مع قرب موعد انتهاء فترتي حكم الرئيس بوش التي شهدت مزاوجة بين تياري الفكر المحافظ، السياسي المعروف اصطلاحاً باليمين المحافظ الجديدة ، والديني المعروف اصطلاحاً باليمين المسيحي الجديد t، وتصاعد الجدل حول أفكار هذا التيار على المستويين التطبيقي والنظري، تنوعت العديد من الكتابات التي تناقش أفكاره على المستوي التطبيقي، والتي منها ما كان منتقداً للجانب التطبيقي لأفكار التيار المحافظ الجديد، ومنها كتاب – على سبيل المثال - فرانسيس فوكايما أحد منظري هذا التيار في كتابه الذي أثار ضجة والمعنون بـ "ما بعد المحافظين الجدد: أمريكا على مفترق الطريق "، فضلاً عن العديد من الكتب التي يُمكن اعتبارها بالكتب التنظيرية لهذا التيار ومنها الكتاب الجديد – الصادر في 29 ابريل من هذا العام – لروبرت كاجان والمعنون بـ "عودة التاريخ وانتهاء الأحلام The ، وكتاب جورج ويلlالجديد، والذي سيكون محور التقرير التالي.
وفي ضوء هذا التعدد والتنوع تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يُعتبر بمثابة جهد تنظيري يحاول من خلاله جورج ويل التأكيد علي أن التيار المحافظ يتسم بالانقسام بين تيارين رئيسيين: التيار الأول هو التيار المحافظ التقليدي الذي ينتمي إليه "ويل"، أما الثاني فهو التيار المحافظ الجديد والتيار الليبرالي داخل الولايات المتحدة. ويري "ويل" في كتابه أن الخلافات الفكرية بينهما ليست في سبيلها للتقلص، ومن ثم حاول أن يرسم الخريطة الفكرية لأنصار التيار الأول (المحافظ التقليدي)، بالإضافة إلى انتقاد الركائز الفكرية والسياسية لأنصار التيار الثاني (المحافظ الجديد)، ربما سعياً من جانبه لإعادة المنظور المحافظ التقليدي للساحة السياسية من جديد.
العودة إلى التيار المحافظ التقليديأ
بداية يمكن القول أن جورج ويل يُعد من أبرز أقطاب التيار المحافظ التقليدي علي المستوي الفكري بعد وفاة ويليام باكلي إذ ظل علي مدار ما يقرب من 35 عاماً مدافعاً بقوة عن الفكر المحافظ انطلاقاً من رؤية فكرية حول ضمير المواطن الأمريكي، وفي هذا الإطار يفرق "ويل" في ثنايا كتابه بين معسكرين في إطار التيار المحافظ أحدهما يضم المحافظين التقليديين "الأعضاء المؤسسين للتيار المحافظ الذين ينظرون شذراً لسياسات الرئيس جورج دبليو بوش انطلاقاً من إيمانهم بالنهج الواقعي في السياسات أكثر من المعتقدات ذات الطابع الديني حول الإلهام والوحي الإلهي، وعلي النقيض يري أنصار التيار المحافظ الجديد والمدونون أن الرئيس بوش هو بمثابة وينستون تشرشل جديد قاد الولايات المتحدة خلال الحرب إلي أن أصبح جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة أواخر هذا العام.
ويضع "ويل" نفسه في صدارة أنصار التيار المحافظ التقليدي وهو الأمر الذي دأب علي تأكيده منذ بداية سبعينيات القرن المنصرم خلال دراسته في جامعتي أكسفورد وبرينستون ثم من خلال كتابات صحفية متتالية عبر من خلالها عن رؤيته حول مستقبل الولايات المتحدة والسياسات الواجب إتباعها من منظور التيار المحافظ (التقليدي).
المحافظون الجدد والإخفاقات السياسية
يستهل "ويل" كتابه بتجميع تحليلي للآراء المنتقدة لسياسة إدارتي الرئيس جورج بوش علي المستوي الخارجي، والتي تعود جذورها إلي أعمدة صحفية نُشرت عام 2004 انتقدت الحرب الأمريكية على العراق (مارس 2003) باعتبارها أسوأ كارثة علي مستوي السياسة الخارجية في تاريخ الأمة الأمريكية، وعلى الجانب الأخر تكالب الكتاب والصحفيون علي دعم الحرب الأمريكية علي العراق، ومؤكدون على النجاح – من وجهة نظرهم - الذي تحققه الحرب الأمريكية في العراق.
وفي هذا السياق عبرَّ ويل في كتابه – الذي نحن بصدده - عن السبب الذي دفعه لانتقاد نهج الرئيس بوش في ذلك الوقت بقوله "إن المحافظين الجدد قد اتجهوا لتحطيم مبادئ راسخة في الذاكرة الجماعية لأنصار التيار المحافظ "التقليدي" وهي الابتعاد عن الانخراط في قضايا السياسة الخارجية بصورة كبيرة لاسيما خارج نطاق المجال الحيوي الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك تحولت الحرب التي كان يُفترض أن تقود للسلام في الشرق الأوسط عبر هندسة اجتماعية وسياسية تقوم علي إعادة البناء إلي سلسلة من الإخفاقات الخارجية التي أضرت بالمكانة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية، واصفاً الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني بمن يلهثون خلف تحقيق انجازاً علي الصعيد الخارجي، ولا يدركون تركيزهم علي البعد الآني في سياساتهم.
إعادة هيكلة دور مؤسسة الرئاسة الأمريكية
لم تكن الانتقادات التي أوردها ويل في كتابه مجرد اختلاف في الرؤى مع الإدارة الأمريكية الحالية، وإنما جاءت لتُعبر عن إدراك المحافظين التقليديين لدور مؤسسة الرئاسة الأمريكية فمنذ فضيحة وترجيت Watergate إبان فترة رئاسة الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون، اتجه ويل لانتقاد تعاظم دور مؤسسة الرئاسة الأمريكية خلال الحرب الباردة، مؤكداً أن وجود الدستور الأمريكي الذي يضع حدوداً مرنة تفصل بين أدوار مؤسسات النظام السياسي الأمريكي، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن طغيان مؤسسة الرئاسة علي شؤون السياسة الخارجية لم يعد مواتيا ً للتطور علي الصعيدين الداخلي والدولي وذلك لأن طغيان دور الرئيس علي أدوار المؤسسات الأخرى يفتح الباب علي مصراعيه لسياسات تخفق في تحقيق أهدافها.
ويؤكد الكاتب أن الإعلاء من دور الوسائل العسكرية قد أضحي ركيزة أساسية للسياسات التي يطرحها الحزب الجمهوري الذي يُعد الوعاء المؤسسي الرئيسي لأنصار التيار المحافظ علي اختلاف توجهاتهم وذلك باعتبارها وصفة سياسية فعالة لإخراج الولايات المتحدة من المحن التي تنتابها من آن لآخر، وهو المبدأ الذي تعود جذوره الأولي للرئيس تيودور روزفلت الذي انتقد افتقاد الأمريكيين آنذاك للرغبة في تكوين إمبراطورية مؤكداً أنه لا يعتقد بوجود ضرر ما من تركز القوة بين يدي رجل واحد.
أمريكا بين المذهبين الفردي والجماعي
واستمراراً لدفاع ويل عن حكومة تُمارس الحدود الدنيا من التدخل في حياة المواطن، أشار إلي أن أفكار وليام كريستول محرر جريدة الويكلي استاندارد المعبرة عن الخط الفكري للمحافظين حول عظمة الأمة الأمريكية من منظور جماعي يقوم علي مفاهيم قد تبدو للوهلة الأولي متعارضة مع الحرية الفردية وقيم الحكومة المحدودة في نطاق نشاطها علي الصعيد الداخلي.
بيد أن تبني رؤى مغايرة في هذا الصدد حول ذات المفهوم يمكن أن تحدث الاتساق المطلوب بين الغايتين وخاصة رؤية الرئيس ريجان Reaganالتي أكد فيها علي انطواء مفهوم العظمة الأمريكية علي مبدأين أحدهما ينحو تجاه التركيز علي تعبئة المواطنين حول القضايا والثوابت المشتركة، أما المبدأ الآخر فيركز علي أن مضمون عظمة الأمة الأمريكية يُشير ضمناً إلي عظمة المواطنين الأمريكيين، واعتبارهم أبطالاً بالفطرة، ومن ثم يجب أن يشعروا بالحرية التي يستحقونها دون قيود.
مستقبل التيار المحافظ
ضمانات الحفاظ علي الأوضاع التي تكفل استمرار الأمة الأمريكية في أوج ازدهارها تتمثل من وجهة نظر "ويل" ليس في إعادة اكتشاف الروح الإنسانية داخل المواطن الأمريكي وفق أطروحات الليبراليين، وإنما في التركيز على انعكاسات علاقات القوة علي بنية المجتمع الأمريكي كاستمرار للنهج الواقعي الذي يفضله الكاتب ويدافع عنه، ومن ثم يُؤكد ضرورة عودة الرأسمالية في صورتها التقليدية كإطار اقتصادي يوجه السياسات الأمريكية ويحدد خطوطها العريضة.
و في هذا السياق يُحاول الكاتب التوفيق بين النهج المحافظ في تقديس التقاليد والتراث الحياتي بشكل عام وبين سياسات السوق الحر التي أكد بعض المحللين أمثال دانييل بيل أنها تنطوي علي تناقضات ثقافية تقوض من التقاليد المحافظة وتدفع باتجاه الانجراف نحو التجديد الثقافي.
حيث يُدافع الكاتب بقوة عن الرأسمالية منتقداً أنصار الحفاظ علي البيئة الداعين لتقييد الأنشطة الإنتاجية واستهلاك مصادر الطاقة الغير متجددة انطلاقاً من إغفالهم الاعتبارات الواقعية والمصالح الكامنة خلف نمو الإنتاج الصناعي، نافيا أي تعارض بين التمسك الصارم بالتقاليد الأمريكية ورفض الدعوات الراديكالية للتغير الثقافي من جانب ودعم الرأسمالية وسياسات السوق الحر من جانب آخر وذلك للعلاقات البينية التي تسمح بالتكامل بينهما ليسهمان معا في استمرار الأمة الأمريكية المتفردة كياناً واحداً لا ينفصم .
------------------
عنوان الكتاب: رجل أمريكا الواحد : متع واستفزازات أمتنا المتفردة. One Man's America: The Pleasures and Provocations of Our Singular Nation.
المؤلف: جورج ويل George F. Will
تاريخ النشر: 3 يونيو 2008
دار النشر: CROWN FORUM
عدد الصفحات: 400 صفحة.
وفي ضوء هذا التعدد والتنوع تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يُعتبر بمثابة جهد تنظيري يحاول من خلاله جورج ويل التأكيد علي أن التيار المحافظ يتسم بالانقسام بين تيارين رئيسيين: التيار الأول هو التيار المحافظ التقليدي الذي ينتمي إليه "ويل"، أما الثاني فهو التيار المحافظ الجديد والتيار الليبرالي داخل الولايات المتحدة. ويري "ويل" في كتابه أن الخلافات الفكرية بينهما ليست في سبيلها للتقلص، ومن ثم حاول أن يرسم الخريطة الفكرية لأنصار التيار الأول (المحافظ التقليدي)، بالإضافة إلى انتقاد الركائز الفكرية والسياسية لأنصار التيار الثاني (المحافظ الجديد)، ربما سعياً من جانبه لإعادة المنظور المحافظ التقليدي للساحة السياسية من جديد.
العودة إلى التيار المحافظ التقليديأ
بداية يمكن القول أن جورج ويل يُعد من أبرز أقطاب التيار المحافظ التقليدي علي المستوي الفكري بعد وفاة ويليام باكلي إذ ظل علي مدار ما يقرب من 35 عاماً مدافعاً بقوة عن الفكر المحافظ انطلاقاً من رؤية فكرية حول ضمير المواطن الأمريكي، وفي هذا الإطار يفرق "ويل" في ثنايا كتابه بين معسكرين في إطار التيار المحافظ أحدهما يضم المحافظين التقليديين "الأعضاء المؤسسين للتيار المحافظ الذين ينظرون شذراً لسياسات الرئيس جورج دبليو بوش انطلاقاً من إيمانهم بالنهج الواقعي في السياسات أكثر من المعتقدات ذات الطابع الديني حول الإلهام والوحي الإلهي، وعلي النقيض يري أنصار التيار المحافظ الجديد والمدونون أن الرئيس بوش هو بمثابة وينستون تشرشل جديد قاد الولايات المتحدة خلال الحرب إلي أن أصبح جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة أواخر هذا العام.
ويضع "ويل" نفسه في صدارة أنصار التيار المحافظ التقليدي وهو الأمر الذي دأب علي تأكيده منذ بداية سبعينيات القرن المنصرم خلال دراسته في جامعتي أكسفورد وبرينستون ثم من خلال كتابات صحفية متتالية عبر من خلالها عن رؤيته حول مستقبل الولايات المتحدة والسياسات الواجب إتباعها من منظور التيار المحافظ (التقليدي).
المحافظون الجدد والإخفاقات السياسية
يستهل "ويل" كتابه بتجميع تحليلي للآراء المنتقدة لسياسة إدارتي الرئيس جورج بوش علي المستوي الخارجي، والتي تعود جذورها إلي أعمدة صحفية نُشرت عام 2004 انتقدت الحرب الأمريكية على العراق (مارس 2003) باعتبارها أسوأ كارثة علي مستوي السياسة الخارجية في تاريخ الأمة الأمريكية، وعلى الجانب الأخر تكالب الكتاب والصحفيون علي دعم الحرب الأمريكية علي العراق، ومؤكدون على النجاح – من وجهة نظرهم - الذي تحققه الحرب الأمريكية في العراق.
وفي هذا السياق عبرَّ ويل في كتابه – الذي نحن بصدده - عن السبب الذي دفعه لانتقاد نهج الرئيس بوش في ذلك الوقت بقوله "إن المحافظين الجدد قد اتجهوا لتحطيم مبادئ راسخة في الذاكرة الجماعية لأنصار التيار المحافظ "التقليدي" وهي الابتعاد عن الانخراط في قضايا السياسة الخارجية بصورة كبيرة لاسيما خارج نطاق المجال الحيوي الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك تحولت الحرب التي كان يُفترض أن تقود للسلام في الشرق الأوسط عبر هندسة اجتماعية وسياسية تقوم علي إعادة البناء إلي سلسلة من الإخفاقات الخارجية التي أضرت بالمكانة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية، واصفاً الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني بمن يلهثون خلف تحقيق انجازاً علي الصعيد الخارجي، ولا يدركون تركيزهم علي البعد الآني في سياساتهم.
إعادة هيكلة دور مؤسسة الرئاسة الأمريكية
لم تكن الانتقادات التي أوردها ويل في كتابه مجرد اختلاف في الرؤى مع الإدارة الأمريكية الحالية، وإنما جاءت لتُعبر عن إدراك المحافظين التقليديين لدور مؤسسة الرئاسة الأمريكية فمنذ فضيحة وترجيت Watergate إبان فترة رئاسة الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون، اتجه ويل لانتقاد تعاظم دور مؤسسة الرئاسة الأمريكية خلال الحرب الباردة، مؤكداً أن وجود الدستور الأمريكي الذي يضع حدوداً مرنة تفصل بين أدوار مؤسسات النظام السياسي الأمريكي، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن طغيان مؤسسة الرئاسة علي شؤون السياسة الخارجية لم يعد مواتيا ً للتطور علي الصعيدين الداخلي والدولي وذلك لأن طغيان دور الرئيس علي أدوار المؤسسات الأخرى يفتح الباب علي مصراعيه لسياسات تخفق في تحقيق أهدافها.
ويؤكد الكاتب أن الإعلاء من دور الوسائل العسكرية قد أضحي ركيزة أساسية للسياسات التي يطرحها الحزب الجمهوري الذي يُعد الوعاء المؤسسي الرئيسي لأنصار التيار المحافظ علي اختلاف توجهاتهم وذلك باعتبارها وصفة سياسية فعالة لإخراج الولايات المتحدة من المحن التي تنتابها من آن لآخر، وهو المبدأ الذي تعود جذوره الأولي للرئيس تيودور روزفلت الذي انتقد افتقاد الأمريكيين آنذاك للرغبة في تكوين إمبراطورية مؤكداً أنه لا يعتقد بوجود ضرر ما من تركز القوة بين يدي رجل واحد.
أمريكا بين المذهبين الفردي والجماعي
واستمراراً لدفاع ويل عن حكومة تُمارس الحدود الدنيا من التدخل في حياة المواطن، أشار إلي أن أفكار وليام كريستول محرر جريدة الويكلي استاندارد المعبرة عن الخط الفكري للمحافظين حول عظمة الأمة الأمريكية من منظور جماعي يقوم علي مفاهيم قد تبدو للوهلة الأولي متعارضة مع الحرية الفردية وقيم الحكومة المحدودة في نطاق نشاطها علي الصعيد الداخلي.
بيد أن تبني رؤى مغايرة في هذا الصدد حول ذات المفهوم يمكن أن تحدث الاتساق المطلوب بين الغايتين وخاصة رؤية الرئيس ريجان Reaganالتي أكد فيها علي انطواء مفهوم العظمة الأمريكية علي مبدأين أحدهما ينحو تجاه التركيز علي تعبئة المواطنين حول القضايا والثوابت المشتركة، أما المبدأ الآخر فيركز علي أن مضمون عظمة الأمة الأمريكية يُشير ضمناً إلي عظمة المواطنين الأمريكيين، واعتبارهم أبطالاً بالفطرة، ومن ثم يجب أن يشعروا بالحرية التي يستحقونها دون قيود.
مستقبل التيار المحافظ
ضمانات الحفاظ علي الأوضاع التي تكفل استمرار الأمة الأمريكية في أوج ازدهارها تتمثل من وجهة نظر "ويل" ليس في إعادة اكتشاف الروح الإنسانية داخل المواطن الأمريكي وفق أطروحات الليبراليين، وإنما في التركيز على انعكاسات علاقات القوة علي بنية المجتمع الأمريكي كاستمرار للنهج الواقعي الذي يفضله الكاتب ويدافع عنه، ومن ثم يُؤكد ضرورة عودة الرأسمالية في صورتها التقليدية كإطار اقتصادي يوجه السياسات الأمريكية ويحدد خطوطها العريضة.
و في هذا السياق يُحاول الكاتب التوفيق بين النهج المحافظ في تقديس التقاليد والتراث الحياتي بشكل عام وبين سياسات السوق الحر التي أكد بعض المحللين أمثال دانييل بيل أنها تنطوي علي تناقضات ثقافية تقوض من التقاليد المحافظة وتدفع باتجاه الانجراف نحو التجديد الثقافي.
حيث يُدافع الكاتب بقوة عن الرأسمالية منتقداً أنصار الحفاظ علي البيئة الداعين لتقييد الأنشطة الإنتاجية واستهلاك مصادر الطاقة الغير متجددة انطلاقاً من إغفالهم الاعتبارات الواقعية والمصالح الكامنة خلف نمو الإنتاج الصناعي، نافيا أي تعارض بين التمسك الصارم بالتقاليد الأمريكية ورفض الدعوات الراديكالية للتغير الثقافي من جانب ودعم الرأسمالية وسياسات السوق الحر من جانب آخر وذلك للعلاقات البينية التي تسمح بالتكامل بينهما ليسهمان معا في استمرار الأمة الأمريكية المتفردة كياناً واحداً لا ينفصم .
------------------
عنوان الكتاب: رجل أمريكا الواحد : متع واستفزازات أمتنا المتفردة. One Man's America: The Pleasures and Provocations of Our Singular Nation.
المؤلف: جورج ويل George F. Will
تاريخ النشر: 3 يونيو 2008
دار النشر: CROWN FORUM
عدد الصفحات: 400 صفحة.