وتبرأ القيادي من جميع أفعال الفصيل، لافتًا إلى أنه خرج من “تحرير الشام” عام 2017 حين كانت تحت مسمى “جبهة فتح الشام” بسبب سياسة التخوين والتغلب على فصائل الثورة، ونشر بيانًا حينها يوضح رفضه لتلك السياسة.
وعاد لاحقًا لأسباب لم يذكرها في بيانه الأحدث، وتسلم ملف العلاقات مع “الجيش الوطني” وكان مقررًا أن يعمل على إنهاء الخلافات وبناء علاقات جديدة بين “الوطني” و”تحرير الشام” (يسود بين الفصيلين حالة عداء).
وتابع أنه عاد للعمل على مساعدة الفصائل في رفع السوية العسكرية ونقل الخبرة إليها، والعمل على ما وصفه مشروعًا تشاركيًا يشمل الجميع دون إقصاء أحد، لكن “تحرير الشام” غيرت سياستها.

صديق “القحطاني”

يعد “أبو أحمد زكور” الرجل الثالث في “تحرير الشام”، ويأتي خروجه من “الهيئة” بعد أربعة أشهر من الإطاحة بالرجل الثاني في الفصيل “أبو ماريا القحطاني” وتجميد صلاحياته لـ”إساءة تواصلاته” بحسب بيان لـ”الهيئة “، في حين يقود الفصيل “أبو محمد الجولاني”.
ظهرت الخلافات تدريجيًا منذ أشهر على وقع ملف “العمالة”، ووجود اختراقات كبيرة في صفوف “تحرير الشام”، والتعامل مع جهات خارجية وداخلية، منها النظام السوري وروسيا والتحالف الدولي.
بعد تجميد صلاحيات “القحطاني” في 17 من آب الماضي، ذكرت حسابات تتبع لقياديين معارضين لـ”تحرير الشام” ومنشقين عنها، أن “الهيئة” تشهد صراعًا بين تيارَين داخلها، الأول داعم لـ” القحطاني”، والآخر ناقم عليه.
يميل جهاد عيسى الشيخ إلى مساندة “أبو ماريا” ودعمه، وسبق أن شارك صورة مع الأخير في 2 من تشرين الثاني 2022، غاب عنها شرح الزمان والمكان، سوى أنها ملتقطة فوق الثلوج.
الصورة كانت بزي تخلّت عنه “تحرير الشام ” مع تبدل خطابها خلال السنوات الماضية، ما يشير إلى أنها قد تكون في حقبة “جبهة النصرة” التي أُنشئت في سوريا نهاية 2011، وفكّت ارتباطها بتنظيم “القاعدة” عام 2016، ثم شكّلت مع جماعات أخرى فصيل اليوم.
رافق الصورة دعاء من جهاد عيسى الشيخ، بالثبات على درب “الدعوة والجهاد” مع “رفيق الدرب شيخنا أبو ماريا”، حسب تعبيره.

ذراع “الهيئة” في ريف حلب

رغم قلة ظهوره إعلاميًا، أدار “أبو أحمد زكور”، المنحدر من منطقة النيرب بريف حلب، وأشرف على أبرز الملفات والقضايا الشائكة في “تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا)، و يحظى بحاضنة شعبية في عشيرة “البو عاصي” بقبيلة “البكارة”.
وتنوعت أدواره بين عدة مناصب، منها مدير العلاقات العامة ومسؤول سابق لملف الاقتصاد وقائد “لواء عبد الرحمن” التابع لـ”تحرير الشام”، وأسهم سابقًا بتثبيت وجود “الهيئة” في المناطق والقرى التي كانت مستاءة من ممارسات “تحرير الشام” وسياساتها.
ويدير جهاد عيسى الشيخ منذ عامين ملف العلاقات والتواصل مع فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في مناطق ريف حلب، ويُعرف عنه أنه يمتلك ثروة مالية، ويُتهم بإدارة استثمارات “تحرير الشام” من خلال تشغيلها خارج سوريا عبر أشخاص يديرونها كواجهة بعيدًا عن اسمه واسم “الهيئة”
في 2 من أيار الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أن الولايات المتحدة عملت مع تركيا لفرض عقوبات تتعلق بـ”مكافحة الإرهاب ” على ميسرَين ماليين لجماعات “إرهابية” متمركزة في سوريا.
واستهدفت العقوبات عمر الشيخ “أبو أحمد زكور” والمعروف في المنطقة باسم جهاد عيسى الشيخ، والذي اعتبر أن العقوبات “لا معنى لها”، وقال إنه لا يملك دولارًا واحدًا خارج سوريا، وليس مسؤولًا ماليًا أو اقتصاديًا في “الجماعة” (في إشارة إلى “تحرير الشام”).

“الهيئة” و”الجولاني”

ظهرت “تحرير الشام” لأول مرة في سوريا نهاية 2011، تحت مسمى “جبهة النصرة لأهل الشام”، وهي فصيل تميّز بخروجه من رحم “القاعدة”، أبرز الفصائل “الجهادية” على الساحة العالمية، وأعلنت لاحقًا انفصالها عن أي تنظيم، واعتبرت نفسها قوة سورية محلية.
التمدد الأبرز لـ”تحرير الشام” وسيطرتها على منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، جاء بعد المعارك التي خاضتها ضد “حركة أحرار الشام” و”حركة نور الدين زنكي” و”صقور الشام”، خلال العامين 2017 و2018.
وتسيطر “الهيئة” على محافظة إدلب، وجزء من أرياف حلب الغربية واللاذقية وسهل الغاب شمال غربي حماة، ولا تزال مدرجة على لوائح “الإرهاب”، وتضع روسيا الفصيل ذريعة للتقدم في شمال غربي سوريا.
يقود “الفصيل” أبو محمد الجولاني ” الذي لا يزال مُدرجًا مع “الهيئة” على “لوائح الإرهاب” وأحد المطلوبين لأمريكا، وبمكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات عنه.