نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


ربع قرن على رحيل «مطرب الرجولة»…فهد بلان




ربع قرن مرت على رحيل فهد بلان، الذي غاب عن عالمنا في مثل هذا اليوم (24/12) من عام 1997، وما زال نجاح هذا الفنان السوري في عصر عمالقة الغناء العربي، لغزا يستحق أن يدرس فقد انطلق فهد بلان في العصر الذهبي للأغنية العاطفية والرومانسية، رغم أنه لم يكن رومانسيا لا في الأداء ولا في المضمون. ظهر في زمن العمالقة الكبار فنافسهم، وغنى في ملاعبهم وأمام جمهورهم فصفقوا له واعترفوا بنجاحه، قدر اعترافهم بالمفاجأة وشعورهم بالدهشة لهذا النجاح!
سطع نجمه بلا مقدمات، وأربك حضوره الخريطة الغنائية العربية، لأنه استطاع من حيث يدري أو لا يدري أن يفتح أذن المستمع العربي على نغمة جديدة ولون جديد من ألوان الغناء؛ فقد كان وما يزال مثالا صارخا على المطرب، الذي صنعت أغنياته شخصية خاصة له، متفردة في الشكل والأداء والأسلوب!


نجاح يحجب الفرص

كان انتشار فهد بلان من بيروت فالقاهرة فالخليج في ستينيات القرن العشرين، أشبه بالقنبلة المدوية التي غطى صوتها وصداها على ما عداه من أحداث. ولعل شهادة الفنان السعودي طلال مداح، أبلغ تعبير عن الحال التي أحدثها نجاح فهد بلان عربيا في زمنه… إذ يقول مداح في حوار تحدث فيه عن بداياته، وسعيه نحو الانتشار عربيا من بيروت:
« كانت الظروف أيضا ضدي.. إذ لم أكد أظهر وأباشر صعود سلم النجومية في بيروت، حتى ظهر فهد بلان ـ رحمه الله ـ وكان شكله جذابا، ولونه جبليا وجديدا، فغطى على الجميع، فما كان مني إلا أن جمعت أغراضي وعدت إلى السعودية؛ حيث بقيت عاماً كاملاً قبل أن أرجع مجددا إلى بيروت، وكان نجم فهد بلان قد خبا بعض الشيء، لكنه كان قد فتح الطريق أمام تجارب تختلف عن المصري واللبناني.. وهذه المرة كان النجاح حليفي لأنني حملت جديدا!»

في فترة انتشاره في بيروت قرر طلال مداح العودة إلى السعودية.. وسافر وديع الصافي إلى أمريكا اللاتينية‍

هكذا كان فهد بلان في انطلاقته نجما استأثر باهتمام وحضور الساحة الغنائية العربية، إلى درجة كان يصعب معها أن يولد نجم جديد ينافسه، وهكذا كان انتشار فن فهد بلان، بشهادة طلال مداح… فاتحة طريق جديد أمام تجارب غنائية أخرى، يمكن أن تتذوقها الأذن العربية، في زمن سيطرة الأغنية المصرية واللبنانية مع عمالقتها الكبار.
أما في الخليج فتذكر صحيفة «الجزيرة» السعودية في خبر لها في عددها الصادر بتاريخ 8/11/1966، أن فهد بلان سيصل إلى المملكة خلال أيام لتسجيل عدد من الأغاني الجديدة له للإذاعة والتلفزيون.


طفولة هاربة..

ولد فهد بلان عام 1933 في قرية الكفر قرب مدينة السويداء في جبل العرب، تلك المنطقة التي أعطت للغناء العربي أسمهان وفريد الأطرش من قبل.. ولعل هذا الانتماء للمكان الواحد، سيلعب دورا في حب فهد بلان للغناء، الذي وجد في أغنيات فريد الأطرش التي كان يحفظها في الصغر، بوابة ولعه بفن الغناء، هذا الولع الذي تحول إلى هواية تبحث عن فرصة لتقديم نفسها، لكن انفصال والد فهد عن والدته، التي تنقلت بأولادها ما بين يافا وبيروت والأردن، خشية أن تؤول حضانة الأطفال للأب.. وتقلّب فهد في مهن عدة، وهو لم يزل يافعا، كل هذا جعل موهبته الغنائية تتوارى أحيانا في زحمة البحث عن لقمة العيش ونعمة الاستقرار. عام 1951 عاد فهد بلان من الأردن إلى سوريا ليؤدي خدمة العلم ولتتكشف مواهبه الغنائية أثناء ذلك.. ثم شكل مع رفيقه عازف العود فؤاد دويعر فرقة تقدم فنون الغناء الفولكلوري وروائع فريد الأطرش في الحفلات والأعراس في قرى جبل العرب.. قبل أن ينطلق نحو إذاعة دمشق ليقدم نفسه من خلال برنامج إذاعي للهواة، كان يعده ويقدمه الإذاعي السوري الراحل فؤاد شحادة عام 1956، حيث فاز بالجائزة الأولى في البرنامج، الأمر الذي أهله لأن يتقدم أمام لجنة اختبار الإذاعة التي قبلته كمردد في الكورس.
كان هذا الانتصار خطوة أولى على درب البداية الصعبة، بل المستحيلة كما بدت له حينها في زمن ما زال يبحث فيه عن لقمة العيش، لكن فهد بلان لم يرهن طموحه عند الترديد وراء المطربين في الكورس، بل سعى لأن يقدم صوته الخاص كمطرب، ولو أنه لم يكن يتوقع أن يكون صاحب لون خاص في عالم الغناء العربي في أي مرحلة من المراحل.

دراما الاكتشاف الفني

انطلاقة فهد بلان نحو تقديم نفسه كمطرب، كانت من خلال ثلاثة أعمال، الأول قدمه في إذاعة دمشق مع الملحن سهيل عرفة، الذي كان يقدمه أيضا أول ألحانه الخاصة، من خلال أغنية (بطل الأحرار) التي سجلها فهد بلان بصوته، احتفاء بقيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958. أما العمل الثاني فكان أغنية (مشغول بحبك) التي لحنها له راشد الشيخ عام 1959.. في حين جاء العمل الثالث والأهم من خلال إذاعة حلب، التي كانت في خمسينيات القرن العشرين ناشطة في مجال التلحين والغناء على وجه الخصوص، بفضل المناخ الحلبي الزاخر بالطاقات التلحينية والغنائية الباهرة في تاريخ تلك المدينة التي تعشق الطرب. هكذا في إذاعة حلب التي سافر إليها بدعوة من مديرها توفيق حسن وبصحبة سهيل عرفة، التقى فهد بلان بشاكر بريخان الذي أعجب بشخصيته وظرفه وميله نحو تقديم اللهجة البدوية في الغناء، فقدمه في دويتو غنائي بعنوان (آه يا قليبي) مع المطربة السورية (سحر) ضمن أجواء بدوية الكلمات والتعبير، فكان هذا العمل الغنائي بمثابة الانطلاقة الناجحة لفهد بلان، خصوصا أنه انتشر انتشارا كبيرا في إذاعتي حلب ودمشق في تلك الفترة.

في لبنان أطلق عليه نجيب حنكش لقب (مطرب الرجولة) بسبب أغنية يعلن فيها رفضه التذلل لمحبوبته.

هذه التجارب الغنائية الجيدة، وسواها من الأغنيات التي سجلها في إذاعة حلب في نهاية الخمسينيات، لم تصنع – باستثناء آه يا قليبي- نقطة تحول في مسيرة فهد بلان، الذي كان على موعد مع مكتشفه الفني الحقيقي، وهو الفنان عبد الفتاح سكر الملحن السوري المعروف وصاحب الإسهامات المهمة في تطوير الأغنية الشعبية.

قنبلة موسم 1962

لقد تعرف عبد الفتاح سكر الذي كان رئيس فرقة الكورس في إذاعة دمشق، على فهد بلان من خلال عمل هذا الأخير كمردد في الكورس أولا، ثم من خلال العمل الفني في الإذاعة نفسها. وقد طلبت مديرة دار الأيتام في دمشق من فهد بلان الذي لم يزل مرددا في الكورس بعد، إحياء حفل خيري لصالح الدار، يردد فيه أغنيات فريد الأطرش، فدعى صديقه عبد الفتاح سكر وكانت تلك فرصة ليراقبه ويدرس إمكانياته الفنية، انطلاقا من اللون الغنائي الشعبي الذي كرّس له عبد الفتاح سكر جهوده، وخصوصا في فترة الوحدة بين مصر وسوريا التي قدم لها الكثير من الأهازيج والألحان الشعبية الدارجة… وقد ولد اللقاء الفني بين عبد الفتاح سكر وفهد بلان بأغنية من كلمات حسن البحيري بعنوان (لعينيك يا حرية) التي لحنها في نهاية عام 1959، ثم بمحاورة بعنوان (حبيبي عاد) غناها مع الفنانة المصرية هدى سلطان عام 1960، وتوالت التجارب الناجحة بينهما، وصولا إلى الأغنية التي ستغدو قنبلة الموسم عام 1962، ألا وهي (لركب حدك يالموتور) التي حلّقت بفهد بلان عاليا، تماما كما هو حال الصورة الطريفة التي تعبر عنها الأغنية.. أي صورة الإنسان الريفي الذي يركب الطائرة لأول مرة، ليرى قريته من نافذة الطائرة، وليلوّح لحبيبته من علٍ:
لركب حدك يالموتور
ركب الطيارة غيّـة
وشوف الضيعة من البّلور
وشاور لك يالبنية!

لم يتوقف عبد الفتاح سكر طويلا عند نجاح (لركب حدك يالموتور) التي كتب كلماتها رفعت العاقل، وإن ظلت هذه الأغنية علامة فارقة في حياة فهد بلان وفنه الغنائي؛ ليس لحيوية لحنها الديناميكي الحار الذي يفيض بالفرح الانفعالي العذب، بل أيضاً للربط التلقائي بين طرافة موضوع الأغنية، وعفوية وتلقائية أداء فهد بلان الذي يعمق بدوره من طرافة الحالة، فتتمازج خفة ظل الأغنية مع خفة ظل شخصية المطرب الغنائية معا.

اكتشفه الملحن السوري عبد الفتاح سكر وصنع معه لونا خاصا في الغناء تفرد به باعتراف منتقديه

تجاوز عبد الفتاح سكر هذا النجاح سريعا، حين قدم لفهد بلان بعد ذلك من التراث اليمني (جس الطبيب لي يدي) التي تم تعديل أبياتها لتصبح (جس الطبيب لي نبضي) ثم أغنية (يا بنات المكلا) و(شفشتا أنا شفتا) وسواها من الأغنيات التي كتب معظمها الشاعر الغنائي السوري عمر الحلبي، وسرعان ما انتشرت وذاع صيتها، وخصوصا بعد أن أصدرتها شركة بيضا فون الشهيرة على أسطوانة واحدة في مطلع الستينيات! واللافت أن عبد الفتاح سكر ألبس قصيدة (جس الطبيب) لحنا شعبيا بعد أن راح يعدل بعض كلماتها، ويحولها نحو اللهجة البدوية في المنطقة الفاصلة بين العامي والفصيح.. والحق أن فهد بلان أجاد في أدائها وفي منحها تلك الشحنة التعبيرية العفوية التي تنطق بلسان حال شخصيته الغنائية، مستندا أساسا إلى الجهد الذي بذله عبد الفتاح سكر لتكريس خصوصية اللون الغنائي الذي أخذ ينتشر فهد بلان من خلاله.


محطة بيروت.. بين الغناء والتمثيل

يذكر الناقد صميم الشريف في كتابه «الموسيقى في سورية» تاريخ وأعلام، أنه بعد هذا النجاح الكبير للألحان التي أعطاها للمطرب فهد بلان، استقال عبد الفتاح سكر من عمله في إذاعة دمشق عام 1962، ليشكل مع فهد بلان ثنائيا أخذ يجوب أقطار الوطن العربي، ويحصد النجاح تلو النجاح من لبنان والعراق والخليج العربي إلى تونس والجزائر وليبيا والمغرب.. وإبان هذه الرحلات ولد العديد من الأغنيات الشعبية الجميلة: (تحت التفاحة، يا عيني لا تدمعي، هالأكحل العينين، يا سالمة، يا ساحر العينين، واشرح لها). ويجدر بنا بعد فترة الانطلاقة والتأسيس أن نتوقف عند محطتين مهمتين في مسيرة انتشار فهد بلان عربيا… الأولى هي لبنان، التي جاءت بمثابة تكريس جماهيري له خارج الإطار المحلي.. والثانية هي مصر.. حيث اختلاف المناخ والبيئة الغنائية!
في لبنان كانت المحطة المهمة الأولى من خلال برنامج (ألوان) كان يعده ويقدمه الفنان نجيب حنكش الذي أطلق عليه لقب مطرب الرجولة.. مستوحيا ذلك من طبيعة أغنياته التي جسدت صورة العاشق الذي يحب ويعبر عن عواطفه بحرارة وربما بلوعةٍ وحزن أحيانا، لكنه لا يتذلل، ولا يسفح مشاعره على أعتاب المحبوب.. كما نرى على سبيل المثال في أغنية (بالأمس كانت تهوى وجودي) التي لحنها له الفنان سهيل عرفة، وكتب كلماتها الشاعر الغنائي عمر الحلبي، والتي يقول في مطلعها:
بالأمس كانت تهوى وجودي
واليوم صارت تنسى وعودي
يا ويلها ماذا بها أتظنني عبدا لها
أنا لن تهون رجولتي خابت ظنون دليلتي!

والواقع أن مطرب الرجولة لم يكن صناعة كلمات أغانيه فحسب، بل ربما هذه الأغاني جاءت لتناسب طبيعة صوته وطريقة أدائه، وتعبيريته الارتجالية التي تتأرجح بين الإيقاعية الصاخبة المرحة حينا، والأداء الدافئ العميق القرار، بعيدا عن التطريبية الرومانسية الهادئة التي كانت لسان حال الأغنية العاطفية في زمنه وعلى يد فنانين كبار أيضا!

لحن له فريد الأطرش وسيد مكاوي وبليغ حمدي ومحمود الشريف وفيلمون وهبي وملحم بركات

وفي لبنان الذي كان في الستينيات مركز إشعاع فني في التلفزيون والإذاعة والسينما وعبر نوادي السهر والكازينوهات التي كان يغني فيها كبار المطربين، ومن خلال صحافتها الفنية المؤثرة عربيا أيضا رغم طابعها الترفيهي والتسويقي الذي كثيرا ما افتقد للحس النقدي.. انطلق فهد بلان يغني ويستأثر بالأضواء ويحتل بصوره أغلفة المجلات مثله مثل كبار المطربين كأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الأطرش ووردة وشادية ونجاة، وقد شغفت أذن المستمع اللبناني بأغانية التي كان يرى فيها مزيجا من قوة صوت الجبل ونقاء وعفوية مشاعر ابن البادية، فلحن له فيلمون وهبي (عيون المها) و(عباية مقصبة) وملحم بركات (قوم تعلل يا مدلل) و(ما اشتقـتيش لحبيبك أبو الدراويش) وتعتبر هذه الأغاني الأربع من أجمل ما قدمه له الملحنون اللبنانيون. ولم يقتصر حضور فهد بلان على الغناء بل تعداه إلى السينما… ووقف يمثل أمام نجمات لبنان، بدءا من (يا سلام ع الحب) مع نجاح سلام ومن إخراج محمد سلمان في أولى إنتاجات نادر الأتاسي السينمائية عام 1963 ومرورا بـ(أفراح الشباب) 1964 و(حبيبة الكل) 1965 أمام المطربة صباح.. و(البنك) مع طروب وميادة 1965 و(القاهرون) مع سميرة توفيق 1966.

«هذه الأفلام كلها نسجت على أساس أنني مطرب ولست ممثلاً، وأنا لم أسعَ لأن أكون ممثلا أبدا.. كانت موضة الأفلام الغنائية سائدة.. ثم تقلصت هذه الظاهرة.. وبالتالي تقلص حضور المطربين في السينما».

صدمة حبيبة الكل وسيارة الرولز رايس

مُني فيلم (حبيبة الكل) بفشل ذريع في صالات العرض. ثمة من أرجع ذلك إلى تقاعس المنتج عن الترويج له، وثمة من تحدث عن أداء مشكلة فهد بلان التمثيلي.. وهناك رواية شائعة متداولة على صفحات الإنترنت تزعم أن فهد بلان أراد أن يشغل الصحافة عن فشل فيلمه فقرر شراء سياة (رولز رايس) بمبلغ يتراوح ما بين 60 – 63 ألف ليرة لبنانية، وتقول إنه باعها بعد ذلك بفترة قصيرة. لكن الحقيقة أن فهد بلان اشترى الرولز رايس لأنه كان يريد أن يحاكي الطبقة الأرستقراطية التي أصبح محط أنظارها فجأة بعد أن حصد النجومية والشهرة والأضواء، وليس لأنه يريد أن يغطي على فشل فيلم، خصوصاً أن تلك السيارة كانت واحدة من أربع سيارات في لبنان فقط. الأولى اقتناها كميل شمعون والثانية للمليونير نجيب صالحة والثالثة لثري من أل فرعون، والحقيقة التي يذكرها الصحافي المخضرم عبد القادر باقي في سلسلة عن فهد بلان نشرها في صحيفة «الجزيرة» السعودية عام 1980، أن فهد بلان لم يتخل عن الرولز رايس من تلقاء نفسه، بل قامت الشركة بسحبها منه، بعد تلقيها العديد من الشكاوى الغاضبة، بأن هذه السيارة هي لطبقة أرستقراطية لا ينتمي إليها فهد بلان لا من قريب ولا من بعيد، وقد عوضته الشركة بسيارة (بويك ريفيرا) وأعادت له باقي الثمن.
رغم بداياته السينمائية المتعثرة، كان فهد بلان بطل أول فيلم كوميدي في تاريخ السينما السورية، حين شارك دريد لحام ونهاد قلعي بطولة فيلمهما السينمائي الأول (عقد اللولو) الذي أخرجه يوسف معلوف عام 1964 وشاركت فيه أيضا الفنانة صباح. كان حضور فهد بلان دعامة من دعامات انتشار الفيلم جماهيريا، كما كان يرجو المنتج نادر الأتاسي الذي اعتبر تقديم دريد ونهاد لأول مرة في السينما مغامرة غير مضمونة العواقب!
والواقع إذا أردنا أن نقيم تجربة فهد بلان في السينما، فإن النتيجة لن تكون بأفضل من حال معظم مطربي السينما الغنائية عموما، الذين كانوا في أدائهم التمثيلي أٌقل بكثير من إنجازاتهم الغنائية.. وقد وعى الفنان فهد بلان هذه النقطة، حين قيّم تجربته السينمائية في إحدى الحوارات الصحافية التي أجريت معه بالقول:
«هذه الأفلام كلها نسجت على أساس أنني مطرب ولست ممثلاً، وأنا لم أسعَ لأن أكون ممثلا أبدا.. كانت موضة الأفلام الغنائية سائدة.. ثم تقلصت هذه الظاهرة.. وبالتالي تقلص حضور المطربين في السينما».

في الحلقة القادمة: القاهرة بين النجاح المدوي ودوي النكسة

كاتب سوري
----------
القدس العربي

 

 


محمد منصور
السبت 24 ديسمبر 2022