نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


الشيطان الصغير يمتدح الخاله في ترجمتين عربيتين




"إمتداح الخالة " رواية ماريو بارغاس يوسا المولود في بيرو عام 1936 و الحاصل على جائزة بيلوتيكا عام 1962 و جائزة النقد عام 1963 ، رواية لا تمر مرور الكرام على قارئها مما حدا بكل من صالح علماني و صلاح صلاح الي نقلها الى العربية في ترجمتين منفصلتين عن داري نشر في في العام نفسه


الشيطان الصغير يمتدح الخاله في ترجمتين عربيتين
في الوقت الذي عنون صالح علماني ترجمتة ب"إمتداح الخالة" أطلق صلاح صلاح على ترجمة نفس الرواية "في مديح زوجة الأب" حيث تحدد علاقة الشيطان الصغير أو الطفل الذي لم تحدد الترجمتين – و ربما الرواية الأصل- سنين عمره على وجة الدقة ، ففي ترجمة صلاح صلاح تحدد شخصية المرأة المحوية بزوجة الأب حيث هي في الرواية ، في حيث تترك ترجمة علماني الفرصة للقارئ أن يتخيل الخاله على انها السيدة التي في مقام الأم كان تكون خالة أو عمة أو زوجة أب و ذلك حتى يدخل القارئ في تقليب صفحات الرواية المشوقة ، و التي تتحدث عن أب محب لطفله "الفونسيتو" ، متعلق به بعد وفاة الأم ، لكنة في "دونا لوكيثيا" التي على اعتاب الأربعين مثالا للمرأة المحبة ، المناسبة كزوجة له و المثالة لدور زوجة الاب لطفة فلا يتردد في الزواج منها و تقديمها للطفل الذي يدخل مرحلة البلوغ مبكرا دون وعي الأب ، تقدم له كأمر واقع بإعتبارها الخالة و سيدة البيت و عليه تقبلها لان السيد الأب "دون ريجبوبيرتو" قد اختارها و يعرف انها أم مثالية لصغيرة ، لكن"الفونسيتو" الذي يرفض إختيار إبية و يضمر خطط شريرة لإفشال حياة الأب الزوجية ، يظل متلبساً في ثوب براءة الأطفال المظلل و الذي بعتمد على صورة الطفل في عين والديه فهو الصغير مهما كبُر و هو البرئ مهما أخطئ و هو الصادق مهما كَذب ، و أما الخالة "دون ريجبوبيرتو" زوجة الأب فإن شغفها بـان تصير أماً للصغير و هي التي لم تنجب ، سوف يأخذها الي نفس المصيدة التي نصبها الصغير للزوجين الحكيمين ، فالملاطفة و المداعبة ملاطفة صغير ، و القبلات قبلات طفل و الأحضان و اللمسات التي تثير شبق الانثى ، إنما هي لصيغر لا يدري أبعاد لتلك التحرشات الجنسية المثيرة ، و جلسة بجلسة تقع الخالة في شباك الطفل الشرير الذي يصل بها الى حاله الاثارة الجنسية الكاملة فلا تعود قادره الا على الاستجابة له كرجل صغير في احضانها ، فتكون الأم /الخالة /العشيقة ... ولا تدري حتي يدري الأب/الزوج بتفاصيل العلاقة أيضا من خلال الطفل /الشيطان الصغير الذي يدرك تماما كل خطواته لكن عالم الكبار لا يعترف ان الشيطان قد يأتي في ثوب طفل أو شيخ عجوز ، تلك الشخصيات التي انتهت البشرية من تصنيفها ككائنات ضعيفة تستحق المساعدة و بريئة تستحق المساندة ، فقط الكاتب ذو البصيرة و القلم الجرئ يستطيع أن يكشف عن عكس هذا التصور السائد ، فالحياة تقبل كل النماذج بما فيها دهاء "الفونسيتو" الشرير ، هذا ما دعي صالح علماني لاصدار ترجمتة من المدى و صلاح صلاح لإصدار ترجمتة من دار الانتشار العربي في ذات العام ، و الترجمتان تنقل تفاصيل الرواية كلاً بمفرداته كمترجم من الاسبانية الى العربية ، ففي أحد أهم مشاهد الرواية ينقل علماني المشهد الى العربية بالشكل التالي " وعندما بحث فم الطفل عن فمها ، لم تصده عنه ، أغمضت عيناها و تركته يقبلها ، و أعادت له القبلة ، وبعد لحظة تحمست شفتا الطفل ، فألحتا ودفعتا ، وعندئذ فتحت شفتيها و سمحت لأفعي صغيرة عصبية متعثرة و مذعورة في البدء ، ثم جريئة متمادية بعد ذلك ، بولوج فمها و التجول فية متقافزة من جهة الى أخرى على لثتيها و اسنانها ، ولم تُبعد كذلك اليد التي أحست بها فجأة فوق نهديها" المشهد ذاتة من الفصل الثامن ينقله صلاح صلاح الى العربية كما يلي "حين بحث فم الصبي عن فمها ، لم تمنعه عنه ،نصف مغمضة عينيها ، شعرت بأنها تقبله و ترد القبلات ، بعد لحظة ضغطت شفتا الصبي ، و قد تجرأ ، على شفتيها بقوة ففتحتهما وسمحت لافعي صغيرة عصبية و سخيفة خائفة في البدء ومن ثم طائشة متهورة أن تزور فاها وتكشفه ، منزلقة على طول لثتها و أسنانها من الجانب الآخر ، لم تدفع اليد التي شعرت بها فجاة تحط على صدرها"
قد يتضح للقارئ من المقطعين السابقين انه في الوقت الذي يصف فيه علماني الصغير بالطفل ، باعتبار هو كذلك في أعين جميع شخصيات الرواية ، ينعته صلاح صلاح بالصبي مما يصل بالقارئ بالاليحاء بان بطل المشهد قد ترك مرحلة الطفولة الى ما بعدها مما يؤهله ليكون بطل المشهد الساخن ، كما تبدو ترجمة علماني لدار المدى صريحة باستخدام المترجم لكلمة نهديها و ذلك لما لهما من دور مؤثر في البناء الدرامي للزواية الإشكال ، في ذات الوقت يحاول صلاح متحفظا أكثر في ترجمة دار الانتشار فيختار مفردة "الصدر" بدل "النهد" للتقليل من شدة وتيرة المشهد المرفوض بالحكم الأخلاقي و لكنه مرسوم بعناية من وجهة نظر النقد الأدبي ، و لا ينفي هذا ان كلا المترجمين قد قدما عملا جميلا من المكتبة الاسبانية الى العربية ، و في هذا فرصة اكبر للرواية أن تصل الى القارئ العربي المتشوق للجيد من الترجمات ، و كلا الترجمتين قادرتين على نقل الصورة العامة لأحداث الرواية بصدق و شفافية .

الصورة : غلاف احد الترجمتين لرواية ماريو بارغس يوسا

د هدى النعيمي
الجمعة 27 مارس 2009