نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


الشيوعيون مخصيون رمزيا على مسارح دمشق




دمشق- مايا جاموس : في نقد حاد لم يوفر احدا لا من السياسيين ولامن المثقفين قدمت مسرحية "تكتيك " التي عرضت في اطار مهرجان دمشق الرابع عشر الشيوعيين واليساريين عموما كمخصيين رمزيا وعاجزين عن الفعل والاستجابة للتحديات الجديدة


الشيوعيون مخصيون رمزيا على مسارح دمشق
قُدمت مسرحية "تكتيك" في اليوم الثاني لمهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر، وهي من تأليف وسيناريو وإخراج عبد المنعم عمايري، بمساهمة حكيم مرزوقي في الكتابة، وتمثيل فايز قزق وقاسم ملحو ورغد مخلوف ولمى حكيم، ومجموعة من الممثلين، بمشاركة فرقة سمة للمسرح الراقص.
يمكن القول إن "تكتيك" متابعةٌ لعروض عبد المنعم عمايري السابقة من حيث تركيزه على موضوعات إنسانية عامة، وموضوعات الأسرة والزواج، والعلاقات بين الناس من جهة، ومن جهة أخرى الشكل المسرحي القائم على تقديم مجموعة من الحكايات ضمن الحكاية الرئيسية الإطار.
الحكاية الرئيسية في العرض : زوج شيوعي هجرته زوجته، ثم تعود بعد سبعة عشر عاماً للبحث عن ابنتهما الهاربة، ومن خلال رحلة بحثهما عن الابنة "كِنزة"، في "الملاهي الليلية"نتعرف على قصص الآخرين: صاحب الملهى، الشاب عشيق الابنة، بيسان ورميز "راقصتان في الملهى"، والابنة نفسها.
اعتمدت المسرحية على المونولوجات الطويلة التي بدت وكأن كلاً منها مسرحية مونودرامية قائمة بحد ذاتها، لم ينقذها من أن تتحول إلى عنصر ملل لدى الجمهور سوى اللغة التي كتبت بها، إذ تنوعت الحوارات الفردية بحيث بدا التمايز واضحاً بين لغة صاحب المقهى، والحكواتية بيسان، والشاب العاشق، إضافةً إلى أداء الممثلين أنفسهم ومهاراتهم الفردية.
العرض يقدم الجميع على أنهم مأزومون وضحايا: ضحايا الإيديولوجيا، والرأسمالية والقيم الاجتماعية السلبية والعلاقات الأسرية الفاشلة، والفقر، والأخلاق السلبية.
المسؤلية الذاتية ودوو الانظمة
يحمل العرض إدانة للبنى المثقفة من خلال شخصية شمسي "أداء فايز قزق"، ويكاد العرض يكون اتهاماً جمعياً للتيارات الفكرية السياسية اليسارية، والشيوعية منها بشكل خاص، حيث قدّمها مدمرةً بسبب انهيار الاتحاد السوفييتي، وصعود الرأسمالية الأمريكية، عاجزةً عن الفعل "مخصية"رمزيا وبسبب هذا الخصاء فشلت في تكوين عائلات والحفاظ عليها، بل قدمها دون أخلاق: تفصيل مغازلة رفيق للأب شمسي لزوجته تقابَل بالصمت والسلبية..، ليكون شمسي (والتيار الذي يمثله) "ديوثاً" غارقاً في الكتب والتنظيرات والعلاقات الرفاقية المتعصبة، على حساب الزوجة والأولاد، وذروة الخسارة تكمن في فقد ابنته بعد أن يعجز عن تقديم التربية المناسبة لها.
فشل العرض في تقديم تحليل عميق لأسباب أزمة هذه التيارات حيث يربط دمارها بالعامل الخارجي دون أية إشارة للجانب الداخلي، وما واجهته من قمع وتدمير من قبل الأنظمة الحاكمة والإيديولوجيا الواحدة، فبقيت الأسباب عبر قوالب كبيرة: (سقوط الاتحاد السوفييتي، وبقاء القطب الواحد)، إلى جانب المسؤولية الذاتية لها المتعلقة بعقليتها القديمة وعدم مراجعتها لذاتها، وتقصيرها على المستوى الاجتماعي. والأسوأ هو التعميم الذي استخدمه العرض، ليتجاوز شخصية شمسي، فقد كانت كل الحوارات والاتهامات جماعية بضمير: "نا" الجماعة، أو "أنتم" حين تتهم الزوجة زوجها....
بهذا يكرس العرض الصورة النمطية الراسخة،حول عشوائية هذه التيارات الفكرية اليسارية من خلال شخصية شمسي
العرض حاولَ مقاربة أزمة مجتمع عبر مجموعة من الشخصيات الفاعلة وعدد من الشخوص التي قدمت أداء حركياً "راقصاً" يدخل ضمن مناخات العرض، مثلت قاعدة مجتمعية واسعة، فالأحداث تجري في دمشق القديمة، وصاحب الملهى حلبي، والراقصة بيسان فلسطينية لبنانية.
دعوة قاصرة للحوار
صاحب الملهى يتيم وتَعرّض منذ صِغره للاغتصاب، وراقصة عانت من الفقر ومن أب متسلط دفعها منذ صغرها إلى العمل كخادمة، فسرقت ومن ثم تحولت إلى العمل في الملهى، والشاب هرب من تسلط أبيه وقسوته وعنفه تجاهه وتجاه أمه، أما بيسان فهي ضحية لكل العلاقات المشوهة في المجتمع والأهم هو كونها ضحية الكيان الصهيوني الذي حرمها من أرضها وأهلها، وجعل منها لاجئة مشردة.
يمكن القول إن المسرحية تدعو إلى الحوار باعتباره باباً لحل كل المشاكل والأزمات لكنها دعوة قاصرة لأن الحوار في مثل هذا الموضع يمثل علاقة بين أطراف مختلفة ومتصارعة في حين غابت الأطراف المتنازعة واختُزِل الصراع في العرض فعلياً بين الزوجين المنفصلين ، وبعض القيم المهزوزة ، أو بين الرجل السياسي والرأسمالية العالمية ولم يقدم أطراف صراع حقيقية.
جيلان: الأول جيل مريض منقسم على ذاته، دفع أثمان التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى في العالم، كما أثمان عيوبه ومشكلاته، الجيل الثاني جيل شاب تائه ضائع يدفع ضمنياً أثمان جيل سابق، ويأتي النص ليدعو إلى الحوار بين الجيلين.
اعتمد العرض على تقديم الحكايا بشكل مونولوجات يؤديها الممثلون فرادى على الخشبة، أو ترافقهم الراقصة مؤديةً حركات موازية للفعل، أو كمعادل بصري للمونولوج.
عمايري الذي برز كمخرج أكثر من كونه كاتب من خلال مسرحياته الثلاثة قدم هنا في "تكتيك" عرضاً من خلال المزاوجة بين الرقص والتمثيل والأداء الصاخب أحياناً، رغم ذلك فإن خيار تقديم فرقة الراقصات هو غير مبرر تماماً فما قدمته الفتيات هو رقص جميل ممتع ومحترم في حين كان المطلوب منه أن يدل على رداءة الوضع وعمق الأزمة في المجتمع باعتبارهن في ملهى ويقع عليهن العنف بأشكاله. إضافة إلى استسهال بعض الحلول الإخراجية كالتي لجأ العرض إليها ليرينا حالة الضياع والتيه لدى الفتيات فأظهر شعورهن منفوشة مجعدة، أما حين وصل العرض إلى حلوله الدرامية بالحوار وأخذت الأمور تصطلح، خرجت الفتيات إلينا بشعورهن المسترسلة مع شرائط، وهن يبتسمن للجمهور!!
مع ذلك فإن عمايري قدم لنا في "تكتيك" فرجةً جميلة ممتعة ويمكن القول إنه عرض جماهيري ناجح بامتياز.
-------------
الصورة : فايز قزق وقاسم ملحو في مشهد من مسرحية تكتيك

مايا جاموس
الاربعاء 17 ديسمبر 2008