يبوجليا الانسجام بين الكاتبين من جهه و بين المخرج الذي جسد العمل على الشاشة من فريق عمل أُختير بعناية ، فالعمل على امتداد ثلاثين حلقة ، يحكي قصة الكويت من خلال عائلة كويتية كنموذج ، قصة الكويت في مرحلة الستينات حيث تبدا احداث المسلسل ثم العقود التي تلتها وصولا الى بدايات الالفية الثالثه ، مع رصد للتحولات و التغيرات في المجتمع الكويتي ، الذي يعتبر مجتمعا خليجيا الا ان القريب من المجتمع الخليجي يعرف ان للكويت و مجتمعها لها خصوصية ما ، و ان التحولات التي خاضها المجتمع اكبر من تلك التي نرصدها في المجتمعات الخليجية الاخرى ، و اذا قربنا الصوره اكثر ، نجد ان كثيرا من تلك التحولات تركزت في عالم المرأة الكويتيه ، التي خاضت غمار التعليم النظامي ، سواء بالمدرسة او الجامعة ، قبل اقرانها في الخليج العربي ، كما انها سافرت بغرض الدراسة في تلك الحقبة التي كانت بعض مجتمعات الخليح تحرم المرأة من حق التعليم الابتدائي .
النصف الثاني من القرن العشرين ، يضج بالاحداث الجسام التي واكبت ظهور النفظ و التحول من الاعتماد على الغوص كعمل شاق يؤدي الى تجارة اللؤلؤ الطبيعي ، ثم التحول الى مجتمعات ثرية ، تعمل في قطاعات تجارية اخرى مما تحتاجها المجتمعات الجديدة التي اتسمت في كثير الاوقات بانها مجتمعات استهلاكيه ، ولكن في المقابل ، عانى المجتمع الكويتي و المجتمع الخليجي كافة التحولات و آلامها ، و بالممانعة و الرفض للكثير من أوجه التغير و التحول ، من هنا اختار الكاتبان عددا من الشخصيات النسائية لتجسد تلك التحولات و الالام المصاحبة لها ، في مقابل عدد من الشخصيات الذكورية التي تمثل "مع" و "ضد" التغير او التحول ، امتدت هذه الشخصيات على عدة اجيال ، تبدا بالجد ، او الاب صاحب الصوت الاوحد في البيت الكبير و كبير عائلة (المريش) ، و مثلة الفنان الكويتي جاسم النبهان ، بجانبة الام القانعة دوما بالحال / زهرة الخرجي ، و التي لا تريد من العالم سوى رضا الزوج و حمل هموم الاولاد وان صاروا رجالا و نساء ، و لهذه الاسرة عيال من الجنسين ، ثلاث من الذكور و الرابعة سميرة ، المتعلمة التي حرمها المجتمع – رغم – التحولات من حب العمر بسبب اختلاف الطبقة الاجتماعية .
تتمحور الحكاية حول الشاب راشد /حمد العماني ، الذي ينهي دراستة الجامعية و يعود للبلاد فيجد مشروع زواجة من شيخة/ شيماء سليمان ، و لانها قد بدأت الدراسة ثم حرمت منها بسبب التعنت في تعليم البنات عن بعض العائلات ، وافق راشد على الارتباط بشيخة لانه وجد فيها المرأة الكويتيه التي سوف تبني معة مستقبلا يتمناه لبلادة ، و اصبح راشد (نموذج رجل الستينات) الداعم الاساس لشيخة (نموذج امرأة الستينات) صار الداعم لها من خلال قناعاتها الشخيصة ، حيث كرر لها ان انها يجب ان تكون لها رؤيتها الخاصة للاشياء و قناعاتها الخاصة ، مهما حاول الاخرون اقصائها او التأثير عليها ، فلن يستطيع احد ان يؤثر على القناعة اذا كانت راسخة ، فظهر راشد في الحلقات كزوج استثنائي ، تتمناه كل شابة ، لا تحمل المشاهد التي ظهر فيها مع زوجتة شيخة الا الحب و الصداقة و التفاهم التام ، حتى انه ساندها في اكمال دراستها الجامعية عندما سافر لاكمال الماجستير في القاهرة ، ثم انه ساندها لتحصل هي على الماجستير خلال تواجدهما في لندن و هو يعمل على اكمل دراسة الدكتوراة ، و عندما عادا الى الكويت كان هو حاصلا على الدكتوراه ، و هي حاصلة على الماجستير و برفقتهما ابنتهما الوحيدة "عالية" التي ايضا جسدتها نفس الممثله شيماء سليمان .
اختار المخرج العباءة الخليجية السوداء ، كرمز للعادات و التقاليد الخليجية القديمة ، و اختار مشاهد اسقاط العباءة من راس الفتاة او المرأة ، كمشهد رمزي للتخلص عن العالق من العالم القديم مما سبق الطفرة الاقتصادية و ما صاحبها من انتشار التعليم و حق المرأة في التعليم و سياقة السيارة و السفر و غيرها من التحولات المجتمعية ، افرد المخرج للعباءة الرمز و التخلي عنها ، عدة حلقات ، و ذلك عندما قررت شيخة التخلي عن لبس العباءة السوداء ، سواء في القاهرة او عندما تعود للكويت ، وهذا ما صب جام غضب العائلة عليها و على زوجها راشد الذي شجعها على ان تفعل ما تريد و ما تراه من حقها ، غضب الاسرة الذي قابلة ايضا غضب في اسرة الزوج ، حرم شيخة من رؤية الام لسنوات ، لكن السنوات ايضا تأتي بالرضا بالامر الواقع و تقبل الكائن عند افراد الاسرة من نساء و رجال ، و ان ظل البعض معارضا لاي تحول او تغير ، ممثلا في الاخ ، و هو جبهه المعارضة التي يقدمها المخرج في قالب الدراما التلفزيونية ، و هي جبهة تظل حية حتى اليوم ، لتعارض كل المستجدات دون مناقشة و دون محاولة لفهم متطلبات الحياة الان او الحياة المستقبلية .
سميرة / غادة الكندري / اخت راشد ، لم تستطع ان تخرج من عباءة المجتمع المتمثل في الاب السلطوي ، و رغم انه سمح لها بالتعليم الجامعي حتى حصلت على اجازة في الحقوق ، فعمل على فتح مكتب محاماة خاص بها ، تمارس فيه المحاماة لحسابها الخاص ، فيرتفع اسمها في هذا العالم و تحقق النجاح الذي يمثل نجاح المراة الكويتية في العمل ، الا انها في المقايل تخسر الرجل الذي احبته بسبب اختلاف الطبقة الاجتماعية ، فتعود تحدث العباءة السوداء التي تحتفظ بها بجانبها في السيارة ، بانها يجب ان يكون لها موقف لا تقدر عليةمن خلال العباءة ، و في مشهد درامي شديد الرمزية و التكثيف ، تلقي سميرة العباءة السوداء في البحر و تراقبها و هي تطفو تم تاخذها الامواج بعيدا ، تلك العباءة قد لا تعبر عن عباءة المرأة الكويتية فقط ، و لكنها المعطف الاسود الذي يرتديه المحامي عند دخولة الى قاعة المحكمة ، فهي لم تستطيع ان تدافع عن حقها في اختيار شريك الحياة ، فماذا يفعل معطف المحامي لها ، سوى المزيد من المعاناة .
في اطار اخر من رصد التحولات في المجتمع الكويتي ، تلك التداخلات العميقة بينه و بين المجتمعات العربية التي اقترب جدا من مكونات المجتمع الخليجي ، و هنا اختار المخرج او الكاتبان – بذكاء – شخصيات ايجابية لتعبر عن هذا التداخل والعمق في العلاقة خلال النصف الثاني من القرن العشرين ، عندما صارت الكويت و الخليج ، تمثل حلم العمل / الاعارة ، عند عدد من المجتمعات العربية ، فكان من بينها محفوظ / احمد سعيد ، شاب يمني وصل الكويت باحثا عن عمل ووظيفة ، فيبدا بوظيفة صب القهوة ، ثم يكمل تعليمه الجامعي و يعمل محاميا في مكتب كبير ، لكن ذلك لا يجعله كفء للزواج من زميلتة سميرة – بحسب العادات و التقاليد - إلا ان الزواج و المصاهرة في المجتمعات الخليجية لها اعتبارات اخرى .
كما ظهرت في الحلقات عدة شخصيات مصرية ، من خلال سفر راشد و شيخة للدراسة في مصر ، ثم الصداقة التي ربطت بينهما كعائلة مع سميحة / مي عبدالله ، مدرسة الموسيقى و زوجها ، حتى صارت سميحة جزء من عائلة (المريش) تحظى باحترام كل افرادها من رجال و نساء ، و كانت خير عون لشيخة و هي تواجهه اكبر نكبات العمر بمقتل زوجها الدكتور راشد بسبب افكاره التقدمية التي يتحدث عنها صراحة في رحاب الجامعة ، و تصير سميحة اختا لشيخة و اما اخرى لابنتها عالية ، و عالية ايضا تمثل تحولا أخر في المجتمع الكويتي عندما تختار الموسيقي كما تعلمتها من سميحة ، كمادة تخصص و ابداع و مهنة للمستقبل ، بالطبع هذا بالرغم من معارضة عدد من افراد المجتمع لهذا التوجهه ممثلا بالخال / اخ شيخة الذي ظل ممثلا للمعارضة و التمسك بالثوابت المجتمعية رغم مرور الزمن .
لم يغفل المخرج و الكاتبان عن دور المصاهرات التي حدثت بين الكويتين و جنسيات عربية اخرى ، فجعل من زواج مساعد / عبدالله السيف / اخ راشد ، من سيدة لبنانية طيبة تعمل معه ، نموذجا لتلك المصاهرات و ولادة ابناء يحملون الانتماء الكويتي اضافة الى وطن الام و الاخوال ، وهذا تصوير واقعي لما حدث كثيرا في المجتمعات الخليجية منذ الطفرة النفطية في منتصف القرن العشرين .
و اخير – و الحديث حول مسلسل سما عالية يطول – لا بد من الاشادة بان المخرج و الكاتبان نجحا في المرور بخفة على الاحداث التاريخية المهمه في الوطن العربي و كذلك الفنيه و انعكاساتها على المجتمع ، منذ تاريخ النكسة في 67 مرورا بوفاة جمال عبدالناصر ، ثم حرب اكتوير و ما تلاها من معاهدة السلام المصرية الاسرائيليه ، و بالطبع الغزو العراقي للكويت كان له مكانا في حلقات المسلسل حتى ان احد الشخصيات صار ضمن الاسرى الكويتين في العراق لتظل لقضية قائمة لا تقبل النسيان ، و تظل امة ليلي / فوز الشطي / زوجة مساعد ، في حالة انتظار دائم لعودتة لها كي تقر عينها و لا تحزن .
سما عالية ، دليل على قدرة الطاقات الخليجية على انتاج الاعمال الدراميه الجادة و الجيدة ، و سواء توافقنا مع رؤية الكاتبان و المخرج بالتخلص من كل ما هو اعتقاد سائد – ممثلا في عباءة المرأة الكويتة – من أجل التقدم للامام و بناء مستقبل افضل ، سواء اعجبنا هذا الطرح و الرمزية ام لا ، سيبقى هذا العمل المميز ، علامة في تاريخ الدراما الخليجية ، بينما الكثير الكثير من الاعمال التي تابعناها و نتابعها كل عام في رمضان .. تذهب هباء منسيا كزبد البحر ، بمجرد ان ينادي المنادي للعيد السعيد ، وكل عام و انتم بخير .
النصف الثاني من القرن العشرين ، يضج بالاحداث الجسام التي واكبت ظهور النفظ و التحول من الاعتماد على الغوص كعمل شاق يؤدي الى تجارة اللؤلؤ الطبيعي ، ثم التحول الى مجتمعات ثرية ، تعمل في قطاعات تجارية اخرى مما تحتاجها المجتمعات الجديدة التي اتسمت في كثير الاوقات بانها مجتمعات استهلاكيه ، ولكن في المقابل ، عانى المجتمع الكويتي و المجتمع الخليجي كافة التحولات و آلامها ، و بالممانعة و الرفض للكثير من أوجه التغير و التحول ، من هنا اختار الكاتبان عددا من الشخصيات النسائية لتجسد تلك التحولات و الالام المصاحبة لها ، في مقابل عدد من الشخصيات الذكورية التي تمثل "مع" و "ضد" التغير او التحول ، امتدت هذه الشخصيات على عدة اجيال ، تبدا بالجد ، او الاب صاحب الصوت الاوحد في البيت الكبير و كبير عائلة (المريش) ، و مثلة الفنان الكويتي جاسم النبهان ، بجانبة الام القانعة دوما بالحال / زهرة الخرجي ، و التي لا تريد من العالم سوى رضا الزوج و حمل هموم الاولاد وان صاروا رجالا و نساء ، و لهذه الاسرة عيال من الجنسين ، ثلاث من الذكور و الرابعة سميرة ، المتعلمة التي حرمها المجتمع – رغم – التحولات من حب العمر بسبب اختلاف الطبقة الاجتماعية .
تتمحور الحكاية حول الشاب راشد /حمد العماني ، الذي ينهي دراستة الجامعية و يعود للبلاد فيجد مشروع زواجة من شيخة/ شيماء سليمان ، و لانها قد بدأت الدراسة ثم حرمت منها بسبب التعنت في تعليم البنات عن بعض العائلات ، وافق راشد على الارتباط بشيخة لانه وجد فيها المرأة الكويتيه التي سوف تبني معة مستقبلا يتمناه لبلادة ، و اصبح راشد (نموذج رجل الستينات) الداعم الاساس لشيخة (نموذج امرأة الستينات) صار الداعم لها من خلال قناعاتها الشخيصة ، حيث كرر لها ان انها يجب ان تكون لها رؤيتها الخاصة للاشياء و قناعاتها الخاصة ، مهما حاول الاخرون اقصائها او التأثير عليها ، فلن يستطيع احد ان يؤثر على القناعة اذا كانت راسخة ، فظهر راشد في الحلقات كزوج استثنائي ، تتمناه كل شابة ، لا تحمل المشاهد التي ظهر فيها مع زوجتة شيخة الا الحب و الصداقة و التفاهم التام ، حتى انه ساندها في اكمال دراستها الجامعية عندما سافر لاكمال الماجستير في القاهرة ، ثم انه ساندها لتحصل هي على الماجستير خلال تواجدهما في لندن و هو يعمل على اكمل دراسة الدكتوراة ، و عندما عادا الى الكويت كان هو حاصلا على الدكتوراه ، و هي حاصلة على الماجستير و برفقتهما ابنتهما الوحيدة "عالية" التي ايضا جسدتها نفس الممثله شيماء سليمان .
اختار المخرج العباءة الخليجية السوداء ، كرمز للعادات و التقاليد الخليجية القديمة ، و اختار مشاهد اسقاط العباءة من راس الفتاة او المرأة ، كمشهد رمزي للتخلص عن العالق من العالم القديم مما سبق الطفرة الاقتصادية و ما صاحبها من انتشار التعليم و حق المرأة في التعليم و سياقة السيارة و السفر و غيرها من التحولات المجتمعية ، افرد المخرج للعباءة الرمز و التخلي عنها ، عدة حلقات ، و ذلك عندما قررت شيخة التخلي عن لبس العباءة السوداء ، سواء في القاهرة او عندما تعود للكويت ، وهذا ما صب جام غضب العائلة عليها و على زوجها راشد الذي شجعها على ان تفعل ما تريد و ما تراه من حقها ، غضب الاسرة الذي قابلة ايضا غضب في اسرة الزوج ، حرم شيخة من رؤية الام لسنوات ، لكن السنوات ايضا تأتي بالرضا بالامر الواقع و تقبل الكائن عند افراد الاسرة من نساء و رجال ، و ان ظل البعض معارضا لاي تحول او تغير ، ممثلا في الاخ ، و هو جبهه المعارضة التي يقدمها المخرج في قالب الدراما التلفزيونية ، و هي جبهة تظل حية حتى اليوم ، لتعارض كل المستجدات دون مناقشة و دون محاولة لفهم متطلبات الحياة الان او الحياة المستقبلية .
سميرة / غادة الكندري / اخت راشد ، لم تستطع ان تخرج من عباءة المجتمع المتمثل في الاب السلطوي ، و رغم انه سمح لها بالتعليم الجامعي حتى حصلت على اجازة في الحقوق ، فعمل على فتح مكتب محاماة خاص بها ، تمارس فيه المحاماة لحسابها الخاص ، فيرتفع اسمها في هذا العالم و تحقق النجاح الذي يمثل نجاح المراة الكويتية في العمل ، الا انها في المقايل تخسر الرجل الذي احبته بسبب اختلاف الطبقة الاجتماعية ، فتعود تحدث العباءة السوداء التي تحتفظ بها بجانبها في السيارة ، بانها يجب ان يكون لها موقف لا تقدر عليةمن خلال العباءة ، و في مشهد درامي شديد الرمزية و التكثيف ، تلقي سميرة العباءة السوداء في البحر و تراقبها و هي تطفو تم تاخذها الامواج بعيدا ، تلك العباءة قد لا تعبر عن عباءة المرأة الكويتية فقط ، و لكنها المعطف الاسود الذي يرتديه المحامي عند دخولة الى قاعة المحكمة ، فهي لم تستطيع ان تدافع عن حقها في اختيار شريك الحياة ، فماذا يفعل معطف المحامي لها ، سوى المزيد من المعاناة .
في اطار اخر من رصد التحولات في المجتمع الكويتي ، تلك التداخلات العميقة بينه و بين المجتمعات العربية التي اقترب جدا من مكونات المجتمع الخليجي ، و هنا اختار المخرج او الكاتبان – بذكاء – شخصيات ايجابية لتعبر عن هذا التداخل والعمق في العلاقة خلال النصف الثاني من القرن العشرين ، عندما صارت الكويت و الخليج ، تمثل حلم العمل / الاعارة ، عند عدد من المجتمعات العربية ، فكان من بينها محفوظ / احمد سعيد ، شاب يمني وصل الكويت باحثا عن عمل ووظيفة ، فيبدا بوظيفة صب القهوة ، ثم يكمل تعليمه الجامعي و يعمل محاميا في مكتب كبير ، لكن ذلك لا يجعله كفء للزواج من زميلتة سميرة – بحسب العادات و التقاليد - إلا ان الزواج و المصاهرة في المجتمعات الخليجية لها اعتبارات اخرى .
كما ظهرت في الحلقات عدة شخصيات مصرية ، من خلال سفر راشد و شيخة للدراسة في مصر ، ثم الصداقة التي ربطت بينهما كعائلة مع سميحة / مي عبدالله ، مدرسة الموسيقى و زوجها ، حتى صارت سميحة جزء من عائلة (المريش) تحظى باحترام كل افرادها من رجال و نساء ، و كانت خير عون لشيخة و هي تواجهه اكبر نكبات العمر بمقتل زوجها الدكتور راشد بسبب افكاره التقدمية التي يتحدث عنها صراحة في رحاب الجامعة ، و تصير سميحة اختا لشيخة و اما اخرى لابنتها عالية ، و عالية ايضا تمثل تحولا أخر في المجتمع الكويتي عندما تختار الموسيقي كما تعلمتها من سميحة ، كمادة تخصص و ابداع و مهنة للمستقبل ، بالطبع هذا بالرغم من معارضة عدد من افراد المجتمع لهذا التوجهه ممثلا بالخال / اخ شيخة الذي ظل ممثلا للمعارضة و التمسك بالثوابت المجتمعية رغم مرور الزمن .
لم يغفل المخرج و الكاتبان عن دور المصاهرات التي حدثت بين الكويتين و جنسيات عربية اخرى ، فجعل من زواج مساعد / عبدالله السيف / اخ راشد ، من سيدة لبنانية طيبة تعمل معه ، نموذجا لتلك المصاهرات و ولادة ابناء يحملون الانتماء الكويتي اضافة الى وطن الام و الاخوال ، وهذا تصوير واقعي لما حدث كثيرا في المجتمعات الخليجية منذ الطفرة النفطية في منتصف القرن العشرين .
و اخير – و الحديث حول مسلسل سما عالية يطول – لا بد من الاشادة بان المخرج و الكاتبان نجحا في المرور بخفة على الاحداث التاريخية المهمه في الوطن العربي و كذلك الفنيه و انعكاساتها على المجتمع ، منذ تاريخ النكسة في 67 مرورا بوفاة جمال عبدالناصر ، ثم حرب اكتوير و ما تلاها من معاهدة السلام المصرية الاسرائيليه ، و بالطبع الغزو العراقي للكويت كان له مكانا في حلقات المسلسل حتى ان احد الشخصيات صار ضمن الاسرى الكويتين في العراق لتظل لقضية قائمة لا تقبل النسيان ، و تظل امة ليلي / فوز الشطي / زوجة مساعد ، في حالة انتظار دائم لعودتة لها كي تقر عينها و لا تحزن .
سما عالية ، دليل على قدرة الطاقات الخليجية على انتاج الاعمال الدراميه الجادة و الجيدة ، و سواء توافقنا مع رؤية الكاتبان و المخرج بالتخلص من كل ما هو اعتقاد سائد – ممثلا في عباءة المرأة الكويتة – من أجل التقدم للامام و بناء مستقبل افضل ، سواء اعجبنا هذا الطرح و الرمزية ام لا ، سيبقى هذا العمل المميز ، علامة في تاريخ الدراما الخليجية ، بينما الكثير الكثير من الاعمال التي تابعناها و نتابعها كل عام في رمضان .. تذهب هباء منسيا كزبد البحر ، بمجرد ان ينادي المنادي للعيد السعيد ، وكل عام و انتم بخير .