1- الاستخدام المكثف لسلاح الجو.
2- الحصار.
3- المجازر المرتكبة على أساس طائفي أو جنسي.
4- النزوح والتهجير القسري.
5- حرمان العودة بعد اللجوء عبر تدمير الممتلكات الخاصة".
وينطلق المؤلف من الواقع المأساوي الذي أنتجته تلك "الاستراتيجية": "تدمير سوريا" وإحداث "التغيير الديموغرافي " من أجل بقاء الأسد واستمرار نظامه.
لهذا، يبدأ الكتاب بالآتي: "غيرت الحرب في سوريا 2011- 2020 التركيبة السكانية جذرياً، والافتراض بإمكانية العودة بسوريا ديموغرافياً إلى ما كانت عليه قبل الحرب أصبح مستحيلاً، فقد انخفض عدد سكان سوريا من 21 مليوناً و124 ألفاً وفق الإحصاءات الرسمية للمكتب المركزي للإحصاء إلى 18 مليوناً و284 ألفاً وفقاً لإحصاء موقع التغييرات السكانية الذي يعتمد على بيانات الأمم المتحدة والبنك الدولي في تقدير أرقامه، إذ إن الأمم المتحدة، وفقاً للمفوضية العليا للاجئين، تشير إلى أن هناك أكثر من 3 ملايين وثلاثمئة ألف لاجئ مسجل لديها". ويعلق المؤلف في الهامش: "وفقاً لموقع المكتب المركزي للإحصاء، فقد ازداد عدد سكان سوريا في عام 2018 إلى 25 مليوناً، وهو بكل تأكيد رقم غير واقعي، لكن المكتب يذكر أن هذا الرقم يشمل السوريين عموماً، لا السوريين الموجودين على الأراضي السورية".
حروب الآخرين
وعلى الرغم من أن المؤلف يعتبر أن "سوريا تحولت إلى ساحة لحروب الآخرين على أرضها"، مستعيراً تعبير غسان تويني في وصف "حروب الآخرين" على الأراضي اللبنانية، فإنه يحمل نظام الأسد مسؤولية "تدمير سوريا"، انطلاقاً من كونه من وضع ونفذ "استراتيجية الأسد أو نحرق البلد"، مع إشارة بين حين وآخر إلى حصة مجموعات مسلحة معارضة من المجازر ونتائجها، لا سيما "جبهة النصر" وتنظيم "داعش".
ولا يكتفي المؤلف في تطبيق عبارة "حروب الآخرين على الأراضي السورية"، بل يستند إلى "الخلاصة" التي توصل إليها الباحثان مارك غيروزفيتس ونورما كريغر، اللذان درسا أفريقيا المكونة من 54 دولة. والخلاصة هي أن "كثيراً من الحروب التي نعتبرها أهلية ينطبق عليها مفهوم الحروب الإقليمية أكثر من انطباق الحرب الأهلية بحكم العوامل والتأثيرات الإقليمية التي تتدخل في مسار هذه الحروب وتؤثر في نتائجها".
وفي ظل أقلمة الحرب السورية وإخفاق "الأطراف الإقليمية"، سواء في جنيف أو أستانا أو غيرها من العواصم التي شهدت حوارات ولقاءات، في "وضع حد لتدفق اللاجئين المستمر ونزيف الضحايا"، يركز الكتاب على تنفيذ النظام "استراتيجية الأسد أو نحرق البلد"، ضمن مسار بأبعاد داخلية وإقليمية.
استخدام سلاح الجو والبراميل المتفجرة
بعد مقدمة مختصرة وغير مشبعة، ينتقل المؤلف إلى عرض "السياسات" التي تتكون منها "الاستراتيجية". ويجد أن "ما ميز الحرب السورية عن غيرها من الحروب الأهلية في العالم لجهة العدد الكبير للضحايا الذين سقطوا"، هو "الاستخدام المكثف لسلاح الجو بشكل منهجي واسع النطاق وعشوائي"، و"لم يتوقف استخدامه ضد المدنيين إلى اليوم". ويرصد بداية هذه "السياسة" في يوليو (تموز) 2012. وإذ يجول على تجارب العالم، يجد أن "التاريخ لم يعرف استخداماً لسلاح الجو كجزء من الحروب الأهلية الداخلية إلا في حالات محدودة". وأبرز تلك الحالات، وفق المؤلف، في أفغانستان (1979)، الصومال (1988)، والشيشان (1994- 1995 و1996 و1999- 2000).
ويستنتج المؤلف أن "عدد الضحايا الذين سقطوا باستخدام سلاح الجو السوري يعتبر الأكبر على الإطلاق في تاريخ الحروب الأهلية"، إذ استهدف القصف "تقريباً كل المدن والبلدات التي خرجت عن سيطرة القوات النظامية الحكومية". ويستند زيادة في هذا إلى ما وثقته "منظمة هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، وإلى "دراسة موثقة قام بها خمسة من الباحثين الأطباء اعتمدت على الداتا المقدمة من مركز توثيق الانتهاكات".
إضافة إلى عرض عدد الغارات والضحايا، يتناول المؤلف "ما ميز الحرب السورية"، وهو "ما أصبح سلاح الجو السوري شهيراً به: البراميل المتفجرة". ويشير إلى أن "البراميل المتفجرة كانت حرباً عشوائية تتعارض مع القانون الدولي وتشكل جريمة حرب". وعلى الرغم من ذلك، ومن "التقارير الموثقة" وقرار مجلس الأمن الدولي الذي مر من دون فيتو روسي أو صيني (2014) وقد نص على استخدام "البراميل المتفجرة"، يذكر المؤلف أن الأسد كان "يصر باستمرار على نفي استخدامها". ويستند إلى ما قاله في مقابلة مع قناة "بي بي سي"، في الأول من فبراير (شباط) 2015: "ليس لدينا براميل متفجرة... لم أسمع عن جيش استخدم براميل أو ربما أواني الطهو"، على سبيل السخرية".
وكما سيفعل المؤلف مع السياسات المكونة لـ"استراتيجية الأسد أو نحرق البلد"، يرصد الدور الرئيس لـ"القصف المنهجي وواسع النطاق والعشوائي"، فيعتبر أنه دفع المواطنين إلى النزوح واللجوء. ويستند في هذا إلى اعتبار "منظمة هيومن رايتس ووتش" أن "السبب المباشر للجوء يكمن في البراميل المتفجرة، ولوقف تدفق اللاجئين لا بد من وقف سقوطها".
الحصار
يلتزم المؤلف بتعريف الأمم المتحدة لـ"الحصار"، وهو "عندما تكون منطقة ما محاطة بجهات فاعلة مسلحة، وأن الأثر المستمر المترتب عن ذلك هو عدم إمكانية إدخال المساعدات الإنسانية بانتظام، وعدم إمكانية خروج المسنين والمرضى والجرحى بانتظام". ويلاحظ أن الحصار استخدم في الحرب السورية "بوصفه سلاحاً"، فهو "ينفذ بطريقة منسقة ومخطط لها ومن دون رحمة، ويهدف إلى إرغام السكان، بنحو جماعي، على الاستسلام أو التضور جوعاً"، وفق لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة.
ويرجع التجربة الأولى للحصار "كآلية عقاب جماعي من أجل الإخضاع" إلى الأيام الأولى للتظاهرات السلمية في 2011. فآنذاك، وتحديداً في 25 أبريل (نيسان)، "فرض الجيش السوري حصاراً لمدة 11 يوماً على مدينة درعا"، و"قطع المياه والكهرباء والاتصالات عنها. وقد أشرك النظام للمرة الأولى الدبابات والعربات المدرعة والمروحيات".
وبعد إشارة إلى "تطوير" المعارضة المسلحة هذه الأساليب واستخدامها في حصار البلدات والمناطق المؤيدة للنظام، ومنها حصار تنظيم "داعش" مدينة دير الزور، يلفت المؤلف إلى ثلاثة مستويات من الحصار، الأول منها هو الأشد. ويستنتج أن "معظم، إن لم يكن كل المناطق التي خضعت للحصار من قبل النظام، كان تحت تصنيف المستوى الأول تقريباً، بينما المناطق التي حاصرتها المعارضة فكانت تحت تصنيف المستوى الثالث". ويستدل من خلال هذا إلى فرق بين "الحصار المنظم والاستراتيجي لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية، وربما ديموغرافية، من قبل النظام"، و"حصار المعارضة الذي هدف إلى المبادلة العسكرية ورد العقوبة بالمثل".
وإذ يقارن المؤلف بين الحصار في المدن السورية وحصار سراييفو في يوغوسلافيا، الذي استمر 1425 يوماً (1992- 1996). يقول إن "الحصار في المدن السورية اتصف بالقسوة وبعدد من الصفات"، فحصار الغوطة الشرقية "يعتبر الأطول في التاريخ" بدءاً من مايو (أيار) 2013 حتى فبراير (شباط) 2018.
وبعد رصد المؤلف "نشوء السوق السوداء" و"تحقيق المهربين وأفراد الجماعات المسلحة أو المسؤولين الحكوميين أرباحاً معتبرة على حساب المدنيين"، يخلص إلى أن "كل المناطق التي خضعت للحصار على مدى سنوات طويلة، من 2013 حتى 2018، خضعت للتهجير القسري أو اتفاق تبادل المدن أو اتفاقات المصالحة المحلية أو الإجلاء".
ويكتب، "إذا عدنا إلى المقارنة الكمية بين مناطق الحصار وكيف ازداد عددها بسبب اكتشاف الحكومة السورية فعاليتها في تدمير المقاومة... وانخفاض عدد السكان داخل هذه المناطق... يمكننا الاستنتاج بكل وضوح أن هذه الاستراتيجية كانت ناجحة جداً في تحقيق وإنجاز ما يمكن وصفه باستراتيجية الحصار من أجل بناء ديموغرافية جديدة في المجتمع السوري".
المجازر
على طريقة الدراسات التي تناولت الحروب في أفريقيا والبلقان، يتبنى المؤلف "العلاقات" ما بين المجازر الإثنية أو الطائفية والتطهير العرقي، وكذلك اعتبار "الاغتصاب قراراً سياسياً وليس مجرد أحد أعراض الحرب". ويستند إلى مقولة Sonja C. Grover بأن للاغتصاب أهدافاً سياسية على رأسها "زرع الخوف الجماعي الذي يقود إلى الهجرة أو النزوح أو اللجوء الجماعي إلى الخصم".
وإذ يرجح المؤلف أن تكون "الجرائم المؤسسة على أساس طائفي وإثني أكثر انتشاراً في الحرب السورية من الاغتصاب"، يقتفي أثر العلاقة ما بين المجازر الطائفية وموجات التهجير أو النزوح "بشكل يبرهن على الحافز السياسي وراء ارتكاب هذه المجازر". ويؤرخ "أولى المجازر الطائفية الكبرى" بما جرى في حمص في 9- 11 مارس (آذار) 2012. وإذ يقول إن "المجازر الطائفية لا تهدف إلى قتل العدد الأكبر من الطرف الآخر، بل إرهابه وترويعه بهدف تشجيعه على الرحيل والهجرة"، يلاحظ أن ارتكاب المجازر الطائفية المروعة "ترافق مع ممارسة الاغتصاب، ولكن ليس بالشيوع ذاته". ويكتب "بقي الاغتصاب ممارسة إشاعة داخل المعتقلات السرية لنظام الأسد وداخل الأجهزة الأمنية كوسيلة لإذلال المعتقلات وممارسة الأذى النفسي الأقصى لذويهم، خصوصاً إذا ما كانت المعتقلات قد أخذن رهائن لإجبار أزواجهن أو أولادهم أو إخوتهم على تسليم أنفسهم، ولذلك فالتحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية وعمليات الاغتصاب أصبحت أكثر شيوعاً في المعتقلات السورية كجزء من ترسانة قمعية، وللأسف فإن العنف الجنسي الذي ترتكبه القوات الموالية للنظام كان توثيقه قليلاً لأسباب عدة، منها لأن القليل من الناجيات يجرؤن على الكلام".
النزوح والتهجير القسري
يلفت المؤلف إلى أنه على عكس المبادئ الدولية، "أصدر نظام الأسد جملة من القوانين الرسمية، فضلاً عن التعليمات المكتوبة وغير المكتوبة التي تعاقب سكان المناطق الثائرة وتحرمهم العودة إلى قراهم ومدنهم وممتلكاتهم أو تجعل ذلك مستحيلاً أو صعباً للغاية بسبب تدمير كامل الممتلكات أو حتى تدمير جزئي أو سرقة محتويات المنزل...".
ويتحدث المؤلف عما يطلق عليه "التهجير القسري"، الناتج غالباً من "التفاوض على نقل السكان بعد حصار طويل فرضته قوات النظام. فـ"حتى بداية عام 2018 تمكن النظام السوري بالتعاون مع النظامين الروسي والإيراني من إجبار المعارضة على إخلاء المناطق التي تسيطر عليها مقابل اختيارها الذهاب إلى الشمال السوري، وتحديداً إدلب، بعد اتفاقات أطلق عليها النظام السوري وروسيا ما يسمى اتفاقات المصالحة، لكنها بالنسبة إلى المعارضة عدت اتفاقات تهجير قسري، إذ أجبر الأهالي، بمن فيهم المدنيون، على مغادرة بيوتهم ومدنهم وقراهم مقابل الحفاظ على أرواحهم إذا ما قرروا الذهاب إلى إدلب، وقد ارتفعت أعداد المناطق التي شهدت عمليات تهجير لسكانها في سورية إلى أكثر من 30 مدينة وبلدة".
ويستنتج من خلال الاتفاقات وتكرارها في المحافظات التي خرجت فيها تظاهرات ضخمة مناوئة للحكومة، أنها "خضعت للسياسة نفسها، ما دفع لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى وصفها بالاستراتيجية التي نجح نظام الأسد في تنفيذها في كل المناطق، التي هجر سكانها، إذ كان يبدأ بشن عمليات عسكرية وقصف يدفعان إلى هرب معظم سكانها، ومن ثم يفرض حصاراً خانقاً على من بقي من السكان ومقاتلي المعارضة. وهذ يسبب حالات إنسانية يصعب على المدنيين تحملها، وهو ما يجبر المسلحين والمدنيين على القبول باتفاقات مصالحة أو الاستسلام. فكل الاتفاقات التي يعقدها النظام مع المناطق الخاضعة للمعارضة السورية، تتخذ شكلاً موحداً تقريباً، إذ يخرج من خلالها من لا يرغب في المصالحة من المنطقة المستهدفة في اتجاه الشمال السوري، بينما يبقى الموافقون داخل بيوتهم مقابل تسوية أوضاعهم مع السلطات الأمنية، وإعطاء مهلة ستة أشهر للمطلوبين للخدمة العسكرية في قوات النظام أو الفارين منها لترتيب أمورهم".
ويخلص المؤلف إلى أن النظام "سعى إلى إعادة صياغة التركيبة السكانية في مناطق معينة من سورية (وما زال يفعل ذلك)، ومن المرجح أن يعني هذا أن عدداً كبيراً من اللاجئين والنازحين داخلياً لن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، لكن ليس على أسس طائفية، بل على أسس سياسية تتعلق بالولاء السياسي للنظام".
حرمان العودة
أخيراً، يصل المؤلف إلى سياسة "حرمان العودة بعد اللجوء عبر تدمير الممتلكات الخاصة"، ويتناول العوامل التي تحول اللاجئ السوري إلى مقيم دائم في بلد اللجوء المضيف. ويحصي "ترسانة من القوانين والإجراءات الأمنية التي تجعل من العودة مستحيلة"، ويلخصها بالآتي:
سرقة الممتلكات الخاصة ونهبها وتدميرها.
المرسوم الـ12 لعام 2016 الذي يدعو إلى رقمنة سجلات الملكية والهدف الظاهر لذلك محو الماضي وإضفاء الطابع الرسمي على عمليات النقل غير القانونية".
المرسوم الـ66 لعام 2012، الذي "سمح للحكومة ببدء الاستيلاء على الأراضي بشكل قانوني في مناطق عدة مجاورة لدمشق".
المرسوم الرئاسي 19/ 2012، "المتعلق بمكافحة الإرهاب والذي يجيز للدولة أن تصادر ممتلكات الأشخاص الذين يدانون بمجموعة واسعة من الجرائم".
القانون الـ33 لعام 2017، الذي "يسمح لأي مدع بالمطالبة بملكية أي ممتلكات غير مأهولة، ولا يحتاج إلا إلى اختيار الشهود كدليل وموافقة الهيئة الإدارية المعنية لجعل الملكية ملزمة قانوناً".
القانون الـ10 لعام 2018، الذي "يمنح للنظام سلطة إنشاء مناطق تنظيمية يشرف عليها وتدير عمليات إعادة الأعمار. ويمنح القانون للسوريين 30 يوماً فقط لتسجيل ملكيتهم لأي عقارات تقع ضمن واحدة من هذه المناطق التي أسست حديثاً، وبعد ذلك ستؤمم أي ممتلكات غير مطالب بها، وفي حال إظهار المالكين ما يثبت امتلاكهم عقاراً في المنطقة التنظيمية، سيحصلون على حصص في المنطقة".
مسلمات
لا بد من الإشارة إلى أن الكتاب أمين لناحية المعلومات التي يجمعها وإثبات مراجعها، لكن ذلك لا يعني أنه لا يعاني مشكلات منهجية. فالكتاب ينطلق من مسلمات لا يناقشها، ويعتمد مصطلحات يجد المؤلف نفسه خلال الصفحات مضطراً إلى تبريرها. وأول تلك المسلمات "نجاح الاستراتيجية"، وأول المصطلحات هو "الاستراتيجية". فالمؤلف لا يعرض للأسباب التي دفعته إلى تكريس "النجاح" واعتماده مصطلح "استراتيجية". وقد اكتفى بالعنوان كي يقول منطلق الكتاب كله ويجعل القارئ أسيره. فالعنوان هو الحجر الأساس، وإذا ما "حذف"، افتراضياً، باتت صفحات الكتاب يتيمة أو هائمة ومجرد بيان سياسي يستند إلى "السجل الأسود" للنظام. وكان من المفيد، بل من الضروري للكتاب أن يشرح المؤلف للقارئ "نظريته" الموجودة في العنوان فحسب، اللهم إلا إذا كان يريد التوجه إلى قارئ يناصب النظام العداء وغير نقدي تجاه ما يقرأ.
والأكيد هو أن المؤلف ينطلق من قوة الواقع، سواء استمرار الأسد في الحكم أم "تدمير سوريا" و"التغيير الديموغرافي"، لكن هذا بحاجة إلى شرح وعرض، بل إلى فحص، على الأقل من الناحية المنهجية.
وكذلك الأمر من الناحية السياسية، إذ ينقص الكتاب الرؤية والتحليل السياسيين. فالقارئ الذي يجد نفسه فجأة في "الميدان"، تحت القصف والحصار والتهجير... وسيل الأرقام وتقارير المنظمات الدولية، ربما يواجه أسئلة من مثل كيف يقول المؤلف إن ما يجري في سوريا هو "حرب الآخرين" وفي الوقت نفسه ينسب التدمير إلى النظام وحده؟ وهذا السؤال مشروع، وهو ما لا يجيب عنه الكتاب، بل تقوم فرضيته على استبعاده وإحلال الحكم المبرم المسبق بدلاً منه.
--------
اندبندنت عربية