نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


ترجمة شعرية لقصيدة المركب السكران للشاعر الفرنسي رامبو





ربما توفر هذه الترجمة،لأول مرة ، طريقا ممهدا للقارئ العربي للاطلاع على قصيدة تعتبر من روائع الادب الفرنسي .. فالرموز وشروحها احيانا اصبحت من ضمن متن القصيدة محاولا قدر الأمكان ان لاتختلف في صياغتها عن التركيبة التشكيلية الشعرية للقصيدة وايقاعها ..
كتب رامبو هذه القصيدة وهو في سن السابعة عشرة . و هو لم ير البحر بعد ، بل لخص ما يعانيه ..فبدى ان المركب السكران هو رامبو ، وهو يعبر عن ذلك بشكل غير مباشر ، في سياقها.. محاولا ان يسكب تجربته في عالم المراهقة او كما رأى نقاد من مشارب فكرية مختلفة انه يعبر عن "كومونة باريس" الذي كان معجبا بها.. وما فرضته من تغيرات ثورية جبارة في عالم السياسة والمجتمع ..ودوس كل المحرمات التي كانت تعيش اوروبا قبلها تحت نير سلاسلها الدينية التكفيرية والمعادية للعقل..


 

لا اعتبر انها محاولة مكتملة.. فهذه القصيدة تحتاج الى ترجمات كثيرة و مؤسسات ترعى الترجمة الشعرية والنشر..
ما آلمني ان احد المعقلين على احدى الترجمات الحرفية الجافة و الثقيلة قال : "ان هذا الشاعر مصدق حاله انه يكتب شعرا " وقراءة النص المترجم فعلا كان مرهقا ولاتستطيع ان تخرج بانطباع عن ماذا يتحدث الشاعر ..اي ان الشعر المترجم الحرفي يخلق عالما غير عالم القصيدة والأفضل ان يترجم لشاعر شاعر وليس ناقدا او استاذا في الأدب الفرنسي او اكاديمي مختص بالفرنسية..وايضا حرضني على ترجمتها رفيق شيوعي طبيب يعرف الانكليزية والالمانية لم اره منذ حوالي الثلاث عقود تقريبا ..حيث وضع ترجمة غوغلية لها مما اشعرني بان علي ان احاول ولاسيما انني ملم بالفرنسية ، بقدر ما، يسمح لي تمييز السياق والأزمنة والكلمات والتشكيل الفني للقصيدة وأعماقها ..يمكن مقارنة هذه الترجمة بكل الترجمات الموجودة على محرك البحث غوغول وسيحسم القارئ الفرق بسهولة بما فيها ترجمة موسوعة الشعر ..ربما اترجمها بشكل اخر او اعيد صياغتها لاحقا ..
ولد الشاعر الفرنسي ارثر رامبو في شهر تشرين الأول من عام 1854 في شارل فيل بسهول الآردن الفرنسية قال عنه فيكتور عوغو انه "طفل شكسبير" و جميع قصائده كتبها في سن المراهقة ومنها رائعته المركب السكران كتبها وهو في سن السابعة عشرة وتوقف عن تعاطي الشعر قبل ان يتم عامه الواحد والعشرين وتوفي في عمر السابعة والثلاثين في العاشر من شهر تشرين الثاني عام 1891بعد اصابته بمرض سرطان العظام .. واقام في بلجيكا وانكلترا و عدن في اليمن واثيوبيا وغيرها
Le bateau ivre
قارب مترنح حتى الثمالة

عندما هممت بالنزول من الأنهار المترنحة العابثة
لم أكن اشعر بأي إحساس ،آنذاك ،
يعينني ان اسير على هدى من يوجهون المركب الذي امتطيه:
انين الهنود الحمر المصلوبين عراة
على أطياف لاحصر لها من الألوان
استلب كل جوارحي
وكأن الجوارح لاشغل لها
سوى ان تنهش دمهم البريء
..............................................
كنت مرميا لا يلتفت البحارة الي
وهم يشحنون كما يبدو لي :
القمح الفلامندي او القطن الإنجليزي
فقط ، حين انتهوا من حفلة التعذيب الصاخبة ،هذه
سحبتني الأنهار الى حيث اريد
...................................................
في هذا الدوران العاصف لأنواء البحر مدا وجزرا
انا الان في شتاء لم اعرفه من قبل ،
حيث اصبحت مصابا بالصمم
كأنني املك دماغ طفل ،لا يسعفه إدراكه بعد،
ان يسمع شيئا
اركض .. اركض.. بلا جدوى
والجزر الصغيرة الطافية
لا تمنحني أي معنى للانتصار
كي اتشبث بها
..................................................
العاصفة ، وحدها ، من باركت صحواتي البحرية
وبت أخف من سدادة فلين على الأمواج
و ها أنا اترنح راقصا مع المياه المتموجة بصخب
كأنني على عجلات الأبدية..
تلك الأبدية التي تهب من ذاتها لإنقاذ الضحايا
عشر ليال ، لم ينتابني أي ندم
وانا غاف لا أرى سوى فوانيس عمياء
لا ترشدني الى أي مكان وسط المحيط
.............................................................
اكثر براءة من الأطفال، لحم التفاح الأخضر هذا
انه مياه عذبة خضراء ستخترق جسدي
الذي يبدو كخشب أعياد الميلاد
و هناك بقع الخمر الزرقاء والقيء يغسلاني
ويجعلاني اتناثر تائها
بين دفة القارب
والمرساة
.........................................................
هذا الهذيان المسافر جعلني ، فيما بعد
استحم بالقصائد الخارجة لتوها من البحر العاصف
منقوعا بالنجوم
وبأسنان لبنية
لا تتورع عن افتراس أجمل الجزر اللازوردية الخضراء
حيث العوم الرمادي اليائس والفرح معا
وأيضا بت غارقا في حكمة عجيبة
وانا انزلق نحو القاع
.......................................................
منذ تلك الرحلة المغامرة ،
تغيرت عوالمي الداخلية فجأة صارت تصطبغ بالزرقة
ومعها الأوهام باتت اكثر حضورا
وتخامرني ايقاعات خفيفة تحت وهج النهار العالي
ألحانها اكثر هرمونية وعذوبة من عزف كل قيثاراتنا
منذ تلك الرحلة المغامرة حتى تجارب الحب القاسية تعتقت
وصرت اتعامل معها باحساس مختلف
..................................................
الآن، فقط ، ويا للهول ،
انا اعرف سماوات جديدة تتفجر بالبروق
وزوابع بنوافير لا نهاية لها
وأيضا اعرف أمواج وتيارات اعنف:
انا اعرف ما هو المساء
اتعرف على ذلك الفجر وهو يتعالى بشموخ
فضلا على ذلك ،
بت اعرف شعب الحمام الأبيض الناصع المحلق بالحب
وقد رأيت في بعض الاحيان ،هذا الانسان ،
الذي كم شبه لنا اننا نراه
...............................................
رأيت الشمس قريبة جدا ، ملطخة بأهوال صوفية ،
لم اتلمس مشاعر توازيها من قبل
كانت تضيء طويلا على تلك الالغاز الارجوانية المبهمة
كأنها تشبه مكونات تعبيرية صارخة لدراما من ازمان غائرة في القدم
وكأنها امواج تتدحرج بعيدا جدا عن مصرعها
........................................................
حلمت بليلة خضراء تندف بثلوج مبهرة
وتلك القبلة تصعد الى عيون المحيطات على مهل على مهل
وتناهي الى ادراكي الجديد ، اصوات دوران النسغ ، الذي لم اسمع به من قبل
وأيضا استيقاظ اصفر وازرق لغناء فوسفوري متوهج
............................................................
لأشهر ، بالتمام والكمال ، لاحقت حشودا تتضخم أمامي
من هستيريا حظائر البقر المسعور تهاجم شعاب مرجانية
دون التفكير ولو للحظة انها الاقدام المضيئة من ماريز
انها تملك قوة مكتومة تفجر المحيطات العاصفة
......................................................
لقد ارتطمت ، هل تعرفون ، بفلوريدات لا نظير لها
تبدو مثل مزج بين زهور ساكنة بعيون نمر مع بشرة الناس المتغيرة
اوا قواس قزح تعانقنا بقسوة كأنها قطعة من لجام يأسرنا بنطاقه
كل ذلك كان مرسوما تحت افاق بحار تختلط مع قطعان بدائية قاتمة وهائمة
..............................................................
رأيت الاهوار المتسعة والشاسعة تتخمر
ورأيت أيضا الفخاخ حين تتعفن وهي تندفع صوب وحش خرافي
يأخذ اشكالا مذهلة تارة تنين وأخرى ثعبان ومرات تمساح
انه الخطر المحدق الذي قد يفني الأرض
رأبت كيف تنفجرانهيارات تغص بهدير المياه في منتصف الأمد الفاصل
بين انفجارين متوالين
من الأجواء الجوية المرعبة
و بعيدا جدا كانت شلالات عاصفة من ارتفاع مهول تنهمر بضوضاء مزلزلة
وبتدفق عنيف مدمر
..................................................
رأيت انهارا تجمدت من الصقيع..
شموسا فضية .. تيارات نهرية جبارة
سموات كأنها قدت من جمر
تحسست ضربات عنيفة في قاع خلجان سمراء
حيث يفترس البق ثعابين عملاقة
وحيث تتدلل الأشجار الملتوية والملفوفة على عطور سوداء فواحة
.......................................................
كنت أود أن يرى الأطفال هذه الدلافين
هذا الدفق المائي الأزرق ، تلك الأسماك الذهبية ، وهذه الأسماك الغناء
هذه الرغوة المزهرة
وهذه الرياح الخيالية التي تجرفني وتجعلني مجنحا محلقا معها كل لحظة.
.............................................................
احيانا اشعر اني شهيد وقد سئمت من التوزع بين أقطاب متنافرة
وشبكات اوطان تتنازعني ،
وقد سئمت من البحر الذي ينفث تلك البهلوانات الممتعة
قد سئمت من صعود يتجه صوبي محملا بزهور قدت من الظلال
مع حشرات مصاصة صفراوية
سئمت كل شيء حتى بقيت وحدي ، كما امرأة جاثية على ركبتيها ...
........................................................
رأيت على ضفافي شبه جزيرة تحاول ان ترسو
وأيضا معها فضلات العصافير الزاعقة ذات العيون الشقراء
وها أنا ، اجدف .. اجدف حتى اقطع عابرا حدود علاقاتي الواهنة المتداعية
وحيث يتهادى الغرقى الى الأسفل حتى يناموا وهم يتقهقرون الى الخلف
.........................................................
بيد ، انني وحدي المركب الضائع السائر تحث شعر الخلجان الاشعث
وانا ، وحدي ، الذي احدث ثقبا في السماء النارية كما لو انها حائطا
وحدي ، من القي باجواء الاعصار دون أي علامة ترشدني
حتى لو كانت نورسا محلقا واحدا
وحدي ، من لن تسعفه كل مراكبه الشراعية
ولا بنيته الجسدية القوية
ان يصطاد حتى جثة سكرانة هائمة على الماء
................................................................
حرا، عبقا بالدخان ، أصعد نحو ضباب ارجواني غامق ،
أنا من اخترق هذه السماء المجمرة وكأنها مجرد جِدار،
أنا من عتل على يديه اشهى انواع الفاكهة المحلاة
وقدمها للشعراء المخضرمين النوابغ،
انا من كنت آشنة وطحلب يبتهل للشموس ..
انا لوحات شعرية مخاطة بأحرف اللازورد
.............................................................
أنا من كان يعدو، ملطخا بموشوعات تبرق بالكهرباء،
انا خشبة مجنونة مرمية في المحيطات الهادرة ،
ترافق مواكبها أفراس البحرِ السوداء،
حيننما كانت "التموزات" تنهال بضربات هراوات ساخطة ،
حيثما سماوات خلف آخر البحار التي لها اشكال
اهرامات تنبض بالحياة و الاندفاع المتأجج!
....................................................................
أنا ، الذي كان يعتريه الهلع ،
من يتملك احساسه نحيب
ولو لامس الما ما على بعد خمسين فرسخا، ،
انا من تناسلت من لحمي تلك الذكور الاسطورية العملاقة
والجبارة "البهيموتات" البحرية
انا ، من تناسلت من لدنه طبقات الزوابع المكومة،
انا ، من غزل ابدا ذلك السكون الأِزرق،
أنا ، من تحسر على أوربا التي كبلتها سلاسلها القديمة ذاتها !
............................................................................
أنا ، الذي رأيت أرخبيلات فلكية مبصرة ! وجزر،
ذات سماوات هاذية لا تحدها آفاق ، مشرعة للبحارة،
هل فقدت هذه الليالي عمقها حيث انت تنام
و وانا مغترب و منفي ،
يا ملايين النوارسٍ الذهبية،
ويا طوافات المستقبل الذي لايريد ان يغرق ؟
...........................................................................
أنا، حقا، بكيت.. بكيت ما يفوق طاقتي !
وأسحاري كانت ممتلئة بالأوجاع حيث،
كل قمر مدبب بالكآبة والقبح وكل شمس شاحبة مملة:
انا من ملأه الحب العنيف بِنشوة مسكرة،
آه ، لتندلع الحرائق في عارضة السفينة و أثقالها !
ولأمضين الى البحر اعزلا
.......................................................................
إذا كانت تخامرني رغبة بماءِ أوربا فتكفيني بركة ماء ،
بركة سوداء باردة حيث أتجه صوب أوابد الغسق المحنط ،
أنا ذلك الولد المقرفص الغارق بالحزن الذي دائما سارح النظر ،
أنا قارب متداع تائه هش شبيه بفراشات أيار.
.........................................................................
ها انا خائر القوى ، مغتسلا بهوانكم ،
انتم : يا ايتها المقاصل البشرية الحادة،
كيف أقتفي بصمات البحار مع حاملي القطن هؤلاء ،
ها انا خائر القوى ،عاجزا ، عن عبور الرايات
التي تناديني بحبور
و عاجزا عن عبور مشاعل النار هذه،
ها انا خائر القوى ، لم اعد قادرا على السباحة ،
امام عيون تلك المراكب المحدقة الأسيرة المروعة القاتلة
-----------
الحوار المتمدن


ترجمة احمد صالح سلوم
السبت 13 مارس 2021