وذكرت مواقع محلية مقربة من "قسد"، أن الولايات المتحدة تسعى من خلال بناء القاعدة، لتكون منطلقاً للدوريات العسكرية المشتركة بين التحالف الدولي و"قسد" على الطريق الواصل بين محافظتي الحسكة والرقة عبر طريق تل أبيض لمراقبة أوضاع المنطقة، وحماية المنطقة من التمدد الإيراني في شرق الفرات.
اجتماع مع فصائل عربية
وعلمت "المدن" من مصادر محلية، أن لقاء جمع مسؤولين في القوات الأميركية التي تقود التحالف مع قائد فصيل "لواء ثوار الرقة" أحمد علوش المعروف باسم "أبو عيسى" في مزرعته في ريف الرقة، ومنعت حضور أي ممثلين عن "قسد"، في سابقة هي الأولى منذ سيطرة التحالف الدولي وحلفائه على محافظة الرقة.
وأكدت المصادر أن وفد القوات الأميركية قدم لأبو عيسى مبلغ 15 ألف دولار أميركي كمنحة شهرية لعناصر فصيله، ما يساعد في إعادة ضم المقاتلين الذين تخلوا عن سلاحهم جراء الحملات الأمنية التي كانت تشنها "قسد" ضدهم، والتضييق على التشكيلات العربية فيها، من خلال إيقاف الدعم المادي عنهم.
هذا التطور، رأى فيه كثيرون تغيراً في تعاطي التحالف مع التشكيلات العسكرية في مناطق نفوذه في سوريا، وتوجه أكبر إلى زيادة الاعتماد على الفصائل العربية التي ظلت مهمشة لسنوات، خصوصاً بعد تعهدهم بمنع أي احتكاك من قبل "PKK" أو التشكيلات العسكرية التابعة لـ"قسد" مع عناصر اللواء.
ومنذ سيطرة القوات التركية وفصائل من الجيش الوطني السوري على مدن رأس العين بريف الحسكة وتل أبيض بريف الرقة ضمن عملية "نبع السلام"، تركز وجود القوات الأميركية حينها في مناطق الحقول النفطية في محافظة الحسكة وجنوب دير الزور، بعد أن أخلت مواقعها من مدن عين عيسى وعين العرب شمال شرق سوريا.
ترتيب لإعادة الانتشار الأميركي
ورغم تأكيد الناشط السياسي أحمد الشبلي من مدينة الرقة، عدم قدرة "لواء ثوار الرقة" على لعب دور مهم في الوقت الحالي، بالنظر إلى حالة العجز التي يعاني منها اللواء على مستوى العناصر والعتاد منذ تسلم "قسد" إدارة المنطقة، إلا أنه لم يستبعد التوجه الأميركي لإعادة إحيائه من جديد لمصالح خاصة بوجودها، ومنها إعادة الانتشار في الرقة وخلق توازن قوى هناك.
وما يؤكد ذلك، تجهيز القوات الأميركية قاعدة عسكرية خاصة بها في المدخل الجنوبي لمدينة الرقة قرب جسر الرشيد، وتسييرها دوريات عسكرية وزيارة سجن معتقلي تنظيم "داعش" الموجود داخل المدينة بشكل منفصل عن "قسد" للمرة الأولى منذ عام 2019.
ويوضح أحمد الشبلي في حديثه لـ"المدن"، أن الهدف من عودة القوات الأميركية إلى الرقة يتمثل بمنع استغلال روسيا والنظام أي فراغ قد تخلقه التهديدات التركية، يمكنها من زيادة نفوذها الضعيف في المنطقة، خصوصاً وأن روسيا حتى اليوم غير قادرة على التحرك في الرقة دون حماية ودعم من "قسد".
ويقول: "للرقة أهمية كبيرة رمزية وأمنية للتحالف الدولي، مع وجود سدود الفرات في مدينة الطبقة وسد البعث في مدينة المنصورة وسد تشرين في منبج القريبة منها، والتي تضم عناصر ومقرات تابعة للتحالف، إضافة إلى وجود معتقلات وسجون تضم معتقلين من تنظيم داعش، وبالتالي فإن أهميتها تختلف عن بقية المناطق التي يسيطر عليها التحالف في شرق سوريا والتي يغلب عليها الطابع الاقتصادي لوجود آبار النفط والثروات الباطنية فيها".
ويشير الشبلي إلى أن القوات الأميركية تبعد حالياً عن محافظة الرقة نحو 130 كيلومتراً، ما يجعل المنطقة تحت وصايتها فقط، وهو ما يبدو أنه لم يعد كافياً بالنسبة لها رغم وجود خطوط حمراء تخص تحركات روسيا والنظام براً ومنع تحليق الطيران التابع للنظام في أجواء المنطقة.
وتأتي تحركات القوات الأميركية الجديدة في ظل الحديث عن وجود تفاهمات جديدة بين واشنطن وتركيا لإضعاف نفوذ "قسد" وطرد عناصر تنظيم "PKK" الذي تتخذه أنقرة ذريعة لشن عملياتها ضد مناطق شرق سوريا. وما يعزز الشكوك حول توجه أميركي لزيادة الاعتماد على المكون العربي والفصائل ذات الخلفية الثورية، هو اجتماع قادة من التحالف مع "جيش سوريا الجديد" في قاعدة التنف الذي تزامن مع لقائها بقائد لواء ثوار الرقة، الأمر الذي اعتبر محاولة أميركية لاحتواء الغضب التركي وتعزيز الحضور العربي شرق سوريا.
-------
المدن
-------
المدن