نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


سكتت .. عن الكلام المباح محمد الماغوط قاصا




لم يشتهر محمد الماغوط بكتابة القصة لكنه بنى سمعته الادبية على الشعر - قصيدة النثر تحديدا- والمقالات القصيرة ويكاد يكون هناك اجماع بين النقاد على ان معظم مقالات الماغوط يمكن ان تحسب فنيا على القصة القصيرة رغم مباشريتها وفي ما يلي واحدة منها


سكتت .. عن الكلام المباح  محمد الماغوط قاصا
بعد أن أصبحت التكتلات الاقتصادية والمؤتمرات الدولية موضة هذا العصر، كمنظمة أوبيك، والسوق الأوربية المشتركة ، تنادى عدد من فقراء العالم المتنوّرين لإقامة سوق مشتركة للدول المصدرة والمستهلكة للحزن والدموع، ودعوا إلى اجتماع تمهيدي في مكان ما في هذا العالم تحت شعار: يا تعساء العالم اتحدوا
وتجمعوا ليسهل على الشرطة مراقبتكم واعتقالكم . وقد لبى هذه الدعوة عدد كبير من الوفود، وجاؤوا إلى مكان الإجتماع مشياً على الأقدام بزيهم الوطني التقليدي وهو السحنة العابسة والأطراف المرتخية.
وبعد أن تربعوا على الأرض وتبادلوا أعقاب السجائر وأعقاب المبادئ والشعارات، طلب إليهم رئيس الجلسة وهو - أكبرهم سناً وأكثرهم عبوساً - الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء بلادهم وشهداء الإنسانية جمعاء، فحاولوا ذلك ولكنهم لم يستطيعوا بسبب الإرهاق وسوء التغذية، وطلبوا السماح لهم – مع الأسف الشديد – بتحيتهم وهو جالسون، فوافق على الفور وجلس قبلهم ونام من أول الجلسة حتى آخرها والتي تمخضت عن المهن والإعترافات التالية:
عريف الحفلة: أنا مطرب مغمور، اسمحوا لي أن أفتتح هذا المؤتمر بموال “خائن يا زمن” وشكراً .
المندوب الأول: أنا كأجير حلاق، سأقص لسان كل من يعارضني. والسلام عليكم .
المندوب الثاني: أنا كأجير صائغ، أينما ذهبت وأينما جئت لا أسمع إلا شعار “الوقت من ذهب” “الوقت من ذهب” يتردد على ألسنة السياسيين والموظفين والطلاب والمعلمين والمصححين، إذاً كيف وصلنا إلى هذا الواقع “التـنـك” ؟
المندوب الثالث: أنا كـ فران، اسمحوا لي أن انفض يدي من الطحين أمامكم وأسأل: كيف يتنكر الجائع للجائعين عندما يشبع .
المندوب الرابع: أنا أجير نجار، لا علاقة لي بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد .. ولكنني أعتقد أن الوطن العربي ينتظره الكثير من الخوازيق .
المندوب الخامس: أنا شرطي سير، طاقتي محدودة .. وفمي محدود لا يتسع لصفارتين معاً .. واحدة للمواطنيين وواحدة للمسؤولين .
المندوب السادس: أنا شاعر ومستخدم في “بنك” وقد أصبح الشعر على الشكل التالي: وللحرية الحمراء باب، بكل يد “قابضة” يدق .
المندوب السابع: أنا بائع صحف متجول، وإليكم هذا النبأ الهام: لقد أميط اللثام مؤخراً عن سر الصحون الطائرة الذي حيّر علماء الفضاء لأمد طويل. لقد تبين أيها الزملاء، أنها ليست إلا الصحون التي يقذفها الفقراء من النوافذ عبر الأجيال لأنهم لا يجدون ما يأكلونه. ولذلك لا تستغربوا إذا ما تحدثت الصحف عما قريب عن “نمليات ومطابخ بكاملها” طائرة في الفضاء أيضاً .
المندوب الثامن: إذاً أنا كمواطن حائر بين القديم والجديد أقترح على الفور أن تحدث كل دولة ننتمي إليها : وزارة جديدة “للرعب” من المستقبل، ووزارة “عتابا” للحنين إلى الماضي .
المندوب التاسع: أنا كبائع يانصيب لا أؤمن إلا بمهنتي، ولذلك أقول لكم بأننا قد نربح معركتنا في هذا العالم وقد لا نربح .. ولكن من المؤكد حتى الآن أن الجوائز الكبرى هي من نصيب الدول الكبرى .. أما نحن فلن نربح إلا جوائز الترضية والسلام عليكم . وبكرا السحب ..
وانتهى الإجتماع بسرعة .. وساروا وراءه صفاً واحداً بثيابهم الخلقة تحت علم من “البالة” وهم يرددون بصوت مرتجف واحد: نحن الشباب لنا الغد .. وبرده المجلد وخبزه المقدد

محمد الماغوط
الاربعاء 25 فبراير 2009