نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


أوفيد بين عكاشة وأدونيس..مقارنة تكشف ضحالة الترجمة الادونيسية




سرقات ادونيس التي وثقها الشاعر العراقي كاظم جهاد في كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ادونيس منتحلا " لم تكن السقطة الادبية الاولى ، ولا الاخيرة في تاريخه ، فهاهي دراسة مقارنة جديد ة بين جهده وجهد الدكتور ثروت عكاشة حول كتاب "اوفيد "قام بها الناقد الادبي الاستاذ الدكتور فوزي الحاج من جامعة غزة تثبت سقوطه في الترجمة ايضا وفي ما يلي نص الدراسة المقارنة التي انجزها الدكتور الحاج واعدا بتعميقها لتصدر لاحقا في كتاب


غلاف احدى طبعات ترجمة الدكتور ثروت عكاشة
غلاف احدى طبعات ترجمة الدكتور ثروت عكاشة
كتب أوفيد ملحمة شعرية ضخمة بعنوان" ميتامورفوزيس" وقد ترجمها د. ثروت عكاشة بعنوان "مسخ الكائنات" كما ترجم فن الهوى من قبل، فكان له على المكتبة العربي أيادٍ بيضاء لا تُنكر. وبعد ثلاثين عاما من صدور "مسخ الكائنات" قام أدونيس"على أحمد سعيد" بترجمة "الميتامورفوسيز" ولكن تحت عنوان "التحولات" مع جرعة زائدة من الغرور خلت منها ترجمة د. عكاشة! لقد وقع أدونيس في خطأ أكبر عندما نظر إلى ترجمة د. عكاشة للكتاب كأنها غير موجودة، كما قال في مقدمة الكتاب، فهو يقول إنه قد تردد في ترجمة الكتاب لأسباب عديدة ولكنه في النهاية استقر على "أن وجود هذا الكتاب في المكتبة العربية أفضل من عدم وجوده!" فهل هناك استهانة بترجمة د.عكاشة أكثر من ذلك، هذا مع أن القارئ للكتابين سيجد فرقاً كبيراً بين الترجمتين لصالح عكاشة الذي وصل إلى روح أوفيد، فهو المتبحّر في الآداب الكلاسيكية، في حين كانت معرفة أدونيس بهذه الآداب معرفة عابرة، فلم يترجم ترجمة آلية مثلما فعل أدونيس. مع ثبوت فضل السبق للدكتور ثروت عكاشة. لذا كان لابد من نماذج فقط للمقارنة بين الترجمتين كي يميز الطيب من الخبيث: يقول عكاشة في ترجمة كلام أورفيوس: 1- ما أكثر ما تغنيت بالعمالقة وبالصواعق المدمرة التي هوت على سهول ليجرا بنغمات أكثر إجلالاً. أما اليوم فما أحوجني إلى نغمات هادئة توائم قصص الغلمان الذين عشقهم الآلهة والفتيات اللاتي استبدت بأفئدتهن عواطف غير مشروعة ذهبت بعقولهن فدفعن ثمنها غاليا". مسخ ص218-219 أما أدونيس فترجمها هذه الترجمة الحرفية كما يلي: فيما مضى كانت لديّ ريشة عزف/أكثر ثقلاً على يدي ....................... اليوم تلزمني قيثارة أخف (تحولات ص582) فما دخل القيثارة الثقيلة أو الخفيفة في الموضوع؟؟ ربما كان لها معنى في لغتها الأصلية، لذا لا تكفي معرفة اللغة وحدها للترجمة، ولكن ثقافة الأمة المترجم عنها قد تكون أهم. وترجمة عكاشة تفيد أنه ضالع بثقافة الرومان، ويدرك المعنى المقصود، لذا ترجم المعنى ولم يترجم اللفظ، أما أدونيس فقد أعطى الجملة لبرنامج الترجمة الآلية في جوجل وألقى بالنتيجة في وجوهنا. 2- عكاشة: قديماً اشتعل قلب جوبيتر بحب جانيميدس الفريجي. ولكي يبلغ كبير الآلهة ما يريد آثر أن يتخذ صورة كائن آخر بدلاً من صورته، فاختار صورة ذلك الطائر الذي يطيق حمل صواعقه على جناحيه(النسر)، وحين استحال إلى صورة ذلك الطائر بدأ يضرب الهواء بجناحيه"ص219 أما أدونيس فترجمها كما يلي: كان سيد الآلهة يذوب حباً/ لغانيميدس الفريجي/فهو كائن/آثر جوبيتر أن يتخذ صورته مفضلاً إياها على صورته هو/مع أنه لم يكن يتنازل/كي يحلّ في أية صورة أخرى/ غير صورة الطائر/الذي يقدر أن يحمل صواعقه ص582 إن جملة فهو كائن منبتّة عما قبلها وما بعدها، ولا نعرف الضمير فيها عائد لمن؟ إن تلميذاً في السنة الأولى للترجمة لا يفعل هذا الأمر! 3- عكاشة: عندما هبطت جونو (هيرا) إلى العالم السفلي، عرض الشاعر للعُصاة في عذابهم الدائم، منهم إيكسيون الذي يُعذّب بأن يدور حول عجلة بشكل دائم: "وحيث يدور إيكسيون على عجلة حول نفسه، وكان وهو تطويه العجلة في دورانها كأن بعضه يهمّ بأن يلحق بعضه الآخر فلا يكاد يبلغه" ص103. ترجمها أدونيس: "محكوماً بمطاردة نفسه وبالهرب منها" ص219 فأيّ معنى سقيم هذا الذي جاء به أدونيس بسبب الترجمة الحرفية؟! ومنهم سيزيف الذي يدفع الصخرة إلى أعلى: يقول عكاشة: وحيث يحاول سيزيفوس الإمساك بالصخرة أو دفعها وهي موشكة أبداً على السقوط" ص103 يترجمها أدونيس: صخرتك الجاهزة لكي تسقط" ص219 4- تراقيا: وردت كلمة تراقيا عند عكاشة وباقي المترجمين، بل وعند المؤرخين العرب، والجغرافيين، وإن فخّم بعضهم التاء فصارت: طراقيا، ولم يشذّ عن هذا اللفظ سوى أدونيس الذي احتفظ بالنطق الفرنسي للكلمة: تراسيا في كل مرة وردت فيها الكلمة. يقول "كانت سفن أجاممنون قد رست/ على شاطئ تراسيا تنتظر" ص780 ولو نظرنا إلى الكلمة في موسوعة ويكيبيديا لوجدنا ما يلي: تراقيا :باليونانيةΘράκη، وبالبلغارية Тракия، وبالتركية Trakyaوالملاحظ وجود حرف الk في اللغات الثلاث، ولما انتقل الاسم إلى العربية، منذ زمن بعيد، انتقل بحسب النطق لهذه البلاد، تراقيا، أما تحويل الكاف إلى سين فقد حدث عند انتقال الاسم إلى الإنجليزية والفرنسية: Thrace بالفرنسية Thracia بالإنجليزي. وذلك لوجود حرف الe بعد الc في الفرنسية، ووجود حرف الi بعد الc في الإنجليزية. ما الذي فعله أدونيس؟ أثبت النطق الفرنسي وترك الاسم العربي المعروف منذ قرون، فصارت الكلمة تراسيا محتاجة إلى ترجمة أخرى لغرابتها على القارئ العربي. 5- ولنواصل مع باقي الفقرة، كانت بوليكسينا بنت بريام قد خدعت آخيل بأن وافقت على الزواج منه، فتبعها إلى المعبد حيث قتله باريس غيلة، ثم يظهر شبحه مطالباً بالانتقام: أدونيس: فجأة يظهر آشيل من الأرض المفتوحة رحبة/ كبيراً كما في حياته/ مرسلاً نظرات مليئة بالوعيد/ وكان لوجهه التعبير ذاته الذي/ كان له يوم هاجم أجاممنون/ مدفوعاً بغضب ظالم/ قال، شاهراً بيده سيفه:/ "هكذا أيها اليونانيون/ترحلون دون أن تفكروا فيّ؟/ أطويت إذن مع موتي ذكرى/ كل ما تدينون به لبسالتي؟/ قفوا. لا تتركوا قبري دون تكريم/ هدئوا لآشيل أرواح الموتى/ وضحّوا بوليكسينا من أجلها". ص780 في حين ترجمها عكاشة كما يلي: وإذا الأرض تنشق فجأة في ذلك الموقع ويظهر شبح آخيل يهوّل ويهدد وكأنما عاد إلى الحياة وقد ارتسمت على وجهه سيما الغضب والوعيد کما حدث يوم أن هاجم أجامنون بسيفه في غضبة عاتية: أهكذا أيها الإغريق، تبحرون وتنسونني؟ هل دُفنت مع جثتی ذکریات بطولاتي؟ لن يكون هذا! إن عليكم أن تقدموا بوليكسينا قرباناً تتقربون به لقبري حتى تهدأ روحي. ص279 فكانت كلمة "فجأة" أنسب بكثير من كلمة رحبة. أما في الجملة الأخيرة فيقول أدونيس: "هدئوا لآشيل أرواح الموتى" عن أيّ موتى يتحدث؟؟ "وضحّوا بوليكسينا من أجلها" من أجل من؟ أما ترجمة عكاشة فكانت دالة على المعنى الذي يريده آخيل بدقة. "إن عليكم أن تقدموا بوليكسينا قرباناً تتقربون به لقبري حتى تهدأ روحي". 6- وفي جملة أخرى يترجم أدونيس قدرة آلهة الأساطير: "هائلة هي قدرة السماء/ لا حدود لها/ ليس للألهة إلا أن تقول للشيء/ كن فيكون" ص476 استخدم أدونيس التعبير القرآني بنصه للآلهة الأسطورية لغاية في نفسه: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82)يس~ في حين ترجمها عكاشة "وإذا ما رغبت الآلهة في شيء وقع "ص187 7- تنكّر اثنان من الآلهة وزارا كوخ رجل عجوز مع زوجته، فقدم لهما العجوزان أفضل ما لديهما من طعام، في حين رفض الأغنياء استقبالهما، وعندما عرفا حقيقة الضيفين: يقول عكاشة عن العجوزين: أخذا يعتذران عما قدّما من وجبة هيّنة ص188 ويترجمها أدونيس: "دون تحضير مسبق" ص480 وهو بذلك يخرج عن المعنى المقصود، فلم يكن سبب حرج العجوزين عدم "التحضير المسبق" وإنما كان فقرهما المدقع، وبساطة الطعام. 8- بعد الطوفان لجأ كل من دوكاليون وزوجته للمعبد الربة ثيتيس، وكانت هذه الصلاة: ساعدينا، أنت الكلية الرأفة في عالم غارق.. ( كما ترجمها أدونيس ص53) أيتها الربة الرحيمة كوني عوناً لنا: (كما ترجمها عكاشة ص40) التزم أدونيس بالترجمة الحرفية، ولم يأبه لمزاج اللغة العربية الذي لم يألف تعبير(أنت الكلية الرأفة) لذا كانت ترجمة عكاشة ( أيتها الربة الرحيمة ) أنسب بكثير من ترجمة أدونيس. 9- تقول العرافة سيبيلا لإينياس: واعلم أن الضوء الأبدي الذي لا نهاية له/ كان من نصيبي/لو أنني قدمت بكارتي لفوبوس/ الذي كان يحبني" أدونيس ص832 وعلى الأغلب فإن القارئ لن يفهم المقصود بهذه الترجمة، وعندها سيعود لترجمة عكاشة ليجدها واضحة حيث يقول: "ولتعرف أنني لو كنت قد ضحيّت بعذريتي واستسلمت لنزوات الإله فويبوس الذي كان يعشقني لحظيت بنور الخلود." ص296 وفي الفقرة ذاتها تقول سيبيلا إن الإله عرض عليها أن تتمنى ما تريد منه فكانت أمنيتها: أدونيس: "فأخذت بيدي حفنة غبار مشيرة إليها/ وتمنيت بلا تبصر أن أرى يوم مولدي/ وأُعيد رؤيته مراراً/ عدد ذرات هذا الغبار" ص832 جاءت الأمنية ملتوية مبهمة، كيف يرى الإنسان يوم مولده بعدد ذرات الغبار، بل وهل يمكن القبض على الغبار باليد؟؟ لكن عكاشة ترجمها ترجمة مفهومة ومعقولة: التقطتُ حفنة من الثرى عرضتها عليه وطلبت منه في حماقة أن يهبني أعياد ميلاد بقدر ما تحتويه قبضتي من ذرات التراب" ص296 10- عندما حذّر العرافُ العملاقَ بوليمفوس بأن يوليسيس سيقتلع عينه الوحيدة:

غلاف الترجمة الادونيسية
غلاف الترجمة الادونيسية
عكاشة: "عندها ضحك العملاق وهو يقول: إنك لمخطئ يا أكثر العرافين حمقاً، فثمة فتاة سبقته إلى استلابها، هكذا ذهبت نصيحة تيليموس سدى " ص286 بينما ترجمها أدونيس ترجمة عجيبة: هذه العين الوحيدة في منتصف جبينك/ سوف يقتلعها يوليس/ ضحك سكيلوب قائلاً:/ تخطئ أيها العراف الغبيّ/ لقد سبق أن أخذ عيناً/ هكذا سخر من نبوءة لا تفيد ص803 لقد سبق أن أخذ عيناً!! هذه الجملة وحدها تكفي لإلقاء ترجمة أدونيس في سلة المهملات! حتى ترجمة جوجل أفضل من هذه الترجمة. يفيد نص أوفيد أن الفتاة التي سلبت العملاق لبّه وسيطرت على فؤاده، سلبت عينه أيضاً في صورة مجازية. ولأن أدونيس لم يفهم هذه الخلفية، قال لنا: لقد سبق أن أخذ عيناً! ودفعت له المؤسسة الثقافية مقابل هذه الترجمة! إن هناك عشرات التعابير التي وضعها أدونيس مخالفة لقصد الشاعر أو مخالفة للحس اللغوي والذوق اللغوي، فالكلمة التي ترجمها عكاشة ب"اللغد" ترجمها أدونيس ب" الغبغب" فظلت الكلمة اللاتينية أسهل على القارئ!

أ.د. فوزي الحاج
الجمعة 10 سبتمبر 2021