استخدم التوصيف الطائفي للنظام كنظام علوي بحت، وفي بدايات الحراك ظهرت أسماء لرجال دين سنة ارتكزوا في طروحاتهم على التضاد “الثوري” مع العلوية، بحسبانها كتلة واحدة متماسكة مترابطة مع النظام بشكل عضوي.
تعود كذلك أهمية السؤال بسبب أن رجال الدين في الطائفة العلوية، وهم من يطلق عليهم لقب المشايخ، كانوا لقرون طويلة الواجهة الأولى التي يلتقطها المراقب الخارجي لهذه الطائفة، لجهة قيادتهم أدواراً متنوعة الأشكال منذ تشكل الطائفة ككيان واضح الملامح والحدود ..إذ ولقرون لاحقة شكلت هذه الفئة الاجتماعية طبقة رئيسة في المجتمع العلوي الريفي جمعت بين الزعامة الدينية والاجتماعية وتعاملت مع العالم من باب افتراقها الديني عن المحيط المسلم والمسيحي، وحتى مطلع القرن العشرين بقيت هذه الفئة الاجتماعية الناطق شبه الرسمي باسم الطائفة.
إلا أن الحال تغير منذ وطأت فرنسا الشاطئ السوري مقابل المنطقة الأكبر التي تضم أبناء الطائفة، وبعد اشتباك فرنسي لم يطل كثيراً مع أحد أهم مشايخ العلويين في مطلع العشرينات، الشيخ صالح العلي، هدأت الأحوال وبدأت فرنسا عملاً مختلفاً تمثل في تأسيس جيش المشرق، والذي دخله الشباب العلوي بكثافة مع أبناء باقي الطوائف، خاصة الأقليات بما فيها السنية غير العربية مثل الأكراد والشركس.
العشرينات وبداية الانفتاح والزوال..
كان هذا الانتماء المستجد لجيش الشرق أول احتكاك حقيقي للعلويين مع مفهوم الدولة العصري كعضو فعال منها، كان أبناء المشايخ والوجهاء “الأقل شأناً” كما يشير المؤلف حنا بطاطو في كتابه الشهير “فلاحو سوريا” طليعة المتطوعين في جيش الشرق، واستمر الأمر مع الاستقلال عن فرنسا، مع ملاحظة من تطوع حينها بالجيش لم يعد شيخاً.
قد يبدو مستغربا مهادنة العلويين للفرنسيين بل والتطوع بجيش من تأسيسهم!!! والسبب بسيط هو أن العلويين ليسوا كما يظن البعض كتلة صماء بل كأي مجتمع فيهم الاختلافات والتمايزات الطبيعية.
و هكذا دق أول مسمار في نعش سلطتهم، تلاها دق العديد من المسامير حتى غدا النعش مكتملاً أو قريب الاكتمال..
إذ مثلت حقبة العشرينيات عودة أو لنقل خروج العلويين من شرنقة عاشوا فيها لقرون مضت، عانوا فيها من سياسات الإقطاع الديني والاجتماعي داخل جبالهم، مع ما رافقها من قطيعة عن العالم، وبالتالي انتشار الخرافات والتمييز الديني والاجتماعي ضد العناصر الهامشية في المجتمع، مثل المرأة وانتشار الفقر والجهل معطوفاً على القهر السياسي لدولة لطالما عاملتهم كرعايا درجة ثانية بأفضل الأحوال، وسلطت عليهم المقدمين كإقطاعات ضرائبية لجمع المال فقط، وأحياناً الرجال لحروبها الخارجية والداخلية، الخاسرة بمعظمها. وهنا كي لا نقع بالتعميم والتعمية كان لبعض العلويين حظوة عند الدولة العثمانية وحتى ألقاب وأدوار فعالة، وطبعاً هذا من طبائع الحياة لكن بالشكل العام أشبه بالفترة القروطسية الأوربية.
في فترة الانتداب الفرنسي، ومع طرح فرنسا فكرة اللامركزية الإدارية والاقتصادية لسوريا عبر ما سمي تقسيمات حكومات Government أحب العلويين فكرة الدولة الجديدة، أي دولة، فتمسكوا بها، فأي شيء أفضل من المحتل العصملي، والبقاء حبيسي الجبال بدون أي دور سياسي أو اجتماعي، ونذكر هنا بقضية مفصلية هي أن هذه التوجهات قادتها عائلات اقطاعية مشيخية، مثل آل الكنج في جبلة، وآل بدور في صلنفة، وآل الأحمد وسليمان في طرطوس. وجميعها كانت تقدم المشايخ للطائفة، وهنا ملاحظة هامة أيضاً تتعلق بقدرة هذه العوائل على السيطرة المجتمعية في بيئة تنعدم فيها القراءة والكتابة والمعرفة بأي شكل كان.
في العام 1936 اتفق أغلب “وجهاء الديار العلوية” على الاتحاد مع الحكومة المركزية في دمشق على قاعدة الاندماج، ولم يتردد الوجهاء حين تأكدوا أن دولتهم القادمة هي سوريا بشكلها الحالي في القول إن مذهبنا هو مذهب الدولة الرسمي، وهكذا سقط المذهبي العلوي تماماً من سجلات الدولة وما يزال.
شيوخ متنورون ولكن!!
في حقبة الانتداب وما تلاها اتسم مشايخ الطائفة بكثير من الانفتاح الملحوظ، مثلهم مثل بقية الطوائف السورية التي تحركت ضمن منطوق سوري بحت يعترف بالطوائف كمكونات مكتملة، يلحظ ذلك في اختيار أعضاء مجلس النواب بناء على العدد الطائفي وليس السياسي وإن تم تغليف الأمر بعد الاستقلال بالثوب السياسي. إذ كان الشيخ سليمان الأحمد (1869ـ 1942) رائد فكرة ربط العلويين بالدولة السورية الوليدة (1920)، ومن الباب الشيعي الاثني عشري المقبول سنياً، فكان عراب الحركة الإصلاحية العلوية وأبوها الروحي الذي حسم إشكاليتي كون العلوية نهجاً عرفانياً تحتاج فقهاً في الحياة اليومية في ظل الدولة الجديدة، وعمل كثيراً على الخروج من هذه الازدواجية، فالتقى علماء “دمشق” وكذلك أكابر مثقفيها (ومنهم محمد كرد علي) ثم علماء “النجف وكربلاء” و”جبل عامل” (ومنهم عبد الحسين الموسوي وأحمد الزين)، منذ العام 1914 منتهياً إلى تثبيت اعتماد العلويين على فقه الإمام جعفر الصادق في جانب الفقه، مع المحافظة على العرفانية، فكان أول من تعيّن قاضياَ جعفرياً.
حقيقة، كان دور الشيخ سليمان الأحمد، دوراً رياداً قولا ًوفعلاً، فمن مآثره أنه دافع عن تعليم المرأة وحضّ عليه، وكانت ابنته الدكتورة جمانة الأحمد أول طبيبة في جبال العلويين وأوّل فتاة سوريّة تتخرّج من جامعات فرنسا في النصف الأول من القرن العشرين.
تبوأ الشيخ سليمان الأحمد عضوية في مجمع اللغة العربية بدمشق 1922، وهي فترة كان الساحل خارج سلطة دمشق كنوع من الاعتراف المتبادل بالوحدة السورية، وكان كذلك على رأس الموقعين على الوثيقة التي تؤكد انتساب العلويين لدين الإسلام عام 1938، بعد حكم غريب في محكمة اللاذقية بأن أحد العلويين من دين مغاير عن الإسلام، بل وفتح أيضاً علاقات مع شيعة لبنان تحت عنوان أن الإثني عشرية هم الخيمة التي تظلل العلويين ويروى عن السيد عبد الحسين شرف الدين وهو كبير رجال الدين في شيعة لبنان أن الشيخ الأحمد أحد أبنائه الروحيين.
يمكن وصف حركة الأحمد التي قام بها تقريباً بشكل وحيد مستفيداً من موقعه الاجتماعي التنويري بالمذهب الاتباعي القديم، أي الانفتاح على الأخرين من شيعة وسنة دون الاقتراب من محاولة إصلاح داخلية في أدبيات الطائفة العلوية، ويعود هذا إلى اعتبار الفقه الجعفري العلوي أساس الفقه الشيعي الإثني عشري، أما قضية العرفانية فهي منهج الخصيبي المعرف للطائفة بشكل حاسم. وهنا لا بد من ملاحظة شيء هام ما قام به العلامة من مظاهر التقارب مع الإسلام الكلاسيكي (بناء جوامع_ زي خاص للمشايخ….)، أبعد المذهب العلوي من المستوى الصوفي المتوجس دوماً من الدولة وقربها من جهاز السلطة، والتي ظلت لقرون تنظر إليه بريب. وهذا ما ستتضح نتائجه بعد أعوام قليلة كما نشير لاحقاً.
تزامن دور العلامة مع ظهور سلمان المرشد، وهو شخصية إشكالية مثلت تهديداً غير تقليدي لسلطة المشايخ، ومستعيناً بدعم خارجي وكاريزما مهولة، ثار على المفاهيم العلوية التقليدية فطرح المساواة الاجتماعية والدينية بين الرجل والمرأة، عبر تجاوز عدم تعليم المرأة الديانة العلوية السرية التي تعلم فقط للذكور، ويمكن القول إن حركته بدن أشبه بحركة لوثرية في مجتمع شديد الأرثوزكسية. عل أكثر ما قد يميز المرشدية والكلام بتصرف لنور المضيء نجل المرشد هو “محاولتها نزع التقية العلوية الشيعية، بل وتجاوز شعور المظلومة التاريخية والارتقاء لتكون طائفة مؤسسة للوطن السوري”، وفق كلامه.
عملية إعدام المرشد بتهمة ردة مريديه إلى حركة حافظت على تعاليمه المباشرة، لكنها بنت أسواراً مع بقية العلويين كحالة عصبوية مختلفة، علماً أنه قبيل إعدامه والكلام على لسان أحمد نهاد السياف أول مدير سوري لريجي اللاذقية (شركة التبغ) مذكراته بعنوان (شعاع قبل الفجر): كل ما أريده أن يعامل العامل العلوي كالسني تماماً… ما يشير إلى أن المرشد مات علوياً ولو بأفكار ابتداعية.
الحالة الثانية وهي أقرب للمذهب المعتزلي، ظهرت مع أحد أكابر تلاميذ العلامة سليمان الأحمد، بل وريثه الشيخ أحمد حيدر، وهذا الأخير من جبلة من قرية حلة عارا والذي عرف بإعجابه بمحيي الدين ابن عربي، كانت أفكاره عميقة عالجت منطق التصوف والتنسك الروحي، واتسعت فلسفته لأمور الكون والابتعاد عن القشور. لعل العديد من الأجيال القديمة يتذكر كلامه أواخر الستينيات عن صعود الأمريكان إلى القمر، حيث أكد واقعة الهبوط على القمر وهو ما أثار جدلاً كبيراً عند العلويين، فالقمر له قدسية خاصة ويستحيل وطؤه بالأقدام، تبعاً للنص القرآني الذي يقول (وجعلنا الشمس سراجاً والقمر نوراً)، ما يشير لمدى إيمانه بالعلوم الحديثة وأساه لما وصل إليه المسلمون عامة من تخلف، إذ لطالما أعلى من شأن العقل وحاول الابتعاد عن الخرافات، ولا تزال أفكاره موجودة لكن ضعيفة ولم تكفر شأن المرشدية، لكن ما يزال ينظر إليها بكثير من الشك.
يمكن رد مرحلة الأحمد – المرشد- حيدر على اختلافهم الى مرحلة التنوير والنهضة (1918- 1958).
تلت تلك الفترة حقبة الستينات ثم السبعينيات التي تميزت ينكوص اتسم بظهور النزعة العشائرية، مع استمرار دخول علوي غزير لمؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش السوري بعد الاستقلال. وتراجعت الزعامات المحلية المحافظة وغير المحافظة حد الحيض.
السبعينات الى التسعينات حتى السقوط الحر
ساد انتشار قوي في المدن الساحلية والعاصمة، مع تحرر يبدو حقيقياً للمرأة مع دخولها المدارس والجامعات، ثم حقل العمل وهو أمر للأمانة لم يعارضه المشايخ ولم يلتفتوا له أساساً. يعود ذلك ربما إلى استشعار حقيقي بضعفهم، أو ربما بسبب كون المرأة الريفية بطبعها ليست قعيدة البيت، وهذا سينسحب على حياتها إن تعاطت مع الحياة المدنية، وربما كون الشهيرات من نساء آل البيت لم يكن أساساً قعيدات المنزل.
خلال التسعينيات تغيرت مواصفات الطبقة الدينية العلوية، وظهرت فئات جديدة من نمط غرائبي حقيقة، التقطها الشارع العلوي عبر صك مصطلح مشايخ (برغل عيد)، وهو تعبير كوميدي يقصد به فئة من المشايخ الذين يتدافعون دوماً للأعياد الدينية الشهيرة بطبخ البرغل باللحم، وهم ثلة من الفاشلين دراسياً أو مهنياً.
فمع انعدام شرط الوراثة للمشيخة، أصبح من السهل أن تكون من مريدي شيخ (كبير) مناطقياً وبعد بضع سنوات تلم بعض الصبية كتلاميذ وتصبح شيخاً يحفظ بضعة سور من جزء عم وبعد الأدعية والآيات المتفرقة وبعض أوراق الرزنامة. غالباً بلغة ركيكة جداً واستخدام أسلوب التعالي بل الإرهاب أحياناً مع التلاميذ، فهو من سينقذهم من الجحيم وإلا الحتف والمسخ.
قمة النكوص كانت في العودة القهقرى من مدرسة الجيش إلى المشيخة من جديد إذ لطالما تمتع الجيش وخاصة الضباط بسمة العلمانية أو أقله الحزبية العميقة التي لا تتلاءم مع الدين وهو أمر كنتيجة ظهرت خلطة عجائبية أساءت بشدة للطرفين.
عملياً أكلت سلطة الدولة كثيراً من سلطة المشايخ حتى أكلتهم أو اقتربت.
لكن (الصحوة) الدينية الإسلامية أواخر سبعينات القرن العشرين التي أضحت عالمية أواخر الثمانيات مع سقوط الشيوعية كان لها انعكاس على هذه الطائفة الصغيرة. إذ لم يحسن أكابر المشايخ استغلال تلك الفرصة بالعكس تماماً سيما أن أغلبهم شاخ أو مات كانت الفرصة لمشايخ الجيل التالي المرقطين. إذ يكثر الآن تجد شيخاً له بعض القيمة والاحترام يعجز وهو على فراش الموت أن يورث لأي من أبناءه الناجحين، فقد انتهى بريقها وأضحت تحديثاً لشكل من الشحاذة المعنوية والمادية المضمرة برداء الدين. من الصور المريرة لضعفهم عجزهم عن وقف المد الشيعي والذي للغرابة فرمل نتيجة ضغط مشايخ السنة على السلطة.
في العقد الأخير كانت التعرية الشاملة فرغم الموقف المعلن من الوقوف مع النظام السياسي كثيراً ما تجد شيخاً أبناؤه فارّون من الخدمة العسكرية، أو تجده يبحث عن واسطة هنا وهناك لنقل ابنه إلى مكان سهل وقليل الخطر.. وهو الذي تجده دوما يشدد على ضرورة الشهادة والوطن.. كأي أمين فرقة حزبية.. وحتى بالرجوع أبسط قواعد الفطرية لأي دين يدعو للصلاح… لم تظهر إلا نادراً أي فتوى تحارب (التعفيش) والسرقة وحرمان شراء المواد المسروقة رغم حالة الرفض الشعبي الواسع لتلك الأعمال، عكس فتوى الشيخ الأحمد سنة 1922 أحداث الحفة بحرمانية السرقة حتى من الجنود الأتراك المنسحبين.
حيث تم تصدير نموذج هو أقرب للبهلول يلبس المموه ويعود الجرحى.. يجمع التبرعات السخية يصرفها على عائلات الضحايا والجرحى…
يقال صدرت بعض المحاولات.. من بعض المشايخ (التقليديين) بترك مسافة من الحرب… والنأي بالنفس… لكن بقت إن وجدت!! كلاماً فيسبوكياً لم يجد أي طريق في الواقع.
التشيع حقيقة أم خيال!؟
يكثر الحديث هنا عن تأثير التشيع الإيراني في الموضوع، نظراً إلى التشابه الظاهري بالعقيدة… لكن وهذا رأي شخصي تماماً الأمر مبالغ فيه كثيراً جداً فتغيير الطائفة أو الدين ليس فقط تغييراً للعقيدة والتي تبدو الأصعب، بل تغيير أسلوب حياة دائم… تغيير العقيدة هو عملية عصف ذهني قد تحتاج أياماً أو أسابيع فقط كألم ضربة قوية للكوع أو جرعة دواء قاسية، سرعان ما ينتهي ألمها أما تغيير أسلوب الحياة أمر شديد الصعوبة وغالباً لا ينجح إلا بقوة قهرية كبرى، وربما هذا ما يفسر الترحيب الكبير المبالغ فيه مع الدخول الروسي للحرب. ليس فقط كقوة عظمى داعمة في وجه الخصم في الجبهة المقابلة بل قوة معدلة مع الصديق المتربص في نفس الخندق والذي لم يخفِ يوماً، تبرمه من أسلوب حياة العلويين.
هل من أمل؟
قد يغفل البعض عن سبب جوهري لضعف سطوة المشايخ أخر مئة عام، ألا وهو أن العلوية كحركة باطنية تؤمن بشدة بالمعجزات والكرامات والبراهين للمشايخ والمقامات، وهو أمر يوماً بعد يوم يصعب تصديقه من الرعايا المفترضين بحكم تغير العصر والمعرفة. ما حملته السنوات الأخيرة لا يشي بمستقبل زاهر حتى الفتات بدأ يتضاءل وقد يتوقف..
لا بد من وقفة مع الذات ليس بمنطق ماضوي والأمل بعودة مشايخ يحملون صيت وإمكانيات المشايخ المدفونين تحت القبب والمزارات!! هذا أمر تجاوزه الزمن ولن يعود.. لكن يمكن تدارك جزء من منه بزيادة الدراسات والتعمق بفلسفات الدين، والابتعاد قدر الإمكان عن السلطة بحلاوتها ومرها.
فالمذهب العلوي لو نظرنا من ناحية مختلفة جذاب خاصة لمحبي الحياة لا فتاوى متشددة أبداً، ففكرة التقمص مثلاً وانتقال الأرواح خلال الأجساد والقيامة الدائمة فكرة حتماً محببة كونها تنفي الفناء. حتى التصور العلوي للجنة أن الله إذا أحب ابن آدم أعطاه عقلاً أفضل ومعرفة أكثر في حيواته المقبلة!! كم جميل لو نجد بين الأجيال الشابة المثقفة التي تنفض الآن عن الدين لسبب خطايا مشايخ (برغل عيد) أحفاد حقيقيين للشيخ الأحمد وأحمد حيدر والمرشد، تطور جوهر الدين العلوي بصفته حالة صوفية عرفانية لا تقدس العبادات، بل تهتم بالروحانيات كحالة مزج بين دين أساسه انطلق من الصحراء.. وانتقل لشعوب الهلال الخصيب وفير الماء والخضار.
----------
الناس نيوز
تعود كذلك أهمية السؤال بسبب أن رجال الدين في الطائفة العلوية، وهم من يطلق عليهم لقب المشايخ، كانوا لقرون طويلة الواجهة الأولى التي يلتقطها المراقب الخارجي لهذه الطائفة، لجهة قيادتهم أدواراً متنوعة الأشكال منذ تشكل الطائفة ككيان واضح الملامح والحدود ..إذ ولقرون لاحقة شكلت هذه الفئة الاجتماعية طبقة رئيسة في المجتمع العلوي الريفي جمعت بين الزعامة الدينية والاجتماعية وتعاملت مع العالم من باب افتراقها الديني عن المحيط المسلم والمسيحي، وحتى مطلع القرن العشرين بقيت هذه الفئة الاجتماعية الناطق شبه الرسمي باسم الطائفة.
إلا أن الحال تغير منذ وطأت فرنسا الشاطئ السوري مقابل المنطقة الأكبر التي تضم أبناء الطائفة، وبعد اشتباك فرنسي لم يطل كثيراً مع أحد أهم مشايخ العلويين في مطلع العشرينات، الشيخ صالح العلي، هدأت الأحوال وبدأت فرنسا عملاً مختلفاً تمثل في تأسيس جيش المشرق، والذي دخله الشباب العلوي بكثافة مع أبناء باقي الطوائف، خاصة الأقليات بما فيها السنية غير العربية مثل الأكراد والشركس.
العشرينات وبداية الانفتاح والزوال..
كان هذا الانتماء المستجد لجيش الشرق أول احتكاك حقيقي للعلويين مع مفهوم الدولة العصري كعضو فعال منها، كان أبناء المشايخ والوجهاء “الأقل شأناً” كما يشير المؤلف حنا بطاطو في كتابه الشهير “فلاحو سوريا” طليعة المتطوعين في جيش الشرق، واستمر الأمر مع الاستقلال عن فرنسا، مع ملاحظة من تطوع حينها بالجيش لم يعد شيخاً.
قد يبدو مستغربا مهادنة العلويين للفرنسيين بل والتطوع بجيش من تأسيسهم!!! والسبب بسيط هو أن العلويين ليسوا كما يظن البعض كتلة صماء بل كأي مجتمع فيهم الاختلافات والتمايزات الطبيعية.
و هكذا دق أول مسمار في نعش سلطتهم، تلاها دق العديد من المسامير حتى غدا النعش مكتملاً أو قريب الاكتمال..
إذ مثلت حقبة العشرينيات عودة أو لنقل خروج العلويين من شرنقة عاشوا فيها لقرون مضت، عانوا فيها من سياسات الإقطاع الديني والاجتماعي داخل جبالهم، مع ما رافقها من قطيعة عن العالم، وبالتالي انتشار الخرافات والتمييز الديني والاجتماعي ضد العناصر الهامشية في المجتمع، مثل المرأة وانتشار الفقر والجهل معطوفاً على القهر السياسي لدولة لطالما عاملتهم كرعايا درجة ثانية بأفضل الأحوال، وسلطت عليهم المقدمين كإقطاعات ضرائبية لجمع المال فقط، وأحياناً الرجال لحروبها الخارجية والداخلية، الخاسرة بمعظمها. وهنا كي لا نقع بالتعميم والتعمية كان لبعض العلويين حظوة عند الدولة العثمانية وحتى ألقاب وأدوار فعالة، وطبعاً هذا من طبائع الحياة لكن بالشكل العام أشبه بالفترة القروطسية الأوربية.
في فترة الانتداب الفرنسي، ومع طرح فرنسا فكرة اللامركزية الإدارية والاقتصادية لسوريا عبر ما سمي تقسيمات حكومات Government أحب العلويين فكرة الدولة الجديدة، أي دولة، فتمسكوا بها، فأي شيء أفضل من المحتل العصملي، والبقاء حبيسي الجبال بدون أي دور سياسي أو اجتماعي، ونذكر هنا بقضية مفصلية هي أن هذه التوجهات قادتها عائلات اقطاعية مشيخية، مثل آل الكنج في جبلة، وآل بدور في صلنفة، وآل الأحمد وسليمان في طرطوس. وجميعها كانت تقدم المشايخ للطائفة، وهنا ملاحظة هامة أيضاً تتعلق بقدرة هذه العوائل على السيطرة المجتمعية في بيئة تنعدم فيها القراءة والكتابة والمعرفة بأي شكل كان.
في العام 1936 اتفق أغلب “وجهاء الديار العلوية” على الاتحاد مع الحكومة المركزية في دمشق على قاعدة الاندماج، ولم يتردد الوجهاء حين تأكدوا أن دولتهم القادمة هي سوريا بشكلها الحالي في القول إن مذهبنا هو مذهب الدولة الرسمي، وهكذا سقط المذهبي العلوي تماماً من سجلات الدولة وما يزال.
شيوخ متنورون ولكن!!
في حقبة الانتداب وما تلاها اتسم مشايخ الطائفة بكثير من الانفتاح الملحوظ، مثلهم مثل بقية الطوائف السورية التي تحركت ضمن منطوق سوري بحت يعترف بالطوائف كمكونات مكتملة، يلحظ ذلك في اختيار أعضاء مجلس النواب بناء على العدد الطائفي وليس السياسي وإن تم تغليف الأمر بعد الاستقلال بالثوب السياسي. إذ كان الشيخ سليمان الأحمد (1869ـ 1942) رائد فكرة ربط العلويين بالدولة السورية الوليدة (1920)، ومن الباب الشيعي الاثني عشري المقبول سنياً، فكان عراب الحركة الإصلاحية العلوية وأبوها الروحي الذي حسم إشكاليتي كون العلوية نهجاً عرفانياً تحتاج فقهاً في الحياة اليومية في ظل الدولة الجديدة، وعمل كثيراً على الخروج من هذه الازدواجية، فالتقى علماء “دمشق” وكذلك أكابر مثقفيها (ومنهم محمد كرد علي) ثم علماء “النجف وكربلاء” و”جبل عامل” (ومنهم عبد الحسين الموسوي وأحمد الزين)، منذ العام 1914 منتهياً إلى تثبيت اعتماد العلويين على فقه الإمام جعفر الصادق في جانب الفقه، مع المحافظة على العرفانية، فكان أول من تعيّن قاضياَ جعفرياً.
حقيقة، كان دور الشيخ سليمان الأحمد، دوراً رياداً قولا ًوفعلاً، فمن مآثره أنه دافع عن تعليم المرأة وحضّ عليه، وكانت ابنته الدكتورة جمانة الأحمد أول طبيبة في جبال العلويين وأوّل فتاة سوريّة تتخرّج من جامعات فرنسا في النصف الأول من القرن العشرين.
تبوأ الشيخ سليمان الأحمد عضوية في مجمع اللغة العربية بدمشق 1922، وهي فترة كان الساحل خارج سلطة دمشق كنوع من الاعتراف المتبادل بالوحدة السورية، وكان كذلك على رأس الموقعين على الوثيقة التي تؤكد انتساب العلويين لدين الإسلام عام 1938، بعد حكم غريب في محكمة اللاذقية بأن أحد العلويين من دين مغاير عن الإسلام، بل وفتح أيضاً علاقات مع شيعة لبنان تحت عنوان أن الإثني عشرية هم الخيمة التي تظلل العلويين ويروى عن السيد عبد الحسين شرف الدين وهو كبير رجال الدين في شيعة لبنان أن الشيخ الأحمد أحد أبنائه الروحيين.
يمكن وصف حركة الأحمد التي قام بها تقريباً بشكل وحيد مستفيداً من موقعه الاجتماعي التنويري بالمذهب الاتباعي القديم، أي الانفتاح على الأخرين من شيعة وسنة دون الاقتراب من محاولة إصلاح داخلية في أدبيات الطائفة العلوية، ويعود هذا إلى اعتبار الفقه الجعفري العلوي أساس الفقه الشيعي الإثني عشري، أما قضية العرفانية فهي منهج الخصيبي المعرف للطائفة بشكل حاسم. وهنا لا بد من ملاحظة شيء هام ما قام به العلامة من مظاهر التقارب مع الإسلام الكلاسيكي (بناء جوامع_ زي خاص للمشايخ….)، أبعد المذهب العلوي من المستوى الصوفي المتوجس دوماً من الدولة وقربها من جهاز السلطة، والتي ظلت لقرون تنظر إليه بريب. وهذا ما ستتضح نتائجه بعد أعوام قليلة كما نشير لاحقاً.
تزامن دور العلامة مع ظهور سلمان المرشد، وهو شخصية إشكالية مثلت تهديداً غير تقليدي لسلطة المشايخ، ومستعيناً بدعم خارجي وكاريزما مهولة، ثار على المفاهيم العلوية التقليدية فطرح المساواة الاجتماعية والدينية بين الرجل والمرأة، عبر تجاوز عدم تعليم المرأة الديانة العلوية السرية التي تعلم فقط للذكور، ويمكن القول إن حركته بدن أشبه بحركة لوثرية في مجتمع شديد الأرثوزكسية. عل أكثر ما قد يميز المرشدية والكلام بتصرف لنور المضيء نجل المرشد هو “محاولتها نزع التقية العلوية الشيعية، بل وتجاوز شعور المظلومة التاريخية والارتقاء لتكون طائفة مؤسسة للوطن السوري”، وفق كلامه.
عملية إعدام المرشد بتهمة ردة مريديه إلى حركة حافظت على تعاليمه المباشرة، لكنها بنت أسواراً مع بقية العلويين كحالة عصبوية مختلفة، علماً أنه قبيل إعدامه والكلام على لسان أحمد نهاد السياف أول مدير سوري لريجي اللاذقية (شركة التبغ) مذكراته بعنوان (شعاع قبل الفجر): كل ما أريده أن يعامل العامل العلوي كالسني تماماً… ما يشير إلى أن المرشد مات علوياً ولو بأفكار ابتداعية.
الحالة الثانية وهي أقرب للمذهب المعتزلي، ظهرت مع أحد أكابر تلاميذ العلامة سليمان الأحمد، بل وريثه الشيخ أحمد حيدر، وهذا الأخير من جبلة من قرية حلة عارا والذي عرف بإعجابه بمحيي الدين ابن عربي، كانت أفكاره عميقة عالجت منطق التصوف والتنسك الروحي، واتسعت فلسفته لأمور الكون والابتعاد عن القشور. لعل العديد من الأجيال القديمة يتذكر كلامه أواخر الستينيات عن صعود الأمريكان إلى القمر، حيث أكد واقعة الهبوط على القمر وهو ما أثار جدلاً كبيراً عند العلويين، فالقمر له قدسية خاصة ويستحيل وطؤه بالأقدام، تبعاً للنص القرآني الذي يقول (وجعلنا الشمس سراجاً والقمر نوراً)، ما يشير لمدى إيمانه بالعلوم الحديثة وأساه لما وصل إليه المسلمون عامة من تخلف، إذ لطالما أعلى من شأن العقل وحاول الابتعاد عن الخرافات، ولا تزال أفكاره موجودة لكن ضعيفة ولم تكفر شأن المرشدية، لكن ما يزال ينظر إليها بكثير من الشك.
يمكن رد مرحلة الأحمد – المرشد- حيدر على اختلافهم الى مرحلة التنوير والنهضة (1918- 1958).
تلت تلك الفترة حقبة الستينات ثم السبعينيات التي تميزت ينكوص اتسم بظهور النزعة العشائرية، مع استمرار دخول علوي غزير لمؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش السوري بعد الاستقلال. وتراجعت الزعامات المحلية المحافظة وغير المحافظة حد الحيض.
السبعينات الى التسعينات حتى السقوط الحر
ساد انتشار قوي في المدن الساحلية والعاصمة، مع تحرر يبدو حقيقياً للمرأة مع دخولها المدارس والجامعات، ثم حقل العمل وهو أمر للأمانة لم يعارضه المشايخ ولم يلتفتوا له أساساً. يعود ذلك ربما إلى استشعار حقيقي بضعفهم، أو ربما بسبب كون المرأة الريفية بطبعها ليست قعيدة البيت، وهذا سينسحب على حياتها إن تعاطت مع الحياة المدنية، وربما كون الشهيرات من نساء آل البيت لم يكن أساساً قعيدات المنزل.
خلال التسعينيات تغيرت مواصفات الطبقة الدينية العلوية، وظهرت فئات جديدة من نمط غرائبي حقيقة، التقطها الشارع العلوي عبر صك مصطلح مشايخ (برغل عيد)، وهو تعبير كوميدي يقصد به فئة من المشايخ الذين يتدافعون دوماً للأعياد الدينية الشهيرة بطبخ البرغل باللحم، وهم ثلة من الفاشلين دراسياً أو مهنياً.
فمع انعدام شرط الوراثة للمشيخة، أصبح من السهل أن تكون من مريدي شيخ (كبير) مناطقياً وبعد بضع سنوات تلم بعض الصبية كتلاميذ وتصبح شيخاً يحفظ بضعة سور من جزء عم وبعد الأدعية والآيات المتفرقة وبعض أوراق الرزنامة. غالباً بلغة ركيكة جداً واستخدام أسلوب التعالي بل الإرهاب أحياناً مع التلاميذ، فهو من سينقذهم من الجحيم وإلا الحتف والمسخ.
قمة النكوص كانت في العودة القهقرى من مدرسة الجيش إلى المشيخة من جديد إذ لطالما تمتع الجيش وخاصة الضباط بسمة العلمانية أو أقله الحزبية العميقة التي لا تتلاءم مع الدين وهو أمر كنتيجة ظهرت خلطة عجائبية أساءت بشدة للطرفين.
عملياً أكلت سلطة الدولة كثيراً من سلطة المشايخ حتى أكلتهم أو اقتربت.
لكن (الصحوة) الدينية الإسلامية أواخر سبعينات القرن العشرين التي أضحت عالمية أواخر الثمانيات مع سقوط الشيوعية كان لها انعكاس على هذه الطائفة الصغيرة. إذ لم يحسن أكابر المشايخ استغلال تلك الفرصة بالعكس تماماً سيما أن أغلبهم شاخ أو مات كانت الفرصة لمشايخ الجيل التالي المرقطين. إذ يكثر الآن تجد شيخاً له بعض القيمة والاحترام يعجز وهو على فراش الموت أن يورث لأي من أبناءه الناجحين، فقد انتهى بريقها وأضحت تحديثاً لشكل من الشحاذة المعنوية والمادية المضمرة برداء الدين. من الصور المريرة لضعفهم عجزهم عن وقف المد الشيعي والذي للغرابة فرمل نتيجة ضغط مشايخ السنة على السلطة.
في العقد الأخير كانت التعرية الشاملة فرغم الموقف المعلن من الوقوف مع النظام السياسي كثيراً ما تجد شيخاً أبناؤه فارّون من الخدمة العسكرية، أو تجده يبحث عن واسطة هنا وهناك لنقل ابنه إلى مكان سهل وقليل الخطر.. وهو الذي تجده دوما يشدد على ضرورة الشهادة والوطن.. كأي أمين فرقة حزبية.. وحتى بالرجوع أبسط قواعد الفطرية لأي دين يدعو للصلاح… لم تظهر إلا نادراً أي فتوى تحارب (التعفيش) والسرقة وحرمان شراء المواد المسروقة رغم حالة الرفض الشعبي الواسع لتلك الأعمال، عكس فتوى الشيخ الأحمد سنة 1922 أحداث الحفة بحرمانية السرقة حتى من الجنود الأتراك المنسحبين.
حيث تم تصدير نموذج هو أقرب للبهلول يلبس المموه ويعود الجرحى.. يجمع التبرعات السخية يصرفها على عائلات الضحايا والجرحى…
يقال صدرت بعض المحاولات.. من بعض المشايخ (التقليديين) بترك مسافة من الحرب… والنأي بالنفس… لكن بقت إن وجدت!! كلاماً فيسبوكياً لم يجد أي طريق في الواقع.
التشيع حقيقة أم خيال!؟
يكثر الحديث هنا عن تأثير التشيع الإيراني في الموضوع، نظراً إلى التشابه الظاهري بالعقيدة… لكن وهذا رأي شخصي تماماً الأمر مبالغ فيه كثيراً جداً فتغيير الطائفة أو الدين ليس فقط تغييراً للعقيدة والتي تبدو الأصعب، بل تغيير أسلوب حياة دائم… تغيير العقيدة هو عملية عصف ذهني قد تحتاج أياماً أو أسابيع فقط كألم ضربة قوية للكوع أو جرعة دواء قاسية، سرعان ما ينتهي ألمها أما تغيير أسلوب الحياة أمر شديد الصعوبة وغالباً لا ينجح إلا بقوة قهرية كبرى، وربما هذا ما يفسر الترحيب الكبير المبالغ فيه مع الدخول الروسي للحرب. ليس فقط كقوة عظمى داعمة في وجه الخصم في الجبهة المقابلة بل قوة معدلة مع الصديق المتربص في نفس الخندق والذي لم يخفِ يوماً، تبرمه من أسلوب حياة العلويين.
هل من أمل؟
قد يغفل البعض عن سبب جوهري لضعف سطوة المشايخ أخر مئة عام، ألا وهو أن العلوية كحركة باطنية تؤمن بشدة بالمعجزات والكرامات والبراهين للمشايخ والمقامات، وهو أمر يوماً بعد يوم يصعب تصديقه من الرعايا المفترضين بحكم تغير العصر والمعرفة. ما حملته السنوات الأخيرة لا يشي بمستقبل زاهر حتى الفتات بدأ يتضاءل وقد يتوقف..
لا بد من وقفة مع الذات ليس بمنطق ماضوي والأمل بعودة مشايخ يحملون صيت وإمكانيات المشايخ المدفونين تحت القبب والمزارات!! هذا أمر تجاوزه الزمن ولن يعود.. لكن يمكن تدارك جزء من منه بزيادة الدراسات والتعمق بفلسفات الدين، والابتعاد قدر الإمكان عن السلطة بحلاوتها ومرها.
فالمذهب العلوي لو نظرنا من ناحية مختلفة جذاب خاصة لمحبي الحياة لا فتاوى متشددة أبداً، ففكرة التقمص مثلاً وانتقال الأرواح خلال الأجساد والقيامة الدائمة فكرة حتماً محببة كونها تنفي الفناء. حتى التصور العلوي للجنة أن الله إذا أحب ابن آدم أعطاه عقلاً أفضل ومعرفة أكثر في حيواته المقبلة!! كم جميل لو نجد بين الأجيال الشابة المثقفة التي تنفض الآن عن الدين لسبب خطايا مشايخ (برغل عيد) أحفاد حقيقيين للشيخ الأحمد وأحمد حيدر والمرشد، تطور جوهر الدين العلوي بصفته حالة صوفية عرفانية لا تقدس العبادات، بل تهتم بالروحانيات كحالة مزج بين دين أساسه انطلق من الصحراء.. وانتقل لشعوب الهلال الخصيب وفير الماء والخضار.
----------
الناس نيوز