الكتاب دفاع مجيد عن منهج القيام بالقسط في الحكم على الأشخاص الذين ينتسبون إلى العلم وإلى الدين ويمثلون قيمة معرفيه وعلميه و دينيه في ضمير الخلق والناس بحيث لا تدخل الأهواء والأيديولوجيات ولا التنازع السياسي في تلوين الحكم عليهم ووصمهم بدعاوي أقرب للشائعات والكذب والافتراءات منها إلى التحقيق والتدقيق والنظر القويم الذي يزن بموازين القسط والعدل.
يري المؤلف أن المعارضة السورية والنظام معا قد ظلما الشيخ وهو يرى أن النظام هو من قتله ويدفع عنه تدليس بعض المنتسبين للمعارضة السوريه مثل محمد خير موسى في كتابه (البوطي شخصيته ومواقفه) الذي صدر في اسطنبول
يشير المؤلف إلى أن الشيخ كان ينتمي للمسلمين وليس إلى حزب أو تيار أو جماعه فيقول (كل المسلمين جماعتنا ونحن من جماعة كل المسلمين)
ويحرر الكتاب موقف التيارات الإسلاميه المختلفه من الشيخ سواء أكان التيار السلفي (الألباني وتلامذته) أو الإسلام الحركي ممثلا في الإخوان (القرضاوي وفتواه في برنامج الشريعه والحياه) وحزب التحرير وانعكاس ذلك على موقف هذه التيارات من توجيه سهام حملاتها للشيخ بحسبانه داعما على طول الخط للنظام السوري وأن الأمر لم يكن كذلك.
حاول الكتاب أن يكشف المدرسه الفقهيه التي ينتمي إليها الشيخ التي تحرم الخروج المسلح على الحكام وأن لها جذور ممتده في الفقه الإسلامي تغليبا لوحدة الأمة وتماسك الجماعه والحفاظ على السلم الأهلي لها
وأن الشيخ كان يتعامل مع النظام في المساحات التي يتيحها له وضعه كعالم دين في سياق نظام سلطوي شمولي قمعي لكنه لم يكن تابعا للنظام ولا مبررا لقمعه أو عدوانه على المتظاهرين بعد الثوره السوريه في درعا عام 2011
صحيح إنه في البدايه لم يؤيد الثوره لأنه لم يكن مطمئنا للمآلات التي ستنتهي إليها ولا للأيدي التي ستقرر مصيرها وبوصلتها واتجاهها، لكنه لم يعتبر المظاهرات حراما ولم يعتبر قتل المتظاهرين عملا مشروعا بل حرمه وحرم على الجنود قتل المتظاهرين حتى لو قتلوا وأفتي بدفع الصائل من الجنود على الشعب إذا أراد انتهاك حرمة البيوت والمال والنساء بل وأفتي بالانشقاق عن الجيش إذا كان وجوده فيه يعني قتل الأبرياء
ويرى الشيخ أنه اجتهد وذلك ما أداه إليه اجتهاده وأن الثائرين اجتهدوا ولكنه لا يرى اجتهادهم صوابا
مدرسة الشيخ إصلاحيه تسعي للتوسيع على المجتمع عبر فتح المسارات لروح الدين الذي يشتاق الناس إليه خشية أن يترك الأمر لمن يكرهون الدين في السلطة أو في مواقع التأثير الثقافي فطالب بدولة إسلامية مدنيه
يسعى المؤلف إلى بيان وجه الحق في منهج الحكم على العلماء ويرى أن الشيخ البوطي كان انتماؤه لأمته ولم يكن انتماؤه للنظام وأنه لم يتول منصبا ولم يسع لمغنم شخصي ، ولكنه احتفظ لنفسه بالمساحة التي تجعل منه عالما مستقلا في ظل نظام استبدادي اضطر للتعامل معه، في سياق رفضه ترك الشام لشعوره بالمسئوليه الأخلاقيه تجاه الشعب السوري
كتاب من قتل الشيخ د. البوطي أسئلة غائبه وحضور مزيف هو نافذه مهمه لإعمال العقل وإقامة لمنهج القسط والعدل في سياق يغيب فيه ذلك المنهج
أنهى المؤلف الكتاب بفصل (لوامع الأفكار) الذي يكشف عن أن البوطي لم يكن عالما فقيها أصوليا صوفيا فحسب، بل كان مفكرا تلمع من كلماته روح إنساني يمنح الحائرين هداية في وسط غياهب الظلمات.
------------------------
فيسبوك - صفحة المؤلف
فيسبوك - صفحة المؤلف