نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


ابن خلدون نسب الامازيغ ل"مازيغ بن كنعان"واستعارها بن باديس منه





تكتسي هذه الانتباهة أهمية قصوى لجهة ألا يتمكن من أن يخدعنا أي مخادعين من محترفي لي التاريخ والعلم والجامعة والدين، عبر طمس وعي المواطنين، بواسطة التسلل إليه على ظهر حب الناس لشخصية الإمام عبد الحميد بن باديس.
أولا، لنتفطن إلى شيء!
لو تنفض كتب البشرية منذ ولد أول إنسان لن تجد مسمى اسمه الأمازيغ ولا شعبا اسمه الأمازيغ ولا ذاتا سياسية وعرقية مستشعرة بشكل جماعي اسمها أمازيغية، لكنك ستجد مسمى "بربر". ولكنك أيضا ستجد ما أورده ابن خلدون من أن البربر ينتسبون لمنطوق محدد هو "مازيغ بن كنعان".


الإمام عبد الحميد بن باديس- فيسبوك
الإمام عبد الحميد بن باديس- فيسبوك
 
ولكن مرة أخرى ما نحتاج تمحيصه بشكل حاسم هو أن البربر الذين يذكرهم ابن خلدون وسائر بقية المؤرخين يذكرونهم تحديدا بمنطوق كلمة "البربر" وليس كلمة "الأمازيغ" المخترعة حديثا جدا.
وهنا نراعي فهم لماذا اخترعت وفي أي سياق. اخترعت وأصبحت توظف لتعبر عن إنتاج ذات عرقية جديدة تم التأسيس لفكرتها وبذرتها الأولى في إطار المشروع الأنثروبولوجي لـ لافيجري والآباء البيض، وذلك من أجل إعادة الهندسة الأنثروبولوجية للمجتمع الجزائري والمنطقة، في خدمة الرؤية الكولونيالية الصليبية بعيدة المدى لمنطقة الشمال الإفريقي معاد الإنتاج عرقيا وموسع دائرة الاشتباك إثنيا. وذلك بالبناء على التقاط مجموعة من الثقافات المحلية المتباينة ودكها في كيس واحد بغرض اختراع ذات عرقية جديدة من هذا الخليط غير المتجانس لسانيا أساسا وغير الممتلك للغة واحدة، مع ملاحظة أن اللهجات البربرية القديمة لا تملك فقط مشتركها القريب غير المتجانس أو المتطابق مع بعضها فقط إنما أيضا مع اللغة الفينيقية ومع اللهجات اليمنية الحِميرية القديمة.
ومن يحتاج أن يتعمق في فهم فكرة المشروع الفرنسي فليركز جدا بالتحديد على القراءة عن مشروع لافيجري والآباء البيض وعن السياسة المشهورة في التاريخ السياسي الفرنسي Politique Kabyle De France En Algerie، وعن كون المشروع مبنيا على أرضية صليبية تعتقد بأن الشمال الإفريقي أرض رومانية مسيحية ويجب استعادتها إلى إرث روما المسيحي.
ولنعد لنكمل مع فهم كلمة "مازيغ" التي ذكرها ابن خلدون وكيف استخدمها فنوجز ذلك في الانتباهات الحاسمة التالية:
* ذكر ابن خلدون أن جزء ممن أسماهم البربر؛ يتوفر في روايات نسبهم أنهم يعودون إلى "مازيغ بن كنعان".
* اقتصر ذكر ابن خلدون للبربر على كتابة كلمة "بربر" حصرا، ولم يحصل أبدا أن استخدم كلمة "أمازيغ".
* تتفق رواية ابن خلدون تماما مع رواية القديس أوغسطين عن أنه عندما سأل الناس في محيط منطقته من هم ومن أين جاؤوا؛ أجابوه بأنهم كنعانيون.
كيف يستخدم الطامسون كلمة مازيغ وكيف يحتالون بتوظيف اسم ابن باديس:
* يذكر الطامسون باستخدام اسم ابن باديس تحايليا كلمة "مازيغ" ويتوقفون.
* لا يكمل الطامسون كلمة "مازيغ" بنسبها إلى أبيه "كنعان" كي لا يتفطن القارئ والسامع لكون مازيغ كنعانيا وابن كنعان.
* يحاول الطامسون بالخداع أن يستدلوا على وجود اسم وشعب وذات أمازيغية لم توجد يوما في التاريخ؛ وذلك باستغلال مكانة ابن باديس الروحية والوطنية في قلوب الجزائريين.
* يستميت الطامسون في استخدام العاطفة الدينية للناس بغرض التسلل داخلها من أجل تطبيع كلمة التقسيم العرقي المخترعة "أمازيغ" بدل بربر.
ملاحظة حاسمة بشأن كيف تم الاختراع اللغوي لكلمة أمازيغ:
* تم توليدها من كلمة "مازيغ" بوضعها في صيغة الجمع. المفرد - مازيغ. الجمع- أمازيغ.
* تم توظيفها لتمحو إحلاليا كلمة "بربر".
ما لا يخبركم به الطامسون والمخادعون والباطنيون بشأن البربر:
* يذكر ابن خلدون أن البربر ليسوا مجموعة واحدة.
* يذكر ابن خلدون أن قبيلتي كتامة وصنهاجة هما من نسبة يمانية تعود إلى حِمير.
* تعني رواية ابن خلدون أن الجزء من البربر الذين هم من أبناء "مازيغ" هم في الأصل كنعانيون.
ملاحظات توضيحية مانعة للخديعة بشأن استخدام ابن باديس لكلمة مازيغ:
* استخدم بن باديس كلمة مازيغ مستعارة من عند ابن خلدون في سياق تدافع سياسي مع فرنسا، وفي سياق محاولة تصد مبكر لمشروع فرنسا من أجل إنتاج خريطة وحركة وذات عرقية بربريستية تدمر بها الحركة الوطنية وتؤسس اشتباكا عرقية وتعيد هندسة المجتمع الجزائري والمنطقة أنثروبولوجيا في خدمة الأهداف الكولونيالية طويلة المدى.
* خصص ابن باديس وظيفية هذه الكلمة بالتحديد لمحاولة استقطاب ولمحاولة استمالة واجتذاب وعي من كانوا سينخرطون ويتأثرون بالمشروع البربريستي الكولونيالي.
* لم يدع ابن باديس أن الجزائريين أو كل الجزائريين في سياق تدافعه ذلك تنطبق عليهم الكلمة؛ على خلاف ما يتوفر من حمولة في النزعة الإثنية البربريستية القديمة والحالية التي تتمحور حول الفكرة الوهمية للسكان الأصليين ملاك الأرض.
* لم يدع ابن باديس وجود ذات أمازيغية سياسية أو عرقية مستشعرة جمعيا وقائمة سابقا أو حاضرا.
* لا يعد ابن باديس مؤرخا ولا عالم أجناس ولم يدع ذلك.
* لحق بابن باديس في استخدام الكلمة عدة عناصر من جمعية العلماء المسلمين بينهم محمد العيد آل خليفة، وهذا دليل ساطع على أن الأمر يتعلق بمشروع سياسي جماعي انخرطت فيه الجمعية ضمن تدافعها ضد الاستدمار الفرنسي.
كيف تكيفت الحركة البربريستية مع الكلمة وتسمت بها:
انتشرت الكلمة لاحقا أكثر تحت طائلة الاستخدام الرسمي والمدرسي، وكذلك من قبل عدة شخصيات في صورة زهور ونيسي وأحمد بن نعمان وغيرهم، ومع الوقت مضت في الذيوع والتطبع. وكانت الحركة البربريستية ترفض الكلمة في البداية. ثم لما لاحظت تمكنها في الفضاء العام واتصافها بمقبولية أكثر وعدم إثارتها للمخاوف على غرار الحمولة السالبة الكامنة في تيار "Berberisme” وأدبياته متضررة السمعة؛ لحظتها، وفي حركة تكيفية وذات ذهاء؛ تكيفت البربريستية بمرونة مع كلمة "الأمازيغية - الأمازيغ"، وتسربت داخلها، بحيث حولت جلدها المصطلحي إليها ونجحت في إعادة إنتاج النفس بفضلها. وبالبدء من تلك الانعطافة تم لاحقا إفراغ كل الحمولة السالبة والأفكار التأسيسية للبربريزم داخل بوتقة "الأمازيغية". دون أن ننسى حقيقة أن هذا التحول إلى بوتقة مصطلح الأمازيغية كان قد شكل عنوانا لمرحلة التطبيع والتسوية السياسية مع السلطة، بما يكفل للاثنين مكاسب ومخارج مجزية.
وهنا لاحظوا شيئا، لمن يملكون كفاية من الذاكرة والسن والاطلاع والضمير، موجة تيار البربريزم الغنائي كان يتغنى في سائره عن أفكار البربرزيم بحمولاتها ومسمياتها المعروفة مرتبطة به، ويشتغل على تكوين مجموعة من الاستعدادات لإنتاج جزائريين يدركون أنفسهم كعنصر إثني بربريستي متمايز عما يسمونه العرب الغزاة لأرض تملك سكانا أصليين هم ملاكها والبقية ضيوف عارضون فيها. وكان من بين ما يتمحور حوله بشدة الغناء عن فكرة "ثمورث ان القڤايل" و "ليس ثمورث ان إيمازيغن"، وهذا طبعا قبل أن يحصل التطور الجيني التكيفي لاحقا نحو التحول لتبني كلمة "أمازيغ".
مع الإشارة،
في الأخير
إلى أني كتبت التالي بشكل مستجيب لحاجة كتابية سريعة وبالبناء على معلومات موثقة لا يستطيع هدمها أحد بادعاء عدم تأسيسها. وسأعود لاحقا إن شاء الله لتضمين المراجع من كتب ابن باديس وابن خلدون والقديس أوغسطين.
وفي ختام الختام،
تنويه؛
هذه الكلمات ليست تشكلا غير ودود ضد أي أحد من الإخوة المواطنين في أي شبر من وطننا الواحد؛ الجزائر. وأي أحد من الإخوة المواطنين إذا قرأها وأزعجت مألوف راحته ومسلماته الخاملة في التعليمية التي صنعت تركيبة عقله؛ فإني سأتركه لخالص ضميره بأن يقسم بالله بينه وبين نفسه إذا كان مسلما؛ بأنه يملك جدا أخبره بأنه أمازيغي ورباه ضمن أن يدرك ذاته داخل استشعار ذات جمعية أمازيغية لشعب محدد اسمه الأمازيغ.
 
 

حمزة دباح
الجمعة 10 مارس 2023