كان مكين محقاً. فبعد ثماني سنوات على ذلك، شخص واحد أثبت ويثبت صدق أوباما ومكين، وهو بوتين.
خلال سبعة أشهر، نفذت روسيا تدميراً ذاتياً مدهشاً للقيمة، وانتقلت من صورة خارجية لدولة عسكرية متقدمة “ستحتل كييف في 72 ساعة”، لتشكل حكومة دمى مؤيدة لها وتفرض تغييراً في البنية الهندسية الأمنية لأوروبا، إلى وضع إجماع في الغرب بأنها على شفا هزيمة عسكرية ضخمة.
في سبعة أشهر، مرت روسيا بالتحول من أوهام كبيرة تتمثل بـ “إقامة روسيا القيصرية” وأحلام حول “إعادة ترميم قوة وهيمنة الاتحاد السوفييتي”، إلى دولة عظمى من الدرجة الثانية ومجذومة في العالم. ثمة إنجاز بائس للروس الوطنيين والفخورين عنوان: فلادمير بوتين والحكومة الفاسدة التي قام برعايتها.
النجاحات العسكرية الأوكرانية المثيرة للانطباع في الأيام العشرة الأخيرة، حولت الحكمة التقليدية لمحللي الحرب، حتى لو أخطأ بعضهم في التفكير بأمنيات مثل “نقطة التحول في الحرب” أو “الانتصار الشامل لأوكرانيا والتشيك” أو “غلاف مجلة ذي ايكونومست الأسبوعية في هذا الأسبوع “إنهاء المهمة”، فإن هذه ليست النقطة المهمة، إلا أن أوكرانيا فازت بالحرب فعلياً.
انتقلت أوكرانيا من الدفاع المتشدد على الخطوط إلى انتصارات تكتيكية محلية، ومن هناك إلى إنجازات قطاعية مهمة على المستوى العملياتي. هذه الانتصارات لم تأت صدفة، بل تدل على تناسب قوى حقيقي واستخدام قوة، وعلى أداء فاشل للجيش الروسي على جميع المستويات. حتى لو كانت أوكرانيا غير قادرة على إقصاء روسيا من كل المنطقة التي احتلتها في حوض دونباس وجزر القرم، فإن أوكرانيا من ناحية استراتيجية انتصرت منذ اللحظة التي تبين فيها أن افتراضات بوتين الأساسية كانت أخطاء كبيرة. فتقديراته السياسية والعسكرية تبين فشلها في التفكير، وتبين أيضاً أن تقييمات تطور الحرب فشل ذريع في الإدراك.
بوتين، الذي نسبت له لسبب معين عبقريته الاستراتيجية وذكاؤه السياسي العالي طوال سنوات، أخطأ في ما لا يقل عن سبع تقديرات أساسية: أولاً، افتراضه باستسلام أوكرانيا بدون حرب، وأن زيلينسكي وحكومته سيهربون، وأن روسيا ستستقبل كمحررة، لكن كل هذا لم يحدث. ثانياً، أخطأ حين قدر نصراً سريعاً بسبب تفوق روسيا جواً وصواريخها وتكنولوجيتها وقوة نيرانها الدقيقة والمخابرات. ثالثاً، قراءة خاطئة لشخصية وتصميم والتزام الرئيس الأمريكي، جو بايدن. رابعاً، فشل تقييم كامل بخصوص الناتو، فقد افترض بوتين أن سيكون هناك ضعف سياسي خوفاً من المواجهة ومصالح متناقضة تضعف الحلف. فعلياً، هذا الحلف جدد نفسه وتوسع عند انضمام فنلندا والسويد إليه.
وثمة تقدير أساسي خامس، وهو تنبؤه بعدم شدة العقوبات الأمريكية والأوروبية، في النهاية تقدير خاطئ بأن اقتصاد روسيا سيصمد أمام العقوبات لفترة طويلة. بالعكس، حجم الضرر على الاقتصاد الكلي في روسيا كان ضخماً. سادساً، افتراضه بانهيار أوروبا سياسياً، ومن هنا ستغير سياستها تجاه أوكرانيا نتيجة أزمة الطاقة التي ستخلقها روسيا. وثمة تقدير أساسي أخير، هو أن روسيا لن يتم عزلها لوجود الصين والهند إلى جانبها، لكن هذا لم يحدث إلا جزئياً؛ وسواء عبر الرئيس الصيني أو رئيس حكومة الهند عن التحفظ علناً من بوتين في نهاية الأسبوع في لقاءات معهما في أوزباكستان، فقد رفضت الصين بيع السلاح لروسيا.
دكتاتورية فاسدة
إلى جانب الفشل الاستراتيجي، من الجدير التوقف عند الفشل العسكري؛ فثمة مسلمات ترسخت في بداية الحرب: الأولى أن أوكرانيا لن تتمكن من الانتصار في الحرب. فتناسب القوة العسكرية والتكنولوجية هي في غير صالحها بشكل ساحق. والدلائل على ضعف روسيا العسكري في الأداء في آذار ونيسان، حللها الخبراء بالقول إنه سيتم إجراء تعديلات وتعلم الدروس واستبدال الجنرال، وبعد ذلك حسم الحرب.
الثانية، أنه حتى لو لم تحقق روسيا انتصاراً حاسماً فمن غير المقبول القول بأنها ستهزم. السيناريو المعقول في هذه الحالة هو حرب استنزاف والحفاظ على الإنجازات الجغرافية الأولية في دونباس وعلى طول شاطئ البحر الأسود، من بحر آزوف شرقاً، وحتى أوديسا غرباً.
إن ربط الإخفاقات في الفضاء أوجد صورة وتوجهاً ظاهراً: فشل عسكري متعدد الأبعاد في بنية القوة ونشر القوات واستخدام القوة. ما أسباب ذلك؟ موارد قليلة، ومعنويات متدنية، وغياب تخطيط، واستخدام عقائد من الحرب العالمية الثانية، وعدم انضباط الوحدات، وعدم الدافعية، ونقص في مؤهلات المستويات العليا والمتوسطة، وغياب مستغرب لاستخدام التفوق الجوي، وأخطاء تكنولوجية في السلاح الدقيق، وبالأساس الإخفاق البنيوي في إدارة معركة مدمجة بين سلاح المشاة والمدرعات والمدفعية والمروحيات الهجومية والطائرات المسيرة وحرب السايبر.
اختفت عشرون سنة من إعجاب الغرب وإسرائيل بعبقرية مطلقة للعقيدة الروسية الحديثة التي تسمى “الحرب الهجينة”، التي تجمع بين القوات العسكرية والسايبر والحرب النفسية – السياسية. السبب ليس التكنولوجيا والتفكير العسكري، بل أمر أساسي أكثر. نظام فاسد وملوث ومضعف، وبعد ذلك تخريب مؤسسة ومنظمة وعملية في منظومتها البيئية، وجيش غير محصن. تقف أمام بوتين في هذه الأثناء أربعة بدائل سيئة، لن يخفف أي واحد منها حجم الفشل وتداعياته على روسيا. أحد البدائل هو اقتراح وقف إطلاق النار على أساس الخطوط القائمة والدعوة إلى مفاوضات مع الناتو على مستقبل أوكرانيا. مشكوك فيه حدوث ذلك، وفي كل الحالات بوتين سيضطر إلى إجراء المفاوضات مع أوكرانيا وليس مع بايدن.
وثمة بديل آخر، وهو التصعيد بوسائل القوة الجوية والصواريخ بعيدة المدى. لن يغير مسار الحرب إلى جانب الهدم والقتل هذا.
والبديل الثالث هو استخدام السلاح النووي التكتيكي بذريعة القيام بضربة وقائية لخلق رواية منتصرة بكل ثمن، ووقف الحرب. وثمة شك باللجوء إلى أمر كهذا. وإذا حدث ذلك، فضد من سيكون؟ لا توجد تجمعات عسكرية أوكرانية، لذلك يتوقع أن تكون الأهداف مدناً وبنى تحتية. حينئذ سيكون رد الناتو مدمراً، بما في ذلك تزويد فوري بمنظومات سلاح يمكنها الأضرار الشديد داخل روسيا. وأشار بايدن إلى ذلك في مقابلة مع برنامج “ستون دقيقة”. البديل الرابع هو الإبقاء على الوضع الراهن والافتراض بأن أوكرانيا سيغريها توسيع نجاحاتها، وبهذا ستعرض نفسها للإخفاقات. هذا كما يبدو هو البديل المعقول، لكن ربما يظهر تقدير بوتين بأنه خاطئ مرة أخرى.
سيتم في الأيام القريبة القادمة افتتاح نقاش في الغرب من جديد حول السياسة الصحيحة تجاه روسيا. المقاربة الوحيدة التي يمكن أن يرتكز عليها التفكير هي عدم دفع بوتين إلى الزاوية، ويجب عرض “جسر ذهبي” عليه: مبدأ “سون تسو” في “فن الحرب” من القرن السادس قبل الميلاد: توفير طريق انسحاب للعدو تحافظ على كرامته لمنع مواجهة في المستقبل. المقاربة الثانية المعاكسة هي أن بوتين حقير كبير، يقف وسط شبكة أنظمة غير ديمقراطية ومناهضة لأمريكا. نشرت المخابرات الأمريكية في الأسبوع الماضي تقريراً جاء فيه بأن روسيا استثمرت 300 مليون دولار في أعمال تخريب سرية، والتدخل والتجسس السياسي في أكثر من عشرين دولة في أرجاء العالم. يجب هزيمة بوتين بصورة حاسمة وتزويد أوكرانيا بطائرات “اف16” وطائرات مسيرة من نوع “نسر رمادي”، التي تحمل صواريخ “هيل فاير”. في الوقت نفسه، يجب إعطاء أوكرانيا ضمانات بعيدة المدى.
لا تقتصر روسيا على أنها دولة ضخمة بمساحتها الممتدة على 11 منطقة واسعة وأنها ذات إمكانات كامنة من الثراء العظيم، فروسيا حضارة وتاريخ كامل من الأدب والفن والموسيقى والعلوم والتكنولوجيا. عمل بوتين على دهورتها بصورة متعمدة إلى ديكتاتورية فاسدة ومتعفنة. دول كهذه لم تكن مزدهرة في أي يوم من الأيام. لذلك، وبدون صلة بتطورات الأسابيع القريبة المقبلة، فقد هزمت روسيا من قبل.
---------
هآرتس 18/9/2022
القدس العربي
خلال سبعة أشهر، نفذت روسيا تدميراً ذاتياً مدهشاً للقيمة، وانتقلت من صورة خارجية لدولة عسكرية متقدمة “ستحتل كييف في 72 ساعة”، لتشكل حكومة دمى مؤيدة لها وتفرض تغييراً في البنية الهندسية الأمنية لأوروبا، إلى وضع إجماع في الغرب بأنها على شفا هزيمة عسكرية ضخمة.
في سبعة أشهر، مرت روسيا بالتحول من أوهام كبيرة تتمثل بـ “إقامة روسيا القيصرية” وأحلام حول “إعادة ترميم قوة وهيمنة الاتحاد السوفييتي”، إلى دولة عظمى من الدرجة الثانية ومجذومة في العالم. ثمة إنجاز بائس للروس الوطنيين والفخورين عنوان: فلادمير بوتين والحكومة الفاسدة التي قام برعايتها.
النجاحات العسكرية الأوكرانية المثيرة للانطباع في الأيام العشرة الأخيرة، حولت الحكمة التقليدية لمحللي الحرب، حتى لو أخطأ بعضهم في التفكير بأمنيات مثل “نقطة التحول في الحرب” أو “الانتصار الشامل لأوكرانيا والتشيك” أو “غلاف مجلة ذي ايكونومست الأسبوعية في هذا الأسبوع “إنهاء المهمة”، فإن هذه ليست النقطة المهمة، إلا أن أوكرانيا فازت بالحرب فعلياً.
انتقلت أوكرانيا من الدفاع المتشدد على الخطوط إلى انتصارات تكتيكية محلية، ومن هناك إلى إنجازات قطاعية مهمة على المستوى العملياتي. هذه الانتصارات لم تأت صدفة، بل تدل على تناسب قوى حقيقي واستخدام قوة، وعلى أداء فاشل للجيش الروسي على جميع المستويات. حتى لو كانت أوكرانيا غير قادرة على إقصاء روسيا من كل المنطقة التي احتلتها في حوض دونباس وجزر القرم، فإن أوكرانيا من ناحية استراتيجية انتصرت منذ اللحظة التي تبين فيها أن افتراضات بوتين الأساسية كانت أخطاء كبيرة. فتقديراته السياسية والعسكرية تبين فشلها في التفكير، وتبين أيضاً أن تقييمات تطور الحرب فشل ذريع في الإدراك.
بوتين، الذي نسبت له لسبب معين عبقريته الاستراتيجية وذكاؤه السياسي العالي طوال سنوات، أخطأ في ما لا يقل عن سبع تقديرات أساسية: أولاً، افتراضه باستسلام أوكرانيا بدون حرب، وأن زيلينسكي وحكومته سيهربون، وأن روسيا ستستقبل كمحررة، لكن كل هذا لم يحدث. ثانياً، أخطأ حين قدر نصراً سريعاً بسبب تفوق روسيا جواً وصواريخها وتكنولوجيتها وقوة نيرانها الدقيقة والمخابرات. ثالثاً، قراءة خاطئة لشخصية وتصميم والتزام الرئيس الأمريكي، جو بايدن. رابعاً، فشل تقييم كامل بخصوص الناتو، فقد افترض بوتين أن سيكون هناك ضعف سياسي خوفاً من المواجهة ومصالح متناقضة تضعف الحلف. فعلياً، هذا الحلف جدد نفسه وتوسع عند انضمام فنلندا والسويد إليه.
وثمة تقدير أساسي خامس، وهو تنبؤه بعدم شدة العقوبات الأمريكية والأوروبية، في النهاية تقدير خاطئ بأن اقتصاد روسيا سيصمد أمام العقوبات لفترة طويلة. بالعكس، حجم الضرر على الاقتصاد الكلي في روسيا كان ضخماً. سادساً، افتراضه بانهيار أوروبا سياسياً، ومن هنا ستغير سياستها تجاه أوكرانيا نتيجة أزمة الطاقة التي ستخلقها روسيا. وثمة تقدير أساسي أخير، هو أن روسيا لن يتم عزلها لوجود الصين والهند إلى جانبها، لكن هذا لم يحدث إلا جزئياً؛ وسواء عبر الرئيس الصيني أو رئيس حكومة الهند عن التحفظ علناً من بوتين في نهاية الأسبوع في لقاءات معهما في أوزباكستان، فقد رفضت الصين بيع السلاح لروسيا.
دكتاتورية فاسدة
إلى جانب الفشل الاستراتيجي، من الجدير التوقف عند الفشل العسكري؛ فثمة مسلمات ترسخت في بداية الحرب: الأولى أن أوكرانيا لن تتمكن من الانتصار في الحرب. فتناسب القوة العسكرية والتكنولوجية هي في غير صالحها بشكل ساحق. والدلائل على ضعف روسيا العسكري في الأداء في آذار ونيسان، حللها الخبراء بالقول إنه سيتم إجراء تعديلات وتعلم الدروس واستبدال الجنرال، وبعد ذلك حسم الحرب.
الثانية، أنه حتى لو لم تحقق روسيا انتصاراً حاسماً فمن غير المقبول القول بأنها ستهزم. السيناريو المعقول في هذه الحالة هو حرب استنزاف والحفاظ على الإنجازات الجغرافية الأولية في دونباس وعلى طول شاطئ البحر الأسود، من بحر آزوف شرقاً، وحتى أوديسا غرباً.
إن ربط الإخفاقات في الفضاء أوجد صورة وتوجهاً ظاهراً: فشل عسكري متعدد الأبعاد في بنية القوة ونشر القوات واستخدام القوة. ما أسباب ذلك؟ موارد قليلة، ومعنويات متدنية، وغياب تخطيط، واستخدام عقائد من الحرب العالمية الثانية، وعدم انضباط الوحدات، وعدم الدافعية، ونقص في مؤهلات المستويات العليا والمتوسطة، وغياب مستغرب لاستخدام التفوق الجوي، وأخطاء تكنولوجية في السلاح الدقيق، وبالأساس الإخفاق البنيوي في إدارة معركة مدمجة بين سلاح المشاة والمدرعات والمدفعية والمروحيات الهجومية والطائرات المسيرة وحرب السايبر.
اختفت عشرون سنة من إعجاب الغرب وإسرائيل بعبقرية مطلقة للعقيدة الروسية الحديثة التي تسمى “الحرب الهجينة”، التي تجمع بين القوات العسكرية والسايبر والحرب النفسية – السياسية. السبب ليس التكنولوجيا والتفكير العسكري، بل أمر أساسي أكثر. نظام فاسد وملوث ومضعف، وبعد ذلك تخريب مؤسسة ومنظمة وعملية في منظومتها البيئية، وجيش غير محصن. تقف أمام بوتين في هذه الأثناء أربعة بدائل سيئة، لن يخفف أي واحد منها حجم الفشل وتداعياته على روسيا. أحد البدائل هو اقتراح وقف إطلاق النار على أساس الخطوط القائمة والدعوة إلى مفاوضات مع الناتو على مستقبل أوكرانيا. مشكوك فيه حدوث ذلك، وفي كل الحالات بوتين سيضطر إلى إجراء المفاوضات مع أوكرانيا وليس مع بايدن.
وثمة بديل آخر، وهو التصعيد بوسائل القوة الجوية والصواريخ بعيدة المدى. لن يغير مسار الحرب إلى جانب الهدم والقتل هذا.
والبديل الثالث هو استخدام السلاح النووي التكتيكي بذريعة القيام بضربة وقائية لخلق رواية منتصرة بكل ثمن، ووقف الحرب. وثمة شك باللجوء إلى أمر كهذا. وإذا حدث ذلك، فضد من سيكون؟ لا توجد تجمعات عسكرية أوكرانية، لذلك يتوقع أن تكون الأهداف مدناً وبنى تحتية. حينئذ سيكون رد الناتو مدمراً، بما في ذلك تزويد فوري بمنظومات سلاح يمكنها الأضرار الشديد داخل روسيا. وأشار بايدن إلى ذلك في مقابلة مع برنامج “ستون دقيقة”. البديل الرابع هو الإبقاء على الوضع الراهن والافتراض بأن أوكرانيا سيغريها توسيع نجاحاتها، وبهذا ستعرض نفسها للإخفاقات. هذا كما يبدو هو البديل المعقول، لكن ربما يظهر تقدير بوتين بأنه خاطئ مرة أخرى.
سيتم في الأيام القريبة القادمة افتتاح نقاش في الغرب من جديد حول السياسة الصحيحة تجاه روسيا. المقاربة الوحيدة التي يمكن أن يرتكز عليها التفكير هي عدم دفع بوتين إلى الزاوية، ويجب عرض “جسر ذهبي” عليه: مبدأ “سون تسو” في “فن الحرب” من القرن السادس قبل الميلاد: توفير طريق انسحاب للعدو تحافظ على كرامته لمنع مواجهة في المستقبل. المقاربة الثانية المعاكسة هي أن بوتين حقير كبير، يقف وسط شبكة أنظمة غير ديمقراطية ومناهضة لأمريكا. نشرت المخابرات الأمريكية في الأسبوع الماضي تقريراً جاء فيه بأن روسيا استثمرت 300 مليون دولار في أعمال تخريب سرية، والتدخل والتجسس السياسي في أكثر من عشرين دولة في أرجاء العالم. يجب هزيمة بوتين بصورة حاسمة وتزويد أوكرانيا بطائرات “اف16” وطائرات مسيرة من نوع “نسر رمادي”، التي تحمل صواريخ “هيل فاير”. في الوقت نفسه، يجب إعطاء أوكرانيا ضمانات بعيدة المدى.
لا تقتصر روسيا على أنها دولة ضخمة بمساحتها الممتدة على 11 منطقة واسعة وأنها ذات إمكانات كامنة من الثراء العظيم، فروسيا حضارة وتاريخ كامل من الأدب والفن والموسيقى والعلوم والتكنولوجيا. عمل بوتين على دهورتها بصورة متعمدة إلى ديكتاتورية فاسدة ومتعفنة. دول كهذه لم تكن مزدهرة في أي يوم من الأيام. لذلك، وبدون صلة بتطورات الأسابيع القريبة المقبلة، فقد هزمت روسيا من قبل.
---------
هآرتس 18/9/2022
القدس العربي