خريف عمرها هذا ، اُشيدَ بكونها من أجمل بنات الحيّ ، وفي صباها طبعاً . حُسنها الغابر ، إنطبعَ ولا شك في ملامح حفيدتها ، الشقراء ، التي كانت تكبرني بعام واحد . على أنّ عسر خلق عمّتنا ، المتماهي غالباً بسوء المظنة ، ربما كان حاصل ترمّلها مُبكراً وإنصياعها عندئذٍ لرغبة بعض أشقائها في رفض الزواج مجدداً ، والإهتمام بدلاً عن ذلك بولديْها الصغيرين . وإذاً ، فشبهة عدم الإحتشام ، الموجّهة لشقيقتي الكبرى ، كانت دوماً على لسان العمّة ، المُتزمّتة ، وكذا العمّ المُهاب ، الذي يكبر الأبّ مباشرة .
***
ـ " لمَ لا تهتمين بحفيدتكِ ، التي فساتينها فوق الركبة بتسعة أصابع ؟ "
ـ " إنها ليسَتْ عرضي !! "
تقولُ العمّة ببساطة ، مُجيبة ً تساؤل أمّنا الغضبى ، المُستنكرة تدخلها بما لا يعنيها . ولكنّ شقيقة الأب هذه ، الكبيرة ، لن تفتأ على تعكير جوّ منزلنا ، ما دامَ شرفها محصور بين جدرانه حسب . من جهته ، فعمّنا المُتناهض لتأييد أخته في معمعة " العرض " ، الموصوفة ، كانت لديه حجّة ، داحضة ، في ذلك ؛ وهيَ أنه كثيراً ما صادفَ إبنة أخيه ، البكر ، عائدة ً مساء للبيت دونما رقيب أو حسيب . لا غروَ إذاً أن تعمَدَ شقيقتي ، مراعاة لوضع والدها ، المُحرَج ، إلى إصطحابي معها في مشاويرها المُعتادة ، المختلفة الوجهة . رأيتني هكذا ، وأنا على أعتاب باب المُراهقة ، ألجُ خلل مسالك الأنوثة ومجاهلها ، مُبدِداً فيها رويداً الكثيرَ من طبعي المُتحفظ ، الحيي . كنتُ على هذه المدارج إذاً ، لما طلبتْ مني الأختُ يوماً تذكيرَ صديقتها ، " السمعونيّة " ، بموعدٍ ما ، كان على ما يبدو يربط بينهما في تلك الظهيرة الربيعية ، الرخيّة . حينما اُشرعَ صفقُ بابِ بيت إبن العمّ ، كنتُ أمامَ صغرى بناته ، والتي أجابتني بنبرة طفلةٍ ، ساذجة : " أعتقد أنّ " آمال " هناك ، تستحمّ " . ما أن هممتُ بالعودة أدراجي ، حتى تناهى لسمعي نداءُ الغريبة يدعوني إلى حضرتها ؛ إلى موقفها المُثير ، الجريء ، المركون خلف باب حجرة الحمّام . كانت إذ ذاك مائلة برشاقة ، مومئة ً إليّ بجانب من صفحة وجهها الجميل ، البسّام ؛ كما وبجانب من جسدها الرائع ، السَخيّ العُريِّ . ولن يسلوَ ، أبداً ، الفتى المراهقُ ، ما كان من إنبهاره بلمحات خاطفةٍ ، مُستلة من مشهد ثديين عارمين ، في نصاعة لون الحليب ، الحلو ، الذي سيَسري فيهما يوماً ؛ وأيضاً مشهد ذلك الزغب الخفيف ، المحوّط التل اللحميّ البهيّ ، المتشامخ تحتَ البطن ، والمُتهدّل بليلاً في إنسكاب عسله نحو باب الغار ، المُلغز ، المحجوب الفتنة ثمة .
***
ـ " ما الداعي لخجلَ أخيكِ منها ؛ فإنها كثيراً ما تحمّم إبني بنفسها "
قالت إمرأة إبنّ العمّ متضاحكة على محضر مني ، مُعقبة ً على ما أثارته شقيقتي الكبيرة معها ؛ عن النادرة تلك ، المقرونة بنزوة الغريبة ، الطارئة . منذئذٍ ، صارت بعض خلواتي منذورة ً لتصوّر نفسي بمحلّ إبن عمّي ، في رعاية جسد " آمال " العاري ، وبين جدران ذلك الحمّام الساغب ، المُكتنف ببخاره المتكاثف ـ كمغامض موجوداته وكائناته . ولعي بالأفلام المصرية ، التي كنتُ على موعد دائم معها ، في سهرة الخميس ، التلفزيونية ، شاءَ أن يَقرن الحادثة تلك ، المُرتبطة بالحمّام ، مع مشهدٍ مثير من فيلم " ألمَظ وعبدو الحَمولي " ، من بطولة المطربة وردة الجزائرية : كان الخديوي ( بحسب حكاية الفيلم ) ، شخصاً فاسد الخلق ، لا يأبه سوى بمجالس الطرب والشرب والمجون . " الحمّام أهمّ من كل ما عداه ! " ، راحَ الحاكمُ يقول لرئيس ديوانه متفكهاً معابثاً ؛ هوَ من إعتادَ على التلصص على جواريه وقيّانه خلال إغتسالهنّ في مقصورة الحريم . مشهدٌ آخر من ذلك الفيلم ، أكثر إثارة ، كان عليه عندئذٍ أن يجعلَ زوج شقيقة " آموجني " ينتفض من إستلقاءته المألوفة ، الأقرب إلى الإغفاء . إذ ظهرتْ كوكبة من الراقصات في الصالة الملكية ، وهنّ يتمايلن على أنغام التخت الشرقيّ ، مهتزة أردافهن العارية تماماً إلا من نسيج واهٍ ، شفيف . " بيْ تربيْ .. ! " ( أيْ ، بلا سروال ) ، صاحَ قريبُ إمرأة عمّنا مذهولاً بعينيه المبحلقتين والمشدوهتين . أتذكرُ وقتئذٍ ما كان من نظرة أبينا ، الصارمة ، المسددة إلى الضيف الثقيل . إعتادت " آموجني " إستقبالَ قريبها هذا بمظاهر الإحتفاء والكرَم ، نكاية بنا بكل تأكيد ؛ بما أنها تنتمي للعشيرة ، اللدودة ، المنعوت بإسمها الزقاق المجاور . تماماً كإعتياد أمهاتنا أيامذاك على التشاغل عن التلفاز بحديثٍ عابر ، متصَنّع ، في كلّ حين يَجدُّ فيه مشهدُ قبلةٍ مثيرة ، متطاولة ، بين بطليْ هذا الفيلم المصريّ أو ذاك .
***
ـ " ولكن ، رحماكم ، أنا بلا شلحَة ! "
هتفتْ مُعتذرة ً البنتُ الحسناء ، ذات العينين الخضراوين . بيْدَ أنها أذعنتْ على كلّ حال ، أمام لجاجة الحضور الأنثويّ . منتهضة ً بحركة عجولة ، مرتبكة نوعاً ، راحتْ " آمال " تنضّ الثياب الشتويّة ، الثقيلة ، عن الجسم الرشيق ، الرائع ، مولّية وجهها إلى الناحية الاخرى . المدارُ الفاره للردفين ، الفلكيين ، والملموم بسروال حريريّ ، ضيّق حدّ العِسْر ؛ هذا المدارُ ، حقّ له أن يشفّ عن كنوز الكون ، ما أن إنحنتْ ربّته ببطءٍ ، بضّ ، نحوَ الأريكة القريبة في غمرة من الخلع والإكتساء . صبيّتنا هذه ، المونقة الحسن ، كانت آنئذٍ في مستهلّ العشرينات من عمرها . لم تكُ ضيفة ً ، بمعنى الكلمة ، مع كونها من بلدة " السلميّة " على مشارف الصحراء ؛ وهيَ مركز الطائفة الإسماعيلية ( أو " السمعونية " كما تلفظ في محكيتنا الشامية ) . سكنى الفتاة في منزل عمّنا ، المتواتر بين مرحلتيْ دراستها في " دار المعلمات " وعملها كمدرِّسة في الشام ، كان من واردات علاقة صداقة وطيدة ، قديمة : فوالدها سبقَ أن تعرّف على العمّ الكبير خلال خدمتهما معاً في " جيش الشرق " الفرنساويّ ؛ وهوَ التعارف ، المتوثق من ثمّ بقسَم على الأخوّة ، أبديّ ، واشجَهُ تمازج دم رفيقيْ السلاح على حدّ السيف القصير ، الشركسيّ ( القامَة ) ؛ على حدّ تقليدٍ ، تليد ، كان متاثلاً عادات ذلك الزمن . نجيعُ هذيْن الأخوَيْن ، القاني ، كان عليه أن يحافظ على طراوته وحرارته مذ ذاك الحين وحتى يومنا هذا ؛ أو بالأحرى ، حتى ذلك المساء المُحتفي بالمشهد المثير ، الربانيّ ، وكذا بجَمرة إنتعاظٍ مُلتهبة تحت رماد مَظهركَ البريء ، اللا مبالي .
***
طبعي المعروف عائلياً ، المُحتبي خصلة الإعتزال بوجه خاص ، كان مبعثَ تندّر شقيقتي وصديقتها تلك ، الغريبة ، سواءً بسواء . إنما يتعيّن عليّ القول ، منذ البدء ، بأنّ منقلب حالي من طور الطفولة إلى طور المراهقة ، قد أشفِعَ بتحوّل آخر في مسلكي . فإذ كنتُ قبلاً كما لو أنني ظلّ لشجرة أخي الكبير ، العتيّ ، فها أنا ذا الآنَ بصفة المُرافق ، الدائم ، لخطى شقيقتي الكبرى . ثمة سببٌ ، وجيهٌ ، لهذه الرفقة ، مُحالٌ للجوّ المُحافظ الذي كان يحيطنا . والدنا ، المتنوّر ، كان مع ذلك شديدَ الإحترام لمشاعر أخوته ؛ هوَ من كان أصغرهم عمراً . من جملة أبناء الوجيه ، الذي كانَ في زمنه مختاراً لحيّنا ، الدمشقيّ ( وفوق ذلك ، كان جدّي لأبي ) ، بقيَ حيّاً في زمن مراهقتي ثلاثة من الذكور وأنثى واحدة . عمّتنا المُتنكرة ، بالمقابل ، لمشاعرها الأنثوية في خريف عمرها هذا ، اُشيدَ بكونها من أجمل بنات الحيّ ، وفي صباها طبعاً . حُسنها الغابر ، إنطبعَ ولا شك في ملامح حفيدتها ، الشقراء ، التي كانت تكبرني بعام واحد . على أنّ عسر خلق عمّتنا ، المتماهي غالباً بسوء المظنة ، ربما كان حاصل ترمّلها مُبكراً وإنصياعها عندئذٍ لرغبة بعض أشقائها في رفض الزواج مجدداً ، والإهتمام بدلاً عن ذلك بولديْها الصغيرين . وإذاً ، فشبهة عدم الإحتشام ، الموجّهة لشقيقتي الكبرى ، كانت دوماً على لسان العمّة ، المُتزمّتة ، وكذا العمّ المُهاب ، الذي يكبر الأبّ مباشرة .
***
ـ " لمَ لا تهتمين بحفيدتكِ ، التي فساتينها فوق الركبة بتسعة أصابع ؟ "
ـ " إنها ليسَتْ عرضي !! "
تقولُ العمّة ببساطة ، مُجيبة ً تساؤل أمّنا الغضبى ، المُستنكرة تدخلها بما لا يعنيها . ولكنّ شقيقة الأب هذه ، الكبيرة ، لن تفتأ على تعكير جوّ منزلنا ، ما دامَ شرفها محصور بين جدرانه حسب . من جهته ، فعمّنا المُتناهض لتأييد أخته في معمعة " العرض " ، الموصوفة ، كانت لديه حجّة ، داحضة ، في ذلك ؛ وهيَ أنه كثيراً ما صادفَ إبنة أخيه ، البكر ، عائدة ً مساء للبيت دونما رقيب أو حسيب . لا غروَ إذاً أن تعمَدَ شقيقتي ، مراعاة لوضع والدها ، المُحرَج ، إلى إصطحابي معها في مشاويرها المُعتادة ، المختلفة الوجهة . رأيتني هكذا ، وأنا على أعتاب باب المُراهقة ، ألجُ خلل مسالك الأنوثة ومجاهلها ، مُبدِداً فيها رويداً الكثيرَ من طبعي المُتحفظ ، الحيي . كنتُ على هذه المدارج إذاً ، لما طلبتْ مني الأختُ يوماً تذكيرَ صديقتها ، " السمعونيّة " ، بموعدٍ ما ، كان على ما يبدو يربط بينهما في تلك الظهيرة الربيعية ، الرخيّة . حينما اُشرعَ صفقُ بابِ بيت إبن العمّ ، كنتُ أمامَ صغرى بناته ، والتي أجابتني بنبرة طفلةٍ ، ساذجة : " أعتقد أنّ " آمال " هناك ، تستحمّ " . ما أن هممتُ بالعودة أدراجي ، حتى تناهى لسمعي نداءُ الغريبة يدعوني إلى حضرتها ؛ إلى موقفها المُثير ، الجريء ، المركون خلف باب حجرة الحمّام . كانت إذ ذاك مائلة برشاقة ، مومئة ً إليّ بجانب من صفحة وجهها الجميل ، البسّام ؛ كما وبجانب من جسدها الرائع ، السَخيّ العُريِّ . ولن يسلوَ ، أبداً ، الفتى المراهقُ ، ما كان من إنبهاره بلمحات خاطفةٍ ، مُستلة من مشهد ثديين عارمين ، في نصاعة لون الحليب ، الحلو ، الذي سيَسري فيهما يوماً ؛ وأيضاً مشهد ذلك الزغب الخفيف ، المحوّط التل اللحميّ البهيّ ، المتشامخ تحتَ البطن ، والمُتهدّل بليلاً في إنسكاب عسله نحو باب الغار ، المُلغز ، المحجوب الفتنة ثمة .
***
ـ " ما الداعي لخجلَ أخيكِ منها ؛ فإنها كثيراً ما تحمّم إبني بنفسها "
قالت إمرأة إبنّ العمّ متضاحكة على محضر مني ، مُعقبة ً على ما أثارته شقيقتي الكبيرة معها ؛ عن النادرة تلك ، المقرونة بنزوة الغريبة ، الطارئة . منذئذٍ ، صارت بعض خلواتي منذورة ً لتصوّر نفسي بمحلّ إبن عمّي ، في رعاية جسد " آمال " العاري ، وبين جدران ذلك الحمّام الساغب ، المُكتنف ببخاره المتكاثف ـ كمغامض موجوداته وكائناته . ولعي بالأفلام المصرية ، التي كنتُ على موعد دائم معها ، في سهرة الخميس ، التلفزيونية ، شاءَ أن يَقرن الحادثة تلك ، المُرتبطة بالحمّام ، مع مشهدٍ مثير من فيلم " ألمَظ وعبدو الحَمولي " ، من بطولة المطربة وردة الجزائرية : كان الخديوي ( بحسب حكاية الفيلم ) ، شخصاً فاسد الخلق ، لا يأبه سوى بمجالس الطرب والشرب والمجون . " الحمّام أهمّ من كل ما عداه ! " ، راحَ الحاكمُ يقول لرئيس ديوانه متفكهاً معابثاً ؛ هوَ من إعتادَ على التلصص على جواريه وقيّانه خلال إغتسالهنّ في مقصورة الحريم . مشهدٌ آخر من ذلك الفيلم ، أكثر إثارة ، كان عليه عندئذٍ أن يجعلَ زوج شقيقة " آموجني " ينتفض من إستلقاءته المألوفة ، الأقرب إلى الإغفاء . إذ ظهرتْ كوكبة من الراقصات في الصالة الملكية ، وهنّ يتمايلن على أنغام التخت الشرقيّ ، مهتزة أردافهن العارية تماماً إلا من نسيج واهٍ ، شفيف . " بيْ تربيْ .. ! " ( أيْ ، بلا سروال ) ، صاحَ قريبُ إمرأة عمّنا مذهولاً بعينيه المبحلقتين والمشدوهتين . أتذكرُ وقتئذٍ ما كان من نظرة أبينا ، الصارمة ، المسددة إلى الضيف الثقيل . إعتادت " آموجني " إستقبالَ قريبها هذا بمظاهر الإحتفاء والكرَم ، نكاية بنا بكل تأكيد ؛ بما أنها تنتمي للعشيرة ، اللدودة ، المنعوت بإسمها الزقاق المجاور . تماماً كإعتياد أمهاتنا أيامذاك على التشاغل عن التلفاز بحديثٍ عابر ، متصَنّع ، في كلّ حين يَجدُّ فيه مشهدُ قبلةٍ مثيرة ، متطاولة ، بين بطليْ هذا الفيلم المصريّ أو ذاك .