نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


الفنانون الإسبان يخرجون من الأزمة المالية العالمية ليقعوا في الجائحة




مدريد -يان أوفه رونبرجر– يضرب ماركو بارانزانو على صندوق خشبي لتعبئة الموز مستخدما إياه كطبلة، بينما تستجمع صوفي التي تدرس الموسيقى شذرات من الألحان بحذر على الجيتار.
وأمضى بارانزانو وهو موسيقي لديه شغف بالموسيقى الشعبية العقد الماضي مسافرا من مكان لآخر من أجل الموسيقى، من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط.
ولكنه الآن يشقى من أجل لقمة العيش، وحتى قبل جائحة كورونا كان يجد صعوبة في الحصول على الدخل الكافي لمعيشته، عن طريق تدريس الموسيقى والعزف أمام الجمهور، وكان كل ما يكسبه يكفي بالكاد لتوفير ثمن الطعام ودفع إيجار مسكنه.
وإسبانيا هي إحدى الدول الأوروبية التي ضربتها الجائحة بشدة، وردت الحكومة بإعلان حالة الإغلاق العام خلال الفترة من آذار/مارس حتى منتصف حزيران/يونيو الماضي، ولذلك أوقفت الحفلات الموسيقية ودروس الموسيقى.
ويقول بارانزانو "اضطررت لاقتراض النقود حتى أستطيع الاستمرار على قيد الحياة".
وكان يأمل في أن تنتهي الأوقات الصعبة مع إلغاء حالة الإغلاق، غير أنه مع عودة حالات العدوى إلى الارتفاع مرة أخرى، تم فرض قيود جديدة.


 
وكان المشهد الثقافي في إسبانيا يكاد يبدأ في التعافي من الأزمة المالية العالمية لعام 2008، حتى تفشى الفيروس ، وتراجع الإنفاق الحكومى على قطاع الثقافة بنسبة 30% عام 2014 مقارنة بما كان الحال عليه قبل الأزمة المالية، كما انخفض معدل الإنفاق الخاص.
وخلال عام 2018 أنفق الإسبان 274 يورو في المتوسط، على الحفلات الموسيقية والمسارح ودور السينما وعروض الباليه والمتاحف وشراء الكتب ومتابعة الفعاليات الثقافية على شبكة الإنترنت، بينما كان مجمل الإنفاق على هذه الأنشطة قبل ذلك بعامين 306 يورو.
والكثير من الفنانين لا تنطبق عليهم شروط الحصول على دعم من الدولة أثناء فترة انتشار الجائحة، والذي يحصل عليه فقط الفنانون الذين يسجلون أنفسهم على أنهم يشتغلون ذاتيا، وعملية التسجيل هذه ليست سهلة حيث يتعين عليهم أن يدفعوا نحو 300 يورو شهريا، كضرائب للحصول على هذا الوضع سواء كانوا يحصلون على دخل أم لا.
وهذه العملية صعبة بالنسبة لمعظمهم، وفي هذا الصدد يقول بارانزانو "إنه ضرب من الجنون، فعليك أن تدفع نقودا أكثر مما تكسبه، ولم تنجح أي من محاولاتي للحصول على دعم حكومي ".
ويواجه الفنانون الذين يعملون بشكل ذاتي مثل كلوديا فيفيرو صعوبات جمة، من أجل الحصول على فرصة للعمل أثناء فترة الإغلاق وتوقف الدراسة.
وتوضح فيفيرو قائلة "إنني أعيش بمفردي مع ابنتي التي تبلغ من العمر عشرة أعوام طوال الوقت، ويتعين على أن أركز اهتماماتي على رعايتها، وكفنانة لا أكاد أجد وقتا للعمل"، وصار من المستحيل أن تمضي ساعات في الرسم والتصميم بالمرسم الخاص بها بدون الإزعاج الذي يمثله العمل المنزلي".
وفي محاولة للنظر للجانب المشرق لهذه الأوضاع، تقول فيفرو إن أفضل شيء بالنسبة "لهذه الأوقات المجنونة هو الصمت، والاستماع إلى غناء الطيور إلى جانب الهواء النقي".
وتضيف "أدركت أن العمل كفنانة يمكن أن ينقذني، ليس من الناحية الاقتصادية بالضرورة، ولكن من الناحية العقلية والذهنية على الأقل".
وتتابع قائلة "والآن أحاول كل يوم أن أحسن استخدام الحريات التي أتيحت لي، لأنني أخشى فرض القيود مرة أخرى قريبا".
أما الفنانون الذين يعملون بالمعاهد التي تدعمها الدولة فهم في درجة أكبر من الأمان، ومن بينهم الراقصة البلجيكية كاترين ألارد، والتي أسست فرقة (آي.تي.دانسا) عام 1996 وتديرها منذ ذلك الحين.
وهذه الفرقة هي حاليا جزء من الدراسات العليا بمعهد "ديل تيتري" في برشلونة، وتستقبل كل عام ما يصل إلى 18 راقصا من مختلف أنحاء العالم لإعدادهم لحياتهم الفنية الاحترافية.
وتقول ألارد "جميع الخريجين لدينا حصلوا جميعا على ارتباطات في ألمانيا، التي ترعى الثقافة بجدية أكثر من إسبانيا، وإلى جانب التدريب على الرقص يحصل الخريجون أيضا على خبرة على خشبة المسرح عن طريق القيام بجولات خارجية.
ولكن ذلك كله كان قبل الجائحة.
وقالت ألارد لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "لم نتمكن هذا العام من دعوة 200 طالب من مختلف أنحاء العالم"، وبالنسبة للجانب المشرق فإن ذلك يعني أن المرشحين من إسبانيا أمامهم فرصة أفضل من المعتاد للتدريب".
وصارت كل الفعاليات محلية، ولم يستطع الفنانون المشاركة في مهرجان رقص مهم بسويسرا في نيسان/أبريل الماضي، وتم أيضا إلغاء جولة أوروبية كان من المقرر إقامة عروض في إطارها بألمانيا وفرنسا وفنلندا، وتصف ألارد ما حدث بأنه يمثل "خسارة كبيرة".
ولم يقدم الخريجون عروضا أمام الجمهور منذ آذار/مارس الماضي.
وأضافت ألارد "غير أنهم يقولون إن الوضع ليس بهذه السوء، وأن أهم شيء هو العمل معا كمجموعة، ومساعدة بعضهم البعض والشعور بأنهم أسرة واحدة".
وخلال فترة الإغلاق تدرب الراقصون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 23 عاما، من منازلهم عبر شبكة الإنترنت.
ثم تم السماح لهم مع معلميهم في تموز/يوليو الماضي بالعودة إلى المعهد، وتقول ألارد "كانت التعليمات الاحترازية صارمة ومن المستحيل تنفيذها في بعض الحالات"، منها استحالة مشاركة اثنين من الراقصين في رقصة مزدوجة بينما يحتفظان بمسافة مترين بعيدا عن بعضهما.
ولحسن الحظ استمرت الحكومة في تقديم الدعم للمعهد.
ويبدو وضع ألارد مختلفا عن حالة الفنانين الذين يشتغلون ذاتيا مثل بارانزانو، ولكنهما يتشاركان في علاقة من الحب والكراهية تجاه الأدوات الرقمية التي يعتمدان عليها حاليا، حيث يريان أنها بديل بعيد المدى عن العروض الحية أمام الجمهور.
ويرى بارانزانو أن عرض الموسيقى من خلال الإنترنت يفتقر إلى العمق والسحر، ويقول "دعونا نضع وصفا للوضع، ثمة موسيقى حية وموسيقى ميتة".

يان أوفه رونبرجر
الثلاثاء 22 سبتمبر 2020