ـ السعودية ومصر والإمارات لم تنضم إلى تحالف "حامي الازدهار" بقيادة واشنطن لتفادي التورط في حرب استنزاف مع الحوثيين، والمشاركة ضمنيا في "حصار" سكان غزة المهددين بالتهجير
ـ التحالف من شأنه الانجرار نحو حرب مع الحوثيين ما يهدد الملاحة في البحر الأحمر ويتسبب في خسائر اقتصادية لقناة السويس كلما طال التوتر
ألقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بإحدى شظاياها على منطقة البحر الأحمر، بينما تجد الولايات المتحدة التي قادت أساطيلها لشرق البحر الأبيض المتوسط لمنع امتداد الحرب إلى الإقليم، نفسها تقود تحالفا جديدا ضد الحوثيين في اليمن، الذين يفرضون "حصارا" ناريا على ميناء إيلات، من خلال استهداف السفن التجارية المتوجهة إليه عبر مضيق باب المندب.
المثير للاهتمام أن دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات، التي خاضت حربا ضد الحوثيين منذ 2015 لم تنضم إلى تحالف "حامي الازدهار" الذي أعلنت الولايات المتحدة تشكيله، في 18 ديسمبر/ كانون الجاري.
وحدها البحرين، التي تحتضن مقر الأسطول الخامس الأمريكي، التي انضمت إلى التحالف البحري الجديد، من بين بقية الدول العربية، رغم أن دورها من المرجح أن يكون رمزيا ويقتصر فقط على الجانب اللوجيستي.
هذا التردد أو الإحجام العربي عن المشاركة في تحالف بحري تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين يدفعنا للتساؤل عن خلفياته وانعكاساته السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية.
إلا أن الوضع مختلف هذه المرة، فالمسألة متعلقة بالحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة من خلال منع المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء، لذلك أعلنت جماعة الحوثي مهاجمتها للسفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية إلى غاية فك الحصار عن القطاع.
وبدل أن تسعى واشنطن لوقف الحرب ورفع الحصار عن سكان غزة، تحشد أكبر عدد ممكن من الدول لحماية إسرائيل وتجارتها البحرية، لأن الحوثيين أعلنوا أنهم لا يستهدفون الملاحة الدولية في المنطقة باستثناء السفن التجارية المتجهة للموانئ الإسرائيلية.
وهذا ما يجعل دول عربية مثل مصر والسعودية تحجم عن المشاركة في تحالف هدفه الحقيقي حشد الدعم العسكري لإسرائيل في حربها على غزة ولو بشكل غير مباشر، ومحاولة كسر العزلة الدولية التي تعاني منها تل أبيب بسبب "جرائم الحرب" التي ترتكبها في غزة، وتجلى ذلك في تصويت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، تقول صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه في ظل الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية على غزة "لا يبدو أن أي دولة في المنطقة ترغب في الارتباط بالولايات المتحدة في مغامرة عسكرية".
فالأوضاع بين السعودية والحوثيين في حالة تهدئة، خاصة بعد الوساطة الصينية الناجحة بين الرياض وطهران، حليفة الحوثيين.
ولا ترغب السعودية في تصعيد الوضع بالانضمام إلى تحالف عسكري جديد ضد الحوثيين، يعيدها إلى حرب استنزاف جديدة تربك توجهها الجديد.
فالانضمام إلى التحالف البحري بقيادة واشنطن، من شأنه أن يشعل الحرب مجددا، ويجعل السعودية في وجه العاصفة، وهدفا لصواريخ ومسيرات الحوثيين، بينما تسعى الرياض للتركيز على بناء اقتصاد لا يعتمد على مداخيل النفط، وفق رؤية 2030، وتوفير أجواء مستقرة في المنطقة، خاصة بعد فوزها بشرف تنظيم "إكسبو 2030"، وتنظيم كأس العالم 2034.
وهو ما أشار إليه محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، في تصريح صحفي، عندما قال "إذا ما التزمت السعودية والإمارات بعدم المشاركة العلنية وحتى غير العلنية فإن خفض التصعيد سيستمر فيما بيننا وبينهم، لكن إذا ما قاموا وشاركوا في الحرب على اليمن فإننا.. سنستهدف كل ناقلات النفط في المنطقة".
ـ الإمارات
الإمارات، التي تعتبر ضلعا رئيسيا في التحالف العربي، عانت هي الأخرى من تعليق إدارة بايدن، صفقات سلاح مهمة معها، وعلى رأسها صفقة طائرات "إف35" الحربية، بسبب حرب اليمن، ما يجعلها تتريث في قبول الانضمام إلى تحالف "حامي الازدهار".
لكن قناة "كان" الإسرائيلية، زعمت أن الإمارات أكّدت أنّها تدرس مسألة انضمامها إلى التحالف البحري في البحر الأحمر، "إذا أقرّت واشنطن توجيه ضربة مهمة جدا ضد الحوثيين"، ولم يصدر رد على الفور من أبوظبي.
إذ سبق وأن أعلنت الإمارات في ربيع 2023 انسحابها من "القوات البحرية المشتركة"، والتي كانت تضم 38 دولة بقيادة الولايات المتحدة، ومهمتها حماية الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر من القرصنة والإرهاب.
لم توضح الإمارات حينها سبب الانسحاب، لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت في تقرير لها نقلا عن مصادر أمريكية وخليجية أن الإمارات كانت "محبطة" من عدم رد الولايات المتحدة على احتجاز إيران ناقلتي نفط في خليج عمان.
إلا أن هذا التقرير أثار حفيظة أبوظبي، التي انتقدت ما اعتبرته بـ"توصيفات خاطئة".
بينما التحالف الجديد، سيلعب دورا دفاعيا، أي أنه سيكتفي بإسقاط مسيرات الحوثي وصواريخه البالستية التي تستهدف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أو تلك التي تستهدف مدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر.
ولن يقوم التحالف بأي عمليات هجومية على العاصمة صنعاء والمدن والموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، على الأقل في المرحلة الأولى، فالولايات المتحدة لا تريد التورط في "حرب فيتنام" جديدة.
إذ أن إعلان كبرى شركات الشحن العالمية تحويل مسارات سفنها من المرور عبر قناة السويس إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، من شأنه التأثير مستقبلا على مداخيل مصر من القناة، إذا طالت فترة التوتر الأمني بمضيق باب المندب.
180 سفينة غيرت وجهاتها بعيدا عن مضيق باب المندب، أو تم إيقافها بانتظار تعليمات من الشركات المشغلة لها، وفق ما أعلنته شركة الشحن الأمريكية فليكسبورت، في 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
لذلك يمثل انضمام مصر إلى تحالف "حامي الازدهار" مصلحة اقتصادية، إلا أن القاهرة لم تنضم إلى هذا التحالف، رغم أن الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري للموانئ، رئيس هيئة قناة السويس السابق، طالب بضرورة توفير قوة تأمين مصرية تتمركز بمحاذاة إحدى الدول (في البحر الأحمر).
فمصر من مصلحتها الاستراتيجية زيادة الضغط على إسرائيل لرفع حصارها على غزة، ما يسقط بذلك مشروع تهجير الغزيين إلى سيناء.
وفي هذا السياق، يصب اشتراط الحوثيين وقف استهداف السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية مقابل إدخال الغذاء إلى غزة في مصلحة مصر، وأمنها القومي، المتعلق برفض تهجير سكان القطاع إلى أراضيها وتصفية القضية الفلسطينية، أو انتقال المقاومة الفلسطينية إلى سيناء، في تكرار للتجربتين الأردنية واللبنانية.
كما أن مصر لها تجربة مريرة في المشاركة بالحرب الأهلية اليمنية (1962ـ 1970)، ولا ترغب في تكرار هذه التجربة.
وهذا ما يفسر مشاركتها في التحالف العربي ضد الحوثيين في 2015 بدون قوات برية على الأرض، والاكتفاء بقطع بحرية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر عبر قناة السويس.
وتجربة القوات البحرية للتحالف العربي، وقبلها القوات البحرية الدولية المشتركة، لا تشجع مصر على المضي في خطوات مشابهة، حيث أن ثماني سنوات من الحرب، لم تقض على الحوثيين ولم تسقط صنعاء ولا حتى ميناء الحديدة على البحر الأحمر.
فالوضع معقد في البحر الأحمر، وتشكيل تحالف جديد من 10 دول بقيادة الولايات المتحدة، سيكون تجربة مكررة للقوات البحرية الدولية المشتركة في المنطقة، إلا إذا تطور إلى مواجهة عسكرية بعد تلويح الحوثيين باستهداف القطع البحرية الحربية الأمريكية في المنطقة، وضرب المنشآت النفطية في السعودية والإمارات إذا اشتركتا في التحالف.
وسينعكس ذلك سلبا على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وقناة السويس، وإمكانية بحث شركات الملاحة عن مسارات جديدة لسفنها شمالا وجنوبا، وسيكون لذلك أضرار على الاقتصاد المصري، وورقة ضغط تستخدمها الدول الغربية من أجل جعل تهجير سكان غزة إلى سيناء أمرا واقعا.
ـ التحالف من شأنه الانجرار نحو حرب مع الحوثيين ما يهدد الملاحة في البحر الأحمر ويتسبب في خسائر اقتصادية لقناة السويس كلما طال التوتر
ألقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بإحدى شظاياها على منطقة البحر الأحمر، بينما تجد الولايات المتحدة التي قادت أساطيلها لشرق البحر الأبيض المتوسط لمنع امتداد الحرب إلى الإقليم، نفسها تقود تحالفا جديدا ضد الحوثيين في اليمن، الذين يفرضون "حصارا" ناريا على ميناء إيلات، من خلال استهداف السفن التجارية المتوجهة إليه عبر مضيق باب المندب.
المثير للاهتمام أن دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات، التي خاضت حربا ضد الحوثيين منذ 2015 لم تنضم إلى تحالف "حامي الازدهار" الذي أعلنت الولايات المتحدة تشكيله، في 18 ديسمبر/ كانون الجاري.
وحدها البحرين، التي تحتضن مقر الأسطول الخامس الأمريكي، التي انضمت إلى التحالف البحري الجديد، من بين بقية الدول العربية، رغم أن دورها من المرجح أن يكون رمزيا ويقتصر فقط على الجانب اللوجيستي.
هذا التردد أو الإحجام العربي عن المشاركة في تحالف بحري تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين يدفعنا للتساؤل عن خلفياته وانعكاساته السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية.
ـ حماية الملاحة أم فك الحصار على إيلات؟
للوهلة الأولى يسود الاعتقاد أن مهمة تحالف "حامي الازدهار" في بحر العرب وخليج عدن، لا تختلف كثيرا عن التحالف الدولي البحري الذي تشكل في بحر العرب والمحيط الهندي في مواجهة القراصنة الصوماليين.إلا أن الوضع مختلف هذه المرة، فالمسألة متعلقة بالحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة من خلال منع المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء، لذلك أعلنت جماعة الحوثي مهاجمتها للسفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية إلى غاية فك الحصار عن القطاع.
وبدل أن تسعى واشنطن لوقف الحرب ورفع الحصار عن سكان غزة، تحشد أكبر عدد ممكن من الدول لحماية إسرائيل وتجارتها البحرية، لأن الحوثيين أعلنوا أنهم لا يستهدفون الملاحة الدولية في المنطقة باستثناء السفن التجارية المتجهة للموانئ الإسرائيلية.
وهذا ما يجعل دول عربية مثل مصر والسعودية تحجم عن المشاركة في تحالف هدفه الحقيقي حشد الدعم العسكري لإسرائيل في حربها على غزة ولو بشكل غير مباشر، ومحاولة كسر العزلة الدولية التي تعاني منها تل أبيب بسبب "جرائم الحرب" التي ترتكبها في غزة، وتجلى ذلك في تصويت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، تقول صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه في ظل الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية على غزة "لا يبدو أن أي دولة في المنطقة ترغب في الارتباط بالولايات المتحدة في مغامرة عسكرية".
ـ السعودية
لا يمكن للسعودية أن تنسى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وجهت لها انتقادات لاذعة وللتحالف العربي بشأن حرب اليمن، وأوقفت دعمها لها، وعلقت بيع أسلحة وذخائر لجيشها، كما رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب، لكن اليوم ومن أجل إسرائيل تطلب منها المشاركة في حرب جديدة في اليمن.فالأوضاع بين السعودية والحوثيين في حالة تهدئة، خاصة بعد الوساطة الصينية الناجحة بين الرياض وطهران، حليفة الحوثيين.
ولا ترغب السعودية في تصعيد الوضع بالانضمام إلى تحالف عسكري جديد ضد الحوثيين، يعيدها إلى حرب استنزاف جديدة تربك توجهها الجديد.
فالانضمام إلى التحالف البحري بقيادة واشنطن، من شأنه أن يشعل الحرب مجددا، ويجعل السعودية في وجه العاصفة، وهدفا لصواريخ ومسيرات الحوثيين، بينما تسعى الرياض للتركيز على بناء اقتصاد لا يعتمد على مداخيل النفط، وفق رؤية 2030، وتوفير أجواء مستقرة في المنطقة، خاصة بعد فوزها بشرف تنظيم "إكسبو 2030"، وتنظيم كأس العالم 2034.
وهو ما أشار إليه محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، في تصريح صحفي، عندما قال "إذا ما التزمت السعودية والإمارات بعدم المشاركة العلنية وحتى غير العلنية فإن خفض التصعيد سيستمر فيما بيننا وبينهم، لكن إذا ما قاموا وشاركوا في الحرب على اليمن فإننا.. سنستهدف كل ناقلات النفط في المنطقة".
ـ الإمارات
الإمارات، التي تعتبر ضلعا رئيسيا في التحالف العربي، عانت هي الأخرى من تعليق إدارة بايدن، صفقات سلاح مهمة معها، وعلى رأسها صفقة طائرات "إف35" الحربية، بسبب حرب اليمن، ما يجعلها تتريث في قبول الانضمام إلى تحالف "حامي الازدهار".
لكن قناة "كان" الإسرائيلية، زعمت أن الإمارات أكّدت أنّها تدرس مسألة انضمامها إلى التحالف البحري في البحر الأحمر، "إذا أقرّت واشنطن توجيه ضربة مهمة جدا ضد الحوثيين"، ولم يصدر رد على الفور من أبوظبي.
إذ سبق وأن أعلنت الإمارات في ربيع 2023 انسحابها من "القوات البحرية المشتركة"، والتي كانت تضم 38 دولة بقيادة الولايات المتحدة، ومهمتها حماية الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر من القرصنة والإرهاب.
لم توضح الإمارات حينها سبب الانسحاب، لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت في تقرير لها نقلا عن مصادر أمريكية وخليجية أن الإمارات كانت "محبطة" من عدم رد الولايات المتحدة على احتجاز إيران ناقلتي نفط في خليج عمان.
إلا أن هذا التقرير أثار حفيظة أبوظبي، التي انتقدت ما اعتبرته بـ"توصيفات خاطئة".
بينما التحالف الجديد، سيلعب دورا دفاعيا، أي أنه سيكتفي بإسقاط مسيرات الحوثي وصواريخه البالستية التي تستهدف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أو تلك التي تستهدف مدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر.
ولن يقوم التحالف بأي عمليات هجومية على العاصمة صنعاء والمدن والموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، على الأقل في المرحلة الأولى، فالولايات المتحدة لا تريد التورط في "حرب فيتنام" جديدة.
ـ مصر
بالنسبة لمصر الوضع أكثر تعقيدا، فهي معنية بشكل مباشر بتأمين حركة الملاحة في مضيق باب المندب، لارتباطها بقناة السويس، والتي تمثل المصدر الرابع للدخل في البلاد بالعملة الصعبة (أكثر من 9 مليارات دولار سنويا) بعد الصادرات، وتحويلات العاملين في الخارج، والسياحة.إذ أن إعلان كبرى شركات الشحن العالمية تحويل مسارات سفنها من المرور عبر قناة السويس إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، من شأنه التأثير مستقبلا على مداخيل مصر من القناة، إذا طالت فترة التوتر الأمني بمضيق باب المندب.
180 سفينة غيرت وجهاتها بعيدا عن مضيق باب المندب، أو تم إيقافها بانتظار تعليمات من الشركات المشغلة لها، وفق ما أعلنته شركة الشحن الأمريكية فليكسبورت، في 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
لذلك يمثل انضمام مصر إلى تحالف "حامي الازدهار" مصلحة اقتصادية، إلا أن القاهرة لم تنضم إلى هذا التحالف، رغم أن الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري للموانئ، رئيس هيئة قناة السويس السابق، طالب بضرورة توفير قوة تأمين مصرية تتمركز بمحاذاة إحدى الدول (في البحر الأحمر).
فمصر من مصلحتها الاستراتيجية زيادة الضغط على إسرائيل لرفع حصارها على غزة، ما يسقط بذلك مشروع تهجير الغزيين إلى سيناء.
وفي هذا السياق، يصب اشتراط الحوثيين وقف استهداف السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية مقابل إدخال الغذاء إلى غزة في مصلحة مصر، وأمنها القومي، المتعلق برفض تهجير سكان القطاع إلى أراضيها وتصفية القضية الفلسطينية، أو انتقال المقاومة الفلسطينية إلى سيناء، في تكرار للتجربتين الأردنية واللبنانية.
كما أن مصر لها تجربة مريرة في المشاركة بالحرب الأهلية اليمنية (1962ـ 1970)، ولا ترغب في تكرار هذه التجربة.
وهذا ما يفسر مشاركتها في التحالف العربي ضد الحوثيين في 2015 بدون قوات برية على الأرض، والاكتفاء بقطع بحرية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر عبر قناة السويس.
وتجربة القوات البحرية للتحالف العربي، وقبلها القوات البحرية الدولية المشتركة، لا تشجع مصر على المضي في خطوات مشابهة، حيث أن ثماني سنوات من الحرب، لم تقض على الحوثيين ولم تسقط صنعاء ولا حتى ميناء الحديدة على البحر الأحمر.
فالوضع معقد في البحر الأحمر، وتشكيل تحالف جديد من 10 دول بقيادة الولايات المتحدة، سيكون تجربة مكررة للقوات البحرية الدولية المشتركة في المنطقة، إلا إذا تطور إلى مواجهة عسكرية بعد تلويح الحوثيين باستهداف القطع البحرية الحربية الأمريكية في المنطقة، وضرب المنشآت النفطية في السعودية والإمارات إذا اشتركتا في التحالف.
وسينعكس ذلك سلبا على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وقناة السويس، وإمكانية بحث شركات الملاحة عن مسارات جديدة لسفنها شمالا وجنوبا، وسيكون لذلك أضرار على الاقتصاد المصري، وورقة ضغط تستخدمها الدول الغربية من أجل جعل تهجير سكان غزة إلى سيناء أمرا واقعا.