نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


العجمي الوريمي أمينا للنهضة بتونس.. سد فراغ أم لمحاورة السلطة؟





أعلنت حركة النهضة التونسية في 2 نوفمبر/تشرين أول الجاري اختيار القيادي العجمي الوريمي، أمينا عاما للحزب "عقب اجتماع افتراضي لمجلس الشورى في دورته 72، للتصديق على مشروع لائحة تتعلق بصلاحيات الأمين العام للحزب".
والوريمي (61 سنة) عرف بنشاطه في الاتجاه الإسلامي بالحركة الطلابية (يتبع النهضة نشط بالجامعة التونسية منذ أواخر السبعينات إلى 1991) قبل أن يصبح في العام ذاته قياديا في النهضة خلال صراعها مع الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987-2011)، الأمر الذي أدى إلى سجنه 16عاما ليعود إلى دراسة الفلسفة في مرحلة الماجستير بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالعاصمة تونس.


اختيار القيادي العجمي الوريمي، أمينا عاما لحزب النهضة - ايه ايه
اختيار القيادي العجمي الوريمي، أمينا عاما لحزب النهضة - ايه ايه
 
رئيس المكتب السياسي للنهضة نور الدين العرباوي: "تعيين الوريمي أمينا عاما للحركة من الناحية الشكلية سد شغور"
المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة: "تعيينه يمنح الحركة قدرا من الإضافة بمستوى العلاقة الهادئة مع أشد خصوم الحزب"
المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية طارق الكحلاوي: "الوريمي يصعب أن تجد له خصومة شخصية مع أحد"  

شغل الوريمي منذ العام 2011 مناصب قيادية في حركة النهضة، لينتخب في 2014 نائبا بمجلس النواب عن حزبه، إلى حدود 2019.

ملء الفراغ القيادي

المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (حكومي) طارق الكحلاوي قال إنه "بعد سجن المكلف بتسيير الحركة المنذر الونيسي (سبتمبر/أيلول الماضي) ثمة إرادة لملء الفراغ القيادي، والملفت للانتباه هو العودة إلى وجه من القيادات القديمة لأن الونيسي وجه جديد ولم يكن من القيادة التاريخية للحركة".
وأضاف الكحلاوي أن "العجمي الوريمي معروف بأن علاقته جيدة بمختلف الأطراف ولا يدخل في الصراعات الداخلية ويظهر كوجه توافقي داخلي".
رئيس المكتب السياسي للحركة نور الدين العرباوي ذهب في ذات الاتجاه، معتبرا أن "هذا أمر طبيعي"، حيث كان للحركة "شغور أول باعتقال الرئيس الشيخ راشد (الغنوشي) وشغور ثان باعتقال نائب الرئيس المكلف بتسيير الحركة، المنذر الونيسي".
وأضاف العرباوي للأناضول: "الشغور لابد أن يُسدّد ولكن هذه المرة تم تسديد الشغور بشكل أكثر قانونية بمسار دستوري.. انعقد مجلس شورى وتصويت بخلاف طريقة تعيين الونيسي".
وأوضح العرباوي أنه "من الناحية الشكلية سد شغور، ومن ناحية مضمونية الأمر أعمق وهو في غياب رئيس الحركة هو رئيسها والشخصية الأولى للحركة".
يذكر أن الغنوشي يقبع في السجن منذ توقيفه في 17 أبريل/ نيسان الماضي، من قبل الأمن بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر محكمة بإيداعه السجن في قضية "التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة".
وسبق ذلك سجن نائبيه وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، منتصف فبراير/شباط الماضي بتهمة "التآمر على أمن الدولة" وقبله علي العريض رئيس الحكومة الأسبق، بتهم "تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر (العراق وسوريا) خارج البلاد.
وتم إيقاف الونيسي نائب الغنوشي والمكلف بتسييرها في 5 سبتمبر الماضي، قبل أن يقرر القضاء في 20 من الشهر ذاته، توقيفه بتهمة "التآمر على أمن الدولة".

تجاوز إشكاليات داخلية

من جانبه، يرى المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة، أن تعيين الوريمي تم "كحل من قبل قيادة النهضة الحالية لتجاوز المشكل الرئيسي بين عقد المؤتمر وتجديد القيادة مؤسساتيا بشكل طبيعي بما يعنيه من تخل عن القيادات السجنية وهو الأمر الذي لا يرتاح له سياسيا وأخلاقيا أو الاستمرار في صيغة نائب الرئيس وهي الصيغة التي لم تعط أكلها وسببت مشاكل في فترة تولي الونيسي المهمة".
وأضاف بوعجيلة للأناضول: "تولوا اختيار صيغة في النظام الداخلي وهو الأمانة العامة وهو الحل الأكثر قيمة مؤسساتيا لمن يتولى المنصب وللصلاحيات التي يمنحها له المنصب وهامش الفعل الذي يمنحه المنصب وهو المنصب الأكثر وضوح مؤسساتيا."

المناضل المبدئي

وتابع: "الوريمي على امتداد العقد الماضي لم يكن في مواقع الفعل المباشر أو الصراعات المباشرة التي شقت النهضة، وظل شخصية تعمل قدر الإمكان ومخلصة فكريا ونظريا وسياسيا للمشترك النضالي والكفاحي لحزب نضالي كفاحي".
ووفق بوعجيلة فإن "هذه الخاصية في شخصيته ساعدته على البقاء داخل الحركة رمزا للماضي النضالي وليس للحاضر الصراعي والحزبي".
إلا أن بوعجيلة قال "تعيين الوريمي في هذه المرحلة وإن كان لا يؤدي لتغيير الخط السياسي المناهض للانقلاب ولكنه يمنح الحركة قدرا من الإضافة في مستوى العلاقة الهادئة حتى مع أشد خصوم الحزب شراسة في السلطة أو في المعارضة".

الحوار مع السلطة

وحول ما إذا كان تعيين الوريمي يعكس استمالة من النهضة إلى السلطة برغبتها في الحوار قال بوعجيلة: "الحركة تقديرها أن السلطة لا تفكر أن تحاور أي أحد (..) السلطة رافضة حتى التعاطي مع الأحزاب القريبة منها فما بالك بالمعارضة".
وتابع: "لا أتصور أنها رسالة إلى السلطة بقدر ما هي رسالة للداخل النهضاوي بتعيين شخصية محبوبة ومجمعة ورسالة للمشهد السياسي عموما، أن هناك قيادي معروف تاريخيا بعلاقاته المنفتحة مع الجميع بإمكان من يريد حلحلة الوضع في تونس أن يراهن عليه".
وأكد المحلل أن "شخصية الوريمي تعني أن الحركة تمد يدها لكل من لا يرى حرجا في التعامل مع العجمي".
وأوضح أن "الوريمي له علاقة متميزة مع رضا شهاب المكي (أحد أكبر الشخصيات المقربة من الرئيس قيس سعيد) وقد يكون تعيينه رسالة لرضا ولغيره".
من ناحيته المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية طارق الكحلاوي قال إن "الونيسي عبّر علنا عن الرغبة في المصالحة ويبدو أنه لم ينجح في هذا الدور".
وأضاف أن "الونيسي دخل في لعبة سياسية معقدة لم يحسن إدارتها وكان يخفي عكس ما يعلنه".
ووفق الكحلاوي فإنه "غير واضح أن أسباب التعيين تخص توازنات داخل النهضة للحفاظ على الوحدة أو رسالة للسلطة".
وتابع: "السلطة لا تظهر أنها تريد تخفيض منسوب التصعيد ضد النهضة إلا أن الاشتباك له حدود".

مؤتمر النهضة امتحان للسلطة

وقال الكحلاوي إن هناك "رغبة لدى السلطة في ترك مجال للحركة للنشاط، وأن تكون موجودة إعلاميا وتنشط سياسيا".
وأضاف: "التحدي الكبير في العلاقة بين النهضة والسلطة سيكون على مستوى المؤتمر.. هل سيتم ترك النهضة تعقد مؤتمرها أم لا؟".
وأوضح أن "الوريمي يصعب أن تجد له خصومة شخصية مع أي كان وهو شخصية هادئة له علاقات جيدة مع الجميع، يركز في نقده على المواقف السياسية العامة ولا يذكر الأسماء ولا يهاجم الرئيس".
واعتبر الكحلاوي أن "هذا يمكن أن يترك السلطة تسمح بعقد الحركة مؤتمرها وتجديد قيادتها".
يذكر أن النهضة كانت ستعقد مؤتمرها الحادي عشر في أكتوبر الماضي إلا أن "قرار إغلاق مقراتها وسجن قياداتها حال دون ذلك"، وفق تصريحات لعضو المكتب التنفيذي للنهضة بلقاسم حسن.
وتابع: "عموما البلاد محتاجة للحفاظ على مجالات للحرية الحزبية، ورغم الخطوات المتجهة للتصلب في بعض المجالات لا تزال هناك مؤشرات على ترك العمل الحزبي".
وشدد الكحلاوي على أن "طبيعة النظام حاليا نصف تسلطية وواضح غياب النزعة الاستئصالية لدى السلطة، وهذا يجب تسجيله".
رئيس المكتب السياسي للنهضة نور الدين العرباوي ترك الباب مفتوحا حول أي رسالة للسلطة من تعيين الوريمي "المنفتح على الجميع" أمينا عاما للحركة بالقول: "هذا ستكتشفه الناس".
وأضاف: "ليس هناك قصد، وطبيعي إذا أتى شخص جديد هناك تجديد وليست هناك شخصية سياسية جديدة تأتي تكون مماثلة لغيرها والاختيار بين القياديين للمنصب كان محصورا في عدد قليل".
وتابع كل شخصية جديدة شيء من ذاتها سيوضع في السياسة الجديدة فلا أحد يأتي وكأنه ظل لمن قبله".

فك العزلة السياسية

وحول ما إذا كان تعيين الوريمي سيفك العزلة التي تعيشها الحركة مع جزء من المعارضة، قال الكحلاوي، إنه "سابق لأوانه كسر العزلة السياسية للنهضة لأن أسبابها تتجاوز أداء أو هوية أمينها العام الذي له دور مهم قد يسهل ذلك في ظروف أخرى لكن أسباب العزلة أعمق من الوجه الرئيسي العام للحركة".
وأضاف: "السبب الرئيسي هو الوضع السياسي قبل 25 يوليو وما بعده، ما زال هناك غضب من أداء النهضة، وجزء من المعارضة يحملها مسؤولية وصول السلطة للاستقواء عليها".
ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021 تشهد تونس أزمة سياسية حين بدأ الرئيس سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في يوليو 2022، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر من العام ذاته، ويناير الماضي.
وتابع: "الداعمون لـ 25 يوليو (للرئيس سعيّد) يُحمِّلون النهضة أكثر من فشل الديمقراطية بل يعتبرونها جزءا من المؤامرة على البلاد".
العرباوي أيضا يذهب في ذات الاتجاه "لأسباب مختلفة تتعلق بطبيعة المعارضين للنهضة من تيارات فكرية وسياسية".
ويقول العرباوي: لا اعتقد أن المقصود من تعيين العجمي باعتبار أنه شخصية منفتحة الوصول إلى الأماكن التي لم نصلها".
وأضاف العرباوي: "الناس الذين لا ينسقون مع الحركة لسنوات ليس لأن فلان أو فلان قياديا بل لأنها حركة النهضة".
وتابع: "هم يرفضون لموقفٍ من حركة النهضة ولهم تقييم لا يرتبط بالشخصيات".
ويفسر العرباوي رفض جزء من المعارضة التنسيق مع النهضة "بوجود توقف لدى البعض في وعي سياسي بعيد في التاريخ، وبعض الناس الذين لهم تقييم سلبي للنهضة في الحكم مبني على مواقف قديمة واللاعبون السياسيون لم يتغيروا في تونس منذ زمن بعيد".
إلا أن بوعجيلة يرى أنه "خارجيا وضع الوريمي على رأس الحركة رسالة معقولة، وأظن أنها تتقبل بشكل جيد فهو أستاذ فلسفة ومثقف عرف بأنه إسلامي منفتح على قيم حداثية واضحة".
وأضاف: "هو شبيه بالغنوشي في بعده الحداثي، يعطي صورة المناضل الإسلامي الديمقراطي، ولكنه مبدئي ومثقف مناهض للاستعمار".

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول
الاحد 26 نونبر 2023