نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


( أي فاتورة قطعها بوتين لأردوغان قبل مجيئه إلى سوتشي؟ )





كان حزب "العدالة والتنمية" في الأيام الأولى من توليه السلطة يقدم منافع جدية للبلاد من خلال تطبيق قاعدة "اربح اربح" في علاقاتها الدولية.
لسوء الحظ، بعد عام 2011 تم التخلي عن استراتيجية "اربح اربح" في العلاقات الخارجية من أجل المستقبل السياسي لقائد الحزب.
وبطبيعة الحال، تأثرت علاقات تركيا مع روسيا سلباً بهذا التغيير في الاستراتيجية، بخاصة بعد إسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية عام 2015 بحجة انتهاكها المجال الجوي على الحدود السورية وتجاهلها التحذيرات، حيث تحولت العلاقات عن السياق الدبلوماسي واستمرت على مستوى المصالح الشخصية.



وأخذ هذا الأسلوب بعداً آخر قبيل اجتماع أردوغان مع بوتين في روسيا عام 2020، عندما جعل الأخير أردوغان ينتظره على الباب لبعض الوقت، وسرب الروس هذا الفيديو إلى الإعلام، وتكرر المشهد بالمقابل عندما تأخر أردوغان أيضاً ليجعل بوتين ينتظره بعض الوقت، في الاجتماع الذي جمع بينهما بطهران الشهر الماضي.
نعم، إذا كان انتقاماً، فهو خطوة جيدة تجاه بوتين الذي اعتاد أن يكرر مثل هذه التصرفات أمام سائر القادة، وهو ليس انتقاصاً من قدر الأشخاص بقدر ما هو إهانة لأبناء الدولة التي يمثلونها. لذلك لم أر مشكلة في إبقاء أردوغان لبوتين منتظراً.
لكن المشكلة هي أن التنمر الذي يتم من دون حساب يكون ثمنه باهظاً. فالمثل التركي يقول "الديك الذي يصيح قبل الأوان يقطع رأسه".
ولسوء الحظ، نحن، كأهل تركيا، ندفع ثمن أمثال هذه التصرفات.
كيف؟
قبل أن يغادر الرئيس رجب طيب أردوغان تركيا متوجهاً إلى سوتشي، كان بوتين قد قطع بالفعل الفاتورة لتركيا.
في 21 يوليو (تموز) تم وضع الأساس للمرحلة الرابعة والأخيرة من محطة آكويو (Akkuyu) للطاقة النووية، التي هي قيد الإنشاء في مرسين، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، سيبدأ تشغيل المفاعل الأول العام المقبل.
وأعلنت صحيفة "صباح" الخاضعة لسيطرة أردوغان هذا الخبر واصفة إياه بأنه "رمز الاستقلال في الطاقة ويوم تاريخي في محطة (آكويو) للطاقة النووية". كما اختار ممثلون آخرون للصحافة الموالية للحكومة عناوين مماثلة لهذا الخبر.
مع ذلك، فإن التطورات التي حدثت بعد أسبوع من حفل وضع حجر الأساس جعلت من الصعب تسمية هذه المحطة بأنها "رمز الاستقلال". لأنه في 29 يوليو علمنا من خلال البيان الذي أدلت به الشركة أن هيكل الشراكة لبناء المحطة قد تغير، ولم تعد هناك أية شراكة لتركيا في المحطة التي كان يجري إنشاؤها كاستثمار روسي - تركي مشترك.
فقد أصبح بناء وتشغيل هذه المحطة الآن ملكاً بالكامل لشركة "Rosatom"، التي هي شركة الطاقة الذرية التابعة للدولة الروسية. وكان لا بد لتغيير بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه سابقاً من موافقة برلمان كلا الجانبين، لكن موسكو بقرارها الأحادي الجانب اختلست، بين عشية وضحاها، هذه المحطة التي هي أول محطة طاقة نووية يتم بناؤها في تركيا.
إن المراحل الثلاث لمبنى المحطة ما هي إلا مقدمات للمرحلة الرابعة الأكثر أهمية من حيث الهندسة النووية.
وبمعزل عن المباني، فإن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لتركيا هو نقل التجربة والتقنية النووية إليها. وكان من المتوقع أن يكون هذا المشروع بداية حصول تركيا على التقنيات اللازمة لبناء محطة للطاقة النووية.
لكن جهودها ذهبت أدراج الرياح، وتحول المشروع إلى محطة نووية مملوكة لروسيا على الأراضي التركية. وستبيع الكهرباء لتركيا. والرابح هو روسيا وليس الشعب التركي.
وبالنسبة للاجتماع الثنائي في سوتشي، فإن تركيا لم تحصد منه أية مكاسب.
صحيح أن روسيا أعلنت أنها ستحول 15 مليار دولار إلى تركيا، لكنها ستصرف في مشروع محطة "أكويو" للطاقة النووية. ولن يرجع ذلك بفائدة على تركيا والشعب التركي.
سيتم شراء الطاقة بالروبل الروسي. ويبدو هذا جيداً، لكن تركيا كانت تشتري الطاقة بالفعل من روسيا بضعف الثمن الذي يدفعه الأوروبيون، فما الذي تغير؟ لا شيء.
ماذا إذن سيستفيد الشعب التركي من هذا؟ لا شيء.
وستشتري روسيا الطائرات من دون طيار التي تنتجها شركة "بيرقدار" التركية، التي يملكها صهر الرئيس أردوغان. وهذه الشركة التي تحصل على دعم هائل وقروض كبيرة من الدولة ستضيف ربحاً إلى أرباحها، وسيكون الرابح هو أردوغان وصهره، لكن ماذا ستحقق الأمة التركية؟ لا شيء طبعاً.
من ناحية أخرى، سيثير بيع طائرات "بيرقدار" لروسيا حفيظة "حلف شمال الأطلسي". فما المكسب الاستراتيجي الذي ستكسبه تركيا من بيع الأسلحة نفسها لكل من روسيا وأوكرانيا؟ طبعاً لا شيء.
نفهم أن أردوغان قد حصل من روسيا على إذن إجراء عملية محدودة ضد الأكراد في سوريا قبل الانتخابات، ولن يعود ذلك أيضاً بنفع على الشعب التركي سوى خلق أجواء حربية تساعد أردوغان على رص صفوف متابعيه في سياق الانتخابات.
ونستخلص من هذا الاجتماع أن بوتين أعطى لأردوغان رسالة مفادها "أنا معك في الانتخابات المقبلة" ليحصل على كل ما يريده من تركيا.
نعم، إن طموح الرئيس أردوغان للفوز في الانتخابات وخوفه من الخسارة يلحقان مزيداً من الضرر بمصالح الشعب التركي.
----------
( Independent Arabia )
* محلل سياسي تركي.
 

تورغوت اوغلو*
الاربعاء 10 غشت 2022