لم يكن ينقصنا إلا المسلسلات اللبنانية السورية المشتركة لتدخل على الخط وتشبح علينا، وتخترع الأكاذيب حول الثورة وتسعى لتلميع نظام بشار الكيماوي.
مسلسل (النار بالنار) تأليف السوري رامي كوسا، وإخراج السوري/ الكردي محمد عبد العزيز، وبطولة نخبة من الممثلين السوريين واللبنانيين، تتربع على قمتهم جميعا دون شك الرائعة كاريس بشار، وهو يتناول النزوح السوري إلى لبنان، من خلال نماذج طفيلية كريهة يجسدها (عمران/ عابد فهد) المرابي الجشع، الذي يبسط سلطته على أحد أحياء بيروت الفقيرة، وينهك أهل الحي كله بديون الربا،
طبعا لن نتحدث عن صورة السوري في المسلسل ولا كيف أنه عندما يختلف هذا السوري الجشع مع اللبناني المثقف ينحاز المخفر ضد المواطن اللبناني ويسجنه ظلما بعد أن يقبض عناصر المخفر من هذا السوري النتن ما فيه النصيب.. ولا عن السوريين الهمج المقززين الذين يظهرون في شخصيات أخرى، فكل هذا يمكن أن نضعه على الهامش، مع رشة المثاليات اللبنانية الشبيهة بالمثاليات العلوية في مسلسل (عاصي الزند)، التي تجعل الخطاط اللبناني العجوز مثلا يرفض تخطيط لوحة منع السوريين من التجوال لأن القصة قصة مبدأ بالنسبة له.. لكن الجوهر هو الافتراء والكذب فيما يخص الواقع السوري خلال الثورة، فزوج إحدى نساء الغوطة المختفي، يتم العثور عليه في حين تكون زوجته في لبنان على وشك تقديم طلب لجوء إلى ألمانيا.. الطريف أنهم يعثرون عليه عند فصيل العمشات. والمعروف أن فصيل العمشات لم يتواجد في الغوطة في أي يوم من أيام، بل تم تأسيسه بعد تهجير أهل الغوطة وسيطرة النظام عليها، وهو يمارس سفالاته في الشمال فقط. الأغرب أن زوجته تريد أن تتوجه لحكومة وداخلية النظام (الذي قصف الغوطة بالكيماوي)، وللهلال الأحمر السوري وأنهم هم الذين ينتظر أن يفاوضوا العمشات من أجل إخراج أحد أبناء الغوطة، كما فعلوا مع ابن منطقته المفرج عنه الذي أبلغ عن وجوده حياً.
النظام الذي اعتقل مئات الآلاف من السوريين بما فيهم أسر بأكملها وعشرات آلاف من الأطفال والنساء الذين اغتصبوا وعذبوا وقبعوا في الزنازين المظلمة بلا ذرة رحمة إو إنسانية، سيفاوض الفصائل ومن أجل من؟ أحد أبناء الغوطة الذي لا يجهل أحد نظرة النظام الطائفي لهم، وعمليات الانتقام التي تعرضوا لها على يديه بعد سيطرته على الغوطة الشرقية مجدداً في شتاء عام 2018
(النار.. النار) من إنتاج شركة الضبّاح اللبنانية الشيعية المقربة من حزب الله، والمدعومة من إم بي سي، والتي تتبرطع بالمال السعودي كمنتج منفذ.. والطريف أن هذه الشركة شكلت ورشة كتابة صاغت حوار هذا المسلسل الذي كتب قصته رامي كوسا، أسمتها (ورشة الصبّاح للكتابة) كما جاء في شارة المسلسل. ولا يستبعد أن تكون هذه الأكاذيب الرخيصة هي من إبداع ورشة الصباح للكتابة.
النار بالنار سلسلة من الأكاذيب والوقائع الملفقة، والقذارة المشغولة فنيا بمهارة، إنما بلا ضمير.